تأصيل الإعجاز العلمي في القرآن والسنة (1) الشيخ الزندانـي

Forums OujdaCity Religions تأصيل الإعجاز العلمي في القرآن والسنة (1) الشيخ الزندانـي

  • Ce sujet est vide.
4 sujets de 1 à 4 (sur un total de 4)
  • Auteur
    Messages
  • #201959
    Ibn al arabi
    Membre

    الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد … فإن البشرية تعيش منذ قيام الثورة الصناعية في أوروبا صراعاً بين العلم والدين اتسعت ساحته حتى شمل معظم ميادين العلم والمعرفة في أنحاء العالم .ولقد شقيت البشرية بهذه المعركة التي كان الدين المحرف هو المتصدر في هذا الصراع حيث رؤى أن الدين خرج منهزما في حلبة الصراع وبانهزامه بقيت البشرية تتخبط في متاهات الظلام والحيرة ، تجرب بدون هدى ، وتسير إلى غير هدف ، تتجرع غصص الفشل المتكرر وتتكبد مرارته بين الحين والآخر .لقد حدث هذا في غياب الإسلام عن ساحة المعركة والإسلام هو الدين الحق الذي يتفق مع الحق في كل صوره ، بل يحتضن الحق ويدعمه أنى كان ، وحيثما كان ومن أية جهة جاء (الحكمة ضالة المؤمن حيث وجدها فهو أحق بها)(1).والإسلام هو الدين الذي يتبنى العلم منهجاً لمعرفة الله سبحانه معرفة رسوله rومنهجاً لمعرفة الدين نفسه وتبين صدقه ولمعرفة الوجود من حولنا. وحسبنا قول ربنا جل وعلا :﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾(الإسراء: 36).وقوله :﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾(محمد:19) .ولقد تنبه علماء المسلمين إلى هذا الصراع الدائر بين العلم والدين المحرف وإلى محاولة أعداء الإسلام نقل المعركة إلى بلاد المسلمين فبدأوا يكتبون عن الإسلام والعلم فإذا بهم يضعون أيديهم على معجزة تجلت في هذا العصر أيد الله بها دينه الحق ألا وهي:الإعجاز العلمي في القرآن والسنة.وكان ذلك تحقيقاً لوعده جل وعلا﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَق﴾ُّ( فصلت:53).وبدأت الكتابات تتوالى في هذا الباب ، ومنها ما أجاد فيها أصحابها ومنها ما يحتاج إلى تصويب وتقويم .ولذلك بادر المجلس العالمي الأعلى للمسجد باتخاذ قرار إنشاء هيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة ليكون من أولى مهماتها :

    1-تطوير أبحاث الإعجاز العلمي .
    2- تمحيص وتقويم ما يكتب في هذا المجال .
    3- نشر الصالح من هذه البحوث .
    4- وضع الضوابط للكتابة في هذا الموضوع .

    #219649
    Ibn al arabi
    Membre

    المعجزة العلمية في القرآن والسنة

    الإعجاز العلمي :

    تعريف الإعجاز :

