ابن تيمية

Forums OujdaCity Religions ابن تيمية

  • Ce sujet est vide.
6 sujets de 1 à 6 (sur un total de 6)
  • Auteur
    Messages
  • #202217
    hayefmajid
    Membre

    je vous rapporte quelques « parôles » de ce nassabe :

    ( والأنبياء السابقون لم يذكروا عليا في كتبهم، بل ذكر أن المقوقس كان عنده تابوت به صور الأنبياء وصورة أبي بكر وعمر مع صورة النبي!! )

    منهاج السنة 46 / 4

    قال ابن تيمية في: رسالة الفرقان بين الحق والباطل > ادعى النبوة من ليس بنبي من الكفار والسحرة
    ودخلت الشياطين في أنواع من ذلك فتارة يأتون الشخص في النوم يقول أحدهم: أنا أبو بكر الصديق وأنا أتوبك لي وأصير شيخك وأنت تتوب الناس لي ويلبسه فيصبح وعلى رأسه ما ألبسه فلا يشك أن الصديق هو الذي جاءه ولا يعلم أنه الشيطان وقد جرى مثل هذا لعدة من المشايخ بالعراق والجزيرة والشام وتارة يقص شعره في النوم فيصبح فيجد شعره مقصوصا وتارة يقول : أنا الشيخ فلان فلا يشك أن الشيخ نفسه جاءه وقص شعره .

    وكثيرا ما يستغيث الرجل بشيخه الحي أو الميت فيأتونه في صورة ذلك الشيخ وقد يخلصونه مما يكره فلا يشك أن الشيخ نفسه جاءه أو أن ملكا تصور بصورته وجاءه ولا يعلم أن ذلك الذي تمثل إنما هو الشيطان لما أشرك بالله أضلته الشياطين والملائكة لا تجيب مشركا .

    وتارة يأتون إلى من هو خال في البرية وقد يكون ملكا أو أميرا كبيرا ويكون كافرا وقد انقطع عن أصحابه وعطش وخاف الموت فيأتيه في صورة إنسي ويسقيه ويدعوه إلى الإسلام ويتوبه فيسلم على يديه ويتوبه ويطعمه ويدله على الطريق ويقول من أنت ؟ فيقول : أنا فلان ويكون [من مؤمني الجن] . كما جرى مثل هذا لي . كنت في مصر في قلعتها وجرى مثل هذا إلى كثير من الترك من ناحية المشرق وقال له ذلك الشخص أنا ابن تيمية فلم يشك ذلك الأمير أني أنا هو وأخبر بذلك ملك ماردين وأرسل بذلك ملك ماردين إلى ملك مصر رسولا وكنت في الحبس ؛ فاستعظموا ذلك وأنا لم أخرج من الحبس ولكن كان هذا جنيا يحبنا فيصنع بالترك التتر مثل ما كنت أصنع بهم ؛ لما جاءوا إلى دمشق : كنت أدعوهم إلى الإسلام فإذا نطق أحدهم بالشهادتين أطعمتهم ما تيسر فعمل معهم مثل ما كنت أعمل وأراد بذلك إكرامي ليظن ذاك أني أنا الذي فعلت ذلك . قال لي طائفة من الناس . فلم لا يجوز أن يكون ملكا ؟ قلت لا . إن الملك لا يكذب وهذا قد قال أنا ابن تيمية وهو يعلم أنه كاذب في ذلك .

    منهاج السنة النبوية

    فخلوا سبيلهم سورة التوبة 5 فعلق تخلية السبيل على الإيمان وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة
    والأخبار المنقولة عن هؤلاء أن منهم من كان قد قبض الزكاة ثم أعادها إلى أصحابها لما بلغه موت النبي صلى الله عليه وسلم ومنهم من كان يتربص ثم هؤلاء الذين قاتلهم الصديق عليها لما قاتلهم صارت العمال الذين كانوا على الصدقات زمن النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم يقبضونها كما كانوا يقبضونها في زمنه ويصرفونها كما كانوا يصرفونها
    وكتب الصديق لمن كان يستعمله كتابا للصدقة فقال بسم الله الرحمن الرحيم هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي أمر بها
    وبهذا الكتاب ونظائره يأخذ علماء المسلمين كلهم فلم يأخذ لنفسه منها شيئا ولا ولى أحدا من أقاربه لا هو ولا عمر بخلاف عثمان وعلي فإنهما وليا أقاربهما
    فإن جاز أن يطعن في الصديق والفاروق أنهما قاتلا لأخذ المال فالطعن في غيرهما أوجه فإذا وجب الذب عن عثمان وعلي فهو عن أبي بكر وعمر أوجب
    وعلي يقاتل ليطاع ويتصرف في النفوس والأموال فكيف يجعل هذا

    كتاب منهاج السنة النبوية، الجزء 8، صفحة 329.

    منهاج السنة النبوية

    الثالث أن قوله إن الذين آمنوا و عملوا الصالحات عام في جميع المؤمنين فلا يجوز تخصيصها بعلي بل هي متناولة لعلي و غيره و الدليل عليه أن الحسن و الحسين و غيرهما من المؤمنين الذين تعظمهم الشيعة داخلون في الآية فعلم بذلك الإجماع على عدم اختصاصها بعلي
    و أما قوله و لم يثبت مثل ذلك لغيره من الصحابة فممنوع كما تقدم فانهم خير القرون فالذين آمنوا و عملوا الصالحات فيهم أفضل منهم في سائر القرون و هم بالنسبة إليهم أكثر منهم في كل قرن بالنسبة إليه
    الرابع أن الله قد اخبر انه سيجعل للذين آمنوا و عملوا الصالحات ودا و هذا وعد منه صادق و معلوم أن الله قد جعل للصحابة مودة في قلب كل مسلم لا سيما الخلفاء رضي الله عنهم لا سيما أبو بكر و عمر فان عأمةالصحابة و التابعين كانوا يودونهما و كانوا خير القرون
    و لم يكن كذلك علي فان كثيرا من الصحابة و التابعين كانوا يبغضونه

    كتاب منهاج السنة النبوية، الجزء 7، صفحة 137.

    #222037
    mourad
    Membre

    بن تيمية تطاول على الناس فأكفر طائفة من العلماء وبدع طائفة أخرى ثم اعتنق هو بدعتين لا يوجد أقبح منهما
    احداهما قوله بقدم العالم و هي بدعة كفرية و العياد بالله تعالى و الأخرى انحرافه عن علي عليه السلام و لدالك وسمه علماء عصره بالنفاق لقول النبي ص لعلي
    لا يحبك الا مؤمن ولا يبغضك الا منافق

    وهده عقوبة من الله لابن تيمية الدي يسميه الألباني شيخ الاسلام و لا أدري كيف يعطىهدا اللقب و هو يعتقد عقيدة تناقض الاسلام؟؟

    و الكلام هنا للعلامةالسيد عبد الله بن محمد بن الصديق الغماري الحسني المغربي المالكي مدهبا

    #222038
    hayefmajid
    Membre

    ابن تيمية

    هو أحمد بن الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن الخضر ابن تيمية.

    ولد سنة 661 هـ‍ في مدينة حران في جزيرة الشام. وتوفي سنة 728 هـ‍ بسجن القلعة في دمشق. كان حاد الذكاء، وحاد الطبع أيضا، دخل السجن ثلاث مرات بسبب بعض عقائده وبعض فتاواه. وبقي ابن تيمية مجهول الأصل لا يعرف إن عاش 67 سنة ولم يتزوج، ولم يذكر هو ولا أحد غيره السر في عزوفه عن الزواج.

    ترك كتبا كثيرة في العقائد والفقه.. وأصبح في ما بعد الإمام الذي تنتسب إليه الفرقة الوهابية، فهي التي جددت عقائده وأفكاره وروجت لها.

    وأهم هذه الأفكار والعقائد سنقف عليها في الفقرات التالية:

    الصفحة 9

    1 – ابن تيمية والحديث الشريف

    هل كان حقا ما يقوله مقلدوا ابن تيمية: إنه كان إماما في الحديث؟

    أم أن الحق مع الآخرين الذين أعرضوا عن طريقته في التعامل مع الحديث ووصفوه بالتسرع وعدم التثبت واتباع الهوى؟

    لا ينبغي أن يطلب الجواب من هؤلاء ولا من أولئك، وإنما من كلامه هو الذي يظهر فيه بوضوح أسلوبه في التعامل مع الحديث الشريف..

    وإليك من بطون مصنفاته هذه النماذج:

    أ – في التوسل بالنبي (ص) في الدعاء:

    نقل ابن تيمية جملة من الأحاديث التي شهد على صحتها وردت عن بعض الصحابة والتابعين في توسلهم بالنبي (ص)، كالدعاء المشهور:  » اللهم إني أتوجه إليك
    الصفحة 10
    بنبيك نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك وربي يرحمني مما بي  » ونحو، ونقل عمل السلف بها عن البيهقي وابن السني والطبراني، ثم قال: وروي في ذلك أثر عن بعض السلف، مثل ما رواه ابن أبي الدنيا في كتاب (مجاني الدعاء)… فهذا الدعاء ونحوه قد روي أنه دعا به السلف، ونقل عن أحمد بن حنبل في (منسك المروزي) التوسل بالنبي (ص) في الدعاء. (التوسل والوسيلة: 105 – 106)

    ولكنه في الصفحات الأولى من هذا الكتاب نفسه كان يقول: إن أحدا من الصحابة والتابعين لهم بإحسان وسائر المسلمين لم يطلب من النبي (ص) بعد موته أن يشفع له!!

    ولا سأله شيئا! ولا ذكر ذلك أحد من أئمة المسلمين في كتبهم!! (المصدر: 18)

    فأين إذن ما نقله هناك عن ابن أبي الدنيا وأحمد بن حنبل وابن السني والبيهقي والطبراني حتى صرح أنه كان من فعل السلف التوسل بالنبي (ص)؟

    ب – في زيارة قبر النبي (ص) وقبور الأنبياء والصالحين:

    قال ما نصه: ليس عن النبي (ص) في زيارة قبره ولا قبر
    الصفحة 11
    الخليل حديثا ثابتا أصلا. (كتاب الزيارة 12 – 13)

    وقال:  » والأحاديث الكثيرة المروية في زيارة قبره كلها ضعيفة بل موضوعة لم يرو الأئمة ولا أصحاب السنن المتبعة منها شيئا « . (كتاب الزيارة: 22، 38)

    ومع قوله هذا فهو ينقل بين الموضعين الحديث الصحيح الذي رواه ابن ماجة والدارقطني في سننه أيضا عن رسول الله (ص) أنه قال:  » من زارني بعد مماتي كأنما زارني في حياتي « !! لكنه يعود فيتنكر له ويقول: لم يرو أحد من الأئمة في ذلك شئ ولا جاء فيه حديث في السنن!!

    ج – في التفسير وأسباب النزول:

    قال: حديث علي في تصدقه بخاتمه في الصلاة موضوع باتفاق أهل العلم. (مقدمة في أصول التفسير: 31، 36)

    ثم تكلم عن التفاسير فقال: أما التفاسير التي في أيدي الناس فأصحها تفسير محمد بن جرير الطبري فإنه يذكر مقالات السلف بالأسانيد الثابتة وليس فيه بدعة ولا ينقل عن المتهمين.

    ونحو هذا قاله في تفسير البغوي أيضا.

    (مقدمة في أصول
    الصفحة 12
    التفسير: 51)

    لكن الطبري روى هذا الحديث من خمسة طرق بأسانيدها الثابتة عند تفسير الآية: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون). (المائدة: 55)

    ورواها البغوي أيضا بل أجمع على روايتها أصحاب التفاسير قاطبة، فانظر هذه الآية في تفسير الطبري والبغوي والزمخشري والرازي وأبي السعود والنسفي والبيضاوي والقرطبي والسيوطي والشوكاني والآلوسي وأسباب النزول للواحدي.

    د – في جواز لعن يزيد بن معاوية أو عدم جوازه:

    ينقل حديث الإمام أحمد بن حنبل فيقول: قيل للإمام أحمد: أتكتب حديث يزيد؟

    فقال: لا، ولا كرامة، أوليس هو الذي فعل بأهل الحرة ما فعل؟!

    وقيل له: إن قوما يقولون: إنا نحب يزيد.

    فقال: وهل يحب يزيد أحد يؤمن بالله واليوم الآخر؟!

    الصفحة 13
    فقال له ابنه صالح: لم لا تلعنه؟

    فقال الإمام أحمد: ومتى رأيت أباك يلعن أحدا. انتهى. (رأس الحسين: 205)

    لكن الحق أن حديث الإمام أحمد لم ينته بعد، وإنما له تتمة صرح فيها بلعن يزيد.. والحديث بتمامه رواه أبو الفرج ابن الجوزي وغيره، فيه:

    فقال أحمد: ولم لا يلعن من لعنه الله تعالى في كتابه؟!

    فقيل له: وأين لعن الله يزيد في كتابه؟

    فقرأ أحمد قوله تعالى: (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم * أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم) ثم قال: فهل يكون فساد أعظم من القتل؟! (الرد على المتعصب العنيد لابن الجوزي: 16، الإتحاف بحب الأشراف للشبراوي 63، 64)

    وعلى هذه الطريقة مضى مع أحاديث الرسول والسلف وتكذيبا وتزويرا كلما جاء الحديث بخلاف رأيه وهواه. وفي الفقرات اللاحقة شواهد أخرى من كلامه وتعامله مع الحديث.

    فهذا هو الموقع الحقيقي للحديث عند ابن تيمية.

    الصفحة 14
    الصفحة 15

    2 – ابن تيمية وصفات الله تعالى

    يرى ابن تيمية أن جميع ما ورد في الصفات من الآيات والأحاديث يجب أن تفهم على ظاهرها وما يؤديه اللفظ من معنى. بلا تأويل..

    وعلى هذا قال: إن الله تعالى في جهة واحدة هي جهة الفوق، وهو في السماء مستو على العرش وقد امتلأ به العرش فما يفضل منه أربعة أصابع، وإنه ينزل إلى السماء الدنيا ثم يعود، وإن له أعضاء وجوارح من أعين وأيدي وأرجل وغاية ما في الأمر أنها لا تشبه جوارح البشر وسائر المخلوقات!!

    (الحموية الكبرى: 15، التفسير الكبير 2: 249 – 250 منهاج السنة 1: 250، 260 – 261)

    ويقول: والذين يؤولون المعنى أولئك ما قدروا الله حق قدره، وما عرفوه حق معرفته. (التفسير الكبير 1: 270)

    والبرهان الذي يقدمه ابن تيمية على عقيدته هذه زعمه أنها عقيدة السلف من الصحابة والتابعين، فيقول: قد
    الصفحة 16
    طالعت التفاسير المنقولة عن الصحابة، وما رووه من الحديث، ووقفت على ما شاء الله تعالى من الكتب الكبار والصغار، أكثر من مئة تفسير، فلم أجد إلى ساعتي هذه عن أحد من الصحابة أنه تأول شيئا من آيات الصفات أو أحاديث الصفات بخلاف مقتضاها المفهوم المعروف. (تفسير سورة النور لابن تيمية: 178)

    فسرت هذه الكلمة بين مقلديه والمغرمين به سريان الريح من غير أن يكلفوا أنفسهم عناء النظر في كتب التفسير التي نقلت كلام الصحابة في آيات الصفات، ولو تفسير واحد من التفاسير التي أثنى عليها ابن تيمية، كتفسير الطبري والبغوي وابن عطية.

    فهذه التفاسير وغيرها مشحونة بما جاء عن الصحابة والتابعين في تأويل آيات الصفات بعيدا عن التجسيم الذي يقول به ابن تيمية والحشوية.

    انظر مثلا تفسير آية الكرسي، فقد نقل الطبري عن ابن عباس أن كرسيه يعني علمه، واستشهد لذلك بكلام العرب في هذا المعنى. وهو الذي نقله البغوي ونقله الشوكاني عن ابن عطية ونقله القرطبي وغيرهم أيضا.

    الصفحة 17
    وانظر تفسير الآيات التي فيها ذكر الوجه فلا تجد في هذه التفاسير كلمة واحدة تدل على عقيدة ابن تيمية وتشهد لقوله، بل كل ما فيها مما هو منقول عن السلف يشهد على ضده..

    ففي قوله تعالى: (كل شئ هالك إلا وجهه). (القصص: 88)

    قالوا: أي إلا هو.

    وكذلك في قوله تعالى: (ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام). (الرحمن: 27)

    وفي سائر الآيات الأخرى: (وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله). (البقرة: 272)

    (والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم). (الرعد: 22)

    (ذلك خير للذين يريدون وجه الله). (الروم: 38)

    (وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله). (الروم: 39)

    (إنما نطعمكم لوجه الله). (الدهر: 9)

    (إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى). (الليل: 20)

    في هذه الآيات جميعا فسروا الوجه بالثواب. ولم يرد عن أحد ولا كلمة واحدة تفيد المعنى الذي يريده ابن تيمية من ظاهر اللفظ، أي أن الوجه هو هذه الجارحة المعروفة من
    الصفحة 18
    الجوارح كما للإنسان!!

    أما قوله تعالى: (فأينما تولوا فثم وجه الله) فقد أقر ابن تيمية بأن السلف قد أولوا الوجه هنا، فقالوا إن المراد به الجهة، لكنه جعل هذه الآية ليست من آيات الصفات. (العقود الدرية: 248)

    هكذا مع الآيات التي فيها ذكر العين والأيدي.

    وهكذا نسب إلى الصحابة والسلف ما لم يقولوا به بل قالوا بعكسه تماما، تبريرا لمذهبه! ورغم ذلك فإنه لم يستطع في كل ما كتب أن يأتي بكلمة واحدة عن واحد من الصحابة تشهد لقوله!!

    من كلامه في التجسيم:

    وله في التجسيم كلام صريح كان يقوله في خطبه، لكنه لم يذكره بنصه في كتبه التي وصلتنا، فمن ذلك:

    أ – ما نقله ابن بطوطة وابن حجر العسقلاني، أنه قال وهو على المنبر: إن الله ينزل إلى سماء الدنيا كنزولي هذا.

    (رحلة ابن بطوطة: 95، الدرر الكامنة 1: 154)

    الصفحة 19
    ب – ما نقله أبو حيان في تفسيريه (البحر المحيط) و (النهر) من أنه قرأ في (كتاب العرش) لابن تيمية ما صورته بخطه:

    إن الله تعالى يجلس على الكرسي، وقد أخلى مكانا يقعد معه فيه رسول الله. ولكن هذا الكلام الذي نقله يوسف النبهاني في (شواهد الحق: 130) عن كتاب (النهر) لأبي حيان، ونقله صاحب كشف الظنون في كتابه (كشف الظنون 2: 1438) قد حذف من كتاب (النهر) المطبوع، كما حذف غيره من الكلام الذي تناول فيه عقائد ابن تيمية!

    ولكن ابن تيمية قد دافع عن هذا المعنى بإصرار من غير أن يذكر جلوس النبي معه على العرش، وذلك في كتابه (منهاج السنة 1: 260 – 261)

    ج‍ – قوله: رفع اليدين في الدعاء دليل على أن الله تعالى في جهة العلو. (الحموية الكبرى: 94، شرح حديث النزول: 59)

    ترى إذا توجه المصلي نحو القبلة وقال: (وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض) فهل يستدل من هذا على أنه تعالى شأنه في جهة القبلة؟

    سبحانه وتعالى عما يصفون.

    الصفحة 20
    إن الجمود على ما يفهم من ظاهر اللفظ لأول وهلة يعد من أكبر الخطأ، وليس هو من شأن العرب الذين نزل القرآن بلغتهم.

    ففي قوله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا) هل قال أحد أن الحبل هنا هو ما نفهمه من لفظ الحبل، فعلينا أن ننظر حبلا بأوصاف خاصة يتدلى من جهة الفوق كما يريد الحشوية، لنعتصم به؟!

    إنهم أجمعوا هنا على تأويل الحبل بمعاني أخرى، فقالوا: هو الإسلام أو القرآن، أو الثقلان – كتاب الله وعترة رسوله – اللذان ورد الأمر بالتمسك بهما.

    إن من ينكر ضرورة التأويل في أمثال هذه الألفاظ فقد ارتكب جهلا وخطأ كبيرا..

    وإن من ينكر تأويل السلف لآيات الصفات فقد افترى عليهم فرية كبيرة.. وإن من ينكر ورود ذلك في كتب التفسير فهو كمن حفر جبا لأخيه فوقع هو فيه! فهذه كتب التفسير مشحونة بروايات التأويل عن الصحابة وكبار السلف، وباستطاعة كل من يحسن القراءة أن يقف على ذلك ينفسه.

    الصفحة 21

    3 – ابن تيمية وأهل البيت

    إن لأهل بيت الرسول (ص) منزلة عظمى أثبتها القرآن وأثبتها الرسول (ص) وأيقن بها المسلمون، ولم يمار فيها إلا من كان في قبلة مرض..

    وابن تيمية في بعض ما كتب يثبت شيئا مما ورد في منزلتهم العظمى وتقديمهم على سائر الأمة، فيقول:

    – إن بني هاشم أفضل قريش، وقريش أفضل العرب، والعرب أفضل بني آدم، كما صح ذلك عن النبي (ص) قوله في الحديث الصحيح:  » إن الله اصطفى بني إسماعيل، واصطفى كنانة من بني إسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى بني هاشم من قريش « .

    – وفي صحيح مسلم عنه أنه قال يوم غدير خم:

     » أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي « .

    – وفي السنن أنه شكا إليه العباس أن بعض قريش
    الصفحة 22
    يحقرونهم، فقال:  » والذي نفسي بيده لا يدخلون الجنة حتى يحبوكم لله ولقرابتي « .

