Résultats de la recherche sur '—'

Forums Rechercher Résultats de la recherche sur '---'

15 réponses de 60,256 à 60,270 (sur un total de 70,646)
  • Auteur
    Résultats de la recherche
  • #202221

    Sujet: ابن عبدالوهاب

    dans le forum Religions
    hayefmajid
    Membre

    عقائد ابن عبدالوهاب

    إنه يزعم أنه هو الموحد الوحيد، وغيره من المسلمين كفار مشركون، وهذا بعض مظاهر توحيده:

    إنه يعتقد أن الله جالس على العرش حقيقة، وأن له يداً ورجلاً، وساقاً وجنباً، وعيناً ووجهاً ولساناً ونفساً، وأنه يتكلم بحرف وصوت، وخلاصة القول أنه يعتقد التجسم الذي أطبق المسلمون على كفره.

    وإن لابن عبدالوهاب عقائد وأحكاماً حول القبور اختص بها، وأفتى بها من غير دليل شرعي، بل الأدلة قائمة على خلاف ما حكم به، وأن مذهبه حول القبور أنه يحرم عمارتها والبناء حولها، وتعاهدها والدعاء والصلاة عندها، بل يجب هدمها وطمسها ومحو آثارها، حتى قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويزعم
    الصفحة 6
    هو وأتباعه أن المشاهد المشرفة والقبور التي فيها بمنزلة الأصنام، ويقولون في قبر النبي أنه الصنم الأكبر.

    وبالجملة فإن الوهابيين كتلة إرهابية شعارها التدمير والتحطيم، والقسوة والهمجية، وأنهم يبذلون كل ما لديهم من نشاط وقوة لمكافحة فئة واحدة من المسلمين يشهدون أن لا إله إلا الله محمد رسول الله ويصلون ويحجون.

    وإن في تاريخ حياتهم المظلمة فجائع ومآسي لا تنسى مدى الدهر، ومنها هجومهم على مدينة كربلاء المقدسة في سنة 1216هـ المصادف 1801م، وإليك الواقعة كما ذكرها المرحوم البحاثة القدير الأستاذ الدكتور السيد عبدالجواد الكليدار في كتابه: «تاريخ كربلاء» نذكره حرفياً:

    الحائر والهدم والحرق والنهب والتقل على يد الوهابيين في 18 ذي الحجة سنة 1216.

    إن أعظم فاجعة بعد واقعة الطف مرت على كربلاء في التاريخ؛ هي غزو الوهابيين لها في عام 1216، تلك الفاجعة التي لا تزال تردد صداها البلاد الإسلامية والأوربية معاً، فأسهب في فظاعتها المؤرخون من مسلمين وأوربيين… فعدوها وقعة طف ثانية في التاريخ… فندع المجال أولاً للأوربيين.. فنعطى دور الكلام أولا للمستر ستيفن هميسلي، لو نكريك الإنكليزي أن يتكلم أمام المرأى العام العالمي والتاريخ بصراحته وحريته… يقول في كتابه «أربعة قرون من تاريخ العراق»:

    «لم تكن أعراب نجد تختلف في العقيدة والمذهب عن بقية المسلمين إلى أواخر القرن الثاني عشر الهجري حين نشر بينهم محمد بن عبدالوهاب تعاليمة الجديدة التي جاءت موافقة لميول أمة بدوية تعيش على الفطرة معتمدة على الغزو في معيشتها، ولاقت قبولاً حسناً من محمد بن سعود أميرهم، وقد تلقى
    الصفحة 7
    محمد بن عبدالوهاب دروسه في كليات بغداد الدينية، فأتيح له أن يجلب الأخطار العظيمة على هذه البلاد التي أقام فيها، وانتقل من بغداد إلى المدينة ثم إلى عوينة في نجد..

    إلى أن يقول: على أن الفاجعة الكبرى كانت على قاب قوسين أو أدنى، تلك الفاجعة التي دلت على منتهى القسوة والهمجية والطمع الأشعبي، واستعملت باسم الدين، وأن الجيوش الوهابية تحركت للغزو المختص بالربيع… انتشر خبر اقتراب الوهابيين من كربلاء عشية اليوم الثاني من نيسان 1801 عندما كان معظم سكان البلدة (كربلاء) في النجف يقومون بالزيارة، فسارع من بقي في المدينة لإغلاق الأبواب، غير أن الوهابيين وقد قدروا بستمائة هجان وأربعمائة فارس، نزلوا فنصبوا خيامهم وقسموا قوتهم إلى ثلاثة أقسام، وفي ظل أحد الخانات (من ناحية محلة باب المخيم فتحوا ثغرة في السور فدخلوا أحد الخانات فجأة) هاجوا أقرب باب من أبواب البلد، فتمكنوا من فتحه عسفاً ودخلوا، فدهش السكان وأصبحوا يفرون على غير هدى، أما الوهابيون الخشن فقد شقوا طريقهم إلى الأضرحة المقدسة وأخذوا يخربونها؛ فاقتلعت القصب المعدنية، والسياج ثم المرايا الجسيمة، ونهبت النفائس والحاجات الثمينة من هدايا الباشوات والأمراء وملوك الفرس وكذلك سلبت زخارف الجدران وقلع ذهب السقوف، وأخذت الشمعدانات والسجاد الفاخر، والمعلقات الثمينة، والأبواب المرصعة وجميع ما وجد من هذا الضرب، وقد سحبت جميعها ونقلت إلى الخارج.

    وقتل زيادة على هذه الأفاعيل قراب خمسين شخصاً بالقرب من الضريح، وخمسمائة أيضاً خارج الضريح في الصحن، أما البلدة نفسها فقد عاث الغزاة المتوحشون فيها فساداً وتخريباً، وقتلوا من دون رحمة جميع من صادفوه،
    الصفحة 8
    كما سرقوا كل دار، ولم يرحموا الشيخ و لا الطفل، ولم يحترموا النساء ولا الرجال، فلم يسلم الكل من وحشيتهم ولا من أسرهم، ولقد قدر البعض عدد القتلى بألف نسمة، وقدر الآخرون خمسة أضعاف ذلك، عدا الجرحى.

    إلى آخر ما ذكره المؤرخون من فجائع هذه الطائفة الوحشية القاسية الظالمة.

    وفي سنة 1344 أفتى فقهاء المدينة بوجوب هدم القبور في البقيع وغير البقيع في المدينة وخارجها، وفي اليوم الثامن من شهر شوال من تلك السنة صدر الأمر ونفذ الحكم، فأهووا على قبر الصديقة الطاهرة سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فهدموا قبرها، فكأنها ما كفاها المصائب التي جرت عليها من الأولين أيام حياتها، حتى قام الآخرون بإتمامها بعد وفاتها، ثم هدموا مرقد الأئمة الأربعة من أهل البيت وهم:

    سبط الرسول الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام.

    الإمام زين العابدين علي بن الحسين عليه السلام.

    الإمام الباقر محمد بن علي عليه السلام.

    الإمام الصادق، جعفر بن محمد عليه السلام، وقبة العباس عم النبي، وقبر سيدنا إبراهيم ابن رسول الله، وقبور زوجاته وعماته، وقبر فاطمة بنت أسد وحمزة سيد الشهداء عم رسول الله وغيرهما من قبور أهل البيت، ولعلهم إنما أقدموا على تلك الجرائم عملا منهم بالآية الشريفة: (قل لا أسألكم عليه أجراً إلاً المودة في القربى) .

    وقد كتب المغفور له آية الله السيد محمد حسن القزويني كتاباً في الرد على فتاوى رئيس هذه الفئة الباغية الطاغية ونفدت نسخ الكتاب، وقد
    الصفحة 9
    انتشرت في هذه الأيام أباطيلهم وكلماتهم المسمومة في بلاد الإسلام أكثر فأكثر، فإنهم استغلوا كتاباً مأجورين، فجعلوا يدعون البسطاء من المسلمين المساكين إلى هذا الدين الجديد الخطر، فرأيت لزاماً على أن أعيد طبع الكتاب لما فيه من فوائد ومنافع إرشاداً للجاهل وتنبيهاً للغافل، ولئلا يكون للناس على الله حجة والله من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل.

    كربلاء المقدسة

    السيد محمد كاظم القزويني
    غرة رجب / 1382هـ
    الصفحة 10
    الصفحة 11

    كلمة المؤلف

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله، والصلاة والسلام على نبيه محمد وآله الطاهرين.

    وبعد: يقول العبد الجاني محمد حسن الموسوي الطباطبائي؛ هذه رسالة وجيزة أوردت فيها من الكتاب والسنة المعتبرة عند المسلمين ما يفصح عن بطلان ما لفقته الطائفة الوهابية من كتاب (منهاج السنة) لأحمد بن تيمية، وقبل الشروع فيها لابد من تمهيد مقدمتين:

    الأولى: أن من القواعد المضروبة شرعا إصالة الإباحة في الأفعال والأقوال ما لم ينه عنها الشارع خصوصاً أو عموماً من غير معارض.

    وعليها الأدلة من الإجماع وحكم العقل والنقل، وقد اعترف بها ابن تيمية قائلاً ـ في منهاج السنة في الرد على الأشاعرة القائلين بتعذيب من لاذنب له ـ: «بأن هذا مخالف للكتاب والسنة والعقل أيضاً».

    أقول: والإجماع أيضاً، وذلك لأن المسلمين طراً، بل وسائر أهل الملل والنحل ـ كما تفصح عنه الآيات التي ستتلى عليك ـ على إباحة فعل عند فقط بيان من الشارع على المنع وعدم الرخصة، والعقل ناطق بأن من القبيح عقاب العبد على فعل فعله قبل أني ينهاه عنه مولاه، أو قبل وصول نهيه إليه والنقل مصرح كتاباً وسنة:

    فمن الكتاب: قوله تعالى: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا(1) )

    ____________

    (1) الإسراء: 15.
    الصفحة 12
    دل على نفي التعذيب مطلقاً عمن لم يبعث إليه الرسول ولم تقم عليه الحجة ليهلك من هلك عن بينة، ويحيى من حي عن بينة، ولئلا يكون للناس على الله حجة وإلا كانت لهم الحجة، كما قال عز من قائل: (ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولاً فنتبع آياتك من قبل أن نذل و نخزي) وقوله تعالى: (كلما ألقى فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا..) إلخ الآية دلت على أن جميع من يلقى في النار إنما هو بعد تمامية الإنذار، وقوله سبحانه: (يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا) إلى قوله تعالى: (إن لم يكن ربك مهلك القرى وأهلها غافلون) صرح فيه تبارك وتعالى باعتراف المخاطبين من الجن والإنس بأنهم جاءتهم الرسل وقصوا عليهم الآيات، وبينوا لهم التكاليف، لكنهم حيث كفروا بآيات ربهم وعصوا رسلهم أهلكوا الله بهذا السيب، وإلا فلا يعذب من لم يكن عالماً بالآيات، أو لم يأتهم النذير لقوله عز شأنه: (وما كان الله ليضل قوماً بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون) أي من الأمر بالطاعة، والنهى عن المعصية، فلو عذبهم لكان ظلماً. نزه سبحانه نفسه عن الظلم بقوله تعالى: (وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آياتنا وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون) وبين أن المعذبين في النار هم الظالمون لأنفسهم بالمعصية، وترك الطاعة، فمن لم يكن ظالماً لا تجوز عقوبته. ولو عوقب لكان ظلماً عليه.