    الإعجاز مشتق من العجز. والعجز : الضعف أو عدم القدرة .والإعجاز مصدر اعجز : وهو بمعنى الفوت والسبق.(2)والمعجزة في اصطلاح العلماء : أمر خارق للعادة ، مقرون بالتحدي ، سالم من المعارضة.(3)
    وإعجاز القرآن : يقصد به : إعجاز القرآن الناس أن يأتوا بمثله. أي نسبة العجز إلى الناس بسبب عدم قدرتهم على الآتيان بمثله .
    تعريف العلم :
    وصف الإعجاز هنا بأنه علمي نسبة إلى العلم .
    والعلم : هو إدراك الأشياء على حقائقها. أو هو صفة ينكشف بها المطلوب انكشافاً تاماً.(4)والمقصود بالعلم في هذا المقام : العلم التجريبي. وعليه فيعرف الإعجاز العلمي بما يلي:
    تعريف الإعجاز العلمي:هو إخبار القرآن الكريم أو السنة النبوية بحقيقة أثبتها العلم التجريبي ،وثبت عدم إمكانية إدراكها بالوسائل البشريةفي زمن الرسول r.وهذا مما يظهر صدق الرسول محمد rفيما أخبر به عن ربه سبحانه.لكل رسول معجزة تناسب قومه ومدة رسالته :ولما كان الرسل قبل محمد rيبعثون إلى أقوامهم خاصة ، ولأزمنة محدودة فقد أيدهم الله ببينات حسية مثل : عصا موسى عليه السلام ، وإحياء الموتى بإذن الله على يد عيسى عليه السلام ، وتستمر هذه البينات الحسية محتفظة بقوة إقناعها في الزمن المحدد لرسالة كل رسول ، فإذا حرف الناس دين الله بعث الله رسولاً آخر بالدين الذي يرضاه، وبمعجزة جديدة ، وبينة مشاهدة .
    المعجزة العلمية تناسب الرسالة الخاتمة والمستويات البشرية المختلفة:ولما ختم الله النبوة بمحمد r ضمن له حفظ دينه ، وأيده ببينة كبرى تبقى بين أيدي الناس إلى قيام الساعة ، قال تعالى﴿ قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ ﴾(الأنعام:19) ومن ذلك ما يتصل بالمعجزة العلمية .وقال تعالى ﴿ لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ ﴾ (النساء:166) .وفي هذه الآية ، التي نزلت رداً على تكذيب الكافرين ، بنبوة محمد(5)rبيان لطبيعة المعجزة العلمية ، التي تبقى بين يدي الناس ، وتتجدد مع كل فتح بشري في آفاق العلوم ، والمعارف ذات الصلة بمعاني الوحي الإلهي.قال الخازن عند تفسير هذه الآية : »لكن الله يشهد لك يا محمد بالنبوة ، بواسطة هذا القرآن ، الذي أنزله عليك »(6)وقال ابن كثير : »فالله يشهد لك بأنك رسوله ، الذي أنزل عليه الكتاب ، وهو القرآن العظيم … ولهذا قال : أنزله بعلمه : أي فيه علمه الذي أراد أن يطلع العباد عليه ، من البينات والهدى ، والفرقان، وما يحبه الله ويرضاه ، وما يكرهه ويأباه ، وما فيه من العلم بالغيوب ، من الماضي والمستقبل(7).وقال أبو العباس بن تيمية :فإن شهادته بما أنزل إليه ، هي شهادته بأن الله أنزله منه ، وأنه أنزله بعلمه ، فما فيه من الخبر ، هو خبر عن علم الله ، وليس خبراً عمن دونه ، وهذا كقوله :﴿ فَإِْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ
    ﴾ (هود:14)وليس معنى مجرد كونه أنزله أنه معلوم له ، فإن جميع الأشياء معلومة له ، وليس في ذلك ما يدل على أنها حق ، لكن المعنى : أنزله فيه علمه ، كما يقال: فلان يتكلم بعلم ، فهو سبحاه أنزله بعلمه ، كما قال:﴿ قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ (6)﴾ (8)(الفرقان:6).وإلى هذا المعنى ذهب كثير من المفسرين(9)وهكذا تسطع بينه الوحي ، المنزل على محمد –صلَّى الله عليه وسلَّم – بما نزله فيه من علم إلهي، يدركه الناس في كل زمان ومكان ، ويتجدد على مر العصور ، ولذلك قال: »ما من الأنبياء نبي إلا أعطى من الآيات ما مثله آمن عليه البشر ، وإنما كان الذي أوتيته وحياً ، أو حاه الله إلى ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة ».(10)قال ابن حجر عند شرحه لهذا الحديث : »ومعجزة القرآن مستمرة إلى يوم القيامة ، وخرقه للعادة في أسلوبه ، وفي بلاغته ، وإخباره بالمغيبات ، فلا يمر عصر من الأعصار ، إلا ويظهر فيه شئ مما أخبر به أنه سيكون ؛ يدل على صحة دعواه … فعم نفعه من حضر ، ومن غاب ، ومن وجد، ومن سيوجد »(11).﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ(87)وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ (88) ﴾وبينة القرآن العلمية يدركها العربي والأعجمي ، وتبقى ظاهرة متجددة إلى قيام الساعة .ففي القرآن أنباء تعرف المقصود منها ، لأنها بلسان عربي مبين ، لكن حقائقها وكيفياتها لا تتجلى إلا بعد حين.قال تعالى : ﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ(87)وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ (88) ﴾ (ص:87-88) .قال الفراء في تفسير الحين الذي ذكرته الآية أنه : »بعد الموت وقبله أي لتظهر لكم حقيقة ما أقول (بعد حين) أي في المستأنف »(12)وذهب السدي الكبير إلى هذا المعنى(13)وقال ابن جرير الطبري ، بعد ذكر الأقوال المتعددة ، في تفسير الحين الذي ذكرته الآية )وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، أن يقال : أن الله أعلم المشركين بهذا القرآن أنهم يعلمون نبأه بعد حين ، من غير حد منه لذلك الحين بحد ، ولا حد عند العرب للحين، لا يجاوز ولا يقصر عنه ، فإذا كان ذلك كذلك ، فلا قول فيه أصح من أن يطلق ، كما أطلقه الله، من غير حصر ذلك على وقت دون وقت(14).﴿لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (67) ﴾ (الأنعام67).وشاء الله أن يجعل لكل نبأ زمناً خاصاً يتحقق فيه ، فإذا تجلى الحدث ماثلا للعيان أشرقت المعاني ، التي كانت تدل عليها الحروف والألفاظ في القرآن ، وتتجدد المعجزة العلمية عبر الزمان ، وإلى هذا الزمن أشار القرآن في قوله تعالى: ﴿لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُون َ(67)الأنعام ﴾ (الأنعام67).ويبقى النبأ الإلهي محيطاً بكل الصور ، التي يتجدد ظهورها عبر القرون.وقال ابن جرير الطبري : »لكل نبأ مستقر ، يقول : لكل خبر مستقر ، يعني قرار يستقر عنده ، ونهاية ينتهي إليها ليتبين حقه وصدقه ، من كذبه وباطله .وسوف تعلمون. يقول : وسوف تعلمون أيها المكذبون بصحة ما أخبر به »(15)وقال ابن كثير :قال ابن عباس وغير واحد : أي لكل نبأ حقيقة ، أي لكل خبر وقوع ، ولو بعد حين ، كما قال تعالى: ﴿وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِين ﴾ٍ(ص:88) ﴿لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ﴾ (الرعد:38).