    – ثم قال: وإذا كانوا أفضل الخلائق فلا ريب أن أعمالهم أفضل الأعمال. (رأس الحسين: 200 – 201)

    والسؤال كيف كانت عقيدته فيهم؟ وكيف كان موقفه الدائم منهم؟

    لقد كشف ابن تيمية عن عقيدته في أهل البيت وموقفه منهم بكل صراحة وبوضوح لا غبار عليه، ويمكن إجمال ذلك بالنقاط التالية:

    أ – الميل إلى جانب أعدائهم على الدوام:

    لقد كان ابن تيمية صريحا في ميله إلى جانب أعداء أهل البيت، ودفاعه عنهم بكل ما يمتلك من قدرة على الجدل ولف في القول والتواء في الكلام، يكافح عنهم، ويختلق لهم الأعذار، ويبرر عداءهم لأهل البيت، يكذب لأجلهم أحاديث الرسول وأئمة السلف من الصحابة والتابعين، ويكذب لأجلهم حقائق التاريخ التي تواتر نقلها وأجمع عليها أهل العلم قاطبة، ويزور لأجلهم حقائق أخرى
    الصفحة 23
    بأسلوب يتنزه عنه العلماء، بل حتى العوام والبسطاء..

    وله في هذا كلام كثير لا يتسع له مثل هذا العرض الموجز، لذا سنكتفي بذكر القليل من شواهد ذلك وبكل إيجاز:

    صنف كتابا أسماه (فضائل معاوية وفي يزيد وأنه لا يسب).

    هذا مع أن الذي ثبت عن السلف أنه لا يصح في فضائل معاوية ولا حديث واحد. نقل ذلك الحافظ الذهبي عن إسماعيل بن راهويه الذي كان يقرن بالإمام أحمد بن حنبل. (سير أعلام النبلاء 3: 132)

    وثبت ذلك عن النسائي صاحب السنن، الذي طلب منه أهل دمشق أن يكتب في فضائل معاوية فقال: ما أعرف له فضيلة إلا:  » لا أشبع الله بطنه « ! (سير أعلام النبلاء 14: 125، وفيات الأعيان 1: 77)

    وثبت عن الحسن البصري أكثر من ذلك، حيث قال: أربع خصال كن في معاوية، لو لم يكن فيه إلا واحدة لكانت موبقة: انتزاؤه على هذه الأمة بالسيف حتى أخذ الأمر من غير مشورة، وفيهم بقايا الصحابة وذوو الفضيلة،
    الصفحة 24
    واستخدامه بعده ابنه – يزيد – سكيرا خميرا يلبس الحرير ويضرب بالطنابير، وادعاؤه زيادا وقد قال رسول الله (ص):

     » الولد للفراش وللعاهر الحجر « ، وقتله حجر بن عدي وأصحاب حجر، فيا ويلا له من حجر، ويا ويلا له من حجر!! (الكامل في التاريخ 3: 487، تهذيب تاريخ دمشق 2: 384)

    والذي ثبت عن علي بن أبي طالب وسائر أئمة أهل البيت وابن عباس وأبي ذر وعمار وعبادة بن الصامت وغيرهم في طعن معاوية أشهر من أن يذكر.

    بل الذي ثبت فيه عن صاحبه ورفيقه عمرو بن العاص وحده يكفي شاهدا عليه بارتكاب الموبقات ومجانبة الدين وأهل الدين.

    أما في يزيد فقد رأينا كيف زور ابن تيمية حديث الإمام أحمد وبتره لأجل أن يمنع من لعنه!!

    ثم زور كل ما ثبت من حقائق التاريخ وكلام السلف فيه وافترى عليهم كثيرا لأجلف أن يختلق عذرا ليزيد.

    فقال: إن يزيد لم يظهر الرضى بقتل الحسين، وإنه أظهر الألم لقتله! (رأس الحسين: 207)

    فهل أتى بهذا الكلام من إجماع السلف، أم هو من
    الصفحة 25
    محض الهوى؟

    لقد نقل التفتازاني إجماع السلف في هذه المسألة، فقال في كتابه (شرح العقائد النسفية) ما نصه:  » اتفقوا على جواز اللعن على من قتل الحسين، أو أمر به، أو أجازه، أو رضي به. والحق أن رضا يزيد بقتل الحسين واستبشاره بذلك وإهانته أهل بيت رسول الله (ص) مما تواتر معناه وإن كان تفصيله آحادا، فنحن لا نتوقف في شأنه، بل في كفره وإيمانه، لعنة الله عليه وعلى أنصاره وأعوانه « . (شذرات الذهب العماد الحنبلي 1: 68 – 69، وانظر الإتحاف بحب الأشراف للشبراوي: 62، 66)

    قال ابن تيمية: إن نقل رأس الحسين إلى الشام لا أصل له في زمن يزيد. (رأس الحسين: 207، الوصية الكبرى: 53)

    وقال: إن القصة التي يذكرون فيها حمل الرأس يزيد ونكته في القضيب كذبوا فيها. (رأس الحسين: 206)

    فهل استند في هذا إلى أخبار الصادقين؟

    إنه يقول: من المعلوم أن الزبير بن بكار ومحمد بن سعد صاحب الطبقات ونحوهما من المعروف بالعلم والفقه والاطلاع أعلم بهذا الباب وأصدق في ما ينقلونه من
    الصفحة 26
    المجاهيل الكذابين. (رأس الحسين: 198)

    ويقول: والمصنفون من أهل الحديث في ذلك كالبغوي وابن أبي الدنيا ونحوهما هم بذلك أعلم وأصدق بلا نزاع بين أهل العلم. (رأس الحسين: 206)

    إذن ماذا قال هؤلاء؟ هل كذبوا بنقل رأس الحسين إلى الشام ونكت يزيد عليه بالقضيب؟

    إن ابن تيمية لم ينقل عنهم حرفا واحدا في ذلك..

    ولسبب بسيط: وهو أنهم قد أثبتوا ذلك الذي أنكره ابن تيمية، أثبتوه بأسانيدهم التي قال عنها ابن تيمية أنها الأصدق بلا نزاع بين أهل العلم! (أنظر ما نقله عنهم أبو الفرج ابن الجوزي في كتابه، الرد على المتعصب العنيد، وما جاء في ترجمة الإمام الحسين من طبقات محمد بن سعد المنشورة في مجلة (تراثنا – العدد: 10) علما أن هذه الترجمة قد سقطت من كتاب الطبقات). وسنذكر بعد قليل نصا جامعا عنهم.

    أما كل ما نقله ابن تيمية عنهم فهو قوله: إن الذين جمعوا أخبار الحسين ومقتله مثل ابن أبي الدنيا والبغوي وغيرهما، لم يذكر أحد منهم أن الرأس قد حمل إلى عسقلان أو القاهرة!! (رأس الحسين: 197)

    الصفحة 27
    أليس هذا من دواعي السخرية؟!

    وهل يصدر مثل هذا عمن ينسب إلى العلم وأهل العلم؟!

    قال ابن تيمية: ويزيد لم يسب للحسين حريما، بل أكرم أهل بيته! (منهاج السنة 2: 226) وقال: ولا سبى أهل البيت أحد، ولا سبي منهن أحد. (رأس الحسين: 208)

    فهل اعتمد في كلامه هذا على نقل من أحد سواء كان من الثقات أو من غيرهم؟

    كلا أبدا، إنما أطلقها حمية ليزيد..

    أما أصحاب التاريخ فقد أجمعوا على صحة هذا الذي كذب به ابن تيمية، وهذه عبارة ابن أبي الدنيا ومحمد بن سعد صاحب الطبقات اللذين صرح ابن تيمية بصحة ما نقلا من أحداث مقتل الحسين (ع):

    قال ابن أبي الدنيا ومحمد بن سعد – بعد أن ذكرا قتل الحسين وانتهابهم ثيابه وسيفه وعمامته – ما نصه:  » وأخذ آخر ملحفة فاطمة بنت الحسين، وأخذ آخر حليها..

    وبعث عمر بن سعد برأس الحسين إلى عبيد الله بن زياد، وحمل النساء والصبيان، فلما مروا بالقتلى صاحب
    الصفحة 28
    زينب بنت علي: يا محمداه! هذا حسين بالعراء مرمل بالدماء، مقطع الأعضاء.. يا محمداه! وبناتك سبايا..

    وذريتك قتلى تسفي عليها الصبا!

    فما بقي صديق ولا عدو إلا بكى..

    قالا: ثم دعا ابن زياد زحر بن قيس فبعث معه برأس الحسين ورؤوس أصحابه إلى يزيد. وجاء رسول من قبل يزيد فأمر عبيد الله بن زياد أن يرسل إليه بثقل الحسين ومن بقي من أهله..

    قالا: ثم دعا يزيد بعلي بن الحسين والصبيان والنساء وقد أوثقوا بالحبال فادخلوا عليه، فقال علي بن الحسين:

    يا يزيد، ما ظنك برسول الله (ص) لو رآنا مقرنين بالحبال؟!..

    ودعا بالنساء والصبيان فاجلسوا بين يديه، فقام رجل من أهل الشام فقال: يا أمير المؤمنين هب لي هذه – يعني فاطمة بنت الحسين -!! – فأرعدت وظنت أنهم يفعلون فأخذت بثياب عمتها زينب. فقالت زينب: كذبت والله ما ذلك لك ولا له.

    فغضب يزيد لذلك وقال: كذبت، إن ذلك لي لو شئت
    الصفحة 29
    لفعلته!!

    قالت: كلا والله ما جعل الله عز وجل ذلك إلا أن تخرج من ملتنا أو تدين بغير ديننا.

    ثم بعث بهم يزيد إلى المدينة « . (الرد على المتعصب العنيد:

    49 – 50، ترجمة الإمام الحسين من الطبقات الكبرى لابن سعد: مجلة تراثنا عدد 10 ص 192)

    وهذا متفق عليه عند أصحاب التاريخ ولم يشذ فيه أحد. (راجع تاريخ الطبري والكامل في التاريخ والبداية والنهاية)

    أرأيت هذا الذي ضيع الأمانة في نقل حقائق تواتر نقلها وأجمع عليها أهل الحديث والسير، اتباعا للهوى والعصبية، أيكون مؤتمنا على الدين؟!

    ب – تكذيبه بمنزلتهم العظمى:

    وله في هذا الباب كلام كثير يدل على عصبية لا حد لها..

    وقد اخترنا منه هذه النماذج:

    مما جاء في منزلة أهل بيت الرسل عامة وأهل بيت نبينا (ص) خاصة:

    قوله تعالى في أهل بيت إبراهيم (ع): (رحمة الله
    الصفحة 30
    وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد). (هود: 73)

    وقوله تعالى وقد ذكر ثمانية عشر نبيا بأسمائهم ثم قال:

    (وكلا فضلنا على العالمين. ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم). (الأنعام: 86 – 87)

    وقوله تعالى: (إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين * ذرية بعضها من بعض). (آل عمران: 33 – 34)

    وقوله تعالى في إبراهيم (ع): (وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب). (العنكبوت: 27)

    وقوله تعالى: (ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين * وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا). (الأنبياء: 72 – 73)

    وقوله تعالى في أهل بيت نبيا (ص): (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا). (الأحزاب: 33)

    وقوله تعالى: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى). (الشورى: 23)

    وقول رسول الله (ص) في علي وفاطمة والحسن والحسين (ص):  » اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا « . (صحيح مسلم ح / 2424، سنن الترمذي
    الصفحة 31
    ح / 3205، 3787، 3871 وغيرهما)

    وقوله (ص) وقد سأله الصحابة (رض) عند نزول قوله تعالى: (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما). (الأحزاب: 56) فقالوا: كيف نصلي عليك يا رسول الله؟

    فقال:  » قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد « . متفق عليه.

    وقوله (ص):  » إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي « . (صحيح مسلم ح / 2408، سنن الترمذي ح / 3788، مسند أحمد 3: 17)

    والمطلوب هنا:

    ما هو موقف ابن تيمية من هذه العقيدة المسطورة في الكتاب والسنة؟

    إن ابن تيمية يقول بالحرف الواحد: إن فكرة تقديم آل الرسول هي من أثر الجاهلية في تقديم أهل بيت الرؤساء!!

    (منهاج السنة 3: 269)

    الصفحة 32
    إذن فاصطفاء الله تعالى لأهل بيت الأنبياء والرسل وجعلهم الأئمة والقادة والأوصياء من بعدهم وإنزاله إياهم تلك المنازل الرفيعة، وكل ما جاء بحقهم في السنة المطهرة هو من أثر الجاهلية في تقديم أهل البيت الرسول!!

    إن لم يكن هذا هو التكذيب بالدين والسخرية بكتاب الله وسنة رسوله، فكيف سيكون التكذيب والسخرية؟!

    لما قال تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) ودعا الرسول (ص) عليا وفاطمة والحسن والحسين فجلل عليهم كساء وقال:  » اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا  » وافق ابن تيمية على صحة ذلك، لكن ماذا رأى فيه؟

    إنه لم ير فيه لأهل البيت أية مزية! فقال: إن هذا مجرد إرادة من الله لهم بالتطهير، ودعاء من النبي لهم بذلك، ولا يعني هذا أن الله قد طهرهم حقا!! (منهاج السنة 2: 117)

    إن ابن تيمية لم يرد ما أراده الله ورسوله، ولهذا فقط لم يؤمن به!!

    وكذب بكل ما ورد بحقهم في القرآن الكريم.. كآيات سورة الدهر: (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما
    الصفحة 33
    وأسيرا) التي أجمع أصحاب التفسير على أنها نزلت فيهم.. وكقوله تعالى: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) التي أجمع أصحاب التفسير على نزولها في علي حين تصدق بخاتمه وهو راكع.

    وكذب بما جاء في علي خاصة في السنة الصحيحة رغم ثبوتها بالأسانيد الصحيحة والطرق المتعددة.

    فكذب بحديث المؤاخاة وأن النبي (ص) آخا عليا (ع)، رغم أن هذا قد تواتر نقله وأجمع عليه أصحاب السير قاطبة. (الطبقات الكبرى لابن سعد 3: 22، سيرة ابن هشام 2: 109، السيرة النبوية لابن حيان: 149، الإستيعاب 3: 35، أسد الغابة 2: 221 و 4: 16، 29، عيون الأثر 6: 167، البداية والنهاية 7: 348، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 6: 167، تاريخ الخلفاء للسيوطي: 135، وأخرجه أيضا: الترمذي في السنن ح / 3720، والبغوي في مصابيح السنة ح / 4769، والحاكم في المستدرك 3: 14)

    أما ابن تيمية فيكذب بذلك كله ويقول: أما حديث المؤاخاة فالباطل. (منهاج السنة 2: 119)

    ويقول: والنبي لم يؤاخ عليا. (منهاج السنة 4: 75، 96)

    الصفحة 34
    وعلى هذا النحو سار مع عامة فضائل علي (ع) ولكن من دون أن يحمل معه أي دليل ومن دون أن يعتمد على نقل صحيح عن أئمة السلف، وإنما هو الهوى والعصبية..

    ج‍ – التنقص منهم وتجريحهم:

    لم يقف ابن تيمية عند الدفاع عن خصوم أهل البيت، ثم التكذيب بمنزلتهم ومناقبهم، بل تعدى وراء ذلك فأطلق عليهم لسانا لم تعرفه هذه الأمة إلا عند النواصب الذين امتلأت قلوبهم غيضا وحقدا على آل الرسول.. وهذه نبذ من كلامه فيهم:

    إنه ينفي أن تكون هناك مصلحة من وجود أهل البيت، ويقول:  » لم يحصل بهم شئ من المصلحة واللطف « .

    (منهاج السنة 2: 84)

    هذا والنبي (ص) يقول:  » إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض « . (سنن الترمذي: ح / 3788، مسند أحمد 3: 17، المستدرك 3 * 148 وغيرها)

    وفي حديث آخر:  » إني تارك فيكم الثقلين: أولهما
    الصفحة 35
    كتاب الله فيه الهدى والنور… وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي « . (صحيح مسلم ح / 2408 أخرجه بعدة طرق)

    لكن ابن تيمية أتى على هذه الأحاديث فأولها تأويلا يضحك منه حتى البسطاء.. فقال:  » الحديث الذي في مسلم إذا كان النبي قد قاله فليس فيه إلا الوصية باتباع الكتاب، وهو لم يأمر باتباع العترة ولكن قال: أذكركم الله في أهل بيتي « !! (منهاج السنة 4: 85)

    ترى ألم يقل (ص):  » إني تارك فيكم الثقلين: أولهما كتاب الله « ، ثم واصل الحديث حتى ذكر أهل البيت، فإن كان الأمر باتباع الكتاب وحدة فأين هو الثقل الثاني إذن؟؟

    حقا إن الهوى يعمي ويصم!!

    استغراقه في الطعن على علي (ع) والنيل منه، متمسكا بالقصة الموضوعة في خطبته ابنة أبي جهل، والفاطمة الزهراء عنده، وكرر الكلام فيها في أكثر من موضع من كتابه منهاج السنة! هذه القصة التي نسجها المسور بن مخرمة، أو كذبها عليه الكرابيسي.

    وكان الرجلان معا ناصبيين مشهورين ببعض علي
    الصفحة 36
    والانحراف عنه وبتعظيم أعدائه وموالاتهم.. وهذا معلوم جدا من حال الكرابيسي. (شرح نهج البلاغة 4: 64)

    أما المسور بن مخرمة، فكان لا يذكر معاوية إلا صلى عليه!! ومع ذلك فقد كان حليفا للخوارج، يجتمعون عنده ويستمعون حديثه، بل كانوا ينسبون إليه فيعدونه قدوة لهم!! (أنظر ترجمته في سير أعلام النبلاء 3: 390 – 393)

    أليس من دواعي الشك والاستغراب أن تقبل رواية هؤلاء في النيل من علي بن أبي طالب؟!

    أما ابن تيمية فتنبسط أساريره لهذه القصة المختلقة ظنا منه أنه سينال حقا من منزلة علي.. أو على الأقل يشفي بعض ما في صدره!!

    وفي حروب علي (ع) يقول:

    علي إنما قاتل الناس على طاعته، لا على طاعة الله!!

    ويضيف قائلا: فمن قدح في معاوية بأنه كان باغيا قال له النواصب: وعلي أيضا كان باغيا ظالما.. قاتل الناس على إمارته وصال عليهم.. فمن قتل النفوس على طاعته كان مريدا للعلو في الأرض والفساد، وهذا حال فرعون، والله تعالى يقول: (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في
    الصفحة 37
    الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين)، فمن أراد العلو في الأرض والفساد لم يكن من أهل السعادة في الآخرة!! (راجع منهاج السنة 2: 202 – 205، 232 – 234)

    وعلى هذا النحو مضى في صفحات عديدة من كتابه منهاج السنة هذا الكتاب الذي شحن بالبدعة من أوله إلى آخره كما هو واضح من كل ما نقلناه عنه في هذا المقتضب، هذا مع أن الذي جاء في الحديث الصحيح في حروب علي صريح في شرعية حروبه ووجوب نصرته فيها. ومن ذلك:

    – قوله (ص):  » إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله  » فاستشرف له القوم وفيهم أبو بكر وعمر، فقال أبو بكر: أنا هو؟ قال (ص):  » لا « .

    قال عمر: أنا هو؟ قال (ص):  » لا، ولكن خاصف النعل  » وكان علي يخصف نعل رسول الله (ص). قال أبو سعيد الخدري: فأتينا فبشرنا، فلم يرفع به رأسه كأنه قد سمعه من رسول الله (ص). (وهذا حديث صحيح أخرجه أحمد في المسند 3: 82، وابن حيان في صحيحه ح / 6898، والحاكم في المستدرك 3: 123 ووافقه الذهبي فقال: صحيح على شرط الشيخين، والخطيب في تاريخ بغداد 8: 423، وابن كثير في البداية والنهاية 7: 375)

    الصفحة 38
    – وقوله (ص) لعلي وفاطمة والحسين (ع):  » أنا حرب لمن حاربتم، وسلم لمن سالمتم « . (سنن الترمذي ح / 3870، سنن ابن ماجة ح / 145، مسند أحمد 2: 442، مصابيح السنة للبغوي 4: 190)

    لكن ابن تيمية يكذب بهذا الحديث، وكعادته بلا أي دليل من نقل صحيح أو تحقيق علمي مقبول، وإنما يجادل فيه جدال امرئ عشق المراء حتى مع الكلام الله وكلام رسوله (ص)! (أنظر منهاج السنة 2: 234)

    وفي علم علي يتكلم ابن تيمية كلاما يجل عنه أدنى طلبة العلوم قدرا.. فيقول: ليس في الأئمة الأربعة ولا غيرهم من أئمة الفقهاء من يرجع إلى علي في فقهه..

    فمالك أخذ علمه عن أهل المدينة، وأهل المدينة لا يكادون يأخذون عن علي!.. وأبو حنيفة الشافعي وأحمد تنتهي طرقهم إلى ابن عباس، وابن عباس مجتهد مستقل، ولا يقول بقول علي!! (منهاج السنة 4: 142 – 143)

    هكذا يفعل الهوى بصاحبه، فما زال الهوى يحمله على قول بعد قول حتى غاص في لجج العناد، فهو لا يدري ما يقول.. حتى يضع نفسه موضع سخرية العلماء. بل
    الصفحة 39
    والسالكين طريق التعلم.. اللهم إلا مقلديه الذين تمسكوا بأقواله أشد من تمسكهم بكتاب الله وسنة رسوله (ص)!!

    لقد صنف الإمام الشافعي كتابا مفردا أثبت فيه انتهاء علم أهل المدينة إلى علي وابن عباس.. ونقل ابن قدامة في (المغني) عن ابن عباس أنه كان يقول:  » إذا ثبت لنا عن علي قول لم نعده إلى غيره « ، وعن ابن عباس أيضا:

     » أعطي علي تسعة أعشار العلم، وإنه لأعلمهم بالعشر الباقي « . (طبقات الفقهاء: 42)

    وفي الحسين السبط الشهيد له كلام لا تجد له نظيرا حتى عند وعاظ يزيد الذين كانوا يتزلفون له في حياته..