    وبالجملة دلت الآيات على أن كل من صنع مثل صنع الأمم الخالية، فأنكروا على الله آياته ورسله، وفعلوا المنكرات والقبائح بعدما تمت عليهم الحجة، وظهرت لهم التكاليف الإلهية والزواجر الشرعية عوقب عن إنكاره
    الصفحة 13
    وإقدامه على القبائح المنهى عنها، حيث يقول سبحانه: «ولقد جاء آل فرعون النذر، فكذبوا بآياتنا كلها فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر» فالمؤاخذة لا تكون إلا بالبيان وظهور الزواجر الإلهية، فلو لم تظهر لم تكن لله على الناس حجة.

    قال ابن تيمية: الأصل الذي عليه السلف والجمهور: أن الله تعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها، فالوجوب مشروط بالقدرة، والعقوبة لا تكون إلا على ترك مأمور أو محظور بعد قيام الحجة، انتهى.

    وهذا هو الذي نسبه في ص20 من الجزء الثالث من «منهاج السنة» إلى أبي حنيفة والشافعي وابن حزم، وهذا هو المطابق لسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث المتفق عليه الكل، أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: «رفع عن أمتي تسعة أشياء: الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه، وما لا يعلمون، وما لا يطيقون، وما اضطروا إليه.. إلخ.

    وفي سنن ابن ماجة، باب اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: وفيه عن أبي هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «ما أمرتكم بشيء فخذوه، وما نهيتكم عنه فانتهوا» وفي أيضاً عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «ذروني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا أمرتكم بشيء فخذوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فانتهوا» ومثل ذلك رواية البخاري، وفي سنن ابن ماجة: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: يوشك الرجل متكئاً على أريكته يحدث بحديث من حديثي، فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله عز وجل فما وجدنا فيه من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه، ألا وإن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله».
    الصفحة 14

    قوله: ألا وإن ما حرم رسول الله.. إلخ، يدل على أن ما لم يحرمه الرسول لم يكن حراماً من جانب الله، ولم يكن مثل ما حرم الله، وهذا و سابقه تفسير لقوله تعالى: (ما آتاكم الرسول فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا) .

    ثم إن الغرض من وضع هذه المقدمة بيان أنه لا وجه لإنكار الطائفة الوهابية على فرق المسلمين ـ خصوصاً الإمامية ـ أموراً لم يرد من الشرع فيها نهى وزجر، وإن الحكم فيها بالانتهاء والارتداع جزماً و حتما خلاف ما عليه كتاب الله و سنة رسوله، بل يكون بدعة لأنه إدخال ما ليس من الدين في الدين، وحكم بغير علم، واحتمال كونه من الدين لا يصيره من الدين، وإلا لما كان معنى لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «وما نهيتكم عنه فانتهوا» بنحو القضية الشرطية المستفاد منها عدم الانتهاء عند عدم النهى.

    المقدمة الثانية: في بيان أن من القواعد الشرعية أصولاً وفروعا قاعدة التأويل والاجتهاد، والغرض من تمهيد هذه المقدمة بيان أن أناساً من هذه الأمة أخذتهم العصبية و الجهالة، فزعموا أنها الهداية والديانة، فجعلوا يخاطبون من عداهم ـ ممن ليس على مذهبهم و على طريقتهم ـ يا كافر و يامشرك و يتعدون عليهم في أماكنهم، والبقاع التي تحت سلطتهم، بالضرب والسب والشتم خلافاً لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وآله وسلم، واعتداءاً منهم على المسلمين، إذ ليس فيما أقدموا عليه من التعدي في الكتاب و السنة عين ولا أثر!

    والعجب: مع ذلك أنهم يجعلون أنفسهم من أهل السنة، والحال أن السنة النبوية، والشريعة العامة المحمدية ـ مضافاً إلى سيرة المسلمين والعلماء و أئمة المذهب ـ على خلاف صنعهم، والإنكار على أفعالهم!!

    قال ابن تيمية في ص19 من الجزء الثالث من (منهاج السنة»، في الجواب
    الصفحة 15
    عن المطاعن في الجماعة. إن أكثر هذه الأمور لهم فيها معاذير يخرجها عن أن تكون ذنوباً، وتجعلها من موارد الاجتهاد التي إن أصاب المجتهد فيها فله أجران، وإن أخطأ فله أجر، وعامة المنقول الثابت من الخلفاء الراشدين من هذا الباب، انتهى.

    أقول: وذلك كما في صحيح البخاري عن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر». قال: فحدثت بهذا الحديث أبا بكر بن محمد بن عمرو ابن حزم، فقال: هكذا.

    وقال في ص20: قول السلف وأئمة الفتوى كأبي حنيفة والشافعي والثوري وداود بن على وغيرهم لا يؤثمون مجتهداً مخطأ، لا في المسائل الأصولية ولا في الفروعية، كما ذكر ذلك ابن حزم عنهم وغيره، ولهذا كان أبو حنيفة والشافعي وغيرهما يقبلون شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية، ويصححون الصلاة خلفهم، والكافر لا تقبل شهادته على المسلمين، ولا يصلى خلفه.

    وقالوا: هذا القول المعروف عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان وأئمة الدين: أنهم لا يكفرون ولا يفسقون، ولا يؤثمون أحداً من المجتهدين المخطئين، لا في مسألة علمية ولا عملية، انتهى.

    وقال ابن حزم في ص247 من أواخر الجزء الثالث من كتاب «الفصل في الأهواء والملل والنحل» ما هذه ألفاظه: «وذهبت طائفة إلى أنه لا يكفر ولا يفسق مسلم بقول قاله في اعتقاد أو فتيا، وأن كل من اجتهد في شيء من ذلك فدان بما رأى أنه الحق فإنه مأجور على كل حال، إن أصاب فأجران، وإن أخطأ فأجر واحد، انتهى.
    الصفحة 16

    أقول: إن كان ما ذكره أئمة الدين هو الأساس والأصل المعتمد عليه عند المسلمين فبأي وجه صحيح شرعي يقدمون أقوام على رفض من عداهم من المسلمين ورميهم بالكفر والشرك؟؟ حتى قاموا يسومونهم سوء العذاب ويجعلون بلادهم بلاد حرب. وقد قال عز من قائل: (إنما المؤمنون أخوة) وقال تعالى: (واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا) وقال عز شأنه: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً) وقال سبحانه: (المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) وقوله تعالى: (ونزعنا ما في صدورهم من غل إخواناً على سرر متقابلين) وقال عز شأنه: (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين، ونفصل الآيات لقوم يعلمون) .

    الإسلام موجب لحفظ النفس

    وفي الصحاح ما هي ناطقة بأن من قال: لا إله إلا الله. محمد رسول الله كان محترم المال والعرض والدم. ويكفيك ما في البخاري عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لمعاذ بن جبل، حين بعثه إلى اليمن: إنك ستأتي قوماً أهل كتاب، فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله. فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائم أموالهم.

    وفي البخاري في باب فضائل علي عليه السلام: أنه عليه السلام حين أعطاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم الراية يوم خيبر صرخ: يا رسول الله على ماذا أقاتل الناس؟
    الصفحة 17
    قال: قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منك دماءهم.

    وفي البخاري عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما أمر بالإيمان بالله وحده قال: أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وأن تعطوا من المغنم الخمس.. الحديث.

    قلت: وأنت أيها المطلع على الكتاب المبين، والواقف على شريعة سيد المرسلين هل ترى لأعمال العداوة والنصب لأهل الحق وأخيك المسلم من جهة غير التعدي لحدود الله؟

    ومعلو: أن مذهب الإسلام وما جاء به خير الأنام صلى الله عليه وآله وسلم بمجنب (بمعزل) عن أمثال هذه التعديات: (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون) . فمن حكم بما يراه فقد اتبع هواه الذي نهى الله عنه نبيه صلى الله عليه وآله وسلم بقوله عز شأنه: (ولا تتبع أهواءهم) وأمر أن يحكم بما أنزل الله، فمن خرج عن ذلك فقد أنكر على الله بعدما جاءه الحق، وأتته البينات، فالميزان في متابعة الحق: المصير إلى ما حكم به القرآن، وإلا فما من طائفة إلا وهي على زعمها تأمر بالعدل والحسان كما هو الغالب المتداول بين الجهلة، حيث أن المطاع منهم والشيخ فيهم يحكم بالعادات الجارية، لا بما يقوله الكتاب والسنة، فيشملهم قوله سبحانه: (فإن تولوا فاعلم إنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم، وإن كثيراً من الناس لفاسقون) وقوله تعالى: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون) إن لم يستحلوا خلاف قول الله وقول رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وإلا فإن استحلوا ذلك فأولئك هم الكافرون حيث يقول سبحانه (ومن لم يحكم
    الصفحة 18
    بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) نعم لو فرض أن المسلمين تنازعوا أو اختلفوا إلى شيء فالواجب عليهم أن يردوه إلى الله والرسول لقوله تعالى: (وإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر) وقوله سبحانه: (وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله) ومع ذلك لو طعن طاعن في طائفة من المسلمين وجعلوا يرمونهم بالسب والشتم ونسبة الكفر والإلحاد كان ذلك تفرقاً منهياً عنه بقوله عز شأنه: «إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شئ) وقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) وقوله سبحانه: (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم) فالله تبارك وتعالى أمر المؤمنين بالاعتصام بحبله، ونهاهم عن التفرق، وفسر الاعتصام بحبله بالتمسك بدينه، ولا ريب أن دينه الأسلام لقوله تعالى: (إن الدين عند الله الإسلام) والإسلام هو الإيمان المفسر بالشهادتين.

    تحريم التفرق والاختلاف

    فإذن: المسلمون على ملة واحدة، نعم جعل لهم حدوداً وحرمات لا يجوز التعدي عنها لقوله تعالى: (وتلك حدود الله فلا تعتدوها) فحرم عليهم الظلم، وحرم عليهم دمائهم وأعراضهم وأموالهم، ففي الصحيحين: أن النبي صلى الله عليه واله وسلم قال في حجة الوداع: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا: هل بلغت؟ ألا ليبلغ الشاهد الغائب.