(16)إلى هذا ذهب كثير من المفسرين(17)أنباء الأرض والسماء في القرآن والسنة ، تتجلى في عصر الاكتشافات :وأن خبر القرآن والسنة ، وما فيهما من أوصاف لما في الأرض والسماء ، هو نبأ إلهي عما في الأرض والسماء ، ممن هو أعلم بما خلق فيهما من أسرار .﴿… قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ … ﴾ (يونس: 18)فالخبر بما في الأرض والسماء ، نبأ عما في الأرض والسماء .ولقد زخر القرآن والسنة ، بأنباء الكون وأسراره ، وتفجرت في عصرنا علوم الإنسان ، باكتشافاته المتتالية ، لآفاق الأرض والسماء فحان الحين لرؤية حقائق العلم، الذي نزل به الوحي في القرآن والسنة .﴿حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ﴾ (فصلت53).ولقد أعلنت البشرية اليوم قبولها العلم طريقاً إلى معرفة الحق ، بعد أن كبلت طويلاً بأغلال التقليد الأعمى ، فشيدت للعلم البناء ، وفرغت لخدمته العلماء ، ورصدت له الأموال ، وما أن وقفت العلوم التجريبية على قدميها إلا وبدأت في تأدية رسالتها ، التي حدد الله لها في جعلها طريقاً إلى الإيمان به ، وشاهداً على صدق رسوله .لقد نزل القرآن في عصر انتشار الجهل ، وشيوع الخرافة ، والكهانة ، والسحر، والتنجيم، في العالم كله ، وكان للعرب النصيب الأوفى، من هذه الجاهلية والأمية ، كما بين القرآن ذلك بقوله : ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ (الجمعة:2).لقد نزل القرآن على قوم استماتوا في الصد عنه ، دفاعاً عن أصنامهم ، التي كانوا عليها عاكفين ، وتعلقاً بما آمنوا به من خرافات السحر، والكهانة،والتنجيم ، وأوهام الازلام ، والتشاؤم من بعض الشهور ، ومن مرور بعض أنواع الحيوان ، وجادلوا عن ضلالتهم في طلب الحماية من ملوك الجان ، في الشعاب والوديان .وهذا مثل من الضلال الفكري ، الذي كان عليه العرب عند نزول القرآن وكان العرب أمة أمية ، وبعد أن حثهم رسول الله r على القراءة والكتابة والعلم. والحساب ، لم يجدوا أمامهم من أدوات الكتابة إلا الجلود ، والأحجار الرقيقة، وعسب النخل ، وعليها كانوا كتبون.(18)في ذلك العصر ، وعلى تلك الأمة ، نزل الوحي ، وفيه علم الله ، يصف أسرار الخلق في شتى الآفاق ، ويجلي دقائق الخلق في النفس البشرية ، يقرر البداية ، ويصف أسرار الحاضر، ويكشف غيب المستقبل الذي ستكون عليه سائر المخلوقات.وعندما دخل الانسان في عصر الاكتشافات العلمية ، وامتلك أدق الأجهزة للبحث العلمي ، وتمكن من حشد الجيوش من الباحثين ، في شتى الآفاق، وجمعهم في ميادينه، على اختلاف الأجناس ، يبحثون عن الأسرار المحجوبة في آفاق الأرض والسماء ، وفي مجالات النفس البشرية ، يجمعون المقدمات ، ويرصدون النتائج ، في رحلة طويلة عبر القرون ، فإذا ما تكاملت الصورة ، وتجلت الحقيقة وقعت المفاجأة الكبرى ، بتجلي أنوار الوحي الإلهي ، الذي نزل على محمد rقبل ألف وأربعمائة عام ، بذكر تلك الحقيقة في آية من القرآن أو بعض آية ، أو في حديث لرسول الله r أو بعض حديث بدقة علمية معجزة، وعبارات مشرقة، وبهذا أنبأنا القرآن.