    – فيقول مرة في خروج الحسين على يزيد:  » هذا رأي فاسد، فإن مفسدته أعظم من مصلحته، وقل خرج على إمام ذي سلطان إلا كان ما تولد على فعله من الشر أعظم مما تولد من الخير « !! (منهاج السنة 2: 241)

    إذن يا طلاب الحرية وعشاق الاستقلال ما أنتم إلا مفسدون.. وما عليكم إلا أن تذلوا للسلطان، وتمدوا ظهوركم لجلاديه وأعناقكم لسيافيه، فإن الشيخ ابن تيمية يقول: إن مطالبتكم بالحرية عمل فاسد، مفسدته أعظم من
    الصفحة 40
    مصلحته!!

    عجبا للباحث الكبير مالك بن بني كيف غفل عن هذه المقولة في نظريته التي أسماها  » القابلية للاستعمار « !

    لكن العقاد أجاد في تفسير هذه المقولة وأمثالها، فقال:

     » إن القول بصواب الحسين معناه القول ببطلان تلك الدولة.. والتماس العذر للحسين معناه إلقاء الذنب على يزيد، وليس بخاف كيف ينسى الحياء وتبتذل القرائح أحيانا في تنزيه السلطان القائم وتأثيم السلطان الذاهب « !

    (عباس محمود العقاد: أبو الشهداء: 106)

    – ويقول مرة أخرى معتذرا ليزيد:  » ويزيد ليس بأعظم جرما من بني إسرائيل، كان بنو إسرائيل يقتلون الأنبياء، وقتل الحسين ليس بأعظم من قتل الأنبياء « !! (منهاج السنة 2: 247)

    أرأيت عذرا أقبح من فعل كهذا؟!!

    نكتفي بهذا القدر خشية أن نكون قد أطلنا في هذا الباب، لنقف على جوانب أخرى من مواقف ابن تيمية وعقيدته.

    الصفحة 41

    4 – ابن تيمية وعلماء الإسلام

    من السمات المميزة لشخصية ابن تيمية: حدته، وهجنة أسلوبه في الجدل..

    وقال يصف حوارا له مع بعض الفقهاء في مجلس أمير دمشق:

    قلت: كان الناس في قديم الزمان قد اختلفوا في الفاسق الملي، وهو أول اختلاف حدث في الملة.. فقال الشيخ الكبير: ليس كما قلت، ولكن أول مسألة اختلف فيها المسلمون مسألة الكلام… قال ابن تيمية فغضبت عليه وقلت: أخطأت، وهذا كذب مخالف للإجماع، وقلت له:

    لا أدب ولا فضيلة، لا تأدبت معي في الخطاب، ولا أصبت في الجواب! (العقود الدرية في مناقب ابن تيمية: 235)

    فهذا هو أدب الخطاب عند الشيخ:  » أخطأت، هذا كذب، لا أدب، لا فضيلة، لا تأدبت، لا أصبت  » كلها في جملة من سطر واحد!

    الصفحة 42
    أفتى ابن تيمية في مسألة، وأفتى فقيه آخر بخلافه، فرد عليه ابن تيمية قائلا: من قال هذا فهو كالحمار الذي في داره! (الفقيه المعذب ابن تيمية: 152)

    كان كثير السب لابن عربي والعفيف التلمساني والإمام الغزالي والفخر الرازي، وكثير النيل منهم والتهكم عليهم ويصفهم بأنهم فراخ الهنود واليونان..

    وإذا ذكر العلامة ابن المطهر الحلي، يقول: ابن المنجس!!

    وإذا ذكر دبيران صاحب المنطق، ولا يقول إلا  » دبيران  » بضم الدال. (أنظر الوافي بالوفيات للصفدي 7: 18 – 19 وقد دون ذلك من سماعه المباشر عن ابن تيمية في دروسه)

    هذا كل ما تحلى به ابن تيمية من أدب الخطاب!!

    الصفحة 43

    5 – مع اليزيدية

    إن لابن تيمية مع هذا الطائفة من الغلاة كلاما يثير الكثير من الشكوك، ويضع العديد من علامات الاستفهام حول عقيدته..

    من هذه الطائفة قوم غلوا بيزيد بن معاوية وبالشيخ عدي بن مسافر الأموي، فانضافوا إلى فرق الغلاة التي أجمع المسلمون على كفرها وخروجها من الإسلام لأنها أضافت إلى البشر صفات الإله جل جلاله،، وهذه الفرقة التي غلت بيزيد وعدي بن مسافر عرفت بالعدوية، نسبة إلى عدي بن مسافر..

    لقد عاصر ابن تيمية هذه الطائفة فكتب إليهم كتابا استهله بكلام لا يشبه شيئا من كلامه في مخالفيه وخاصة من أصحاب الفرق الأخرى وأهل البدع الظاهرة، أو حتى الذين عدهم هو من أهل البدع..

    لقد استهل كتابه بقوله:

    الصفحة 44
     » من أحمد بن تيمية إلى من يصل إليه هذا الكتاب من المسلمين المنتسبين إلى السنة والجماعة، والمنتمين إلى جماعة الشيخ العارف القدوة أبي البركات عدي بن مسافر الأموي، ومن نحى نحوهم، وفقهم الله لسلوك سبيله…

    سلام عليكم ورحمة الله وبركاته « !! (الوصية الكبرى لابن تيمية: 5)

    هكذا مع علمه بأنهم من الغلاة، جعلهم من المسلمين المنتسبين إلى السنة والجماعة.. ودعا لهم بالتوفيق إلى سلوك السبيل. ورفع إليهم تحية الإسلام.. وليس ذلك لهم وحدهم، بل لمن نحى نحوهم أيضا وسلك طريقتهم في الغلو!!

    هذا الرجل هو الذي سلط لسانه الجارح على أهل البيت كما رأينا سابقا..

    وهو الذي عد الرازي والغزالي وابن سينا من فراخ الهنود واليونان، وأنهم أضل من اليهود والنصارى..

    وهو صاحب ذلك الكلام الجارح مع العلماء..

    فلأي شئ خاطب هذه الطائفة من الغلاة بهذا الخطاب العذب الذي لم يخاطب به أيا من فرق المسلمين؟!

    لعل السر في ذلك أن غلو هؤلاء كان في يزيد بن
    الصفحة 45
    معاوية، وتعظيم يزيد عنده هو علامة الانتماء إلى أهل السنة والجماعة، وإن بلغ التعظيم حد الغلو..

    فهل ينتهي العجب لهذا الرجل الذي يروي بنفسه حديث الإمام أحمد بن حنبل الذي قال فيه:  » وهل يحب يزيد أحد يؤمن بالله واليوم الآخر؟! « !

    بل لعله لأجل هذا ونحوه لم يتقد بمذهب أحمد بن حنبل!!

    الصفحة 46
    الصفحة 47

    6 – أقوال العلماء فيه

    بعد ما رأيت من عقائده لم يعد غريبا عليك ما ستراه من فتاوى علماء المسلمين فيه بناء على تلك الأقوال والعقائد..

    ولقد صنف الحافظ ابن حجر العسقلاني هذه الفتاوى، فقال:

    افترق الناس فيه شيعا:

    # فمنهم من نسبه إلى التجسيم لما ذكر في العقيدة الحموية والواسطية وغيرهما من ذلك، كقوله: إن اليد والقدم والساق والوجه صفات حقيقية، وإنه مستو على العرش بذاته.

    # ومنهم من ينسبه إلى الزندقة لقوله: إن النبي (ص) لا يستغاث به.

    # ومنهم من ينسبه إلى النفاق لقوله في علي: إنه كان مخذولا حيثما توجه، وإنه حاول الخلافة مرارا فلم ينلها،
    الصفحة 48
    وإنه قاتل للرئاسة لا للديانة. ولقوله: إنه كان يحب الرئاسة وإن عثمان كان يحب المال. ولقوله: علي أسلم صبيا والصبي لا يصح إسلامه، وبكلامه في خطبة بنت أبي جهل فإنه شنع في ذلك فألزموه بالنفاق لقوله (ص):  » ولا يبغضك إلا منافق « .

    # ونسبه قوم إلى أنه كان يسعى في الإمامة الكبرى، فإنه كان يلهج بذكر ابن تومرت ويطريه. (الدرر الكامنة 1: 155)

    وهذه أقوال متعددة بتعدد آرائه..

    وأجمل القول فيه ابن حجر في  » الفتاوى الحديثية  » فقال:

    ابن تيمية عبد خذله الله وأضله وأعماه وأصمه وأذله..

    وبذلك صرح الأئمة الذين بينوا فساد أحواله وكذب أقواله.. ومن أراد ذلك فعليه بمطالعة كلام الإمام المجتهد المتفق على إمامته وبلوغه مرتبة الاجتهاد أبي الحسن السبكي، وولده التاج، والشيخ الإمام العز بن جماعة، وأهل عصره وغيرهم من الشافعية والمالكية والحنفية..

    قال: والحاصل أن لا يقام لكلامه وزن، وأن يرمى في كل وعر وحزن.. ويعتقد فيه أنه مبتدع ضال مضل غال، عامله
    الصفحة 49
    الله بعدله، وأجارنا من مثل طريقته وعقيدته وفعله، آمين. (الفتاوى الحديثية: 86)

    رسالة الحافظ الذهبي إلى ابن تيمية:

    من أحسن ما قيل في ابن تيمية ذلك الخطاب الذي وجهه إليه الذهبي في رسالة شخصية ينصحه فيها ويعظه ويؤنبه ويوبخه، ويكشف فيها عن كثير من سجاياه وأخلاقه..

    وهذا هو النص الكامل لتلك الرسالة:

    الحمد لله على ذلتي، يا رب ارحمني وأقلني عثرتي، واحفظ علي إيماني، واحزناه على قلة حزني، ووا أسفاه على السنة وأهلها، واشوقاه إلى إخوان مؤمنين يعاونونني على البكاء، واحزناه على فقد أناس كانوا مصابيح العلم وأهل التقوى كنوز الخيرات، آه على وجود درهم حلال وأخ مونس، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، وتبا لمن شغله عيوب الناس عن عيبه، إلى كم ترى القذاة في عين أخيك وتنسى الجذع في عينيك؟ إلى كم تمدح نفسك وشقاشقك وعباراتك وتذم العلماء وتتبع عورات الناس؟ مع علمك بنهي الرسول (ص):  » لا تذكروا موتاكم
    الصفحة 50
    إلا بخير فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا  » بل أعرف أنك تقول لي لتنصر نفسك: إنما الوقيعة في هؤلاء الذين ما شموا رائحة الإسلام، ولا عرفوا ما جاء به محمد (ص) وهو جهاد، بل والله عرفوا خيرا كثيرا مما إذا عمل به فقد فاز، وجهلوا شيئا كثيرا مما لا يعنيهم ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، يا رجل! بالله عليك كف عنا، فإنك محجاج عليم اللسان لا تقر ولا تنام، إياكم والغلوطات في الدين، كره نبيك (ص) المسائل وعابها ونهى عن كثرة السؤال وقال:  » إن أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان  » وكثرة الكلام بغير زلل تقسي القلب إذا كان في الحلال والحرام، فكيف إذا كان في عبارات اليونسية والفلاسفة وتلك الكفريات التي تعمي القلوب، والله قد صرنا ضحكة في الوجود، فإلى كم تنبش دقائق الكفريات الفلسفية؟ لنرد عليها بعقولنا، يا رجل! قد بلعت  » سموم  » الفلاسفة وتصنيفاتهم مرات، وكثرة استعمال السموم يدمن عليه الجسم وتكمن والله في البدن، واشوقاه إلى مجلس يذكر فيه الأبرار فعند ذكر الصالحين تنزل الرحمة، بل عند ذكر الصالحين يذكرون بالازدراء واللعنة، كان سيف
    الصفحة 51
    الحجاج ولسان ابن حزم شقيقين فواخيتهما، بالله خلونا من ذكر بدعة الخميس وأكل الحبوب، وجدوا في ذكر بدع كنا نعدها من أساس الضلال، قد صارت هي محض السنة وأساس التوحيد، ومن لم يعرفها فهو كافر أو حمار، ومن لم يكفره فهو أكفر من فرعون وتعد النصارى مثلنا، والله في القلوب شكوك، إن سلم لك إيمانك بالشهادتين فأنت سعيد، يا خيبة من اتبعك فإنه معرض للزندقة والانحلال، لا سيما إذا كان قليل العلم والدين باطوليا شهوانيا، لكنه ينفعك ويجاهد عندك بيده ولسانه وفي الباطن عدو لك بحاله وقلبه، فهل معظم أتباعك إلا قعيد مربوط خفيف العقل، أو عامي كذاب بليد الذهن، أو غريب واجم قوي المكر، أو ناشف صالح عديم الفهم؟ فإن لم تصدقني ففتشهم وزنهم بالعدل، يا مسلم! أقدم حمار شهوتك لمدح نفسك، إلى كم تصادقها وتعادي الأخيار؟! إلى كم تصدقها وتزدري الأبرار؟! إلى كم تعظمها وتصعر العباد؟! إلى متى تخاللها وتمقت الزهاد؟! إلى متى تمدح كلامك بكيفية لا تمدح – والله – بها أحاديث الصحيحين؟ يا ليت أحاديث الصحيحين تسلم منك، بل في كل وقت تغير عليها
    الصفحة 52
    بالتضعيف والإهدار، أو بالتأويل والإنكار، أما آن لك أن ترعوي؟! أما حان لك أن تتوب وتنيب؟! أما أنت في عشر السبعين وقد قرب الرحيل؟! بلى – والله – ما أدكر أنك تذكر الموت، بل تزدري بمن يذكر الموت، فما أضنك تقبل على قولي ولا تصغي إلى وعظي، بل لك همة كبيرة في نقض هذه الورقة بمجلدات، وتقطع لي أذناب الكلام، ولا تزال تنتصر حتى أقول: البتة سكت. فإذا كان هذا حالك عندي وأنا الشفوق المحب الواد فكيف حالك عند أعدائك؟!

    وأعداؤك – والله – فيهم صلحاء وعقلاء وفضلاء، كما أن أولياءك فيهم فجرة وكذبة وجهلة وبطلة وعور وبقر، قد رضيت منك بأن تسبني علانية وتنتفع بمقالتي سرا (فرحم الله امرءا أهدى إلي عيوبي) فإني كثير العيوب غزير الذنوب، الويل لي إن أنا لا أتوب، ووافضيحتي من علام الغيوب، ودوائي عفو الله ومسامحته وتوفيقه وهدايته، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين. (تكملة السيف الصقيل للكوثري: 190)

    هذه هي خلاصة القول في هذا الرجل الذي وجدت فيه
    الصفحة 53
    البدعة الوهابية خير قدوة لها، فتمسكت بكل ما شذ وانحرف من أفكاره، ثم زادت فوق ذلك شذوذا وانحرافا..

    الرجل الذي أخذ يروج له بعض دعاة السلفية، فاحتالوا لذلك بأن ستروا قبائح أفكاره وعقائده الضالة وانحرافاته فهم لا يعرجون على شئ منها بذكر رغم أنها تشغل أكثر من ثلاثة أرباع ما كتبه من كتب ورسائل، (يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون).

    #222039
    hayefmajid
    Membre

    بغض ابن تيمية لامير المؤمنين (عليه السلام)

    وأبدأ بحثي بكلمة لابن حجر العسقلاني الحافظ بترجمته من كتاب الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، حيث يذكر قضايا مفصلة بترجمة ابن تيميّة وحوادث كلّها قابلة للذكر، إلاّ أنّي أكتفي بنقل مايلي:

    يقول الحافظ: وقال ابن تيميّة في حقّ علي: أخطأ في سبعة عشر شيئاً، ثمّ خالف فيها نصّ الكتاب….

    ويقول الحافظ ابن حجر: وافترق الناس فيه ـ أي في ابن تيميّة ـ شيعاً، فمنهم من نسبه إلى التجسيم، لما ذكر في العقيدة الحمويّة والواسطيّة وغيرهما من ذلك كقوله: إنّ اليد والقدم والساق والوجه صفات حقيقيّة لله، وأنّه مستو على العرش بذاته….

    إلى أن يقول: ومنهم من ينسبه إلى الزندقة، لقوله: النبيّ (صلى الله عليه وسلم)لا يستغاث به، وأنّ في ذلك تنقيصاً ومنعاً من تعظيم النبي (صلى الله عليه وسلم)….

    الصفحة 10
    إلى أن يقول: ومنهم من ينسبه إلى النفاق، لقوله في علي ما تقدّم ـ أي قضيّة أنّه أخطأ في سبعة عشر شيئاً ـ ولقوله: إنّه ـ أي علي ـ كان مخذولاً حيثما توجّه، وأنّه حاول الخلافة مراراً فلم ينلها، وإنّما قاتل للرئاسة لا للديانة، ولقوله: إنّه كان يحبّ الرئاسة، ولقوله: أسلم أبوبكر شيخاً يدري ما يقول، وعلي أسلم صبيّاً، والصبي لا يصحّ إسلامه، وبكلامه في قصّة خطبة بنت أبي جهل، وأنّ عليّاً مات وما نسيها.

    فإنّه شنّع في ذلك، فألزموه بالنفاق، لقوله صلّى الله عليه وسلّم: ولا يبغضك إلاّ منافق.

    إلى هنا القدر الذي نحتاج إليه من عبارة الحافظ ابن حجر بترجمة ابن تيميّة في الدرر الكامنة(1) .

    والان أذكر لكم الشواهد التفصيليّة لما نسب ابن تيميّة إليه من النفاق.

    إنّه يناقش في إسلام أمير المؤمنين، وفي جهاده بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، إلى أن يقول في موضع من كلامه، أقرأ لكم هذا المقطع وأنتقل إلى بحث آخر، يقول:

    ____________

    (1) الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة 1/154 ـ 155.

    الصفحة 11
    قبل أنْ يبعث الله محمّداً (صلى الله عليه وسلم) لم يكن أحد مؤمناً من قريش [ لاحظوا بدقّة كلمات هذا الرجل ] لا رجل، ولا صبيّ، ولا امرأة، ولا الثلاثة، ولا علي. وإذا قيل عن الرجال: إنّهم كانوا يعبدون الاصنام، فالصبيان كذلك: علي وغيره. [ فعلي كان يعبد الصنم في صغره !! ]وإن قيل: كفر الصبي ليس مثل كفر البالغ. قيل: ولا إيمان الصبي مثل إيمان البالغ. فأولئك يثبت لهم حكم الايمان والكفر وهم بالغون، وعلي يثبت له حكم الكفر والايمان وهو دون البلوغ، والصبي المولود بين أبوين كافرين يجري عليه حكم الكفر في الدنيا باتّفاق المسلمين(1) .
    أكتفي بهذا المقدار من عباراته في هذه المسألة.

    ويقول:

    إنّ الرافضة تعجز عن إثبات إيمان علي وعدالته… فإنْ احتجّوا بما تواتر من إسلامه وهجرته وجهاده، فقد تواتر إسلام معاوية ويزيد وخلفاء بني أُميّة وبني العباس، وصلاتهم وصيامهم

    ____________

    (1) منهاج السنّة 8 / 285.

    الصفحة 12
    وجهادهم(1) .
    ويقول في موضع آخر:

    لم يعرف أنّ عليّاً كان يبغضه الكفّار والمنافقون(2) .
    ويقول:

    كلّ ما جاء في مواقفه في الغزوات كلّ ذلك كذب.
    إلى أن يقول مخاطباً العلاّمة الحلّي (رحمه الله) يقول:

    قد ذكر في هذه من الاكاذيب العظام التي لا تنفق إلاّ على من لم يعرف الاسلام، وكأنّه يخاطب بهذه الخرافات من لا يعرف ما جرى في الغزوات(3) .
    بالنسبة إلى علوم أمير المؤمنين ومعارفه، يناقش في جلّ ما ورد في هذا الباب، في نزول قوله تعالى: (وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ)(4) يقول:

    ____________

    (1) منهاج السنّة 2 / 62.

    (2) منهاج السنّة 7 / 461.

    (3) منهاج السنّة 8 / 97.

    (4) الحاقة: 12.

    الصفحة 13
    إنّه حديث موضوع باتّفاق أهل العلم(1) .
    مع أنّ هذا الحديث موجود في:

    1 ـ تفسير الطبري.

    2 ـ مسند البزّار.

    3 ـ مسند سعيد بن منصور.

    4 ـ تفسير ابن أبي حاتم.

    5 ـ تفسير ابن المنذر.

    6 ـ تفسير ابن مردويه.

    7 ـ تفسير الفخر الرازي.

    8 ـ تفسير الزمخشري.

    9 ـ تفسير الواحدي.

    10 ـ تفسير السيوطي.

    ورواه من المحدّثين:

    1 ـ أبو نعيم.

    2 ـ الضياء المقدسي.

    ____________

    (1) منهاج السنّة 7 / 522.

    الصفحة 14
    3 ـ ابن عساكر.

    4 ـ الهيثمي، في مجمع الزوائد.

    أكتفي بهذا المقدار(1) .

    حديث: «أنا مدينة العلم وعلي بابها» يقول فيه:

    وحديث «أنا مدينة العلم وعلي بابها» أضعف وأوهى، ولهذا إنّما يعدّ في الموضوعات(2) .
    مع أنّ هذا الحديث من رواته:

    1 ـ يحيى بن معين.

    2 ـ أحمد بن حنبل.

    3 ـ الترمذي.

    4 ـ البزّار.

    5 ـ ابن جرير الطبري.

    6 ـ الطبراني.

    7 ـ أبو الشيخ.

    8 ـ ابن بطّة.

    ____________

    (1) الاية في سورة الرعد، فلاحظ التفاسير، ومجمع الزوائد 1 / 131، وحلية الاولياء 1 / 67.

    (2) منهاج السنّة 7 / 515.

    الصفحة 15
    9 ـ الحاكم.