    وفي البخاري ـ بطرق عديدة ـ عن النبي صلى الله عليه واله وسلم أنه قال في حجة
    الصفحة 19
    الوداع: أنظروا ولا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض.

    والمقصود من هذه المقدمة أن عمل الوهابية خلاف ما عليه الكتاب والسنة، لتطابقها على لزوم التودد والتحابب بين المسلمين، لا على التنافر والتعاند ورمي بعضهم بعضاً بالكفر، والتعدي بالضرب والشتم. وما علينا إلا البلاغ المبين، تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق، إذا عرفت ما مهدناه لك فنقول: ان هذه الرسالة مشتملة على مسائل، وخاتمة.

    المسألة الأولى في الشفاعة

    قالت الوهابية: الشفاعة للأنبياء والأولياء منقطعة في الدنيا، وإنما هي ثابتة لهم في الآخرة، فلو جعل العبد بينه وبين الله تعالى وسائط من عباده يسألهم الشفاعة كان ذلك شركا، وعبادة لغير الله تعالى، فاللازم أن يوجه العبد دعاءه إلى ربه ويقول: اللهم اجعلنا ممن تناله شفاعة محمد صلى الله عليه واله وسلم ولا يجوز له أن يقول: يا محمد اشفع لي عند الله.

    محتجين عليه بقوله تعالى: (وان المساجد لله، فلا تدعوا مع الله أحداً) وقوله سبحانه: (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه) وقوله جل شأنه: (ولا يشفعون إلا لمن ارتضى) وقوله عز من قائل: (لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهداً) .

    قال محمد بن عبد الوهاب في رسالته «كشف الشبهات»: فإن قال: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أعطى الشفاعة، واطلبه مما أعطاه الله. فالجواب: أن الله أعطاه الشفاعة، ونهاك عن هذا! وقال: فلا تدع مع الله أحداً، وأيضاً: فإن الشفاعة أعطاها غير النبي صلى الله عليه وآله وسلم فصح أن الملائكة يشفعون، والأولياء يشفعون،
    الصفحة 20
    والأفراط يشفعون، أتقول: إن الله أعطاهم الشفاعة فاطلبها منهم؟ فإن قلت هذا رجعت إلى عبادة الصالحين.

    وقالت الإمامية: إن الشفاعة ثابتة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وصالح المؤمنين والملائكة المقربين، فيجوز الاستشفاع بهم إلى الله تعالى، لنهوض الكتاب والسنة عليه ـ

    الآيات الدالة على جواز الاستشفاع

    فمن الكتاب قوله سبحانه: (ولو أنهم إذا ظلموا جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيما) دلت الآية على أن العاصين متى جاؤوا إلى الرسول تائبين، وجعلوا يتوسلون به في طلب المغفرة من الله، واستغفر عند ذلك لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيما، فلو كان الاستشفاع من النبي صلى الله عليه وآله شركاً لله لما وجدوا الله تواباً رحيما، لأن الله سبحانه لا يغفر أن يشرك به.

    قال الفخر الرازي في التفسير: يعني لو أنهم عند ما ظلموا أنفسهم بالتحاكم إلى الطاغوت، والفرار من التحاكم الى الرسول، جاؤوا إلى الرسول وأظهروا الندم على ما فعلوه، وتابوا عنه، واستغفروا منه، واستغفر لهم الرسول بأن يسأل الله أن يغفرلهم عند توتبهم لوجدوا الله تواباً رحيما، انتهى.

    وقال أيضاً عند ذكر الفائدة للعدول عن الخطاب الى الغيبة: وإنما قال: واستغفر لهم الرسول. ولم يقل: واستغفرت لهم. إجلالا للرسول وأنهم إذا جاؤوه فقد جاؤوا من خصه الله برسالته، وأكرمه بوحيه وجعله سفيراً بينه وبين خلقه، ومن كان كذلك فالله لا يرد شفاعته… الخ.

    أقول: وما ذكره من كون الرسول صلى الله عليه وآله وسلم سفيراً بين الله تعالى وبين
    الصفحة 21
    العباد هي الواسطة التي أثبتها الإمامية، وسائر الفرق من المسلمين الذين أثبتوا للنبي الشفاعة المطلقة، بل أقول: إن النكتة في العدول من الخطاب إلى الغيبة هي الإشارة والدلالة على أن هذا المقام الكريم، وغفران الله باستغار الشفيع غير مختص بشخصية النبي. وإنما هو عام لكل سفير، ومن له جهة القرب من الله. المقتضية للأهلية للشفاعة.

    ومنها: قوله تعالى ـ حكاية من أولاد يعقوب ـ: (يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين) ، وقول يعقوب: (سوف أستغفر لكم ربي) ، فإنه صريح في سؤالهم وتوسلهم بأبيهم إلى الله في الاستغفار وطلب العفو، ونزول الرحمة في الدنيا قبل الآخرة.

    ومنها: ما تضمن الأمر باستغفار النبي صلى الله عليه وآله وسلم للمؤمنين من قوله تعالى: (واستفغر لذنبك وللمؤمنين) وقوله سبحانه: (وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم) ومن المعلوم أن الأمر به يلازم جواز الاستشفاع بالنبي لأنه لا يأمر بالشرك والكفر، أيأمركم بالكفر بعد إذا أنتم مسلمون؟

    وقول ابن عبد الوهاب: «إن الله أعطى نبيه الشفاعة، ولكن نهاك عن الاستشقاع به!» كلام شعري، مبناه الخيال، فإنه مثل أن يقول: إن الله تعالى أعطى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم يوم القيامة سقاية الحوض، ولكن نهى الناس من الورود عليه والاستسقاء منه!

    أو يقول: إن الله تعالى أكرم العباس (عم النبي) بسقاية الحاج، ولكن نهى الحاج عن الوفود عليه!! فهل يجد الإنسان لمثل هذا الكلام معنى وأنه إذا راجع وجدانه يرى أنه إذا قال السلطان لبعض غلمانه: (إني فوضت إليك
    الصفحة 22
    تولية أمور رعيتى، ولكن نهيت الرعية عن المراجعة إليك في أمورهم) عد كلامه هذا سفهاً ولغواً.

    جواز الاستشفاع بالنبي والأئمة

    ومنها: قوله تعالى: (من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها) دلت. على جواز وقوع الشفاعة الحسنة من المؤمنين، بعضهم في حق بعض، ومتى جاز التوسل بالشفيع ولو كان ذلك شركا لما صح الإذن في الشفاعة لا عقلا ولا سمعاً، مع أنها مأذون فيها، ومرغب إليها بقوله سبحانه: يكن له نصيب منها.

    والوجه في ذلك: أن الشفاعة عبارة عن اجتماع الشفيع مع المشفوع له في الدعاء والمسألة، إذ الشفاعة مشتقة من الشفع وهو أن يصير الإنسان نفسه شفعاً لصاحب الحاجة، كي يجتمع معه على المسألة من الله تعالى، فهي دعاء وطلب من الله تعالى، وطلب لدعاء الشفيع إلى الله، لا دعاء مع الله، والآية دالة على حرمة الدعاء مع الله، لا الدعاء من الله تعالى، وأين من ذاك؟

    ومن السنة: ما في البخاري ـ في باب: إذا استشفعوا إلى الأمام ليستسقي لهم لم يرهم ـ وباب: إذا استشفع المشركون بالمسلمين عند القحط ـ فراجع.

    فإن قلت: إن الله حكم بكفر عبدة الأوثان، وشركهم، لأجل قولهم هؤلاء شفعاؤنا عند الله. قلت: نعم، إن الله حكم بكفر هؤلاء. لكن منشأ كفرهم أحد الأمرين: إما بغيهم وعتوهم على الله بجعلهم من لا أهلية له من جانب الله شفيعاً ووسيلة يتوسلون بها إلى الله.
    الصفحة 23

    وإما عبادتهم لذلك الشفيع، حيث قالوا: (وما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى.) وأين هذا من جعل الأنبياء شفعاء، لا شركاء معه في الدعاء، فإن الاستشفاع بهم لا يكون كفراً ولا شركا لوجهين؛ بين مجمل ومفصل:

    أما الوجه الأول فهو أن للإمامية ـ بل وقاطبة المسلمين الذين يجوزون الاستشفاع ـ سؤالا من ابن عبد الوهاب، وهو أنه هل ثبتت الشفاعة في الشريعة أم لا؟. فإن قال: لا. أنكر ما أقر به أولا: من أن الشفاعة أعطاها الله غير النبي أيضاً وأنكر على الله ما في القرآن، وإن قال: نعم. قلنا له هل الشفيع شريك مع الله في المغفرة؟ أو أنه شريك مع المشفوع له في طلب المغفرة، فإن قال بالأول فقد أثبت لله سبحانه الشريك، وصار إلى ما فر منه، وإن قال بالثاني أقر بالحق الذي عليه المسلمون، وإن قال بالفرق بين الدنيا والآخرة قلنا له: إن ما يكون شركا في الدنيا لا يكون طاعة في الآخرة، وإن الشرك شرك وقبيح في الدنيا والآخرة.

    وأما الوجه التفصيلي الثانوي فهو أنه لو كان التوسل بالشفيع عبادة له لما جاز الأمر بالتوسل في قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا اليه الوسيلة) فإن المراد بالوسيلة ما يتوسل به إلى الله تعالى، ولا يختص بالأفعال العبادية، أو مطلق الطاعة، أو الكتاب والسنة، بل اللفظ بظاهره عام، لا معدل عنه.

    فيعم مطلق الوسائل التي أمر الله تعالى باتباعها، والاعتصام بها، من الأنبياء الذين هم حبل الله الممدود من السماء في قوله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) .
    الصفحة 24

    فإن المراد من الحبل في الآية هي الواسطة بين الله تعالى وبين عبادة شبهت بالحبل الرابط بين الشيئين.

    فقول الوهابية: إن الواسطة ملغاة في الشريعة: يرده الكتاب والسنة الواردة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أهل بيته واصحابه بطرق صحيحة، مثل قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم» وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح، من ركبها نجى، ومن تخلف عنها غرق» وقوله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث المتواتر: «إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا أبداً».

    ومعنى التمسك بهما التوسل بهما في الشدائد، وجعلهما سبباً للنجاة من الهلكة في الدنيا والآخرة.