قال تعالى : ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (52) سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ(53) ﴾ (فصلت:52-53) فهيا لنتدبر بعض معاني هذا النص القرآني:لقد ورد الأفق في اللغة بمعنى : ما ظهر من نواحي الفلك وأطراف الأرض، وآفاق السماء: نواحيها(19)وآيات الله في آفاق الأرض والسماء تحمل معاني ثلاثة: الأول : المخلوقات التي خلقها الله في شتى آفاق الأرض والسماء مثل قوله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ … ﴾(الشورى:29).
    الثاني : آيات القرآن التي تخبر وتصف أنواع المخلوقات ، وهي آيات كثيرة.
    الثالث : البينات والمعجزات التي يظهرها الله تصديقاً لرسول rفي شتى آفاق الأرض والسماء برؤية مصداقها من حقائق الخلق حينا بعد حين.قال الشوكاني :﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ ﴾: سنريهم صدق دلالات صدق القرآن ، وعلامة كونه من عند الله في الآفاق وفي أنفسهم …. والمعنى : سنريهم آياتنا في النواحي وفي أنفسهم(20).وقال ابن كثير :﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ ﴾: أي ستظهر لهم دلالاتنا ، وحججنا ، على كون القرآن حقاً منزلا من عند الله ، على رسول الله rبدلائل خارجية في الآفاق(21).وقال الزمخشري :ومعناه أن هذا الموعود ، من إظهار آيات الله في الآفاق ، وفي أنفسهم سيرونه ويشاهدون، فيتبينون عند ذلك أن القرآن تنزيل عالم الغيب ، الذي هو على كل شئ شهيد ، أي مطلع ومهيمن ، يستوي عنده غيبه وشهادته ، فيكفيهم ذلك دليلاً على أنه حق وأنه من عنده(22) .بهذا قال كثير من المفسرين عند تفسير قوله تعالى: ﴿حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ﴾ وقال أبو العباس بن تيمية :وأما الطريق العياني : فهو أن يرى العباد من الآيات الأفقية والنفسية ، ما يبين لهم أن الوحي الذي بلغته الرسل عن الله حق ، كما قال تعالى: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53 ) ﴾ أي: أولم يكف بشهادته المخبرة بما في علمه ، وهو الوحي الذي أخبر به الرسول rفإن الله على كل شئ شهيد وعليم به.(23)ولقد قرر عطاء وابن يزيد أن معنى (الآفاق) المذكورة في الآية هو ما نقله عنهما القرطبي في تفسيره: »وقال عطاء وابن زيد أيضاً : في (الآفاق) يعني أقطار السموات والأرض، من الشمس والقمر ، والنجوم والليل والنهار ، والرياح والأمطار ، والرعد والبرق، والصواعق ، والنبات والأشجار ، والجبال والبحار ، وغيرها »(24).وروى هذا عنهما عدد من أئمة التفسير(25).وفي الجلالين :﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ ﴾: أقطار السموات والأرض من النيران والنبات والأشجار.﴿وَفِي أَنْفُسِهِمْ ﴾ : من لطيف الصنعة وبديع الحكمة(26).فهذه آيات الله في كتابه تتحدث عن آياته في مخلوقاته ، وتتجلى بمعجزة علمية بينة تسطع في عصر الكشوف العلمية في آفاق الكون .