    10 ـ ابن مردويه.

    11 ـ أبو نعيم.

    12 ـ أبو مظفّر السمعاني.

    13 ـ البيهقي.

    14 ـ ابن الاثير.

    15 ـ النووي.

    16 ـ العلائي.

    17 ـ المزّي.

    18 ـ ابن حجر العسقلاني.

    19 ـ السخاوي.

    20 ـ السيوطي.

    21 ـ السمهودي.

    22 ـ ابن حجر المكّي.

    23 ـ القاري.

    24 ـ المنّاوي.

    25 ـ الزرقاني.

    وقد صحّحه غير واحد من هؤلاء الائمّة.

    الصفحة 16
    وحول حديث أقضاكم علي، يقول:

    فهذا الحديث لم يثبت، وليس له إسناد تقوم به الحجّة… لم يروه أحد في السنن المشهورة، ولا المساند المعروفة، لا بإسناد صحيح ولا ضعيف، وإنّما يروى من طريق من هو معروف بالكذب(1) .
    هذا الحديث موجود في: صحيح البخاري في كتاب التفسير باب قوله تعالى: (مَا نَنْسَخ مِنْ آيَة أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْر مِنْهَا)(2) كذا في الدرّ المنثور، وعن النسائي أيضاً، وابن الانباري، ودلائل النبوّة للبيهقي، وهو في الطبقات لابن سعد، وفي المسند لاحمد بن حنبل، وبترجمته (عليه السلام) من سنن ابن ماجة، وفي المستدرك على الصحيحين وقد صحّحه، وفي الاستيعاب، وأُسد الغابة، وحلية الاولياء، وفي الرياض النضرة، وغيرها من الكتب(3) .

    يقول:

    ____________

    (1) منهاج السنّة 7 / 512.

    (2) البقرة: 106.

    (3) الطبقات الكبرى ج2 ق2 ص102.

    الصفحة 17
    وقوله: ابن عباس تلميذ عليّ كلام باطل(1) .
    ويقول المنّاوي في فيض القدير بشرح حديث «علي مع القرآن والقرآن مع علي»، يقول: ولذا كان أعلم الناس بتفسيره….

    إلى أن قال: حتّى قال ابن عباس: ما أخذت من تفسيره فعن علي(2) .

    ويقول أيضاً:

    وأما قوله: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «أقضاكم علي» والقضاء يستلزم العلم والدين، فهذا الحديث لم يثبت، وليس له إسناد تقوم به الحجة، وقوله: «أعلمكم بالحلال والحرام معاذ بن جبل» أقوى اسناداً منه، والعلم بالحلال والحرام ينتظم القضاء أعظم مما ينتظم للحلال والحرام(3) .
    يقول:

    والمعروف أنّ عليّاً أخذ العلم عن أبي

    ____________

    (1) منهاج السنّة 7 / 536.

    (2) فيض القدير في شرح الجامع الصغير 4/357.

    (3) منهاج السنّة 7 / 512 ـ 513.

    الصفحة 18
    بكر(1) .
    يقول:

    له ـ أي لامير المؤمنين ـ فتاوى كثيرة تخالف النصوص(2) .
    كانت العبارة هناك سبعة عشر موضعاً، وعبارة ابن تيميّة هنا: له فتاوى كثيرة تخالف النصوص من الكتاب والسنّة.

    يقول:

    وقد جمع الشافعي ومحمد بن نصر المروزي كتاباً كبيراً فيما لم يأخذ به المسلمون من قول عليّ، لكون قول غيره من الصحابة اتبع للكتاب)والسنة(3) .
    والحال أنّ هذا الكتاب الذي ألّفه المروزي هو في المسائل التي خالف فيها أبو حنيفة علي بن أبي طالب في فتاواه، فموضوع هذاالكتاب ـ كتاب المروزي ـ الفتاوى التي خالف فيها أبو حنيفة علي بن أبي طالب وعبدالله بن مسعود.

    ____________

    (1) منهاج السنّة 5 / 513.

    (2) منهاج السنّة 7 / 502.

    (3) منهاج السنة 8 / 281.

    الصفحة 19
    لاحظوا، كم فرق بين أصل القضيّة وما يدّعيه ابن تيميّة !!

    يقول:

    وعثمان جمع القرآن كلّه بلا ريب، وكان أحياناً يقرؤه في ركعة، وعلي قد اختلف فيه هل حفظ القرآن كلّه أم لا؟(1) .
    ويقول:

    فإن قال الذابُّ عن علي: هؤلاء الذين قاتلهم علي كانوا بغاة، فقد ثبت في الصحيح: إنّ النبي (صلى الله عليه وسلم)قال لعمّار بن ياسر (رضي الله عنه): «تقتلك الفئة الباغية»، وهم قتلوا عمّاراً، فههنا للناس أقوال: منهم من قدح في حديث عمّار، ومنهم من تأوّله على أنّ الباغي الطالب، وهو تأويل ضعيف، وأمّا السلف والائمّة فيقول أكثرهم كأبي حنيفة ومالك وأحمد وغيرهم: لم يوجد شرط قتال الطائفة الباغية(2) .
    ففي قتال علي مع الناكثين والقاسطين والمارقين يقول: إنّ أبا حنيفة ومالكاً وأحمد وغيرهم كانوا يقولون بأنّ شرط البغاة لم يكن

    ____________

    (1) منهاج السنّة 8 / 229.

    (2) منهاج السنّة 4 / 390.

    الصفحة 20
    حاصلاً في هؤلاء حتّى يحاربهم علي (عليه السلام).

    يقول:

    جميع مدائن الاسلام بلغهم العلم عن الرسول من غير علي(1) .
    فإذن، لم يكن لعلي دور في نشر التعاليم الاسلاميّة والاحكام الشرعيّة والحقائق الدينيّة أبداً !!

    ____________

    (1) منهاج السنّة 7 / 516.

    الصفحة 21
    الصفحة 22

    تكذيب ابن تيمية فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام)

    وأمّا في فضائله ومناقبه في القرآن الكريم، قوله تعالى: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ)(1) إلى آخر الاية، يقول:

    وقد وضع بعض الكذّابين حديثاً مفترى أنّ هذه الاية نزلت في علي لمّا تصدّق بخاتمه في الصلاة، وهذا كذب بإجماع أهل العلم بالنقل، وكذبه بيّن من وجوه كثيرة(2) .
    وهذا الحديث الذي يكذّبه ابن تيميّة، قد رواه عن ابن عباس:

    1 ـ عبدالرزاق.

    2 ـ عبد بن حميد.

    ____________

    (1) المائدة: 55.

    (2) منهاج السنّة 2 / 30.

    الصفحة 23
    3 ـ ابن جرير الطبري.

    4 ـ أبو الشيخ.

    5 ـ ابن مردويه.

    ورواه عن سلمة بن كهيل:

    1 ـ ابن أبي حاتم.

    2 ـ أبو الشيخ.

    3 ـ ابن عساكر.

    ومن رواة هذا الخبر:

    1 ـ الطبراني.

    2 ـ الثعلبي.

    3 ـ الواحدي.

    4 ـ الخطيب البغدادي.

    5 ـ ابن الجوزي.

    6 ـ المحب الطبري.

    7 ـ الهيثمي.

    8 ـ المتقي الهندي.

    وأيضاً: تجدون هذاالخبر في تفاسير: الفخر الرازي، والبغوي، والنسفي، والقرطبي، والبيضاوي، وأبي السعود

    الصفحة 24
    العمادي، والشوكاني.

    ويقول الالوسي الحنفي بتفسير الاية: غالب الاخباريين على أنّ هذه الاية نزلت في علي كرّم الله وجهه.

    وأضاف الالوسي: إنّ حسّاناً أنشد في ذلك أبياتاً، فذكر الالوسي تلك الابيات(1) .

    قوله تعالى: (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِالَّليْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً)(2) ، يقول حول نزولها في علي (عليه السلام):

    إن هذا كذب ليس بثابت(3) .
    مع أنّ من رواة نزول هذه الاية في علي:

    1 ـ عبدالرزاق بن همّام الصنعاني.

    2 ـ عبد بن حميد.

    3 ـ ابن جرير.

    4 ـ ابن المنذر.

    5 ـ ابن أبي حاتم.

    6 ـ الطبراني.

    ____________

    (1) روح المعاني في تفسير القرآن 6 / 167.

    (2) البقرة 274.

    (3) منهاج السنّة 7 / 228.

    الصفحة 25
    7 ـ ابن عساكر.

    8 ـ الواحدي.

    9 ـ أبو نعيم.

    10 ـ الفخر الرازي.

    11 ـ الزمخشري.

    12 ـ محب الدين الطبري.

    13 ـ ابن الاثير.

    14 ـ السيوطي.

    15 ـ ابن حجر المكي.

    مع ذلك يقول: إنّ هذا كذب ليس بثابت، لكنّ هذه التفاسير الباطلة يقول مثلها كثير من الجهّال.

    قوله تعالى: (إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْم هَاد)(1) ، يقول حول نزولها في عليّ (عليه السلام):

    إن هذا كذب موضوع بإتفاق أهل العلم بالحديث(2) .
    مع أنّ من رواة نزول الاية في علي:

    ____________

    (1) الرعد: 7.

    (2) منهاج السنّة 7 / 139.

    الصفحة 26
    1 ـ عبدالله بن أحمد بن حنبل.

    2 ـ الطبري.

    3 ـ الحاكم.

    4 ـ إبن أبي حاتم.

    5 ـ الضياء المقدسي.

    6 ـ الطبراني.

    7 ـ ابن مردوية.

    8 ـ أبو نعيم.

    9 ـ ابن عساكر.

    10 ـ ابن النجّار.

    11 ـ الديلمي.

    12 ـ الهيثمي.

    13 ـ السيوطي.

    14 ـ المتقي الهندي.

    ويقول الحاكم: هذا حديث صحيح الاسناد.

    ويقول الهيثمي في مجمع الزوائد بعد أن يروي هذا الحديث يقول: رجال السند ثقات.

    والضياء المقدسي أخرج هذا الحديث في كتابه المختارة

    الصفحة 27
    الملتزم فيه بالصحة(1) .

    وحول حديث: «علي مع الحق والحق مع علي»، يقول:

    من أعظم الكلام كذباً وجهلاً، فإنّ هذا الحديث لم يروه أحد عن النبي (صلى الله عليه وسلم)، لا بإسناد صحيح ولا ضعيف، فكيف يقال: إنّهم جميعاً رووا هذا الحديث ؟ وهل يكون أكذب ممّن يروي عن الصحابة والعلماء أنّهم رووا حديثاً، والحديث لا يعرف عن واحد منهم أصلاً، بل هذا من أظهر الكذب(2) .
    والحال أنّ من رواة هذا الحديث من الصحابة:

    أولاً: أمير المؤمنين (عليه السلام)، أخرج الحديث عنه الترمذي في صحيحه، والحاكم في المستدرك.

    ثانياً: سيّدتنا أُمّ سلمة، أخرج الحديث عنها الطبراني، وأبو بشر الدولابي، والخطيب البغدادي، وابن عساكر.

    ثالثاً: سعد بن أبي وقّاص، أخرج الحديث عنه البزّار، وقد قال الهيثمي بعد أن روى الحديث هذا: فيه سعد بن شعيب ولم

    ____________

    (1) الاية في سورة الرعد، فراجع الطبري والدر المنثور وغيرهما بتفسيرها، والمستدرك 3 / 129، ومجمع الزوائد 7 / 41.

    (2) منهاج السنّة 4 / 238.

    الصفحة 28
    أعرفه، وبقيّة رجاله رجال الصحيح.

    رابعاً: أبو سعيد الخدري، رواه عنه الحافظ أبو يعلى، وقد روى عنه الهيثمي هذا الحديث في مجمع الزوائد وقال: رواه أبو يعلى ورجاله ثقات.

    خامساً: عائشة، فإنّها روت هذا الحديث، والحديث موجود في الامامة والسياسة لابن قتيبة.

    سادساً: صحابي آخر روى هذا الحديث، أخرجه الطبراني في الكبير.

    قال المتقي: تكون بين الناس فرقة واختلاف فيكون هذا وأصحابه على الحقّ ـ يعني علياً ـ هذا في كنز العمّال(1) .

    فهؤلاء الصحابة، وهؤلاء كبار العلماء والمحدّثين، الذين يروون هذا الحديث بأسانيدهم عن أُولئك الصحابة.

    وفي حديث المؤاخاة يقول:

    أمّا حديث المؤاخاة فباطل موضوع… إنّ النبي (صلى الله عليه وسلم) لم يؤاخ عليّاً ولا غيره، وحديث المؤاخاة لعلي، وحديث مؤاخاة أبي بكر لعمر، من الاكاذيب…

    ____________

    (1) كنز العمال 11/621، الترمذي، المستدرك3 / 125، مجمع الزوائد 9 / 134، ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق 3 / 118.

    الصفحة 29
    إنّ النبيّ (صلى الله عليه وسلم) لم يؤاخ عليّاً ولا غيره، بل كلّ ما روي في هذا فهو كذب…

    إنّ أحاديث المؤاخاة بين المهاجرين بعضهم من بعض والانصار بعضهم من بعض كلّها كذب، والنبي (صلى الله عليه وسلم)لم يؤاخ عليّاً…

    إنّ أحاديث المؤاخاة لعلي كلّها موضوعة.
    وهذه نصوص في أجزاء متعددة في كتابه، لاحظوا من الجزء الرابع إلى الجزء السابع في الطبعة الجديدة ذات الاجزاء التسعة، يكذّب هذا الحديث في مواضع عديدة(1) .

    والحال أنّك تجد حديث المؤاخاة في: الترمذي (5/595)، الطبقات لابن سعد (2/60)، المستدرك (3/16)، مصابيح السنّة (4/173)، الاستيعاب (3/1089)، البداية والنهاية (7/371)، الرياض النضرة (3/111)، مشكاة المصابيح (3/356)، الصواعق المحرقة (122)، تاريخ الخلفاء (159).

    هذه بعض المصادر.

    والرواة من الصحابة لهذا الخبر هم:

    1 ـ علي (عليه السلام).

    ____________

    (1) منهاج السنّة 4 / 32، 5 / 71، 7 / 117، 279.

    الصفحة 30
    2 ـ عبدالله بن عباس.

    3 ـ أبو ذر.

    4 ـ جابر.

    5 ـ عمر بن الخطاب.

    6 ـ أنس بن مالك.

    7 ـ عبدالله بن عمر.

    8 ـ زيد بن أرقم.

    وغيرهم.

    وتجدون هذا الحديث أيضاً في: مناقب أحمد (ح141)، وفي ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق (برقم 148)، وفي كنز العمال (13/106).

    وأيضاً تجدون هذا الخبر في كتب السير والتواريخ، راجعوا: سيرة ابن هشام (2/109)، السيرة النبويّة لابن حبّان (149)، عيون الاثر لابن سيد الناس (1/264)، الحلبيّة (2/23)، وفي هامشها سيرة زيني دحلان (1/322).

    والعجيب أنّ غير واحد من أعلام القوم يردّون على ابن تيميّة في هذه المسألة بالخصوص:

    يقول الحافظ ابن حجر ـ بعد ذكر الخبر عن الواقدي وابن سعد

    الصفحة 31
    وابن إسحاق وابن عبد البر والسهيلي وابن كثير وغيرهم ـ: وأنكر ابن تيميّة في كتاب الرد على ابن المطهّر الرافضي ـ أي كتاب منهاج السنّة ـ أنكر المؤاخاة بين المهاجرين، وخصوصاً مؤاخاة النبي لعلي، قال: لانّ المؤاخاة شرّعت لارفاق بعضهم بعضاً، ولتأليف قلوب بعضهم على بعض، فلا معنى لمؤاخاة النبي لاحد منهم، ولا لمؤاخاة مهاجري لمهاجري، وهذا ردّ للنصّ بالقياس وإغفال عن حكمة المؤاخاة.

    يقول الحافظ: وأخرجه الضياء في المختارة من المعجم الكبير للطبراني، وابن تيميّة يصرّح بأنّ أحاديث المختارة أصح وأقوى من أحاديث المستدرك للحاكم النيسابوري(1) .

    وقال الزرقاني المالكي في شرح المواهب اللدنيّة، تحت عنوان ذكر المؤاخاة بين الصحابة: وكانت كما قال ابن عبد البر وغيره مرّتين، الاُولى بمكّة قبل الهجرة بين المهاجرين بعضهم بعضاً على الحقّ والمواساة، فآخى بين أبي بكر وعمر، وهكذا بين كلّ اثنين منهم، إلى أن بقي علي، فقال: آخيت بين أصحابك فمن أخي ؟ قال: «أنا أخوك». وجاءت أحاديث كثيرة في مؤاخاة

    ____________

    (1) فتح الباري في شرح صحيح البخاري 7 / 217.

    الصفحة 32
    النبي لعلي، وقد روى الترمذي وحسّنه، والحاكم وصحّحه، عن ابن عمر أنّه (صلى الله عليه وسلم) قال لعلي: «أما ترضى أن أكون أخاك ؟» قال: بلى، قال: «أنت أخي في الدنيا والاخرة».

    يقول الزرقاني: وأنكر ابن تيميّة هذه المؤاخاة بين المهاجرين، خصوصاً بين المصطفى وعلي، وزعم أنّ ذلك من الاكاذيب، وردّه الحافظ ـ أي ابن حجر العسقلاني ـ بأنّه ردّ للنصّ بالقياس(1) .

    ويقول ابن تيميّة حول حديث التشبيه، هذا الحديث الذي بحثنا عنه قريباً، يقول:

    هذا الحديث كذب موضوع على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)بلا ريب عند أهل العلم بالحديث(2) .
    مع أنّ هذا الحديث من رواته:

    1 ـ عبدالرزّاق الصنعاني.

    2 ـ أحمد بن حنبل.

    3 ـ أبو حاتم.

    4 ـ محمد بن إدريس الرازي.

    ____________

    (1) شرح المواهب اللدنيّة 1/273.

    (2) منهاج السنّة 5 / 510.

    الصفحة 33
    5 ـ الحاكم النيسابوري.

    6 ـ أبو بكر البيهقي.

    7 ـ ابن مردويه.

    8 ـ أبو نعيم.

    ومن أصحّ أسانيده وأجودها رواية عبدالرزّاق، عن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيّب، عن أبي هريرة، عن رسول الله.

    وقد قرأنا هذا النصّ سابقاً.

    يقول ابن تيميّة: حول حديث «وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي»، يقول:

    كذب على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)(1) .
    والحال أنّ هذا الحديث من رواته من الصحابة:

    1 ـ أمير المؤمنين.

    2 ـ الامام الحسن المجتبى.

    3 ـ أبو ذر الغفاري.

    4 ـ عبدالله بن عباس.

    5 ـ أبو سعيد الخدري.

    ____________

    (1) منهاج السنّة 7 / 391.

    الصفحة 34
    6 ـ البراء بن عازب.

    7 ـ أبو ليلى الانصاري.

    8 ـ عمران بن الحصين.

    9 ـ بريدة بن الحصيب.

    10 ـ عبدالله بن عمر.

    11 ـ عمرو بن العاص.

    12 ـ وهب بن حمزة.

    ورواه من الائمّة الحفّاظ:

    1 ـ أبو داود الطيالسي.

    2 ـ ابن أبي شيبة.

    3 ـ أحمد بن حنبل.

    4 ـ الترمذي.

    5 ـ النسائي.

    6 ـ أبو يعلى الموصلي.

    7 ـ ابن جرير الطبري.

    8 ـ الطبراني.

    9 ـ الحاكم.

    10 ـ ابن مردويه.

    الصفحة 35
    11 ـ أبو نعيم.

    12 ـ ابن عبدالبر.

    13 ـ ابن الاثير.

    14 ـ الضياء.

    15 ـ ابن حجر.

    16 ـ جلال الدين السيوطي.

    يقول ابن عبدالبر: هذا إسناد لا مطعن فيه لاحد، لصحّته وثقة رجاله.

    وصحّحه ابن أبي شيبة، وصحّحه أيضاً السيوطي، وصحّحه ابن جرير الطبري، وأخرجه أحمد في المسند بسند صحيح(1) .

    وأيضاً أخرجه الترمذي وحسّنه، والنسائي في الخصائص بسند صحيح، وابن حبّان في صحيحه، وأخرجه الحاكم وصحّحه على شرط مسلم.

    وقال الحافظ ابن حجر بترجمة أمير المؤمنين من الاصابة قال: أخرجه الترمذي بإسناد قوي عن عمران بن حصين.

    حديث «اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه»، يقول:

    ____________

    (1) مسند أحمد 4 / 437.

    الصفحة 36
    كذب باتّفاق أهل المعرفة بالحديث(1) .
    مع أنّ هذا الحديث أخرجه:

    1 ـ أحمد بأسانيد صحيحة.

    2 ـ ابن أبي شيبة.

    3 ـ ابن راهويه.

    4 ـ ابن جرير.

    5 ـ سعيد بن منصور.

    6 ـ الطبراني.

    7 ـ أبو نعيم.

    8 ـ الحاكم.

    9 ـ الخطيب.

    10 ـ وأخرجه النسائي بسند صحيح.

    11 ـ البزّار بأسانيد صحيحة.

    12 ـ أبو يعلى بسندين صحيحين.

    13 ـ أخرجه ابن حبّان في صحيحه.

    14 ـ وأخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: رجال إسناده ثقات.

    ____________

    (1) منهاج السنّة 7 / 55.

    الصفحة 37
    حديث يوم الدار في قضيّة (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الاَْقْرَبِينَ)(1) ، يقول:

    هذا الحديث كذب عند أهل المعرفة بالحديث، فما من عالم يعرف الحديث إلاّ وهو يعلم أنّه كذب موضوع(2) .
    وإذا كان كذلك، فحينئذ جميع من روى هذا الحديث من علمائهم يعلم بأنّه كذب موضوع، مع ذلك رواه في كتابه، أو إنّ هؤلاء الرواة ليسوا بعلماء أصلاً !!