    ثم إن الجواب عما استدل به الوهابي من قوله تعالى: (فلا تدعوا مع الله أحداً) هو أن المنفي بالآية الدعوة مع الله، دون الدعوة من الله بواسطة الشفيع، وطلب دعائه أيضاً إلى الله، حسبما ذكرنا. على أن المراد من النهي الانتهاء من جعل الشريك لله تعالى في العبادة، بقرينة قوله سبحانه: (وإن المساجد لله،) فالمعنى كما عن المفسرين قاطبة: إن المساجد لله، فلا تعبدوا مع الله غيره، كما في قوله تعالى: (ولا تدعوا مع الله إلهاً آخر) وهذا يقوله كل مخلص في عبادته، ولكنه لا دخل بمسألة الاستشفاع فإن الاستشفاع نظير طلبك من المقرب عند الملك أن يشاركك في طلب مسألتك من الملك.

    وأما الجواب عن الآيات الأخر: مثل قوله تعالى: (لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهداً) ، وقوله تعالى: (ولا يشفعون إلا لمن ارتضى) فنقول:
    الصفحة 25

    المناقشة مع الوهابيين

    إن مقتضى الآية الأولى ثبوت الشفاعة لمن اتخذ عند الرحمن عهداً، أي إيماناً، فالمؤمنون يملكون الشفاعة، كما أن مقتضى الآية الثانية ثبوت الشفاعة بعد الإذن والرضا من الله تعالى، ونحن نقول به للأنبياء والأولياء، ولو كان شركا لما جاز الإذن والرضا بالشفاعة، نعم لا يجوز القول بأنه: يا محمد يا رسول الله اغفرلي ذنبي. وذلك لأنه لا يغفر الذنوب إلا الله، وجميع المسلمين على ذلك، وأما القول بأنه: يا محمد اشفع لي عند ربك. فليس من الشرك، إذ الشرك هو أن تدعوه مع الله في حاجتك، لا أن تسأله أن يدعو الله في غفران ذنوبك.

    ثم إن ابن عبد الوهاب لما لم يعلم حقيقة العبادة توهم أن طلب الشفاعة من الشافعين يكون من عبادة الصالحين، وهذه غفلة منه عن أن العبادة عبارة عن وقوف العبد بين يدي معبوده، وإظهار غاية الخضوع والخشوع، لا مطلق التعظيم والخضوع، ولذا لم يذهب أحد من المسلمين بأن تعظيم المؤمنين أو الأنبياء والمرسلين حال حياتهم من عبادة الصالحين، ومثل هذا الاستشفاع بهم إلى الله حال حياتهم وبعد مماتهم، فمن يعبد الله ويوحده لا يجد من نفسه حين ما يطلب من النبي صلى الله عليه وآله وسلم الشفاعة أن يعبده في ذلك، ولعل ابن عبد الوهاب رأى أن رواج مذهبه منوط برمي المسلمين بالشرك دون من ينسب إليه، فرماهم بما لا يتفوه به إلا جامد أو معاند، فقال في رسالته «كشف الشبهات» ما حاصله: إن الطلب من الشفيع ينافي الإخلاص في التوحيد الواجب على العباد بقوله تعالى: (مخلصين له الدين) ، وقوله سبحانه: (ادعوا ربكم تضرعا) .
    الصفحة 26

    وإن الوقوف على قبر محمد صلى الله عليه وآله والاستشفاع منه من جعل الآلهة، فهم يصيحون كما صاح إخوانهم: أجعل الآلهة إلهاً واحداً إن هذا لشئ عجاب!!!

    فيا للعجب من هذا التقحم والتهاجم على المسلمين الموحدين، وقد عرفت دفعه والجواب عنه بما حاصله: إن دعوة الشفيع بعد ثبوت الإذن والرضا من الله تعالى لا تنافي دعوة الله تعالى. ولا تنفك عنها، كما أن إطاعة الرسول لا تنفك عن إطاعة الله تعالى في قوله تعالى: (ومن يطع الرسول فقد أطاع الله) فمن ادعي المنافاة فقد أبطل جعل الشفيع من الله، وهذا إنكار على الله، ولا نقول بأنه يصيح كما صاح إخوانه: إنا كفرنا بالذي أرسلتم به، وإنا به لكافرون بل نقول: سيعلمون غداً من اصحاب الصراط السوي ومن اهتدى.

    استدرك في الشفاعة(1)

    وهو أن الشيخ سليمان بن سحمان ذكر كلاما طويلا في كتاب «الهدية السنية» صحيفة 64 إلى أواخر 68، وعنوانه: «لا الشفاعة الشرعية أو الشفاعة الشركية والشفاعة الحق»… ثم أورد جملة من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة الدالة على وقوع الشفاعة التي من جملتها قوله تعالى: (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه) ،: (يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضى له قولا) ، (وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئاً إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى) .

    ____________

    استدرك المؤلف هذا الموضوع في آخر الكتاب مما يظهر أنه كتبه بعد انتهائه في تأليفه وحيث أعدقا طباعة الكتاب الثالثة رأينا إلحاقه بموضوعه أليق.

    الناشر
    الصفحة 27

    ومنها حديث الصحيحين، وفيه: إن الله يقول لرسوله أربع مرات: يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع واشفع تشفع.

    ورواية البخاري عنه صلى الله عليه وآله وسلم: أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: (لا إله إلا الله) خالصاً من قلبه.

    ورواية الترمذي وابن ماجة عنه صلى الله عليه وآله وسلم: أتا بى آت من عند ربي فخيرني بين أن يدخل نصف أمتي الجنة وبين الشفاعة فاخترت الشفاعة، وهي لمن مات لا يشرك بالله شيئاً.

    أقول: وقد مر عليك حديث استسقاء عمر بالعباس، وحديث توسل الأعمى إلى الله بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وحديث توسل آدم عليه السلام حيث قال يارب أسألك بحق محمد ألا غفرت لي. فقال الله: كيف عرفت محمداً ولم أخلقه بعد؟ قال: رأيت على قوائم العرش مكتوبا: (لا إله إلا محمد رسول الله) فقال الله: وإذا سألتني يحقه فقد غفرت لك.

    وقد صح في الحديث: إن في هذه الأمة المرحومة شفعاء إلى الله، وإن منهم من يشفع لأكثر من ربيعة ومضر، وللفتام والقبيلة.

    واذا عرفت أدلة شفاعة النبي والأئمة البالغة حد التواتر، وأمعنت النظر فيها، علمت أن الاستشفاع الذي عليه المسلمون خلفاً عن سلف إنما هو على قسمين:

    (أحدهما) أن يقدموا النبي أو الولي الوجيه عند الله أمام طلب الحاجة بأن يقسم على الله به وبحقه في الفضل والإيمان والطاعة لله، كما جاء في حديث ابن عمر في توسل آدم وما روي: من أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم علم الضرير التوجه إلى الله به
    الصفحة 28
    صلى الله عليه وآله وسلم، وأن يطلب من الله أن يشفعه فيه، كما أسنده أحمد عن عثمان بن حنيف، وكذا ابن ماجة والترمذي وصححه، وكذا الحاكم في مستدركه والسيوطي في جامعه، وكما رواه البخاري من استسقاء عمر بالعباس وتوسله إلى الله به.

    (وثانيهما) أن من له حاجة الى الله يطلب من النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يسأل الله قضاءها ويرجو منه أن يشاركه في الدعاء إلى الله ومسألة تلك الحاجة منه جل وعلا، يفعل ذلك السائل اعتماداً على وجاهة الشفيع عند الله وقربه من الله تعالى.

    وإن المسلم الذي يؤدي الشهادتين مخلصاً هو الذي أذن الله نبيه بالشفاعة كما دلت عليه روايات البخاري والترمذي وابن ماجة، وكذا روايتا الحارث ابن قيس وأبي سعيد عنه صلى الله عليه وآله وسلم.

    هذا هو ما عند المسلمين في التوسل والاستشفاع لا غيره، وقد جاء به الكتاب والسنة، ومن نسب غير ذلك إليهم فقد افترى عليهم؛ إما جهلا بما عليه المسلمون في توسلهم واستشفاعهم اعتماداً على الكتاب والسنة، وإما عناداً لرسول الله وأوليائه في بقاء كرامتهم في الإسلام ولياقتهم للاستشفاع بأحد القسمين المذكورين، وإما تمويهاً وتلبيساً على بعض العوام للاستعانة بهم على ما حرمه الله من دماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم.

    والعجب أن الشيخ سليمان ذكر الآيات الواردة في الاستشفاع بالأوثان والأصنام، فحاول أن يتشبت بها لنفي الشفاعة، حتى نسب إلى المسلمين الشرك والكفر، والحال أنه من آيات الشفاعة بإذن الله وأحاديثها ما بلغ التواتر. ومعلوم أن عمل المسلمين على مقتضى دلالتها،فاللازم على الشيخ شرعا
    الصفحة 29
    الحكم بمقتضاها، فيجعل بتدبر القرآن والأحاديث ما للمسلمين(1) وما على المشركين على المشركين، ولا يجاول بقياسه أن يخلط الإيمان بالشرك والمشروع بالمحظور وما أذن فيه لمن يرتضيه بما يسخطه وينفيه (ما هكذا تورد ياسعد الإبل).

    فإن المسلمين يقولون: إن الله هو إلهنا ومعبودنا، وهو الذي أذن لنبيه في الشفاعة لنا، ومع ذلك ليس لك من الكتاب والسنة حاجز عن قولك في صحيفة 66: إن الكتاب والسنة دلا على أن من جعل الملائكة والأنبياء أو ابن عباس أو أبا طالب أو المحجوب وسائط بينهم وبين الله ليشفعوا لهم عند الله لأجل قربهم من الله ـ كما يفعل عند الملوك ـ أنه كافر مشرك حلال الدم والمال وإن قال: اشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله وصلى وصام.

    ياشيخ: إن عمر استشفع بالعباس إلى الله في الاستسقاء فماذا تقول ؟؟ وكل أحد يعلم أن استشفاع المسلمين بالانبياء والأولياء إلى الله إنما هو على نهج استشفاع عمر بالعباس، وماذا تريد يقولك «كما يفعل عند الملوك» فهل تريد بذلك ما زعمته في صحيفة 667: من أن الشفاعة عند الملوك إنما تكون لأخبارهم بما يجهلونه من حال الرعية، أو لعجزهم عن تدبير رعيتهم، أو لخوفهم من الشفيع أو حاجتهم إليه؟

    فأنا وسائر المسلمين نخبرك أنه ليس في المستشفعين إلا من يعتقد أن الله هو العالم بكل شئ والقادر على كل شئ، وأنه اذن لأوليائه بالشفاعة للمسلمين

    ____________

    (1) للمسلمين.
    الصفحة 30
    رحمة منه بهم وكرامة للشفيع عنده كما أوضحناه، وحاشا أن يستشفع المسلمون بالنحو الذي تزعمه في شفاعة السلاطين.