    #219650
    Ibn al arabi
    Membre

    اللقاء حتمي والمعجزة واقعة

    إننا على وعد من الله عز وجل بأن يرينا آياته ، فيتحقق لنا – بهذه الرؤية – العلم الدقيق بمعاني هذه الآيات ، قال تعالى : ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا… ﴾ (النمل:93).ومخلوقاته من آياته ، ومنها ما جاء في القرآن وصفاً ونبأ عن آياته في السموات والأرض.وروى الطبري عن ابن أبي نجيح وابن جريج عن مجاهد ، أنه قال في تفسير هذه الآية: »قوله : ﴿ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا ﴾قال : في أنفسكم والسماء والأرض والرزق ».(27)
    وقال ابن كثير في تفسير الآية : »أي الحمد لله الذي لا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه والانذار إليه ، ولهذا قال تعالى﴿سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا،﴾كما قال تعالى: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ﴾ .(28)وبمثل هذا قال القرطبي في تفسيره(29). والألوسي في تفسيره(30).وقال أبو حيان في البحر المحيط : »سيريكم آياته : تهديد لأعدائه بما يريهم الله من آياته ، التي تضطرهم إلى معرفتها ، والإقرار أنها آيات الله … وقيل آياته في أنفسكم ، وسائر ما خلق ، مثل قوله : ﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ ﴾وقيل معجزات الرسول ، وأضافها إليه لأنه هو مجريها ، على يدي الرسول ، ومظهرها من جهته.(31)وبمثل ما قال أبو حيان ، قال البقاعي ، في نظم الدرر(32):ومما سبق يتبين لنا أن البشرية على موعد من الله متجدد ومستمر بكشف آياته في الكون ، وفي كتابه أمام الأبصار ، لتقوم الحجة وتظهر المعجزة .إنه الوحي في القرآن والسنة ، يفيض بالخبر عن أوصاف المخلوقات ، وهذه الأبحاث العلمية التجريبية ، تتجه بدراستها وبحثها إلى نفس الميدان ، الذي وصفه القرآن ، وتحدث عن الرسول r فاللقاء حتمي ، والمعجزة لا شك واقعة .لقد جاءت العلوم البشرية التجريبية شاهدة بصدق ما أخبر به القرآن ، من تحريف سائر الأديان(33) وجاءت شاهدة ومجلية لدقائق المعاني ، في الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ذات التعلق بالأمور الكونية. وهذه مناكب دعاة الإسلام ، على اختلاف تخصصاتهم العلمية ، تتزاحم لبيان هذه المعجزات العلمية ، وبدأ عدد من كبار علماء الكون، من غير المسلمين ، يتجهون إلى نفس الميدان(34)، فمنهم من أسلم(35)، ومنهم من شهد بحقيقة المعجزة العلمية، فحان حين تجلى معاني كثير من آيات القرآن الكونية ، وعدد – في نفس المجال – من الأحاديث النبوية و﴿ لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾ (الأنعام67).وإذا كان النقص يعتري بعض الدراسات ، في مجال الإعجاز العلمي ، في القرآن والسنة ، فلا يصح أن يكون ذلك حكماً على جميعها ، وإن هذا ليوجب على القادرين من علماء الإسلام ، أن يسارعوا لخدمة القرآن والسنة ، في مجال العلوم الكونية ، كما خدمهما السلف ، في مجال اللغة والأصول ، والفقه ،وغيرها من مجالات العلوم الشرعية ، فنحن أمام معجزة علمية كبرى ، تنحني أمامها جباه المنصفين من قادة العلوم الكونية في عصرنا .فالاعجاز العلمي أكده ذلك النوع من التفسير ، الذي يعلمه علماء المسلمين ، الذي يعلمون بأسرار المخلوقات كما أشارت هذه الآيات الكريمة: ﴿ إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ(95)فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ(96)وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُون َ(97) ﴾ (الأنعام:95-97) . يعلمون بآيات القرآن. وآيات الأكوان، وهناك فرق بين التفسير العلمي والإعجاز العلمي .

    #219651
    Ibn al arabi
    Membre

    الفرق بين التفسير العلمي والإعجاز العلمي

    فالتفسير العلمي : هو الكشف عن معاني الآية أو الحديث في ضوء ما ترجحت صحته من نظريات العلوم الكونية
    أما الإعجاز العلمي : فهو إخبار القرآن الكريم ، أو السنة النبوية ، بحقيقة أثبتها العلم التجريبي أخيراً، وثبت عدم إمكانية إدراكها بالوسائل البشرية ، في زمن الرسول r.وهكذا يظهر اشتمال القرآن أو الحديث على الحقيقة الكونية، التي يؤول إليها معنى الآية أو الحديث، ويشاهد الناس مصداقها في الكون ، فيستقر عندها التفسير، ويعلم بها التأويل، كما قال تعالى: ﴿لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾ (الأنعام67).وقد تتجلى مشاهد أخرى كونية عبر القرون ، تزيد المعنى المستقر وضوحاً وعمقاً وشمولاً لأن الرسول r قد أوتى جوامع الكلم(36) فيزداد بها الإعجاز عمقا وشمولاً ، كما تزداد السنة الكونية وضوحا بكثرة شواهدها المندرجة تحت حكمها.

4 sujets de 1 à 4 (sur un total de 4)
  • Vous devez être connecté pour répondre à ce sujet.
SHARE

تأصيل الإعجاز العلمي في القرآن والسنة (1) الشيخ الزندانـي