    من رواته أحمد في المسند، ومن رواته علماء كثيرون.

    يقول الهيثمي بعد روايته(3) : ورجال أحمد وأحد إسنادي البزّار رجال الصحيح غير شريك وهو ثقة.

    وأخرجه أيضاً:

    1 ـ ابن اسحاق.

    2 ـ الطبري.

    3 ـ الطحاوي.

    ____________

    (1) الشعراء: 214.

    (2) منهاج السنّة 7 / 302.

    (3) مجمع الزوائد 8 / 302.

    الصفحة 38
    4 ـ ابن أبي حاتم.

    5 ـ ابن مردويه.

    6 ـ أبو نعيم الاصفهاني.

    7 ـ الضياء المقدسي.

    8 ـ المتقي الهندي.

    والسيوطي يرويه عن جماعة، والبيهقي يرويه في دلائل النبوة، وأبو نعيم أيضاً في دلائل النبوة، يروون النصّ الكامل لهذا الخبر وينصّون على صحّته في غير واحد من الكتب كما قرأنا.

    وأيضاً ينصّ على صحّته الشهاب الخفاجي في شرح الشفاء للقاضي عياض وغيره من كبار علمائهم.

    حديث: «هذا فاروق أُمّتي»، وكذا ما روي عن غير واحد من الصحابة أنّهم كانوا يقولون: ما كنّا نعرف المنافقين إلاّ ببغضهم عليّاً، يقول:

    أمّا هذان الحديثان فلا يستريب أهل المعرفة بالحديث أنّهما حديثان موضوعان مكذوبان على النبي (صلى الله عليه وسلم)، ولم يرو واحد منهما في شيء من كتب العلم المعتمدة، ولا لواحد منهما إسناد

    الصفحة 39
    معروف(1) .
    عجيب !! إنّه يقول:

    ونحن نقنع في هذا الباب بأنْ يروى الحديث بإسناد معروفين بالصدق من أيّ طائفة كانوا.
    يعني حتّى من الشيعة يقبل، ثمّ يقول:

    كلّ من الحديثين يعلم بالدليل أنّه كذب، لا تجوز نسبته إلى النبي.
    أمّا حديث: «هذا فاروق أُمّتي»، فمن رواته من الصحابة:

    1 ـ سلمان الفارسي.

    2 ـ ابن عباس.

    3 ـ أبو ذر.

    4 ـ حذيفة.

    5 ـ أبو ليلى.

    من رواته من أئمّة الحديث وحفّاظه:

    1 ـ الطبراني.

    2 ـ البزّار.

    3 ـ البيهقي.

    ____________

    (1) منهاج السنّة 4 / 286 ـ 290.

    الصفحة 40
    4 ـ أبو نعيم.

    5 ـ ابن عبد البر.

    6 ـ ابن عساكر.

    7 ـ ابن الاثير.

    8 ـ ابن حجر.

    9 ـ المحب الطبري.

    10 ـ المنّاوي.

    11 ـ المتقي الهندي.

    وغيرهم.

    يقول: ليسا في الكتب المعتمدة، والحديث موجود في: مسند البزّار، في معجم الطبراني، في تاريخ دمشق، في الاستيعاب، وأسد الغابة، والاصابة، ومجمع الزوائد، وكنز العمّال، في فيض القدير، والرياض النضرة، وذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى(1) .

    ومن أسانيده الصحيحة ما أخرجه الطبراني في الكبير، وقد ذكرت بعض أسانيده الصحيحة.

    ____________

    (1) المعجم الكبير 6 / 269، كنز العمال 11 / 616، فيض القدير 4 / 358.

    الصفحة 41
    أمّا قول بعض الصحابة: ما كنّا نعرف المنافقين إلاّ ببغضهم عليّاً، فهذا مروي:

    1 ـ عن أبي ذر.

    2 ـ عن عبدالله بن مسعود.

    3 ـ عن عبدالله بن عباس.

    4 ـ عن جابر بن عبدالله الانصاري.

    5 ـ وعن أبي سعيد الخدري.

    6 ـ وعن أنس بن مالك.

    7 ـ وعن عبدالله بن عمر.

    ومن رواة هذه الاخبار:

    1 ـ أحمد بن حنبل.

    2 ـ الترمذي.

    3 ـ البزّار.

    4 ـ الطبراني.

    5 ـ الحاكم.

    6 ـ الخطيب البغدادي.

    7 ـ أبو نعيم الاصفهاني.

    8 ـ ابن عساكر.

    الصفحة 42
    9 ـ ابن عبدالبر.

    10 ـ ابن الاثير.

    11 ـ النووي.

    12 ـ الهيثمي.

    13 ـ المحب الطبري.

    14 ـ الذهبي.

    15 ـ السيوطي.

    16 ـ ابن حجر المكّي.

    17 ـ المتقي الهندي.

    18 ـ الالوسي، في تفسيره(1) .

    ومن أسانيده الصحيحة أيضاً ما ذكرته هنا، ومن جملتها ما أخرجه أحمد في مسنده: حدّثنا أسود بن عامر، حدّثنا إسرائيل، عن الاعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد الخدري: وكنّا نعرف منافقي الانصار ببغضهم عليّاً.

    في مناقب الصحابة لاحمد بن حنبل رقم 979.

    وقال محققه: إسناده صحيح.

    ____________

    (1) مناقب عليّ من كتاب فضائل الصحابة برقم 979، صحيح الترمذي 5 / 593، المستدرك 3 / 129، الاستيعاب 3 / 1110.

    الصفحة 43
    وهذا الكتاب مطبوع أخيراً في الحجاز، من منشورات جامعة أُمّ القرى في مكّة المكرّمة، والمحقق منهم.

    حديث «مثل أهل بيتي كسفينة نوح»، يقول:

    وأمّا قوله: «مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح» فهذا لا يعرف له إسناد، لا صحيح ولا هو في شيء من كتب الحديث التي يعتمد عليها، فإن كان قد رواه مثل من يروي أمثاله من حطّاب الليل الذين يروون الموضوعات، فهذا ممّا يزيده وهناً(1) .
    والحال أنّ من رواة الحديث من الصحابة:

    1 ـ أمير المؤمنين.

    2 ـ أبو ذر.

    3 ـ عبدالله بن عباس.

    4 ـ أبو سعيد الخدري.

    5 ـ أبو الطفيل.

    6 ـ أنس بن مالك.

    7 ـ عبدالله بن الزبير.

    8 ـ سلمة بن الاكوع.

    ____________

    (1) منهاج السنّة 7 / 395.

    الصفحة 44
    ومن رواته في الكتب المعتبرة:

    1 ـ أحمد بن حنبل.

    2 ـ البزّار.

    3 ـ أبو يعلى.

    4 ـ ابن جرير الطبري.

    5 ـ النسائي.

    6 ـ الطبراني.

    7 ـ الدارقطني.

    8 ـ الحاكم.

    9 ـ ابن مردويه.

    10 ـ أبو نعيم الاصفهاني.

    11 ـ الخطيب البغدادي.

    12 ـ أبو المظفّر السمعاني.

    13 ـ المجد ابن الاثير.

    14 ـ المحب الطبري.

    15 ـ الذهبي.

    16 ـ ابن حجر العسقلاني.

    17 ـ السخاوي.

    الصفحة 45
    18 ـ السيوطي.

    19 ـ ابن حجر المكّي.

    20 ـ المتقي.

    21 ـ القاري.

    22 ـ المنّاوي.

    وغيرهم.

    فإنْ كان هؤلاء من حطّاب الليل، فأهلاً وسهلاً، ما عندنا أيّ مانع، ما عندنا أي مضايقة من قبول هذه الدعوى، وأهلاً وسهلاً، وهو نعم المطلوب.

    وهذا الحديث أخرجه الحاكم وصحّحه على شرط مسلم، وأخرجه الخطيب في المشكاة، وهو ملتزم في هذا الكتاب تبعاً لمصابيح السنّة بأنْ لا يخرج الموضوعات، وإنّما الصحاح والحسان فقط.

    وله أسانيد صحيحة أيضاً غير هذه(1) .

    ____________

    (1) المعجم الصغير 2 / 22، مشكاة المصابيح 3 / 1742، المستدرك 2 / 343، مجمع الزوائد 9 / 168، تاريخ بغداد 12 / 91، المطالب العالية 4 / 75، فيض القدير 2 / 519، 5 / 517، كنز العمال 13 / 82، 85.

    الصفحة 46
    وحول حديث الطير، يقول:

    إنّ حديث الطير من المكذوبات الموضوعات عند أهل العلم والمعرفة…(1) .
    لكنّ هذا الحديث ـ على ما عثرنا عليه نحن ـ رواه عن رسول الله من الصحابة:

    1 ـ علي (عليه السلام)، وهو عند الحاكم.

    2 ـ عبدالله بن عباس، وهو عند جماعة منهم ابن سعد.

    3 ـ أبو سعيد الخدري، رواه الحاكم أيضاً.

    4 ـ سفينة، حديثه عند الحاكم، وعند أحمد بن حنبل.

    5 ـ أبو الطفيل، حديثه عنه الحاكم.

    6 ـ أنس بن مالك، حديثه عند الترمذي والبزّار والنسائي والحاكم والبيهقي وابن حجر.

    7 ـ سعد بن أبي وقّاص، حديثه عند أبي نعيم الاصفهاني.

    8 ـ عمرو بن العاص، وحديثه موجود في كتاب له إلى معاوية، يرويه الخوارزمي في المناقب.

    9 ـ يعلى بن مرّة، روى هذا الحديث عنه جماعة منهم أبو

    ____________

    (1) منهاج السنّة 7 / 371.

    الصفحة 47
    عبدالله الكنجي.

    10 ـ جابر بن عبدالله الانصاري، حديثه عند ابن عساكر.

    11 ـ أبو رافع، حديثه عند ابن كثير.

    12 ـ حبشي بن جنادة، حديثه عند ابن كثير أيضاً.

    ومن رواة هذا الحديث من الائمّة:

    1 ـ أبو حنيفة، إمام الحنفيّة.

    2 ـ أحمد بن حنبل.

    3 ـ أبوحاتم الرازي.

    4 ـ الترمذي.

    5 ـ البزّار.

    6 ـ النسائي.

    7 ـ أبو يعلى.

    8 ـ محمّد بن جرير الطبري.

    9 ـ الطبراني.

    10 ـ الدارقطني.

    11 ـ ابن بطّة العكبري.

    12 ـ الحاكم.

    13 ـ ابن مردويه.

    الصفحة 48
    14 ـ البيهقي.

    15 ـ ابن عبدالبرّ.

    16 ـ الخطيب.

    17 ـ أبو المظفر السمعاني.

    18 ـ البغوي.

    19 ـ ابن عساكر.

    20 ـ ابن الاثير.

    21 ـ المزّي.

    22 ـ الذهبي.

    23 ـ ابن حجر العسقلاني.

    24 ـ السيوطي.

    وغيرهم.

    وقد أفرد بعضهم لجمع طرق هذا الحديث كتباً خاصّة، منهم:

    1 ـ ابن جرير الطبري.

    2 ـ ابن عقدة.

    3 ـ ابن مردويه.

    4 ـ ابو نعيم.

    5 ـ أبو طاهر بن حمدان.

    الصفحة 49
    6 ـ الذهبي، يقول: لي جزء في جمع طرقه، وهذا تصريح الذهبي نفسه في كتاب تذكرة الحفّاظ وغيره من كتبه.

    وقد نصّ غير واحد من العلماء على صحّة بعض أسانيده، منهم: الحافظ ابن كثير، ينصّ في تاريخه على صحّة بعض أسانيد هذا الحديث، وجودة بعض طرقه، ولا أُريد أن أُطيل عليكم، وإلاّ لذكرت لكم كلّ ذلك(1) .

    ____________

    (1) المعجم الكبير 7 / 82، المستدرك على الصحيحين 3 / 130، البداية والنهاية 7 / 352، مجمع الزوائد 9 / 125.

    الصفحة 50

    بحث ابن تيمية في خلافة أمير المؤمنين (عليه السلام)

    وتصل النوبة إلى بحث ابن تيميّة في خلافة أمير المؤمنين، وهل يرضى ابن تيميّة بخلافة علي باعتبار أنّه خليفة رابع أو لا يرضى ؟ وهل يرتضيه بأن يكون من الخلفاء الراشدين أو لا ؟

    أوّل شيء يكرّره ابن تيميّة في كتابه منهاج السنّة عدم ثبوت خلافة أمير المؤمنين، يقول:

    إضطرب الناس في خلافة علي على أقوال: فقالت طائفة: إنّه إمام وإنّ معاوية إمام…، وقالت طائفة: لم يكن في ذلك الزمان إمام عام، بل كان زمان فتنة…، وقالت طائفة ثالثة: بل علي هو الامام، وهو مصيب في قتاله لمن قاتله، وكذلك من قاتله من الصحابة كطلحة والزبير كلّهم مجتهدون مصيبون…،

    الصفحة 51
    وطائفة رابعة تجعل عليّاً هو الامام، وكان مجتهداً مصيباً في القتال، ومن قاتله كانوا مجتهدين مخطئين…، وطائفة خامسة تقول: إنّ عليّاً مع كونه كان خليفة وهو أقرب إلى الحقّ من معاوية فكان ترك القتال أولى(1) .
    خمس طوائف ولم يذكر قولاً سادساً.

    يقول:

    وأما علي فكثير من السابقين الاولين لم يتّبعوه ولم يبايعوه، وكثير من الصحابة والتابعين قاتلوه(2) .
    ويقول:

    ونحن نعلم أنّ عليّاً لمّا تولّى، كان كثير من الناس يختار ولاية معاوية وولاية غيرهما(3) .

    ومن جوّز خليفتين في وقت يقول: كلاهما خلافة نبوة… وإن قيل: إنّ خلافة علي ثبتت بمبايعة أهل الشوكة، كما ثبتت خلافة من كان قبله بذلك،أو

    ____________

    (1) منهاج السنّة 1 / 537 ـ 539.

    (2) منهاج السنّة 8 / 234.

    (3) منهاج السنّة 4 / 89.

    الصفحة 52
    ردوا على ذلك أنّ طلحة بايعه مكرهاً، والذين بايعوه قاتلوه، فلم تتفق أهل الشوكة على طاعته.

    وأيضاً فإنّما تجب مبايعته كمبايعة من قبله إذا سار سيرة من قبله(1) .
    وإن لم يسر سيرة من قبله فلم يبايعه أحد على ذلك.

    ويقول:

    وأمّا علي فكثير من السابقين الاوّلين لم يتّبعوه ولم يبايعوه، وكثير من الصحابة والتابعين قاتلوه(2) .
    فإذا نسب إلى الشيعة أنّهم يبغضون الصحابة إذن يبغضون كثيراً من الصحابة والتابعين الذين قاتلوا عليّاً.

    أقول: نعم نبغضهم ويبغضهم كلّ مسلم.

    قال في الجواب عن حديث «من ناصب علياً الخلافة فهو كافر»، قال:

    إنّ هذه الاحاديث تقدح في علي، وتوجب أنّه كان مكذّباً لله ورسوله، فيلزم من صحّتها كفر

    ____________

    (1) منهاج السنّة 4 / 465.

    (2) منهاج السنّة 8 / 234.

    الصفحة 53
    الصحابة كلّهم هو وغيره، أمّا الذين ناصبوه الخلافة فإنّهم في هذا الحديث المفترى كفّار، وأمّا علي فإنّه لم يعمل بموجب هذه النصوص.
    قال:

    وأما علي فكثير من السابقين الاولين لم يتّبعوه ولم يبايعوه، وكثير من الصحابة والتابعين قاتلوه(1) .
    لاحظوا نصّ العبارة:

    ونصف الاُمّة أو أقل أو أكثر لم يبايعوه، بل كثير منهم قاتلوه وقاتلهم، وكثير منهم لم يقاتلوه ولم يقاتلوا معه(2) .
    إذن، نصف الاُمّة كانوا مخالفين لعلي، ونحن نقول: ارتدّت الاُمّة بعد رسول الله باعتراف ابن تيميّة، ارتدّت عن ولاية أمير المؤمنين إنْ كان كلامه حقّاً.

    ثمّ يقول ـ ولاحظوا عباراته، كلمات حتّى سماعها يحزّ في النفس، فكيف قراءتها والنظر فيها والتأمل فيها ـ يقول:

    ____________

    (1) منهاج السنة 8 / 234.

    (2) منهاج السنة 4 / 105.

    الصفحة 54
    لكنّ نصف رعيّته يطعنون في عدله، فالخوارج يكفّرونه، وغير الخوارج من أهل بيته وغير أهل بيته يقولون: إنّه لم ينصفهم، وشيعة عثمان يقولون: إنّه ممّن ظلم عثمان. وبالجملة، لم يظهر لعلي من العدل، مع كثرة الرعية وانتشارها، ما ظهر لعمر، ولا قريب منه(1) .
    لاحظوا العبارات:

    وأمّا تخلّف من تخلّف عن مبايعته، فعذرهم في ذلك أظهر من عذر سعد بن عبادة وغيره لمّا تخلّفوا عن بيعة أبي بكر(2) .
    ثمّ يصعد أكثر من هذا ويقول:

    وروي عن الشافعي وغيرهم أنّهم قالوا: الخلفاء ثلاثة أبوبكر وعمر وعثمان(3) .

    لاحظوا نصّ العبارة:

    والخلفاء الثلاثة فتحوا الامصار، وأظهروا الدين في مشارق الارض ومغاربها، ولم يكن معهم

    ____________

    (1) منهاج السنة 6 / 18.

    (2) منهاج السنة 4 / 388.

    (3) منهاج السنة 4 / 404.

    الصفحة 55
    رافضي، بل بنو أميّة بعدهم، مع انحراف كثير منهم عن علي وسبّ بعضهم له، غلبوا على مدائن الاسلام كلّها من مشارق الارض إلى مغربها، وكان الاسلام في زمنهم
    أعزّ منه فيما بعد ذلك بكثير… وأظهروا الاسلام فيها وأقاموه… ويقال: إنّ فيهم من كان يسكت عن علي، فلا يربّع به في الخلافة، لانّ الاُمّة لم تجتمع عليه… وقد صنّف بعض علماء الغرب كتاباً كبيراً في الفتوح، فذكر فتوح النبي (صلى الله عليه وسلم)، وفتوح الخلفاء بعده أبي بكر وعمر وعثمان، ولم يذكر عليّاً مع حبّه له وموالاته له، لانّه لم يكن في زمنه فتوح(1) .

    وكان بالاندلس كثير من بني أُميّة… يقولون: لم يكن خليفة، وإنّما الخليفة من اجتمع الناس عليه، ولم يجتمعوا على علي. وكان من هؤلاء من يربّع بمعاوية في خطبة الجمعة، فيذكر الثلاثة ويربّع بمعاوية ولا يذكر عليّاً…(2) .

    ____________

    (1) منهاج السنّة 6 / 419 ـ 420.

    (2) منهاج السنّة 4 / 401 ـ 402.

    الصفحة 56
    إلى أنْ يقول:

    فلم يظهر في خلافته دين الاسلام، بل وقعت الفتنة بين أهله، وطمع فيهم عدوّهم من الكفّار والنصارى والمجوس(1) .
    قال:

    وأمّا علي فلم يتفق المسلمون على مبايعته، بل وقعت الفتنة في تلك المدّة، وكان السيف في تلك المدّة مكفوفاً عن الكفّار مسلولاً على أهل)الاسلام(2) .

    وهذا كان حجّة من كان يربّع بذكر معاوية ولا يذكر عليّاً(3) .

    ولم يكن في خلافة علي للمؤمنين الرحمة التي كانت في زمن عمر وعثمان، بل كانوا يقتتلون ويتلاعنون، ولم يكن لهم على الكفّار سيف، بل الكفّار كانوا قد طمعوا فيهم، وأخذوا منهم أموالاً

    ____________

    (1) منهاج السنّة 4 / 117.

    (2) منهاج السنّة 4 / 161.

    (3) منهاج السنّة 4 / 162.

    الصفحة 57
    وبلاداً(1) .

    فإذا لم يوجد من يدّعي الاماميّة فيه أنّه معصوم وحصل له سلطان بمبايعة ذي الشوكة إلاّ علي وحده، وكان مصلحة المكلّفين واللّطف الذي حصل لهم في دينهم ودنياهم في ذلك الزمان أقلّ منه في زمن الخلفاء الثلاثة، وعلم بالضرورة أن ما يدّعونه من اللطف والمصلحة الحاصلة بالائمّة المعصومين باطل قطعاً(2) .
    يقول:

    ومن ظنّ أنّ هؤلاء الاثني عشر هم الذين تعتقد الروافض إمامتهم، فهو في غاية الجهل، فإنّ هؤلاء ليس فيهم من كان له سيف إلاّ علي بن أبي طالب، ومع هذا فلم يتمكّن في خلافته من غزو الكفّار، ولا فتح مدينة ولا قتل كافراً، بل كان المسلمون قد اشتغل بعضهم بقتال بعض، حتّى طمع فيهم الكفّار بالشرق والشام، من المشركين وأهل الكتاب، حتّى يقال إنّهم أخذوا بعض بلاد المسلمين،

    ____________

    (1) منهاج السنّة 4 / 485.

    (2) منهاج السنّة 3 / 379.

    الصفحة 58
    وإنّ بعض الكفّار كان يحمل إليه كلام حتّى يكفّ عن المسلمين، فأيّ عزّ للاسلام في هذا ـ أي في حكومة علي.

    … وأيضاً فالاسلام عند الاماميّة هو ما هم عليه، وهم أذلّ فرق الاُمّة، فليس في أهل الاهواء أذلّ من الرافضة(1) .
    ثمّ يقول العبارة التي نقلها ابن حجر، وقرأناها في كتاب الدرر الكامنة، يقول:

    فإنّ عليّاً قاتل على الولاية، وقُتل بسبب ذلك خلق كثير، ولم يحصل في ولايته لا قتال للكفّار ولا فتح لبلادهم، ولا كان المسلمون في زيادة خير(2) .