    على أن شفاعة الملوك لا تنحصر بما زعمته، فإن الملك قد يكون تشفيعه رحمة للرعية وإكراماً للشفيع من دون جهل ولا عجز ولا خوف ولا حاجة.

    يا شيخ: أبيت إلا أن تقول: كافر مشرك حلال الدم والمال وإن شهد الشهاديتن وصام وصلى، فإن لسانك في فمك وقلمك بيدك وما الله بغافل عما تعملون وهو المستعان على ما تصفون. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

    المسألة الثانية في التوسل

    كلام الوهابيين في التوسل

    قالت الوهابية: لا يجوز التوسل بالموتى ممن ثبتت مكانته عند الله ورفع الحوائج إليهم. محتجين ـ تارة ـ كما عن ابن عبد الوهاب بأنه خطاب لمعدوم، وذلك قبيح عقلا، لعدم قدرة الميت على الإجابة، و ـ اُخرى ـ كما عن ابن تيمية: بأنه شرك. قال في: 1/11 من منهاج السنة: والذين تدعون من دونه لا يملكون من قطمير، إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم، ويوم القيامة يكفرون بشرككم، ولا ينبئك مثل خيبر.

    وقالت الإمامية: يجوز سؤال النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة قضاء الحوائج وتفريج الكرب بعد موتهم، كما يجوز ذلك حال حياتهم، لعدم كون ذلك من خطاب المعدوم أولا، ولا كونه شركا ثانياً.

    أما عدم كون نداء الأموات توجيهاً للخطاب نحو المعدوم: فلأن
    الصفحة 31
    للميت من الإدراك والشعور والالتفات مثل ماله حال الحياة، بل أزيد لإجماع المسلمين عليه، بعد الكتاب والسنة.

    قال الغزالي ـ الذي هو من أئمة الشافعية ـ في إحياء العلوم: ظن بعضهم أن الموت هو العدم، وهذا رأي الملحدين، وكل من لا يؤمن بالله واليوم الآخر، وهذا معنى ما يقال: الناس نيام وإذا ماتوا انتبهوا، فإن أول ما ينكشف له ما يضره وما ينفعه من حسناته وسيئاته، فلا ينظر إلى سيئة إلا ويتحسر عليها.

    الادلة على التفات الميت ودركه الاشياء

    أقول: فقول الوهابيين مردود بالإجماع السابق عليهم واللاحق لهم: بأن الموت ليس من العدم.

    أما الكتاب: فطوائف، منها:

    ما نزل في حق عامة الناس من قوله تعالى: «فكشفنا عنك غطائك فبصرك اليوم جديد، وقوله سبحانه: «أقرأ كتاب كفى بنفسك اليوم عليك حسبيا» ومنها ما نزل في حق المؤمنين من قوله تعالى: (ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا) وقوله تعالى: (إن الأبرار لفي نعيم) وقوله سبحانه: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) .

    ففي صحيح البخاري: إذا جلس المؤمن في قبره أتى ثم يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله فذلك قوله عز وجل: يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت.

    ومنها: ما نزل في حق المجرمين من العصاة والكفار من قوله تعالى:
    الصفحة 32
    (النار يعرضون عليها غذواً وعشياً، ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب) وقوله سبحانه: (إنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً فهل وجدتم ما وعد ربكم حقاً) .

    ففي البخاري: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أتى قليب بدر وخاطب المشركين بهذه الآية، فقيل له: إنك تدعو أمواتاً. فقال: ما أنت بأسمع منهم، ولكن لا يجيبون.

    اثبات الحياة البرزخية

    ومنها: ما هو صريح في الحياة الدائمة بعد الارتحال عن الدنيا، كقوله تعالى: (ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت) ، وقوله تعالى: (وإن الدار الآخرة لهي الحيوان) ، وقوله تعالى: (يقول ياليتني قدمت لحياتي) ، أي يقول الكافر: ياليتني قدمت في الدنيا التي حياتها منقطعة لحياتي التي هي دائمة، ولذا قال: لحياتي. ولم يقل لهذه الحياة. تنزيلا للحياة المنقطعة منزلة العدم، فكأنها ليست الحياة بعد مفارقة الروح البدن العنصري إلى الحياة في الآخرة.

    ومنها: مانزل في حق الشهداء: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون، فرحين بما آتاهم من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون، يستبشرون بنعمة من الله وفضل وإن الله لا يضيع أجر المؤمنين) .

    ومنها: ما اشتمل على خطاب الله مع المؤمنين مثل قوله تعالى: (يا أيتها النفس المطمئنة إرجعي إلى ربك راضية مرضية، فادخلي في عبادي وادخلي جنتي) ، فلو كانت النفوس البشرية بعد مفارقة الأرواح عن الأبدان معدومة
    الصفحة 33
    لا يجوز الخطاب معها، فكيف وقع الخطاب لهم من الله تعالى؟ أم كيف أنهم خاطبوا الله بقولهم: رب أرجعوني لعلي أعمل صالحاً فيما تركت. أو قالوا في القبر: ياليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين.

    وأما السنة: فحسبك أبواب الصحاح والسنن من باب: إن الميت يسمع خفق النعال، وباب: إن الميت يتكلم في القبر، وباب: إن الميت يرى مكانه من الجنة والنار، وباب: كيفية السلام على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وعلى سائر المؤمنين إذا أتى الرجل المقابر.

    وفي صحيح البخاري في باب كيفية فرض الصلاة وملاقاة النبي ـ ليلة الإسراء ـ الأنبياء: من آدم وإدريس وموسى وعيسى وإبراهيم، وتكلمه معهم سلام الله عليهم، من حديث ابن حزم وأنس بن مالك: أنه قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: فرض الله على أمتي خمسين صلاة، فرجعت بذلك حتى مررت على موسى عليه السلام، فقال: ما فرض الله لك على أمتك؟ قلت: فرض خمسين صلاة. قال: فارجع إلى ربك، فان أمتك لا تطيق فرجعت فوضع شطرها، فرجعت إلى موسى فقلت: وضع شطرها. فقال راجع ربك، فإن أمتك لا تطيق، فرجعت فوضع شطرها، فقال ارجع إلى ربك، فإن أمتك لا تطيق. فراجعته، فقال: هن خمس، هن خمسون، لا يبدل القول لدى، فرجعت إلى موسى فقال: ارجع إلى ربك فقلت استحيت من ربي.. الحديث.

    وفي سنن النسائي وإحياء العلوم: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إن لله ملائكة سياحين في الأرض،يبلغون من أمتي السلام.

    وقال صلى الله عليه وآله وسلم: أكثروا على من الصلاة، فإن صلاتكم معروضة علي.
    الصفحة 34
    قالوا: يا رسول الله وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت قال: إن الله تعالى قد حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء فنبي الله حي يرزق.

    قوله: فنبي الله حي يرزق. ظاهر في العموم، لأن الإضافة تفيده فإذا كان الأنبياء والشهداء أحياء يرزقون. ويشهدون الصلاة والسلام ممن يصلي عليهم من قريب أو بعيد، فكيف لا يشهدون نداء من يناديهم، واستغاثة من يستغيث بهم؟

    وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: علمي بعد مماتي كعلمي في حياتي.

    وفي إحياء العلوم: إن الله وكل ملكاً يسمعني أقوال الخلائق.

    وأما عدم كون التوسل ـ بالميت ـ إلى الله شركا: فلأنه نظير التوسل بالحي، وسؤاله قضاء الحوائج بواسطة دعائة من الله تعالى، فكما أنه ليس من الشرك كذلك التوسل بالميت، فيجعل أحد التوسلين كالآخر بجامع السؤال من المخلوق، إذ لا وجه لتوهم كونه شركا، إلا كونه دعاء لغير الله تعالى، فإذا جاز بالنسبة إلى الأحياء مطلقاً.

    أما أولا فلكونه من التعاون المأمور به شرعاً في قوله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى) ، ففي البخاري قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: فكوا العاني وأجيبوا الداعي. ولم يقل صلى الله عليه وآله وسلم: ارفضوه لأنه أشرك!!

    وأما ثانياً فلوقوع نداء المخلوق والدعاء له، والالتماس منه في الكتاب.

    لقوله سبحانه: (فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه) وورود
    الصفحة 35
    سؤال الحواريين عيسى عليه السلام نزول المائدة لهم من السماء وسؤال قوم موسى منه الاستسقاء وقال سبحانه ـ حكاية عن يوسف ـ: (اذكرني عند ربك) وعن موسى والخضر: (فانطلقا حتى أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما) : فلو جاز ليوسف أن يقول للكافر: (اذكرني عند ربك) أعني المللك، ولموسى والخضر أن يستطعما أهل القرية، جاز لنا بطريق أولى أن نقف أمام قبر محمد صلى الله عليه وآله وسلم ونقول له: «اذكرني عند ربك) ونطلب منه الحاجة، ولو بواسطة دعائه لله.

    فابن تيمية وأتباعه هل يجدون من أنفسهم جواز استعانة سليمان عليه السلام في إحضار عرش بلقيس بجلسائه، وفيهم عفريت، ويقول لهم: (أيكم يأتني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين) ولا يجدون من أنفسهم الاستعانة والتوسل بمحمد وآله الطاهرين الذين هم سفن النجاة وباب حطة، وأحد الثقلين اللذين يجب التمسك بهما؟

    فلو جازت هذه الأسئلة ولم تكن شركا جاز سؤال الانبياء والأولياء عند الوقوف على قبورهم، أو من مكان بعيد إجابة المضطر ولا يكون طلباً من العاجز، لأنه تعالى وصف نبيه صلى الله عليه وآله وسلم بقوله تعالى: (وما نقموا منه إلا أن أغناهم الله ورسوله) ، وقوله تعالى: (ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله) ، وقوله عز شأنه: (ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي عليهم) . والمراد بها المحنة والمشقة. سواء كانت دنيوية أو أخروية، ولقد قال تبارك اسمه: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤف رحيم) .
    الصفحة 36

    ومقتضى عموم رأفته ورحمته بالمؤمنين قضاء حوائجهم بشفاعته لهم إلى الله تعالى.

    قال الرازي: المراد حريص على إيصال الخيرات إليكم في الدنيا والآخرة.

    أقول؛ ومن كان هذا شأنه جاز الوفود عليه، والتوسل به وعدم الإعراض عنه إلى غيره، ممن لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً، بخلاف الأنبياء لقوله تعالى فيما اختص به عيسى عليه السلام: إني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيراً باذن الله، وأبرئ الأكمه والأبرص وأحي الموتى بإذن الله.

    وقال تعالى ـ في حق إبراهيم عليه السلام ـ: فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك، ثم اجعل على كل جبل منهن جزءاً ثم ادعهن يأتينك سعياً. كل ذلك مضافاً إلى ما ورد في الكتاب والسنة من معجزات الأنبياء وخوارق العادات الجارية على أيديهم، مثل انفجار الحجر لموسى، وإحياء الموتى على يد عيسى، وانشقاق القمر لنبينا صلى الله عليه وآله وسلم إلى السماء فكان قاب قوسين أو ادنى.

    والغرض من ذكر ما اختصوا به سلام الله عليهم بيان قدرتهم حال حياتهم، وتتم دلالة هذه على المقصود بضميمة مادلت على ثبوت الحياة المستقرة للأنبياء في عالم البرزخ.

    فبهاتين المقدمتين نستنتج أن الأنبياء قادرون ومتمكنون من إجابة دعوة المضطر بعد مماتهم، كحال حياتهم، فلا يكون الالتجاء بهم لغواً وعبثاً، كما لا يكون شركاً، فهل يجد فرقاً بين سؤال عيسى عليه السلام شفاء المرضى وإحياء الموتى، ويحكم بجواز التوسل فيه

    #222041

    En réponse à : ابن تيمية

    hayefmajid
    Membre

    افتراء ابن تيميّة على أمير المؤمنين (عليه السلام)

    وأمّا الاشياء التي نسبها إلى أمير المؤمنين، والاكاذيب التي هي في الحقيقة كذب عليه، في كلماته كثيرة، منها: إنّ عليّاً كان يقول مراراً: إنّ أبابكر وعمر أفضل منّي، وكان يفضّلهما على نفسه.

    يقول:

    حتى قال: لا يبلغني عن أحد أنّه فضّلني على أبي بكر وعمر إلاّ جلدته جلد المفتري(1) .
    هذا الشيء الذي نقله لم يذكر له مصدراً عن أمير المؤمنين، وأمير المؤمنين لم نسمع أنّه جلد أحداً من الصحابة لانّه فضّله على الشيخين، مع أنّ كثيرين من الصحابة كانوا في نفس الوقت وفي حياة أمير المؤمنين يفضّلون عليّاً على الشيخين بمسمع منه ومرأى.

    ____________

    (1) منهاج السنة 7 / 511.

    الصفحة 70
    إنّ ابن حزم في الفصل(1) ، وكذا ابن عبد البر في الاستيعاب(2) بترجمة أمير المؤمنين، هذان الحافظان الكبيران يذكران أسماء عدّة كبيرة من الصحابة كانوا يقولون بأفضليّة علي من الشيخين، ولم نسمع أنّ عليّاً جلد واحداً منهم.

    وأمّا هذا الخبر، فقد كفانا الدكتور محمّد رشاد سالم ـ الذي حقّق منهاج السنّة في طبعته الجديدة ـ مؤنة تحقيقه حيث قال: بأنّه ضعيف(3) .

    وكذب على علي وفاطمة الزهراء فزعم أنه روي:

    كما في الصحيح عن علي (رضي الله عنه)، قال: طرقني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وفاطمة، فقال: «ألا تقومان تصليان ؟» فقلت: يا رسول الله إنما أنفسنا بيد الله إن شاء أن يبعثنا بعثنا، قال: فولّى، وهو يقول:(وَكَانَ الاِْنسَانُ أَكثَرَ شَيء جَدَلاً)(4) .
    وكذب على أمير المؤمنين في قضيّة شرب الخمر(5) .

    ____________

    (1) الفصل في الملل والنحل 4 / 181.

    (2) الاستيعاب في معرفة الاصحاب 3 / 1090.

    (3) منهاج السنة 7 / 511، الهامش.

    (4) منهاج السنة 3 / 85، الاية سورة الكهف: 54.

    (5) منهاج السنة 7 / 237

    #222040

    En réponse à : ابن تيمية

    hayefmajid
    Membre

    تكذيب ابن تيمية فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام)

    وأمّا في فضائله ومناقبه في القرآن الكريم، قوله تعالى: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ)(1) إلى آخر الاية، يقول:

    وقد وضع بعض الكذّابين حديثاً مفترى أنّ هذه الاية نزلت في علي لمّا تصدّق بخاتمه في الصلاة، وهذا كذب بإجماع أهل العلم بالنقل، وكذبه بيّن من وجوه كثيرة(2) .
    وهذا الحديث الذي يكذّبه ابن تيميّة، قد رواه عن ابن عباس:

    1 ـ عبدالرزاق.

    2 ـ عبد بن حميد.

    ____________

    (1) المائدة: 55.

    (2) منهاج السنّة 2 / 30.

    الصفحة 23
    3 ـ ابن جرير الطبري.

    4 ـ أبو الشيخ.

    5 ـ ابن مردويه.

    ورواه عن سلمة بن كهيل:

    1 ـ ابن أبي حاتم.

    2 ـ أبو الشيخ.

    3 ـ ابن عساكر.

    ومن رواة هذا الخبر:

    1 ـ الطبراني.

    2 ـ الثعلبي.

    3 ـ الواحدي.

    4 ـ الخطيب البغدادي.

    5 ـ ابن الجوزي.

    6 ـ المحب الطبري.

    7 ـ الهيثمي.

    8 ـ المتقي الهندي.

    وأيضاً: تجدون هذاالخبر في تفاسير: الفخر الرازي، والبغوي، والنسفي، والقرطبي، والبيضاوي، وأبي السعود

    الصفحة 24
    العمادي، والشوكاني.

    ويقول الالوسي الحنفي بتفسير الاية: غالب الاخباريين على أنّ هذه الاية نزلت في علي كرّم الله وجهه.

    وأضاف الالوسي: إنّ حسّاناً أنشد في ذلك أبياتاً، فذكر الالوسي تلك الابيات(1) .

    قوله تعالى: (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِالَّليْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً)(2) ، يقول حول نزولها في علي (عليه السلام):

    إن هذا كذب ليس بثابت(3) .
    مع أنّ من رواة نزول هذه الاية في علي:

    1 ـ عبدالرزاق بن همّام الصنعاني.

    2 ـ عبد بن حميد.

    3 ـ ابن جرير.

    4 ـ ابن المنذر.

    5 ـ ابن أبي حاتم.

    6 ـ الطبراني.

    ____________

    (1) روح المعاني في تفسير القرآن 6 / 167.

    (2) البقرة 274.

    (3) منهاج السنّة 7 / 228.

    الصفحة 25
    7 ـ ابن عساكر.

    8 ـ الواحدي.

    9 ـ أبو نعيم.

    10 ـ الفخر الرازي.

    11 ـ الزمخشري.

    12 ـ محب الدين الطبري.

    13 ـ ابن الاثير.

    14 ـ السيوطي.

    15 ـ ابن حجر المكي.

    مع ذلك يقول: إنّ هذا كذب ليس بثابت، لكنّ هذه التفاسير الباطلة يقول مثلها كثير من الجهّال.

    قوله تعالى: (إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْم هَاد)(1) ، يقول حول نزولها في عليّ (عليه السلام):

    إن هذا كذب موضوع بإتفاق أهل العلم بالحديث(2) .
    مع أنّ من رواة نزول الاية في علي:

    ____________

    (1) الرعد: 7.

    (2) منهاج السنّة 7 / 139.

    الصفحة 26
    1 ـ عبدالله بن أحمد بن حنبل.

    2 ـ الطبري.

    3 ـ الحاكم.

    4 ـ إبن أبي حاتم.

    5 ـ الضياء المقدسي.

    6 ـ الطبراني.

    7 ـ ابن مردوية.

    8 ـ أبو نعيم.

    9 ـ ابن عساكر.

    10 ـ ابن النجّار.

    11 ـ الديلمي.

    12 ـ الهيثمي.

    13 ـ السيوطي.

    14 ـ المتقي الهندي.

    ويقول الحاكم: هذا حديث صحيح الاسناد.

    ويقول الهيثمي في مجمع الزوائد بعد أن يروي هذا الحديث يقول: رجال السند ثقات.

    والضياء المقدسي أخرج هذا الحديث في كتابه المختارة

    الصفحة 27
    الملتزم فيه بالصحة(1) .

    وحول حديث: «علي مع الحق والحق مع علي»، يقول:

    من أعظم الكلام كذباً وجهلاً، فإنّ هذا الحديث لم يروه أحد عن النبي (صلى الله عليه وسلم)، لا بإسناد صحيح ولا ضعيف، فكيف يقال: إنّهم جميعاً رووا هذا الحديث ؟ وهل يكون أكذب ممّن يروي عن الصحابة والعلماء أنّهم رووا حديثاً، والحديث لا يعرف عن واحد منهم أصلاً، بل هذا من أظهر الكذب(2) .
    والحال أنّ من رواة هذا الحديث من الصحابة:

    أولاً: أمير المؤمنين (عليه السلام)، أخرج الحديث عنه الترمذي في صحيحه، والحاكم في المستدرك.

    ثانياً: سيّدتنا أُمّ سلمة، أخرج الحديث عنها الطبراني، وأبو بشر الدولابي، والخطيب البغدادي، وابن عساكر.

    ثالثاً: سعد بن أبي وقّاص، أخرج الحديث عنه البزّار، وقد قال الهيثمي بعد أن روى الحديث هذا: فيه سعد بن شعيب ولم

    ____________

    (1) الاية في سورة الرعد، فراجع الطبري والدر المنثور وغيرهما بتفسيرها، والمستدرك 3 / 129، ومجمع الزوائد 7 / 41.

    (2) منهاج السنّة 4 / 238.

    الصفحة 28
    أعرفه، وبقيّة رجاله رجال الصحيح.

    رابعاً: أبو سعيد الخدري، رواه عنه الحافظ أبو يعلى، وقد روى عنه الهيثمي هذا الحديث في مجمع الزوائد وقال: رواه أبو يعلى ورجاله ثقات.

    خامساً: عائشة، فإنّها روت هذا الحديث، والحديث موجود في الامامة والسياسة لابن قتيبة.

    سادساً: صحابي آخر روى هذا الحديث، أخرجه الطبراني في الكبير.

    قال المتقي: تكون بين الناس فرقة واختلاف فيكون هذا وأصحابه على الحقّ ـ يعني علياً ـ هذا في كنز العمّال(1) .

    فهؤلاء الصحابة، وهؤلاء كبار العلماء والمحدّثين، الذين يروون هذا الحديث بأسانيدهم عن أُولئك الصحابة.

    وفي حديث المؤاخاة يقول:

    أمّا حديث المؤاخاة فباطل موضوع… إنّ النبي (صلى الله عليه وسلم) لم يؤاخ عليّاً ولا غيره، وحديث المؤاخاة لعلي، وحديث مؤاخاة أبي بكر لعمر، من الاكاذيب…

    ____________

    (1) كنز العمال 11/621، الترمذي، المستدرك3 / 125، مجمع الزوائد 9 / 134، ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق 3 / 118.