    فما زاد الامر إلاّ شدّة، وجانبه إلاّ ضعفاً، وجانب من حاربه إلاّ قوّة والاُمّة إلاّ افتراقاً(3) .
    ثمّ يقول:

    ولهذا جعل طائفة من الناس خلافة علي من

    ____________

    (1) منهاج السنّة 8 / 241 ـ 242.

    (2) منهاج السنّة 6 / 191.

    (3) منهاج السنّة 7 / 452.

    الصفحة 59
    هذا الباب، وقالوا: لم تثبت بنص ولا إجماع(1) .
    ثمّ يقول:

    لان النص والاجماع المثبتين لخلافة أبي بكر ليس في خلافة عليّ مثلها، فانه ليس في الصحيحين ما يدلّ على خلافته، وإنّما روى ذلك أهل السنن، وقد طعن بعض أهل الحديث في حديث سفينة(2) .
    فعلى هذا لا يبقى حينئذ دليل على امامة علي مطلقاً حتّى في المرتبة الرابعة.

    ويقول:

    وأحمد بن حنبل، مع أنه أعلم أهل زمانه بالحديث، احتج على إمامة علي بالحديث الذي في السنن: «تكون خلافة النبوة ثلاثين سنة، ثم تصير مُلكاً» وبعض الناس ضعّف هذا الحديث، لكن أحمد وغيره يثبتونه(3) .
    يقول:

    ____________

    (1) منهاج السنّة 8 / 243.

    (2) منهاج السنّة 4 / 388.

    (3) منهاج السنّة 7 / 50.

    الصفحة 60
    وعلي يقاتل ليطاع ويتصرّف في النفوس والاموال، فكيف يجعل هذا قتالاً على الدين(1) .
    نصّ العبارة بلا زيادة ونقيصة.

    حتّى أنّه يجعل عليّاً مصداقاً لقوله تعالى: (تِلْكَ الدَّارُ الاْخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الاَْرْضِ وَلاَ فَسَاداً والعَاقِبَةُ للمُتَّقِينَ)(2) .

    ثم يقول:

    فمن أراد العلوّ في الارض والفساد لم يكن من أهل السعادة في الاخرة(3) .
    وعلي إنّما قاتل لانْ يكون له العلوّ في الارض، إنّه إنّما:

    قاتل ليطاع هو(4) .
    ثمّ يقول:

    والذين قاتلوا من الصحابة لم يأت أحد منهم بحجّة توجب القتال، لا من كتاب ولا من سنّة، بل

    ____________

    (1) منهاج السنّة 8 / 329.

    (2) القصص: 83.

    (3) منهاج السنّة 4 / 500.

    (4) منهاج السنّة 4 / 500.

    الصفحة 61
    أقرّوا بأنّ قتالهم كان رأياً رأوه، كما أخبر بذلك علي (رضي الله عنه) عن نفسه(1) .

    وأمّا قتال الجمل وصفّين، فقد ذكر علي (رضي الله عنه) أنّه لم يكن معه نصّ من النبي (صلى الله عليه وسلم)، وإنّما كان رأياً، وأكثر الصحابة لم يوافقوه على هذا القتال(2) .

    أن القتال كان قتال فتنة بتأويل، لم يكن من الجهاد الواجب ولا المستحب(3) .

    وقتل خلقاً كثيراً من المسلمين الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويصومون ويصلّون(4) .
    وقال طاعناً في الامام وهو يقصد الدفاع عن عثمان ـ حيث يقولون من جملة ما نقموا عليه إنّه كان يتصرف في بيت المال هو وبنو أُميّة ـ:

    وأين أخذ المال وارتفاع بعض الرجال، من قتال الرجال الذين قتلوابصفّين ولم يكن في ذلك عزّ ولا ظفر ؟… حرب صفّين التي لم يحصل بها إلاّ زيادة

    ____________

    (1) منهاج السنّة 1 / 526.

    (2) منهاج السنّة 6 / 333.

    (3) منهاج السنّة 7 / 57.

    (4) منهاج السنّة 6 / 356.

    الصفحة 62
    الشر وتضاعفه لم يحصل بها من المصلحة شيء(1) .

    ولهذا كان أئمّة السنّة كمالك وأحمد وغيرهما يقولون: إنّ قتاله للخوارج مأمور به، وأمّا قتال الجمل وصفّين فهو قتال فتنة.

    ولهذا كان علماء الامصار على أن القتال كان قتال فتنة وكان من قعد عنه أفضل ممن قاتل فيه(2) .
    وعلي بن أبي طالب (رضي الله عنه)ندم على أمور فعلها من القتال وغيره… وكان يقول ليالي صفّين: لله درّ مقام قامه عبدالله بن عمر وسعد بن مالك، إن كان برّاً إنّ أجره لعظيم، وإن كان إثماً إنّ خطره ليسير(3) .
    والحال أنّ عبدالله بن عمر وسعد بن مالك يعني سعد بن أبي وقّاص كلاهما قد ندما على عدم بيعتهما مع علي وتخلَّفهما عن القتال معه في حروبه، والنصوص بذلك موجودة في المصادر.

    ____________

    (1) منهاج السنّة 8 / 143.

    (2) منهاج السنّة 8 / 233.

    (3) منهاج السنّة 6 / 209.

    الصفحة 63
    يضيف إنّ عليّاً كان يقول لابنه الحسن (عليه السلام) في ليالي صفّين:

    يا حسن يا حسن ما ظنّ أبوك أنّ الامر يبلغ إلى هذا، ودّ أبوك لو مات قبل هذا بعشرين سنة(1) .
    الاحاديث الصحيحة المتقنة في الكتب المعتبرة يكذّبها ويطالب فيها بسند صحيح، ثمّ يذكر مثل هذا ولا يذكر له أيّ سند، وأيّ مصدر، وغير معلوم من قال هذا ؟ ويرسله إرسال المسلّمات، يا حسن يا حسن ما ظنّ أبوك أنّ الامر يبلغ إلى هذا، ودّ أبوك لو مات قبل هذا بعشرين سنة !!

    يقول:

    ولمّا رجع من صفّين تغيّر كلامه… وتواترت الاثار بكراهته الاحوال في آخر الامر(2) .

    وكان علي أحياناً يظهر فيه الندم والكراهة للقتال، ممّا يبيّن أنّه لم يكن عنده فيه شيء من الادلّة الشرعيّة(3) .

    ____________

    (1) منهاج السنّة 6 / 209.

    (2) منهاج السنّة 6 / 209.

    (3) منهاج السنّة 8 / 526.

    الصفحة 64
    وممّا يبيّن أنّ عليّاً لم يكن يعلم المستقبل، إنّه ندم على أشياء ممّا فعلها… وكان يقول ليالي صفّين: يا حسن يا حسن، ما ظنّ أبوك أنّ الامر يبلغ هذا، لله درّ مقام قامه سعد بن مالك وعبدالله بن عمر…(1) .
    هذا كرّره مرّة أخرى، وقال بعد ذلك:

    هذا رواه المصنّفون(2) .
    ومن المصنّفون ؟ غير معلوم.

    يقول:

    وتواتر عنه أنّه كان يتضجّر ويتململ من اختلاف رعيّته عليه، وأنّه ما كان يظنّ أنّ الامر يبلغ ما بلغ، وكان الحسن رأيه ترك القتال، وقد جاء النصّ الصحيح بتصويب الحسن… وسائر الاحاديث الصحيحة تدلّ على أنّ القعود عن القتال والامساك عن الفتنة كان أحبّ إلى الله ورسوله(3) .
    يقول: وأمّا حديث أُمرت بقتال الناكثين والقاسطين

    ____________

    (1) منهاج السنّة 8 / 145.

    (2) منهاج السنّة 8 / 145.

    (3) منهاج السنّة 8 / 145.

    الصفحة 65
    والمارقين، فهذا كذب.

    لابدّ وأن يكذّبه، لانّه يصرّ على أنّ عليّاً لم يكن عنده دليل شرعي على قتاله، فلابدّ وأن يكون هذا الحديث كذباً.

    نصّ العبارة:

    لم يرو علي (رضي الله عنه) في قتال الجمل وصفّين شيئاً… وأمّا قتال الجمل وصفّين فلم يرو أحد منهم فيه نصّاً إلاّ القاعدون، فإنّهم رووا الاحاديث في ترك القتال في الفتنة، وأمّا الحديث الذي يُروى أنّه أمر بقتل الناكثين والقاسطين والمارقين، فهو حديث موضوع على النبي (صلى الله عليه وسلم)(1) .
    وهذا الحديث يرويه من الصحابة:

    1 ـ أبو أيّوب الانصاري.

    2 ـ أمير المؤمنين.

    3 ـ عبدالله بن مسعود.

    4 ـ أبو سعيد الخدري.

    5 ـ عمّار بن ياسر.

    وغيرهم.

    ____________

    (1) منهاج السنّة 6 / 112.

    الصفحة 66
    ومن الحفّاظ:

    1 ـ الطبري.

    2 ـ البزّار.

    3 ـ أبو يعلى.

    4 ـ ابن مردويه.

    5 ـ أبوالقاسم الطبراني.

    6 ـ الحاكم النيسابوري.

    7 ـ الخطيب البغدادي.

    8 ـ ابن عساكر.

    9 ـ ابن الاثير.

    10 ـ الجلال السيوطي.

    11 ـ ابن كثير.

    12 ـ المحب الطبري.

    13 ـ أبو بكر الهيثمي.

    14 ـ والمتقي الهندي.

    ومن أسانيده الصحيحة مارواه البزّار والطبراني في الاوسط، وترون النص على صحّته في مجمع الزوائد يقول بعد روايته: وأحد إسنادي البزّار رجاله رجال الصحيح، غير الربيع بن سعيد ووثّقه

    الصفحة 67
    ابن حبّان، وله أسانيد أُخرى صحيحة.

    الصفحة 68
    الصفحة 69

    افتراء ابن تيميّة على أمير المؤمنين (عليه السلام)

    وأمّا الاشياء التي نسبها إلى أمير المؤمنين، والاكاذيب التي هي في الحقيقة كذب عليه، في كلماته كثيرة، منها: إنّ عليّاً كان يقول مراراً: إنّ أبابكر وعمر أفضل منّي، وكان يفضّلهما على نفسه.

    يقول:

    حتى قال: لا يبلغني عن أحد أنّه فضّلني على أبي بكر وعمر إلاّ جلدته جلد المفتري(1) .
    هذا الشيء الذي نقله لم يذكر له مصدراً عن أمير المؤمنين، وأمير المؤمنين لم نسمع أنّه جلد أحداً من الصحابة لانّه فضّله على الشيخين، مع أنّ كثيرين من الصحابة كانوا في نفس الوقت وفي حياة أمير المؤمنين يفضّلون عليّاً على الشيخين بمسمع منه ومرأى.

    ____________

    (1) منهاج السنة 7 / 511.

    الصفحة 70
    إنّ ابن حزم في الفصل(1) ، وكذا ابن عبد البر في الاستيعاب(2) بترجمة أمير المؤمنين، هذان الحافظان الكبيران يذكران أسماء عدّة كبيرة من الصحابة كانوا يقولون بأفضليّة علي من الشيخين، ولم نسمع أنّ عليّاً جلد واحداً منهم.

    وأمّا هذا الخبر، فقد كفانا الدكتور محمّد رشاد سالم ـ الذي حقّق منهاج السنّة في طبعته الجديدة ـ مؤنة تحقيقه حيث قال: بأنّه ضعيف(3) .

    وكذب على علي وفاطمة الزهراء فزعم أنه روي:

    كما في الصحيح عن علي (رضي الله عنه)، قال: طرقني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وفاطمة، فقال: «ألا تقومان تصليان ؟» فقلت: يا رسول الله إنما أنفسنا بيد الله إن شاء أن يبعثنا بعثنا، قال: فولّى، وهو يقول:(وَكَانَ الاِْنسَانُ أَكثَرَ شَيء جَدَلاً)(4) .
    وكذب على أمير المؤمنين في قضيّة شرب الخمر(5) .

    ____________

    (1) الفصل في الملل والنحل 4 / 181.

    (2) الاستيعاب في معرفة الاصحاب 3 / 1090.

    (3) منهاج السنة 7 / 511، الهامش.

    (4) منهاج السنة 3 / 85، الاية سورة الكهف: 54.

    (5) منهاج السنة 7 / 237.

    #222040
    hayefmajid
    Membre

    تكذيب ابن تيمية فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام)

    وأمّا في فضائله ومناقبه في القرآن الكريم، قوله تعالى: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ)(1) إلى آخر الاية، يقول:

    وقد وضع بعض الكذّابين حديثاً مفترى أنّ هذه الاية نزلت في علي لمّا تصدّق بخاتمه في الصلاة، وهذا كذب بإجماع أهل العلم بالنقل، وكذبه بيّن من وجوه كثيرة(2) .
    وهذا الحديث الذي يكذّبه ابن تيميّة، قد رواه عن ابن عباس:

    1 ـ عبدالرزاق.

    2 ـ عبد بن حميد.

    ____________

    (1) المائدة: 55.

    (2) منهاج السنّة 2 / 30.

    الصفحة 23
    3 ـ ابن جرير الطبري.

    4 ـ أبو الشيخ.

    5 ـ ابن مردويه.

    ورواه عن سلمة بن كهيل:

    1 ـ ابن أبي حاتم.

    2 ـ أبو الشيخ.

    3 ـ ابن عساكر.

    ومن رواة هذا الخبر:

    1 ـ الطبراني.

    2 ـ الثعلبي.

    3 ـ الواحدي.

    4 ـ الخطيب البغدادي.

    5 ـ ابن الجوزي.

    6 ـ المحب الطبري.

    7 ـ الهيثمي.

    8 ـ المتقي الهندي.

    وأيضاً: تجدون هذاالخبر في تفاسير: الفخر الرازي، والبغوي، والنسفي، والقرطبي، والبيضاوي، وأبي السعود

    الصفحة 24
    العمادي، والشوكاني.

    ويقول الالوسي الحنفي بتفسير الاية: غالب الاخباريين على أنّ هذه الاية نزلت في علي كرّم الله وجهه.

    وأضاف الالوسي: إنّ حسّاناً أنشد في ذلك أبياتاً، فذكر الالوسي تلك الابيات(1) .

    قوله تعالى: (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِالَّليْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً)(2) ، يقول حول نزولها في علي (عليه السلام):

    إن هذا كذب ليس بثابت(3) .
    مع أنّ من رواة نزول هذه الاية في علي:

    1 ـ عبدالرزاق بن همّام الصنعاني.

    2 ـ عبد بن حميد.

    3 ـ ابن جرير.

    4 ـ ابن المنذر.

    5 ـ ابن أبي حاتم.

    6 ـ الطبراني.

    ____________

    (1) روح المعاني في تفسير القرآن 6 / 167.

    (2) البقرة 274.

    (3) منهاج السنّة 7 / 228.

    الصفحة 25
    7 ـ ابن عساكر.

    8 ـ الواحدي.

    9 ـ أبو نعيم.

    10 ـ الفخر الرازي.

    11 ـ الزمخشري.

    12 ـ محب الدين الطبري.

    13 ـ ابن الاثير.

    14 ـ السيوطي.

    15 ـ ابن حجر المكي.

    مع ذلك يقول: إنّ هذا كذب ليس بثابت، لكنّ هذه التفاسير الباطلة يقول مثلها كثير من الجهّال.

    قوله تعالى: (إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْم هَاد)(1) ، يقول حول نزولها في عليّ (عليه السلام):

    إن هذا كذب موضوع بإتفاق أهل العلم بالحديث(2) .
    مع أنّ من رواة نزول الاية في علي:

    ____________

    (1) الرعد: 7.

    (2) منهاج السنّة 7 / 139.

    الصفحة 26
    1 ـ عبدالله بن أحمد بن حنبل.

    2 ـ الطبري.

    3 ـ الحاكم.

    4 ـ إبن أبي حاتم.

    5 ـ الضياء المقدسي.

    6 ـ الطبراني.

    7 ـ ابن مردوية.

    8 ـ أبو نعيم.

    9 ـ ابن عساكر.

    10 ـ ابن النجّار.

    11 ـ الديلمي.

    12 ـ الهيثمي.

    13 ـ السيوطي.

    14 ـ المتقي الهندي.

    ويقول الحاكم: هذا حديث صحيح الاسناد.

    ويقول الهيثمي في مجمع الزوائد بعد أن يروي هذا الحديث يقول: رجال السند ثقات.

    والضياء المقدسي أخرج هذا الحديث في كتابه المختارة

    الصفحة 27
    الملتزم فيه بالصحة(1) .

    وحول حديث: «علي مع الحق والحق مع علي»، يقول:

    من أعظم الكلام كذباً وجهلاً، فإنّ هذا الحديث لم يروه أحد عن النبي (صلى الله عليه وسلم)، لا بإسناد صحيح ولا ضعيف، فكيف يقال: إنّهم جميعاً رووا هذا الحديث ؟ وهل يكون أكذب ممّن يروي عن الصحابة والعلماء أنّهم رووا حديثاً، والحديث لا يعرف عن واحد منهم أصلاً، بل هذا من أظهر الكذب(2) .
    والحال أنّ من رواة هذا الحديث من الصحابة:

    أولاً: أمير المؤمنين (عليه السلام)، أخرج الحديث عنه الترمذي في صحيحه، والحاكم في المستدرك.

    ثانياً: سيّدتنا أُمّ سلمة، أخرج الحديث عنها الطبراني، وأبو بشر الدولابي، والخطيب البغدادي، وابن عساكر.

    ثالثاً: سعد بن أبي وقّاص، أخرج الحديث عنه البزّار، وقد قال الهيثمي بعد أن روى الحديث هذا: فيه سعد بن شعيب ولم

    ____________

    (1) الاية في سورة الرعد، فراجع الطبري والدر المنثور وغيرهما بتفسيرها، والمستدرك 3 / 129، ومجمع الزوائد 7 / 41.

    (2) منهاج السنّة 4 / 238.

    الصفحة 28
    أعرفه، وبقيّة رجاله رجال الصحيح.

    رابعاً: أبو سعيد الخدري، رواه عنه الحافظ أبو يعلى، وقد روى عنه الهيثمي هذا الحديث في مجمع الزوائد وقال: رواه أبو يعلى ورجاله ثقات.

    خامساً: عائشة، فإنّها روت هذا الحديث، والحديث موجود في الامامة والسياسة لابن قتيبة.

    سادساً: صحابي آخر روى هذا الحديث، أخرجه الطبراني في الكبير.

    قال المتقي: تكون بين الناس فرقة واختلاف فيكون هذا وأصحابه على الحقّ ـ يعني علياً ـ هذا في كنز العمّال(1) .

    فهؤلاء الصحابة، وهؤلاء كبار العلماء والمحدّثين، الذين يروون هذا الحديث بأسانيدهم عن أُولئك الصحابة.

    وفي حديث المؤاخاة يقول:

    أمّا حديث المؤاخاة فباطل موضوع… إنّ النبي (صلى الله عليه وسلم) لم يؤاخ عليّاً ولا غيره، وحديث المؤاخاة لعلي، وحديث مؤاخاة أبي بكر لعمر، من الاكاذيب…

    ____________

    (1) كنز العمال 11/621، الترمذي، المستدرك3 / 125، مجمع الزوائد 9 / 134، ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق 3 / 118.

    الصفحة 29
    إنّ النبيّ (صلى الله عليه وسلم) لم يؤاخ عليّاً ولا غيره، بل كلّ ما روي في هذا فهو كذب…

    إنّ أحاديث المؤاخاة بين المهاجرين بعضهم من بعض والانصار بعضهم من بعض كلّها كذب، والنبي (صلى الله عليه وسلم)لم يؤاخ عليّاً…

    إنّ أحاديث المؤاخاة لعلي كلّها موضوعة.
    وهذه نصوص في أجزاء متعددة في كتابه، لاحظوا من الجزء الرابع إلى الجزء السابع في الطبعة الجديدة ذات الاجزاء التسعة، يكذّب هذا الحديث في مواضع عديدة(1) .

    والحال أنّك تجد حديث المؤاخاة في: الترمذي (5/595)، الطبقات لابن سعد (2/60)، المستدرك (3/16)، مصابيح السنّة (4/173)، الاستيعاب (3/1089)، البداية والنهاية (7/371)، الرياض النضرة (3/111)، مشكاة المصابيح (3/356)، الصواعق المحرقة (122)، تاريخ الخلفاء (159).

    هذه بعض المصادر.

    والرواة من الصحابة لهذا الخبر هم:

    1 ـ علي (عليه السلام).

    ____________

    (1) منهاج السنّة 4 / 32، 5 / 71، 7 / 117، 279.

    الصفحة 30
    2 ـ عبدالله بن عباس.

    3 ـ أبو ذر.

    4 ـ جابر.

    5 ـ عمر بن الخطاب.

    6 ـ أنس بن مالك.

    7 ـ عبدالله بن عمر.

    8 ـ زيد بن أرقم.

    وغيرهم.

    وتجدون هذا الحديث أيضاً في: مناقب أحمد (ح141)، وفي ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق (برقم 148)، وفي كنز العمال (13/106).

    وأيضاً تجدون هذا الخبر في كتب السير والتواريخ، راجعوا: سيرة ابن هشام (2/109)، السيرة النبويّة لابن حبّان (149)، عيون الاثر لابن سيد الناس (1/264)، الحلبيّة (2/23)، وفي هامشها سيرة زيني دحلان (1/322).