    الصفحة 29
    إنّ النبيّ (صلى الله عليه وسلم) لم يؤاخ عليّاً ولا غيره، بل كلّ ما روي في هذا فهو كذب…

    إنّ أحاديث المؤاخاة بين المهاجرين بعضهم من بعض والانصار بعضهم من بعض كلّها كذب، والنبي (صلى الله عليه وسلم)لم يؤاخ عليّاً…

    إنّ أحاديث المؤاخاة لعلي كلّها موضوعة.
    وهذه نصوص في أجزاء متعددة في كتابه، لاحظوا من الجزء الرابع إلى الجزء السابع في الطبعة الجديدة ذات الاجزاء التسعة، يكذّب هذا الحديث في مواضع عديدة(1) .

    والحال أنّك تجد حديث المؤاخاة في: الترمذي (5/595)، الطبقات لابن سعد (2/60)، المستدرك (3/16)، مصابيح السنّة (4/173)، الاستيعاب (3/1089)، البداية والنهاية (7/371)، الرياض النضرة (3/111)، مشكاة المصابيح (3/356)، الصواعق المحرقة (122)، تاريخ الخلفاء (159).

    هذه بعض المصادر.

    والرواة من الصحابة لهذا الخبر هم:

    1 ـ علي (عليه السلام).

    ____________

    (1) منهاج السنّة 4 / 32، 5 / 71، 7 / 117، 279.

    الصفحة 30
    2 ـ عبدالله بن عباس.

    3 ـ أبو ذر.

    4 ـ جابر.

    5 ـ عمر بن الخطاب.

    6 ـ أنس بن مالك.

    7 ـ عبدالله بن عمر.

    8 ـ زيد بن أرقم.

    وغيرهم.

    وتجدون هذا الحديث أيضاً في: مناقب أحمد (ح141)، وفي ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق (برقم 148)، وفي كنز العمال (13/106).

    وأيضاً تجدون هذا الخبر في كتب السير والتواريخ، راجعوا: سيرة ابن هشام (2/109)، السيرة النبويّة لابن حبّان (149)، عيون الاثر لابن سيد الناس (1/264)، الحلبيّة (2/23)، وفي هامشها سيرة زيني دحلان (1/322).

    والعجيب أنّ غير واحد من أعلام القوم يردّون على ابن تيميّة في هذه المسألة بالخصوص:

    يقول الحافظ ابن حجر ـ بعد ذكر الخبر عن الواقدي وابن سعد

    الصفحة 31
    وابن إسحاق وابن عبد البر والسهيلي وابن كثير وغيرهم ـ: وأنكر ابن تيميّة في كتاب الرد على ابن المطهّر الرافضي ـ أي كتاب منهاج السنّة ـ أنكر المؤاخاة بين المهاجرين، وخصوصاً مؤاخاة النبي لعلي، قال: لانّ المؤاخاة شرّعت لارفاق بعضهم بعضاً، ولتأليف قلوب بعضهم على بعض، فلا معنى لمؤاخاة النبي لاحد منهم، ولا لمؤاخاة مهاجري لمهاجري، وهذا ردّ للنصّ بالقياس وإغفال عن حكمة المؤاخاة.

    يقول الحافظ: وأخرجه الضياء في المختارة من المعجم الكبير للطبراني، وابن تيميّة يصرّح بأنّ أحاديث المختارة أصح وأقوى من أحاديث المستدرك للحاكم النيسابوري(1) .

    وقال الزرقاني المالكي في شرح المواهب اللدنيّة، تحت عنوان ذكر المؤاخاة بين الصحابة: وكانت كما قال ابن عبد البر وغيره مرّتين، الاُولى بمكّة قبل الهجرة بين المهاجرين بعضهم بعضاً على الحقّ والمواساة، فآخى بين أبي بكر وعمر، وهكذا بين كلّ اثنين منهم، إلى أن بقي علي، فقال: آخيت بين أصحابك فمن أخي ؟ قال: «أنا أخوك». وجاءت أحاديث كثيرة في مؤاخاة

    ____________

    (1) فتح الباري في شرح صحيح البخاري 7 / 217.

    الصفحة 32
    النبي لعلي، وقد روى الترمذي وحسّنه، والحاكم وصحّحه، عن ابن عمر أنّه (صلى الله عليه وسلم) قال لعلي: «أما ترضى أن أكون أخاك ؟» قال: بلى، قال: «أنت أخي في الدنيا والاخرة».

    يقول الزرقاني: وأنكر ابن تيميّة هذه المؤاخاة بين المهاجرين، خصوصاً بين المصطفى وعلي، وزعم أنّ ذلك من الاكاذيب، وردّه الحافظ ـ أي ابن حجر العسقلاني ـ بأنّه ردّ للنصّ بالقياس(1) .

    ويقول ابن تيميّة حول حديث التشبيه، هذا الحديث الذي بحثنا عنه قريباً، يقول:

    هذا الحديث كذب موضوع على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)بلا ريب عند أهل العلم بالحديث(2) .
    مع أنّ هذا الحديث من رواته:

    1 ـ عبدالرزّاق الصنعاني.

    2 ـ أحمد بن حنبل.

    3 ـ أبو حاتم.

    4 ـ محمد بن إدريس الرازي.

    ____________

    (1) شرح المواهب اللدنيّة 1/273.

    (2) منهاج السنّة 5 / 510.

    الصفحة 33
    5 ـ الحاكم النيسابوري.

    6 ـ أبو بكر البيهقي.

    7 ـ ابن مردويه.

    8 ـ أبو نعيم.

    ومن أصحّ أسانيده وأجودها رواية عبدالرزّاق، عن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيّب، عن أبي هريرة، عن رسول الله.

    وقد قرأنا هذا النصّ سابقاً.

    يقول ابن تيميّة: حول حديث «وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي»، يقول:

    كذب على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)(1) .
    والحال أنّ هذا الحديث من رواته من الصحابة:

    1 ـ أمير المؤمنين.

    2 ـ الامام الحسن المجتبى.

    3 ـ أبو ذر الغفاري.

    4 ـ عبدالله بن عباس.

    5 ـ أبو سعيد الخدري.

    ____________

    (1) منهاج السنّة 7 / 391.

    الصفحة 34
    6 ـ البراء بن عازب.

    7 ـ أبو ليلى الانصاري.

    8 ـ عمران بن الحصين.

    9 ـ بريدة بن الحصيب.

    10 ـ عبدالله بن عمر.

    11 ـ عمرو بن العاص.

    12 ـ وهب بن حمزة.

    ورواه من الائمّة الحفّاظ:

    1 ـ أبو داود الطيالسي.

    2 ـ ابن أبي شيبة.

    3 ـ أحمد بن حنبل.

    4 ـ الترمذي.

    5 ـ النسائي.

    6 ـ أبو يعلى الموصلي.

    7 ـ ابن جرير الطبري.

    8 ـ الطبراني.

    9 ـ الحاكم.

    10 ـ ابن مردويه.

    الصفحة 35
    11 ـ أبو نعيم.

    12 ـ ابن عبدالبر.

    13 ـ ابن الاثير.

    14 ـ الضياء.

    15 ـ ابن حجر.

    16 ـ جلال الدين السيوطي.

    يقول ابن عبدالبر: هذا إسناد لا مطعن فيه لاحد، لصحّته وثقة رجاله.

    وصحّحه ابن أبي شيبة، وصحّحه أيضاً السيوطي، وصحّحه ابن جرير الطبري، وأخرجه أحمد في المسند بسند صحيح(1) .

    وأيضاً أخرجه الترمذي وحسّنه، والنسائي في الخصائص بسند صحيح، وابن حبّان في صحيحه، وأخرجه الحاكم وصحّحه على شرط مسلم.

    وقال الحافظ ابن حجر بترجمة أمير المؤمنين من الاصابة قال: أخرجه الترمذي بإسناد قوي عن عمران بن حصين.

    حديث «اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه»، يقول:

    ____________

    (1) مسند أحمد 4 / 437.

    الصفحة 36
    كذب باتّفاق أهل المعرفة بالحديث(1) .
    مع أنّ هذا الحديث أخرجه:

    1 ـ أحمد بأسانيد صحيحة.

    2 ـ ابن أبي شيبة.

    3 ـ ابن راهويه.

    4 ـ ابن جرير.

    5 ـ سعيد بن منصور.

    6 ـ الطبراني.

    7 ـ أبو نعيم.

    8 ـ الحاكم.

    9 ـ الخطيب.

    10 ـ وأخرجه النسائي بسند صحيح.

    11 ـ البزّار بأسانيد صحيحة.

    12 ـ أبو يعلى بسندين صحيحين.

    13 ـ أخرجه ابن حبّان في صحيحه.

    14 ـ وأخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: رجال إسناده ثقات.

    ____________

    (1) منهاج السنّة 7 / 55.

    الصفحة 37
    حديث يوم الدار في قضيّة (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الاَْقْرَبِينَ)(1) ، يقول:

    هذا الحديث كذب عند أهل المعرفة بالحديث، فما من عالم يعرف الحديث إلاّ وهو يعلم أنّه كذب موضوع(2) .
    وإذا كان كذلك، فحينئذ جميع من روى هذا الحديث من علمائهم يعلم بأنّه كذب موضوع، مع ذلك رواه في كتابه، أو إنّ هؤلاء الرواة ليسوا بعلماء أصلاً !!

    من رواته أحمد في المسند، ومن رواته علماء كثيرون.

    يقول الهيثمي بعد روايته(3) : ورجال أحمد وأحد إسنادي البزّار رجال الصحيح غير شريك وهو ثقة.

    وأخرجه أيضاً:

    1 ـ ابن اسحاق.

    2 ـ الطبري.

    3 ـ الطحاوي.

    ____________

    (1) الشعراء: 214.

    (2) منهاج السنّة 7 / 302.

    (3) مجمع الزوائد 8 / 302.

    الصفحة 38
    4 ـ ابن أبي حاتم.

    5 ـ ابن مردويه.

    6 ـ أبو نعيم الاصفهاني.

    7 ـ الضياء المقدسي.

    8 ـ المتقي الهندي.

    والسيوطي يرويه عن جماعة، والبيهقي يرويه في دلائل النبوة، وأبو نعيم أيضاً في دلائل النبوة، يروون النصّ الكامل لهذا الخبر وينصّون على صحّته في غير واحد من الكتب كما قرأنا.

    وأيضاً ينصّ على صحّته الشهاب الخفاجي في شرح الشفاء للقاضي عياض وغيره من كبار علمائهم.