    والعجيب أنّ غير واحد من أعلام القوم يردّون على ابن تيميّة في هذه المسألة بالخصوص:

    يقول الحافظ ابن حجر ـ بعد ذكر الخبر عن الواقدي وابن سعد

    الصفحة 31
    وابن إسحاق وابن عبد البر والسهيلي وابن كثير وغيرهم ـ: وأنكر ابن تيميّة في كتاب الرد على ابن المطهّر الرافضي ـ أي كتاب منهاج السنّة ـ أنكر المؤاخاة بين المهاجرين، وخصوصاً مؤاخاة النبي لعلي، قال: لانّ المؤاخاة شرّعت لارفاق بعضهم بعضاً، ولتأليف قلوب بعضهم على بعض، فلا معنى لمؤاخاة النبي لاحد منهم، ولا لمؤاخاة مهاجري لمهاجري، وهذا ردّ للنصّ بالقياس وإغفال عن حكمة المؤاخاة.

    يقول الحافظ: وأخرجه الضياء في المختارة من المعجم الكبير للطبراني، وابن تيميّة يصرّح بأنّ أحاديث المختارة أصح وأقوى من أحاديث المستدرك للحاكم النيسابوري(1) .

    وقال الزرقاني المالكي في شرح المواهب اللدنيّة، تحت عنوان ذكر المؤاخاة بين الصحابة: وكانت كما قال ابن عبد البر وغيره مرّتين، الاُولى بمكّة قبل الهجرة بين المهاجرين بعضهم بعضاً على الحقّ والمواساة، فآخى بين أبي بكر وعمر، وهكذا بين كلّ اثنين منهم، إلى أن بقي علي، فقال: آخيت بين أصحابك فمن أخي ؟ قال: «أنا أخوك». وجاءت أحاديث كثيرة في مؤاخاة

    ____________

    (1) فتح الباري في شرح صحيح البخاري 7 / 217.

    الصفحة 32
    النبي لعلي، وقد روى الترمذي وحسّنه، والحاكم وصحّحه، عن ابن عمر أنّه (صلى الله عليه وسلم) قال لعلي: «أما ترضى أن أكون أخاك ؟» قال: بلى، قال: «أنت أخي في الدنيا والاخرة».

    يقول الزرقاني: وأنكر ابن تيميّة هذه المؤاخاة بين المهاجرين، خصوصاً بين المصطفى وعلي، وزعم أنّ ذلك من الاكاذيب، وردّه الحافظ ـ أي ابن حجر العسقلاني ـ بأنّه ردّ للنصّ بالقياس(1) .

    ويقول ابن تيميّة حول حديث التشبيه، هذا الحديث الذي بحثنا عنه قريباً، يقول:

    هذا الحديث كذب موضوع على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)بلا ريب عند أهل العلم بالحديث(2) .
    مع أنّ هذا الحديث من رواته:

    1 ـ عبدالرزّاق الصنعاني.

    2 ـ أحمد بن حنبل.

    3 ـ أبو حاتم.

    4 ـ محمد بن إدريس الرازي.

    ____________

    (1) شرح المواهب اللدنيّة 1/273.

    (2) منهاج السنّة 5 / 510.

    الصفحة 33
    5 ـ الحاكم النيسابوري.

    6 ـ أبو بكر البيهقي.

    7 ـ ابن مردويه.

    8 ـ أبو نعيم.

    ومن أصحّ أسانيده وأجودها رواية عبدالرزّاق، عن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيّب، عن أبي هريرة، عن رسول الله.

    وقد قرأنا هذا النصّ سابقاً.

    يقول ابن تيميّة: حول حديث «وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي»، يقول:

    كذب على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)(1) .
    والحال أنّ هذا الحديث من رواته من الصحابة:

    1 ـ أمير المؤمنين.

    2 ـ الامام الحسن المجتبى.

    3 ـ أبو ذر الغفاري.

    4 ـ عبدالله بن عباس.

    5 ـ أبو سعيد الخدري.

    ____________

    (1) منهاج السنّة 7 / 391.

    الصفحة 34
    6 ـ البراء بن عازب.

    7 ـ أبو ليلى الانصاري.

    8 ـ عمران بن الحصين.

    9 ـ بريدة بن الحصيب.

    10 ـ عبدالله بن عمر.

    11 ـ عمرو بن العاص.

    12 ـ وهب بن حمزة.

    ورواه من الائمّة الحفّاظ:

    1 ـ أبو داود الطيالسي.

    2 ـ ابن أبي شيبة.

    3 ـ أحمد بن حنبل.

    4 ـ الترمذي.

    5 ـ النسائي.

    6 ـ أبو يعلى الموصلي.

    7 ـ ابن جرير الطبري.

    8 ـ الطبراني.

    9 ـ الحاكم.

    10 ـ ابن مردويه.

    الصفحة 35
    11 ـ أبو نعيم.

    12 ـ ابن عبدالبر.

    13 ـ ابن الاثير.

    14 ـ الضياء.

    15 ـ ابن حجر.

    16 ـ جلال الدين السيوطي.

    يقول ابن عبدالبر: هذا إسناد لا مطعن فيه لاحد، لصحّته وثقة رجاله.

    وصحّحه ابن أبي شيبة، وصحّحه أيضاً السيوطي، وصحّحه ابن جرير الطبري، وأخرجه أحمد في المسند بسند صحيح(1) .

    وأيضاً أخرجه الترمذي وحسّنه، والنسائي في الخصائص بسند صحيح، وابن حبّان في صحيحه، وأخرجه الحاكم وصحّحه على شرط مسلم.

    وقال الحافظ ابن حجر بترجمة أمير المؤمنين من الاصابة قال: أخرجه الترمذي بإسناد قوي عن عمران بن حصين.

    حديث «اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه»، يقول:

    ____________

    (1) مسند أحمد 4 / 437.

    الصفحة 36
    كذب باتّفاق أهل المعرفة بالحديث(1) .
    مع أنّ هذا الحديث أخرجه:

    1 ـ أحمد بأسانيد صحيحة.

    2 ـ ابن أبي شيبة.

    3 ـ ابن راهويه.

    4 ـ ابن جرير.

    5 ـ سعيد بن منصور.

    6 ـ الطبراني.

    7 ـ أبو نعيم.

    8 ـ الحاكم.

    9 ـ الخطيب.

    10 ـ وأخرجه النسائي بسند صحيح.

    11 ـ البزّار بأسانيد صحيحة.

    12 ـ أبو يعلى بسندين صحيحين.

    13 ـ أخرجه ابن حبّان في صحيحه.

    14 ـ وأخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: رجال إسناده ثقات.

    ____________

    (1) منهاج السنّة 7 / 55.

    الصفحة 37
    حديث يوم الدار في قضيّة (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الاَْقْرَبِينَ)(1) ، يقول:

    هذا الحديث كذب عند أهل المعرفة بالحديث، فما من عالم يعرف الحديث إلاّ وهو يعلم أنّه كذب موضوع(2) .
    وإذا كان كذلك، فحينئذ جميع من روى هذا الحديث من علمائهم يعلم بأنّه كذب موضوع، مع ذلك رواه في كتابه، أو إنّ هؤلاء الرواة ليسوا بعلماء أصلاً !!

    من رواته أحمد في المسند، ومن رواته علماء كثيرون.

    يقول الهيثمي بعد روايته(3) : ورجال أحمد وأحد إسنادي البزّار رجال الصحيح غير شريك وهو ثقة.

    وأخرجه أيضاً:

    1 ـ ابن اسحاق.

    2 ـ الطبري.

    3 ـ الطحاوي.

    ____________

    (1) الشعراء: 214.

    (2) منهاج السنّة 7 / 302.

    (3) مجمع الزوائد 8 / 302.

    الصفحة 38
    4 ـ ابن أبي حاتم.

    5 ـ ابن مردويه.

    6 ـ أبو نعيم الاصفهاني.

    7 ـ الضياء المقدسي.

    8 ـ المتقي الهندي.

    والسيوطي يرويه عن جماعة، والبيهقي يرويه في دلائل النبوة، وأبو نعيم أيضاً في دلائل النبوة، يروون النصّ الكامل لهذا الخبر وينصّون على صحّته في غير واحد من الكتب كما قرأنا.

    وأيضاً ينصّ على صحّته الشهاب الخفاجي في شرح الشفاء للقاضي عياض وغيره من كبار علمائهم.

    حديث: «هذا فاروق أُمّتي»، وكذا ما روي عن غير واحد من الصحابة أنّهم كانوا يقولون: ما كنّا نعرف المنافقين إلاّ ببغضهم عليّاً، يقول:

    أمّا هذان الحديثان فلا يستريب أهل المعرفة بالحديث أنّهما حديثان موضوعان مكذوبان على النبي (صلى الله عليه وسلم)، ولم يرو واحد منهما في شيء من كتب العلم المعتمدة، ولا لواحد منهما إسناد

    الصفحة 39
    معروف(1) .
    عجيب !! إنّه يقول:

    ونحن نقنع في هذا الباب بأنْ يروى الحديث بإسناد معروفين بالصدق من أيّ طائفة كانوا.
    يعني حتّى من الشيعة يقبل، ثمّ يقول:

    كلّ من الحديثين يعلم بالدليل أنّه كذب، لا تجوز نسبته إلى النبي.
    أمّا حديث: «هذا فاروق أُمّتي»، فمن رواته من الصحابة:

    1 ـ سلمان الفارسي.

    2 ـ ابن عباس.

    3 ـ أبو ذر.

    4 ـ حذيفة.

    5 ـ أبو ليلى.

    من رواته من أئمّة الحديث وحفّاظه:

    1 ـ الطبراني.

    2 ـ البزّار.

    3 ـ البيهقي.

    ____________

    (1) منهاج السنّة 4 / 286 ـ 290.

    الصفحة 40
    4 ـ أبو نعيم.

    5 ـ ابن عبد البر.

    6 ـ ابن عساكر.

    7 ـ ابن الاثير.

    8 ـ ابن حجر.

    9 ـ المحب الطبري.

    10 ـ المنّاوي.

    11 ـ المتقي الهندي.

    وغيرهم.

    يقول: ليسا في الكتب المعتمدة، والحديث موجود في: مسند البزّار، في معجم الطبراني، في تاريخ دمشق، في الاستيعاب، وأسد الغابة، والاصابة، ومجمع الزوائد، وكنز العمّال، في فيض القدير، والرياض النضرة، وذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى(1) .

    ومن أسانيده الصحيحة ما أخرجه الطبراني في الكبير، وقد ذكرت بعض أسانيده الصحيحة.

    ____________

    (1) المعجم الكبير 6 / 269، كنز العمال 11 / 616، فيض القدير 4 / 358.

    الصفحة 41
    أمّا قول بعض الصحابة: ما كنّا نعرف المنافقين إلاّ ببغضهم عليّاً، فهذا مروي:

    1 ـ عن أبي ذر.

    2 ـ عن عبدالله بن مسعود.

    3 ـ عن عبدالله بن عباس.

    4 ـ عن جابر بن عبدالله الانصاري.

    5 ـ وعن أبي سعيد الخدري.

    6 ـ وعن أنس بن مالك.

    7 ـ وعن عبدالله بن عمر.

    ومن رواة هذه الاخبار:

    1 ـ أحمد بن حنبل.

    2 ـ الترمذي.

    3 ـ البزّار.

    4 ـ الطبراني.

    5 ـ الحاكم.

    6 ـ الخطيب البغدادي.

    7 ـ أبو نعيم الاصفهاني.

    8 ـ ابن عساكر.

    الصفحة 42
    9 ـ ابن عبدالبر.

    10 ـ ابن الاثير.

    11 ـ النووي.

    12 ـ الهيثمي.

    13 ـ المحب الطبري.

    14 ـ الذهبي.

    15 ـ السيوطي.

    16 ـ ابن حجر المكّي.

    17 ـ المتقي الهندي.

    18 ـ الالوسي، في تفسيره(1) .

    ومن أسانيده الصحيحة أيضاً ما ذكرته هنا، ومن جملتها ما أخرجه أحمد في مسنده: حدّثنا أسود بن عامر، حدّثنا إسرائيل، عن الاعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد الخدري: وكنّا نعرف منافقي الانصار ببغضهم عليّاً.

    في مناقب الصحابة لاحمد بن حنبل رقم 979.

    وقال محققه: إسناده صحيح.

    ____________

    (1) مناقب عليّ من كتاب فضائل الصحابة برقم 979، صحيح الترمذي 5 / 593، المستدرك 3 / 129، الاستيعاب 3 / 1110.

    الصفحة 43
    وهذا الكتاب مطبوع أخيراً في الحجاز، من منشورات جامعة أُمّ القرى في مكّة المكرّمة، والمحقق منهم.

    حديث «مثل أهل بيتي كسفينة نوح»، يقول:

    وأمّا قوله: «مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح» فهذا لا يعرف له إسناد، لا صحيح ولا هو في شيء من كتب الحديث التي يعتمد عليها، فإن كان قد رواه مثل من يروي أمثاله من حطّاب الليل الذين يروون الموضوعات، فهذا ممّا يزيده وهناً(1) .
    والحال أنّ من رواة الحديث من الصحابة:

    1 ـ أمير المؤمنين.

    2 ـ أبو ذر.

    3 ـ عبدالله بن عباس.

    4 ـ أبو سعيد الخدري.

    5 ـ أبو الطفيل.

    6 ـ أنس بن مالك.

    7 ـ عبدالله بن الزبير.

    8 ـ سلمة بن الاكوع.

    ____________

    (1) منهاج السنّة 7 / 395.

    الصفحة 44
    ومن رواته في الكتب المعتبرة:

    1 ـ أحمد بن حنبل.

    2 ـ البزّار.

    3 ـ أبو يعلى.

    4 ـ ابن جرير الطبري.

    5 ـ النسائي.

    6 ـ الطبراني.

    7 ـ الدارقطني.

    8 ـ الحاكم.

    9 ـ ابن مردويه.

    10 ـ أبو نعيم الاصفهاني.

    11 ـ الخطيب البغدادي.

    12 ـ أبو المظفّر السمعاني.

    13 ـ المجد ابن الاثير.

    14 ـ المحب الطبري.

    15 ـ الذهبي.

    16 ـ ابن حجر العسقلاني.

    17 ـ السخاوي.

    الصفحة 45
    18 ـ السيوطي.

    19 ـ ابن حجر المكّي.

    20 ـ المتقي.

    21 ـ القاري.

    22 ـ المنّاوي.

    وغيرهم.

    فإنْ كان هؤلاء من حطّاب الليل، فأهلاً وسهلاً، ما عندنا أيّ مانع، ما عندنا أي مضايقة من قبول هذه الدعوى، وأهلاً وسهلاً، وهو نعم المطلوب.

    وهذا الحديث أخرجه الحاكم وصحّحه على شرط مسلم، وأخرجه الخطيب في المشكاة، وهو ملتزم في هذا الكتاب تبعاً لمصابيح السنّة بأنْ لا يخرج الموضوعات، وإنّما الصحاح والحسان فقط.

    وله أسانيد صحيحة أيضاً غير هذه(1) .

    ____________

    (1) المعجم الصغير 2 / 22، مشكاة المصابيح 3 / 1742، المستدرك 2 / 343، مجمع الزوائد 9 / 168، تاريخ بغداد 12 / 91، المطالب العالية 4 / 75، فيض القدير 2 / 519، 5 / 517، كنز العمال 13 / 82، 85.

    الصفحة 46
    وحول حديث الطير، يقول:

    إنّ حديث الطير من المكذوبات الموضوعات عند أهل العلم والمعرفة…(1) .
    لكنّ هذا الحديث ـ على ما عثرنا عليه نحن ـ رواه عن رسول الله من الصحابة:

    1 ـ علي (عليه السلام)، وهو عند الحاكم.

    2 ـ عبدالله بن عباس، وهو عند جماعة منهم ابن سعد.

    3 ـ أبو سعيد الخدري، رواه الحاكم أيضاً.

    4 ـ سفينة، حديثه عند الحاكم، وعند أحمد بن حنبل.

    5 ـ أبو الطفيل، حديثه عنه الحاكم.

    6 ـ أنس بن مالك، حديثه عند الترمذي والبزّار والنسائي والحاكم والبيهقي وابن حجر.

    7 ـ سعد بن أبي وقّاص، حديثه عند أبي نعيم الاصفهاني.

    8 ـ عمرو بن العاص، وحديثه موجود في كتاب له إلى معاوية، يرويه الخوارزمي في المناقب.

    9 ـ يعلى بن مرّة، روى هذا الحديث عنه جماعة منهم أبو

    ____________

    (1) منهاج السنّة 7 / 371.

    الصفحة 47
    عبدالله الكنجي.

    10 ـ جابر بن عبدالله الانصاري، حديثه عند ابن عساكر.

    11 ـ أبو رافع، حديثه عند ابن كثير.

    12 ـ حبشي بن جنادة، حديثه عند ابن كثير أيضاً.

    ومن رواة هذا الحديث من الائمّة:

    1 ـ أبو حنيفة، إمام الحنفيّة.

    2 ـ أحمد بن حنبل.

    3 ـ أبوحاتم الرازي.

    4 ـ الترمذي.

    5 ـ البزّار.

    6 ـ النسائي.

    7 ـ أبو يعلى.

    8 ـ محمّد بن جرير الطبري.

    9 ـ الطبراني.

    10 ـ الدارقطني.

    11 ـ ابن بطّة العكبري.

    12 ـ الحاكم.

    13 ـ ابن مردويه.

    الصفحة 48
    14 ـ البيهقي.

    15 ـ ابن عبدالبرّ.

    16 ـ الخطيب.

    17 ـ أبو المظفر السمعاني.

    18 ـ البغوي.

    19 ـ ابن عساكر.

    20 ـ ابن الاثير.

    21 ـ المزّي.

    22 ـ الذهبي.

    23 ـ ابن حجر العسقلاني.

    24 ـ السيوطي.

    وغيرهم.

    وقد أفرد بعضهم لجمع طرق هذا الحديث كتباً خاصّة، منهم:

    1 ـ ابن جرير الطبري.

    2 ـ ابن عقدة.

    3 ـ ابن مردويه.

    4 ـ ابو نعيم.

    5 ـ أبو طاهر بن حمدان.

    الصفحة 49
    6 ـ الذهبي، يقول: لي جزء في جمع طرقه، وهذا تصريح الذهبي نفسه في كتاب تذكرة الحفّاظ وغيره من كتبه.

    وقد نصّ غير واحد من العلماء على صحّة بعض أسانيده، منهم: الحافظ ابن كثير، ينصّ في تاريخه على صحّة بعض أسانيد هذا الحديث، وجودة بعض طرقه، ولا أُريد أن أُطيل عليكم، وإلاّ لذكرت لكم كلّ ذلك(1) .

    ____________

    (1) المعجم الكبير 7 / 82، المستدرك على الصحيحين 3 / 130، البداية والنهاية 7 / 352، مجمع الزوائد 9 / 125.

    الصفحة 50

    بحث ابن تيمية في خلافة أمير المؤمنين (عليه السلام)

    وتصل النوبة إلى بحث ابن تيميّة في خلافة أمير المؤمنين، وهل يرضى ابن تيميّة بخلافة علي باعتبار أنّه خليفة رابع أو لا يرضى ؟ وهل يرتضيه بأن يكون من الخلفاء الراشدين أو لا ؟

    أوّل شيء يكرّره ابن تيميّة في كتابه منهاج السنّة عدم ثبوت خلافة أمير المؤمنين، يقول:

    إضطرب الناس في خلافة علي على أقوال: فقالت طائفة: إنّه إمام وإنّ معاوية إمام…، وقالت طائفة: لم يكن في ذلك الزمان إمام عام، بل كان زمان فتنة…، وقالت طائفة ثالثة: بل علي هو الامام، وهو مصيب في قتاله لمن قاتله، وكذلك من قاتله من الصحابة كطلحة والزبير كلّهم مجتهدون مصيبون…،

    الصفحة 51
    وطائفة رابعة تجعل عليّاً هو الامام، وكان مجتهداً مصيباً في القتال، ومن قاتله كانوا مجتهدين مخطئين…، وطائفة خامسة تقول: إنّ عليّاً مع كونه كان خليفة وهو أقرب إلى الحقّ من معاوية فكان ترك القتال أولى(1) .
    خمس طوائف ولم يذكر قولاً سادساً.

    يقول:

    وأما علي فكثير من السابقين الاولين لم يتّبعوه ولم يبايعوه، وكثير من الصحابة والتابعين قاتلوه(2) .
    ويقول:

    ونحن نعلم أنّ عليّاً لمّا تولّى، كان كثير من الناس يختار ولاية معاوية وولاية غيرهما(3) .

    ومن جوّز خليفتين في وقت يقول: كلاهما خلافة نبوة… وإن قيل: إنّ خلافة علي ثبتت بمبايعة أهل الشوكة، كما ثبتت خلافة من كان قبله بذلك،أو

    ____________

    (1) منهاج السنّة 1 / 537 ـ 539.

    (2) منهاج السنّة 8 / 234.

    (3) منهاج السنّة 4 / 89.

    الصفحة 52
    ردوا على ذلك أنّ طلحة بايعه مكرهاً، والذين بايعوه قاتلوه، فلم تتفق أهل الشوكة على طاعته.

    وأيضاً فإنّما تجب مبايعته كمبايعة من قبله إذا سار سيرة من قبله(1) .
    وإن لم يسر سيرة من قبله فلم يبايعه أحد على ذلك.

    ويقول:

    وأمّا علي فكثير من السابقين الاوّلين لم يتّبعوه ولم يبايعوه، وكثير من الصحابة والتابعين قاتلوه(2) .
    فإذا نسب إلى الشيعة أنّهم يبغضون الصحابة إذن يبغضون كثيراً من الصحابة والتابعين الذين قاتلوا عليّاً.

    أقول: نعم نبغضهم ويبغضهم كلّ مسلم.

    قال في الجواب عن حديث «من ناصب علياً الخلافة فهو كافر»، قال:

    إنّ هذه الاحاديث تقدح في علي، وتوجب أنّه كان مكذّباً لله ورسوله، فيلزم من صحّتها كفر

    ____________

    (1) منهاج السنّة 4 / 465.

    (2) منهاج السنّة 8 / 234.

    الصفحة 53
    الصحابة كلّهم هو وغيره، أمّا الذين ناصبوه الخلافة فإنّهم في هذا الحديث المفترى كفّار، وأمّا علي فإنّه لم يعمل بموجب هذه النصوص.
    قال:

    وأما علي فكثير من السابقين الاولين لم يتّبعوه ولم يبايعوه، وكثير من الصحابة والتابعين قاتلوه(1) .
    لاحظوا نصّ العبارة:

    ونصف الاُمّة أو أقل أو أكثر لم يبايعوه، بل كثير منهم قاتلوه وقاتلهم، وكثير منهم لم يقاتلوه ولم يقاتلوا معه(2) .
    إذن، نصف الاُمّة كانوا مخالفين لعلي، ونحن نقول: ارتدّت الاُمّة بعد رسول الله باعتراف ابن تيميّة، ارتدّت عن ولاية أمير المؤمنين إنْ كان كلامه حقّاً.

    ثمّ يقول ـ ولاحظوا عباراته، كلمات حتّى سماعها يحزّ في النفس، فكيف قراءتها والنظر فيها والتأمل فيها ـ يقول:

    ____________

    (1) منهاج السنة 8 / 234.

    (2) منهاج السنة 4 / 105.

    الصفحة 54
    لكنّ نصف رعيّته يطعنون في عدله، فالخوارج يكفّرونه، وغير الخوارج من أهل بيته وغير أهل بيته يقولون: إنّه لم ينصفهم، وشيعة عثمان يقولون: إنّه ممّن ظلم عثمان. وبالجملة، لم يظهر لعلي من العدل، مع كثرة الرعية وانتشارها، ما ظهر لعمر، ولا قريب منه(1) .
    لاحظوا العبارات:

    وأمّا تخلّف من تخلّف عن مبايعته، فعذرهم في ذلك أظهر من عذر سعد بن عبادة وغيره لمّا تخلّفوا عن بيعة أبي بكر(2) .
    ثمّ يصعد أكثر من هذا ويقول:

    وروي عن الشافعي وغيرهم أنّهم قالوا: الخلفاء ثلاثة أبوبكر وعمر وعثمان(3) .

    لاحظوا نصّ العبارة:

    والخلفاء الثلاثة فتحوا الامصار، وأظهروا الدين في مشارق الارض ومغاربها، ولم يكن معهم

    ____________

    (1) منهاج السنة 6 / 18.

    (2) منهاج السنة 4 / 388.

    (3) منهاج السنة 4 / 404.

    الصفحة 55
    رافضي، بل بنو أميّة بعدهم، مع انحراف كثير منهم عن علي وسبّ بعضهم له، غلبوا على مدائن الاسلام كلّها من مشارق الارض إلى مغربها، وكان الاسلام في زمنهم
    أعزّ منه فيما بعد ذلك بكثير… وأظهروا الاسلام فيها وأقاموه… ويقال: إنّ فيهم من كان يسكت عن علي، فلا يربّع به في الخلافة، لانّ الاُمّة لم تجتمع عليه… وقد صنّف بعض علماء الغرب كتاباً كبيراً في الفتوح، فذكر فتوح النبي (صلى الله عليه وسلم)، وفتوح الخلفاء بعده أبي بكر وعمر وعثمان، ولم يذكر عليّاً مع حبّه له وموالاته له، لانّه لم يكن في زمنه فتوح(1) .

    وكان بالاندلس كثير من بني أُميّة… يقولون: لم يكن خليفة، وإنّما الخليفة من اجتمع الناس عليه، ولم يجتمعوا على علي. وكان من هؤلاء من يربّع بمعاوية في خطبة الجمعة، فيذكر الثلاثة ويربّع بمعاوية ولا يذكر عليّاً…(2) .

    ____________

    (1) منهاج السنّة 6 / 419 ـ 420.

    (2) منهاج السنّة 4 / 401 ـ 402.

    الصفحة 56
    إلى أنْ يقول:

    فلم يظهر في خلافته دين الاسلام، بل وقعت الفتنة بين أهله، وطمع فيهم عدوّهم من الكفّار والنصارى والمجوس(1) .
    قال:

    وأمّا علي فلم يتفق المسلمون على مبايعته، بل وقعت الفتنة في تلك المدّة، وكان السيف في تلك المدّة مكفوفاً عن الكفّار مسلولاً على أهل)الاسلام(2) .

    وهذا كان حجّة من كان يربّع بذكر معاوية ولا يذكر عليّاً(3) .

    ولم يكن في خلافة علي للمؤمنين الرحمة التي كانت في زمن عمر وعثمان، بل كانوا يقتتلون ويتلاعنون، ولم يكن لهم على الكفّار سيف، بل الكفّار كانوا قد طمعوا فيهم، وأخذوا منهم أموالاً

    ____________

    (1) منهاج السنّة 4 / 117.

    (2) منهاج السنّة 4 / 161.

    (3) منهاج السنّة 4 / 162.

    الصفحة 57
    وبلاداً(1) .

    فإذا لم يوجد من يدّعي الاماميّة فيه أنّه معصوم وحصل له سلطان بمبايعة ذي الشوكة إلاّ علي وحده، وكان مصلحة المكلّفين واللّطف الذي حصل لهم في دينهم ودنياهم في ذلك الزمان أقلّ منه في زمن الخلفاء الثلاثة، وعلم بالضرورة أن ما يدّعونه من اللطف والمصلحة الحاصلة بالائمّة المعصومين باطل قطعاً(2) .
    يقول:

    ومن ظنّ أنّ هؤلاء الاثني عشر هم الذين تعتقد الروافض إمامتهم، فهو في غاية الجهل، فإنّ هؤلاء ليس فيهم من كان له سيف إلاّ علي بن أبي طالب، ومع هذا فلم يتمكّن في خلافته من غزو الكفّار، ولا فتح مدينة ولا قتل كافراً، بل كان المسلمون قد اشتغل بعضهم بقتال بعض، حتّى طمع فيهم الكفّار بالشرق والشام، من المشركين وأهل الكتاب، حتّى يقال إنّهم أخذوا بعض بلاد المسلمين،

    ____________

    (1) منهاج السنّة 4 / 485.

    (2) منهاج السنّة 3 / 379.

    الصفحة 58
    وإنّ بعض الكفّار كان يحمل إليه كلام حتّى يكفّ عن المسلمين، فأيّ عزّ للاسلام في هذا ـ أي في حكومة علي.

    … وأيضاً فالاسلام عند الاماميّة هو ما هم عليه، وهم أذلّ فرق الاُمّة، فليس في أهل الاهواء أذلّ من الرافضة(1) .
    ثمّ يقول العبارة التي نقلها ابن حجر، وقرأناها في كتاب الدرر الكامنة، يقول:

    فإنّ عليّاً قاتل على الولاية، وقُتل بسبب ذلك خلق كثير، ولم يحصل في ولايته لا قتال للكفّار ولا فتح لبلادهم، ولا كان المسلمون في زيادة خير(2) .

    فما زاد الامر إلاّ شدّة، وجانبه إلاّ ضعفاً، وجانب من حاربه إلاّ قوّة والاُمّة إلاّ افتراقاً(3) .
    ثمّ يقول:

    ولهذا جعل طائفة من الناس خلافة علي من

    ____________

    (1) منهاج السنّة 8 / 241 ـ 242.

    (2) منهاج السنّة 6 / 191.

    (3) منهاج السنّة 7 / 452.

    الصفحة 59
    هذا الباب، وقالوا: لم تثبت بنص ولا إجماع(1) .
    ثمّ يقول:

    لان النص والاجماع المثبتين لخلافة أبي بكر ليس في خلافة عليّ مثلها، فانه ليس في الصحيحين ما يدلّ على خلافته، وإنّما روى ذلك أهل السنن، وقد طعن بعض أهل الحديث في حديث سفينة(2) .
    فعلى هذا لا يبقى حينئذ دليل على امامة علي مطلقاً حتّى في المرتبة الرابعة.

    ويقول:

    وأحمد بن حنبل، مع أنه أعلم أهل زمانه بالحديث، احتج على إمامة علي بالحديث الذي في السنن: «تكون خلافة النبوة ثلاثين سنة، ثم تصير مُلكاً» وبعض الناس ضعّف هذا الحديث، لكن أحمد وغيره يثبتونه(3) .
    يقول:

    ____________

    (1) منهاج السنّة 8 / 243.

    (2) منهاج السنّة 4 / 388.

    (3) منهاج السنّة 7 / 50.

    الصفحة 60
    وعلي يقاتل ليطاع ويتصرّف في النفوس والاموال، فكيف يجعل هذا قتالاً على الدين(1) .
    نصّ العبارة بلا زيادة ونقيصة.

    حتّى أنّه يجعل عليّاً مصداقاً لقوله تعالى: (تِلْكَ الدَّارُ الاْخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الاَْرْضِ وَلاَ فَسَاداً والعَاقِبَةُ للمُتَّقِينَ)(2) .

    ثم يقول:

    فمن أراد العلوّ في الارض والفساد لم يكن من أهل السعادة في الاخرة(3) .
    وعلي إنّما قاتل لانْ يكون له العلوّ في الارض، إنّه إنّما:

    قاتل ليطاع هو(4) .
    ثمّ يقول:

    والذين قاتلوا من الصحابة لم يأت أحد منهم بحجّة توجب القتال، لا من كتاب ولا من سنّة، بل

    ____________

    (1) منهاج السنّة 8 / 329.

    (2) القصص: 83.

    (3) منهاج السنّة 4 / 500.

    (4) منهاج السنّة 4 / 500.

    الصفحة 61
    أقرّوا بأنّ قتالهم كان رأياً رأوه، كما أخبر بذلك علي (رضي الله عنه) عن نفسه(1) .

    وأمّا قتال الجمل وصفّين، فقد ذكر علي (رضي الله عنه) أنّه لم يكن معه نصّ من النبي (صلى الله عليه وسلم)، وإنّما كان رأياً، وأكثر الصحابة لم يوافقوه على هذا القتال(2) .

    أن القتال كان قتال فتنة بتأويل، لم يكن من الجهاد الواجب ولا المستحب(3) .

    وقتل خلقاً كثيراً من المسلمين الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويصومون ويصلّون(4) .
    وقال طاعناً في الامام وهو يقصد الدفاع عن عثمان ـ حيث يقولون من جملة ما نقموا عليه إنّه كان يتصرف في بيت المال هو وبنو أُميّة ـ:

    وأين أخذ المال وارتفاع بعض الرجال، من قتال الرجال الذين قتلوابصفّين ولم يكن في ذلك عزّ ولا ظفر ؟… حرب صفّين التي لم يحصل بها إلاّ زيادة

    ____________

    (1) منهاج السنّة 1 / 526.

    (2) منهاج السنّة 6 / 333.

    (3) منهاج السنّة 7 / 57.

    (4) منهاج السنّة 6 / 356.

    الصفحة 62
    الشر وتضاعفه لم يحصل بها من المصلحة شيء(1) .

    ولهذا كان أئمّة السنّة كمالك وأحمد وغيرهما يقولون: إنّ قتاله للخوارج مأمور به، وأمّا قتال الجمل وصفّين فهو قتال فتنة.

    ولهذا كان علماء الامصار على أن القتال كان قتال فتنة وكان من قعد عنه أفضل ممن قاتل فيه(2) .
    وعلي بن أبي طالب (رضي الله عنه)ندم على أمور فعلها من القتال وغيره… وكان يقول ليالي صفّين: لله درّ مقام قامه عبدالله بن عمر وسعد بن مالك، إن كان برّاً إنّ أجره لعظيم، وإن كان إثماً إنّ خطره ليسير(3) .
    والحال أنّ عبدالله بن عمر وسعد بن مالك يعني سعد بن أبي وقّاص كلاهما قد ندما على عدم بيعتهما مع علي وتخلَّفهما عن القتال معه في حروبه، والنصوص بذلك موجودة في المصادر.

    ____________

    (1) منهاج السنّة 8 / 143.

    (2) منهاج السنّة 8 / 233.

    (3) منهاج السنّة 6 / 209.

    الصفحة 63
    يضيف إنّ عليّاً كان يقول لابنه الحسن (عليه السلام) في ليالي صفّين:

    يا حسن يا حسن ما ظنّ أبوك أنّ الامر يبلغ إلى هذا، ودّ أبوك لو مات قبل هذا بعشرين سنة(1) .
    الاحاديث الصحيحة المتقنة في الكتب المعتبرة يكذّبها ويطالب فيها بسند صحيح، ثمّ يذكر مثل هذا ولا يذكر له أيّ سند، وأيّ مصدر، وغير معلوم من قال هذا ؟ ويرسله إرسال المسلّمات، يا حسن يا حسن ما ظنّ أبوك أنّ الامر يبلغ إلى هذا، ودّ أبوك لو مات قبل هذا بعشرين سنة !!

    يقول:

    ولمّا رجع من صفّين تغيّر كلامه… وتواترت الاثار بكراهته الاحوال في آخر الامر(2) .

    وكان علي أحياناً يظهر فيه الندم والكراهة للقتال، ممّا يبيّن أنّه لم يكن عنده فيه شيء من الادلّة الشرعيّة(3) .

    ____________

    (1) منهاج السنّة 6 / 209.

    (2) منهاج السنّة 6 / 209.

    (3) منهاج السنّة 8 / 526.

    الصفحة 64
    وممّا يبيّن أنّ عليّاً لم يكن يعلم المستقبل، إنّه ندم على أشياء ممّا فعلها… وكان يقول ليالي صفّين: يا حسن يا حسن، ما ظنّ أبوك أنّ الامر يبلغ هذا، لله درّ مقام قامه سعد بن مالك وعبدالله بن عمر…(1) .
    هذا كرّره مرّة أخرى، وقال بعد ذلك:

    هذا رواه المصنّفون(2) .
    ومن المصنّفون ؟ غير معلوم.

    يقول:

    وتواتر عنه أنّه كان يتضجّر ويتململ من اختلاف رعيّته عليه، وأنّه ما كان يظنّ أنّ الامر يبلغ ما بلغ، وكان الحسن رأيه ترك القتال، وقد جاء النصّ الصحيح بتصويب الحسن… وسائر الاحاديث الصحيحة تدلّ على أنّ القعود عن القتال والامساك عن الفتنة كان أحبّ إلى الله ورسوله(3) .
    يقول: وأمّا حديث أُمرت بقتال الناكثين والقاسطين

    ____________

    (1) منهاج السنّة 8 / 145.

    (2) منهاج السنّة 8 / 145.

    (3) منهاج السنّة 8 / 145.

    الصفحة 65
    والمارقين، فهذا كذب.

    لابدّ وأن يكذّبه، لانّه يصرّ على أنّ عليّاً لم يكن عنده دليل شرعي على قتاله، فلابدّ وأن يكون هذا الحديث كذباً.

    نصّ العبارة:

    لم يرو علي (رضي الله عنه) في قتال الجمل وصفّين شيئاً… وأمّا قتال الجمل وصفّين فلم يرو أحد منهم فيه نصّاً إلاّ القاعدون، فإنّهم رووا الاحاديث في ترك القتال في الفتنة، وأمّا الحديث الذي يُروى أنّه أمر بقتل الناكثين والقاسطين والمارقين، فهو حديث موضوع على النبي (صلى الله عليه وسلم)(1) .
    وهذا الحديث يرويه من الصحابة:

    1 ـ أبو أيّوب الانصاري.

    2 ـ أمير المؤمنين.

    3 ـ عبدالله بن مسعود.

    4 ـ أبو سعيد الخدري.

    5 ـ عمّار بن ياسر.

    وغيرهم.

    ____________

    (1) منهاج السنّة 6 / 112.

    الصفحة 66
    ومن الحفّاظ:

    1 ـ الطبري.

    2 ـ البزّار.

    3 ـ أبو يعلى.

    4 ـ ابن مردويه.

    5 ـ أبوالقاسم الطبراني.

    6 ـ الحاكم النيسابوري.

    7 ـ الخطيب البغدادي.

    8 ـ ابن عساكر.

    9 ـ ابن الاثير.

    10 ـ الجلال السيوطي.

    11 ـ ابن كثير.

    12 ـ المحب الطبري.

    13 ـ أبو بكر الهيثمي.

    14 ـ والمتقي الهندي.

    ومن أسانيده الصحيحة مارواه البزّار والطبراني في الاوسط، وترون النص على صحّته في مجمع الزوائد يقول بعد روايته: وأحد إسنادي البزّار رجاله رجال الصحيح، غير الربيع بن سعيد ووثّقه

    الصفحة 67
    ابن حبّان، وله أسانيد أُخرى صحيحة.

    الصفحة 68
    الصفحة 69

    افتراء ابن تيميّة على أمير المؤمنين (عليه السلام)

    وأمّا الاشياء التي نسبها إلى أمير المؤمنين، والاكاذيب التي هي في الحقيقة كذب عليه، في كلماته كثيرة، منها: إنّ عليّاً كان يقول مراراً: إنّ أبابكر وعمر أفضل منّي، وكان يفضّلهما على نفسه.

    يقول:

    حتى قال: لا يبلغني عن أحد أنّه فضّلني على أبي بكر وعمر إلاّ جلدته جلد المفتري(1) .
    هذا الشيء الذي نقله لم يذكر له مصدراً عن أمير المؤمنين، وأمير المؤمنين لم نسمع أنّه جلد أحداً من الصحابة لانّه فضّله على الشيخين، مع أنّ كثيرين من الصحابة كانوا في نفس الوقت وفي حياة أمير المؤمنين يفضّلون عليّاً على الشيخين بمسمع منه ومرأى.

    ____________

    (1) منهاج السنة 7 / 511.

    الصفحة 70
    إنّ ابن حزم في الفصل(1) ، وكذا ابن عبد البر في الاستيعاب(2) بترجمة أمير المؤمنين، هذان الحافظان الكبيران يذكران أسماء عدّة كبيرة من الصحابة كانوا يقولون بأفضليّة علي من الشيخين، ولم نسمع أنّ عليّاً جلد واحداً منهم.

    وأمّا هذا الخبر، فقد كفانا الدكتور محمّد رشاد سالم ـ الذي حقّق منهاج السنّة في طبعته الجديدة ـ مؤنة تحقيقه حيث قال: بأنّه ضعيف(3) .

    وكذب على علي وفاطمة الزهراء فزعم أنه روي:

    كما في الصحيح عن علي (رضي الله عنه)، قال: طرقني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وفاطمة، فقال: «ألا تقومان تصليان ؟» فقلت: يا رسول الله إنما أنفسنا بيد الله إن شاء أن يبعثنا بعثنا، قال: فولّى، وهو يقول:(وَكَانَ الاِْنسَانُ أَكثَرَ شَيء جَدَلاً)(4) .
    وكذب على أمير المؤمنين في قضيّة شرب الخمر(5) .

    ____________

    (1) الفصل في الملل والنحل 4 / 181.

    (2) الاستيعاب في معرفة الاصحاب 3 / 1090.

    (3) منهاج السنة 7 / 511، الهامش.

    (4) منهاج السنة 3 / 85، الاية سورة الكهف: 54.

    (5) منهاج السنة 7 / 237.

    #222041
    hayefmajid
    Membre

    افتراء ابن تيميّة على أمير المؤمنين (عليه السلام)

    وأمّا الاشياء التي نسبها إلى أمير المؤمنين، والاكاذيب التي هي في الحقيقة كذب عليه، في كلماته كثيرة، منها: إنّ عليّاً كان يقول مراراً: إنّ أبابكر وعمر أفضل منّي، وكان يفضّلهما على نفسه.

    يقول:

    حتى قال: لا يبلغني عن أحد أنّه فضّلني على أبي بكر وعمر إلاّ جلدته جلد المفتري(1) .
    هذا الشيء الذي نقله لم يذكر له مصدراً عن أمير المؤمنين، وأمير المؤمنين لم نسمع أنّه جلد أحداً من الصحابة لانّه فضّله على الشيخين، مع أنّ كثيرين من الصحابة كانوا في نفس الوقت وفي حياة أمير المؤمنين يفضّلون عليّاً على الشيخين بمسمع منه ومرأى.

    ____________

    (1) منهاج السنة 7 / 511.

    الصفحة 70
    إنّ ابن حزم في الفصل(1) ، وكذا ابن عبد البر في الاستيعاب(2) بترجمة أمير المؤمنين، هذان الحافظان الكبيران يذكران أسماء عدّة كبيرة من الصحابة كانوا يقولون بأفضليّة علي من الشيخين، ولم نسمع أنّ عليّاً جلد واحداً منهم.

    وأمّا هذا الخبر، فقد كفانا الدكتور محمّد رشاد سالم ـ الذي حقّق منهاج السنّة في طبعته الجديدة ـ مؤنة تحقيقه حيث قال: بأنّه ضعيف(3) .

    وكذب على علي وفاطمة الزهراء فزعم أنه روي:

    كما في الصحيح عن علي (رضي الله عنه)، قال: طرقني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وفاطمة، فقال: «ألا تقومان تصليان ؟» فقلت: يا رسول الله إنما أنفسنا بيد الله إن شاء أن يبعثنا بعثنا، قال: فولّى، وهو يقول:(وَكَانَ الاِْنسَانُ أَكثَرَ شَيء جَدَلاً)(4) .
    وكذب على أمير المؤمنين في قضيّة شرب الخمر(5) .

    ____________

    (1) الفصل في الملل والنحل 4 / 181.

    (2) الاستيعاب في معرفة الاصحاب 3 / 1090.

    (3) منهاج السنة 7 / 511، الهامش.

    (4) منهاج السنة 3 / 85، الاية سورة الكهف: 54.

    (5) منهاج السنة 7 / 237

6 sujets de 1 à 6 (sur un total de 6)
  • Vous devez être connecté pour répondre à ce sujet.
SHARE

ابن تيمية