    حديث: «هذا فاروق أُمّتي»، وكذا ما روي عن غير واحد من الصحابة أنّهم كانوا يقولون: ما كنّا نعرف المنافقين إلاّ ببغضهم عليّاً، يقول:

    أمّا هذان الحديثان فلا يستريب أهل المعرفة بالحديث أنّهما حديثان موضوعان مكذوبان على النبي (صلى الله عليه وسلم)، ولم يرو واحد منهما في شيء من كتب العلم المعتمدة، ولا لواحد منهما إسناد

    الصفحة 39
    معروف(1) .
    عجيب !! إنّه يقول:

    ونحن نقنع في هذا الباب بأنْ يروى الحديث بإسناد معروفين بالصدق من أيّ طائفة كانوا.
    يعني حتّى من الشيعة يقبل، ثمّ يقول:

    كلّ من الحديثين يعلم بالدليل أنّه كذب، لا تجوز نسبته إلى النبي.
    أمّا حديث: «هذا فاروق أُمّتي»، فمن رواته من الصحابة:

    1 ـ سلمان الفارسي.

    2 ـ ابن عباس.

    3 ـ أبو ذر.

    4 ـ حذيفة.

    5 ـ أبو ليلى.

    من رواته من أئمّة الحديث وحفّاظه:

    1 ـ الطبراني.

    2 ـ البزّار.

    3 ـ البيهقي.

    ____________

    (1) منهاج السنّة 4 / 286 ـ 290.

    الصفحة 40
    4 ـ أبو نعيم.

    5 ـ ابن عبد البر.

    6 ـ ابن عساكر.

    7 ـ ابن الاثير.

    8 ـ ابن حجر.

    9 ـ المحب الطبري.

    10 ـ المنّاوي.

    11 ـ المتقي الهندي.

    وغيرهم.

    يقول: ليسا في الكتب المعتمدة، والحديث موجود في: مسند البزّار، في معجم الطبراني، في تاريخ دمشق، في الاستيعاب، وأسد الغابة، والاصابة، ومجمع الزوائد، وكنز العمّال، في فيض القدير، والرياض النضرة، وذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى(1) .

    ومن أسانيده الصحيحة ما أخرجه الطبراني في الكبير، وقد ذكرت بعض أسانيده الصحيحة.

    ____________

    (1) المعجم الكبير 6 / 269، كنز العمال 11 / 616، فيض القدير 4 / 358.

    الصفحة 41
    أمّا قول بعض الصحابة: ما كنّا نعرف المنافقين إلاّ ببغضهم عليّاً، فهذا مروي:

    1 ـ عن أبي ذر.

    2 ـ عن عبدالله بن مسعود.

    3 ـ عن عبدالله بن عباس.

    4 ـ عن جابر بن عبدالله الانصاري.

    5 ـ وعن أبي سعيد الخدري.

    6 ـ وعن أنس بن مالك.

    7 ـ وعن عبدالله بن عمر.

    ومن رواة هذه الاخبار:

    1 ـ أحمد بن حنبل.

    2 ـ الترمذي.

    3 ـ البزّار.

    4 ـ الطبراني.

    5 ـ الحاكم.

    6 ـ الخطيب البغدادي.

    7 ـ أبو نعيم الاصفهاني.

    8 ـ ابن عساكر.

    الصفحة 42
    9 ـ ابن عبدالبر.

    10 ـ ابن الاثير.

    11 ـ النووي.

    12 ـ الهيثمي.

    13 ـ المحب الطبري.

    14 ـ الذهبي.

    15 ـ السيوطي.

    16 ـ ابن حجر المكّي.

    17 ـ المتقي الهندي.

    18 ـ الالوسي، في تفسيره(1) .

    ومن أسانيده الصحيحة أيضاً ما ذكرته هنا، ومن جملتها ما أخرجه أحمد في مسنده: حدّثنا أسود بن عامر، حدّثنا إسرائيل، عن الاعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد الخدري: وكنّا نعرف منافقي الانصار ببغضهم عليّاً.

    في مناقب الصحابة لاحمد بن حنبل رقم 979.

    وقال محققه: إسناده صحيح.

    ____________

    (1) مناقب عليّ من كتاب فضائل الصحابة برقم 979، صحيح الترمذي 5 / 593، المستدرك 3 / 129، الاستيعاب 3 / 1110.

    الصفحة 43
    وهذا الكتاب مطبوع أخيراً في الحجاز، من منشورات جامعة أُمّ القرى في مكّة المكرّمة، والمحقق منهم.

    حديث «مثل أهل بيتي كسفينة نوح»، يقول:

    وأمّا قوله: «مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح» فهذا لا يعرف له إسناد، لا صحيح ولا هو في شيء من كتب الحديث التي يعتمد عليها، فإن كان قد رواه مثل من يروي أمثاله من حطّاب الليل الذين يروون الموضوعات، فهذا ممّا يزيده وهناً(1) .
    والحال أنّ من رواة الحديث من الصحابة:

    1 ـ أمير المؤمنين.

    2 ـ أبو ذر.

    3 ـ عبدالله بن عباس.

    4 ـ أبو سعيد الخدري.

    5 ـ أبو الطفيل.

    6 ـ أنس بن مالك.

    7 ـ عبدالله بن الزبير.

    8 ـ سلمة بن الاكوع.

    ____________

    (1) منهاج السنّة 7 / 395.

    الصفحة 44
    ومن رواته في الكتب المعتبرة:

    1 ـ أحمد بن حنبل.

    2 ـ البزّار.

    3 ـ أبو يعلى.

    4 ـ ابن جرير الطبري.

    5 ـ النسائي.

    6 ـ الطبراني.

    7 ـ الدارقطني.

    8 ـ الحاكم.

    9 ـ ابن مردويه.

    10 ـ أبو نعيم الاصفهاني.

    11 ـ الخطيب البغدادي.

    12 ـ أبو المظفّر السمعاني.

    13 ـ المجد ابن الاثير.

    14 ـ المحب الطبري.

    15 ـ الذهبي.

    16 ـ ابن حجر العسقلاني.

    17 ـ السخاوي.

    الصفحة 45
    18 ـ السيوطي.

    19 ـ ابن حجر المكّي.

    20 ـ المتقي.

    21 ـ القاري.

    22 ـ المنّاوي.

    وغيرهم.

    فإنْ كان هؤلاء من حطّاب الليل، فأهلاً وسهلاً، ما عندنا أيّ مانع، ما عندنا أي مضايقة من قبول هذه الدعوى، وأهلاً وسهلاً، وهو نعم المطلوب.

    وهذا الحديث أخرجه الحاكم وصحّحه على شرط مسلم، وأخرجه الخطيب في المشكاة، وهو ملتزم في هذا الكتاب تبعاً لمصابيح السنّة بأنْ لا يخرج الموضوعات، وإنّما الصحاح والحسان فقط.

    وله أسانيد صحيحة أيضاً غير هذه(1) .

    ____________

    (1) المعجم الصغير 2 / 22، مشكاة المصابيح 3 / 1742، المستدرك 2 / 343، مجمع الزوائد 9 / 168، تاريخ بغداد 12 / 91، المطالب العالية 4 / 75، فيض القدير 2 / 519، 5 / 517، كنز العمال 13 / 82، 85.

    الصفحة 46
    وحول حديث الطير، يقول:

    إنّ حديث الطير من المكذوبات الموضوعات عند أهل العلم والمعرفة…(1) .
    لكنّ هذا الحديث ـ على ما عثرنا عليه نحن ـ رواه عن رسول الله من الصحابة:

    1 ـ علي (عليه السلام)، وهو عند الحاكم.

    2 ـ عبدالله بن عباس، وهو عند جماعة منهم ابن سعد.

    3 ـ أبو سعيد الخدري، رواه الحاكم أيضاً.

    4 ـ سفينة، حديثه عند الحاكم، وعند أحمد بن حنبل.

    5 ـ أبو الطفيل، حديثه عنه الحاكم.

    6 ـ أنس بن مالك، حديثه عند الترمذي والبزّار والنسائي والحاكم والبيهقي وابن حجر.

    7 ـ سعد بن أبي وقّاص، حديثه عند أبي نعيم الاصفهاني.

    8 ـ عمرو بن العاص، وحديثه موجود في كتاب له إلى معاوية، يرويه الخوارزمي في المناقب.

    9 ـ يعلى بن مرّة، روى هذا الحديث عنه جماعة منهم أبو

    ____________

    (1) منهاج السنّة 7 / 371.

    الصفحة 47
    عبدالله الكنجي.

    10 ـ جابر بن عبدالله الانصاري، حديثه عند ابن عساكر.

    11 ـ أبو رافع، حديثه عند ابن كثير.

    12 ـ حبشي بن جنادة، حديثه عند ابن كثير أيضاً.

    ومن رواة هذا الحديث من الائمّة:

    1 ـ أبو حنيفة، إمام الحنفيّة.

    2 ـ أحمد بن حنبل.

    3 ـ أبوحاتم الرازي.

    4 ـ الترمذي.

    5 ـ البزّار.

    6 ـ النسائي.

    7 ـ أبو يعلى.

    8 ـ محمّد بن جرير الطبري.

    9 ـ الطبراني.

    10 ـ الدارقطني.

    11 ـ ابن بطّة العكبري.

    12 ـ الحاكم.

    13 ـ ابن مردويه.

    الصفحة 48
    14 ـ البيهقي.

    15 ـ ابن عبدالبرّ.

    16 ـ الخطيب.

    17 ـ أبو المظفر السمعاني.

    18 ـ البغوي.

    19 ـ ابن عساكر.

    20 ـ ابن الاثير.

    21 ـ المزّي.

    22 ـ الذهبي.

    23 ـ ابن حجر العسقلاني.

    24 ـ السيوطي.

    وغيرهم.

    وقد أفرد بعضهم لجمع طرق هذا الحديث كتباً خاصّة، منهم:

    1 ـ ابن جرير الطبري.

    2 ـ ابن عقدة.

    3 ـ ابن مردويه.

    4 ـ ابو نعيم.

    5 ـ أبو طاهر بن حمدان.

    الصفحة 49
    6 ـ الذهبي، يقول: لي جزء في جمع طرقه، وهذا تصريح الذهبي نفسه في كتاب تذكرة الحفّاظ وغيره من كتبه.

    وقد نصّ غير واحد من العلماء على صحّة بعض أسانيده، منهم: الحافظ ابن كثير، ينصّ في تاريخه على صحّة بعض أسانيد هذا الحديث، وجودة بعض طرقه، ولا أُريد أن أُطيل عليكم، وإلاّ لذكرت لكم كلّ ذلك(1) .

    ____________

    (1) المعجم الكبير 7 / 82، المستدرك على الصحيحين 3 / 130، البداية والنهاية 7 / 352، مجمع الزوائد 9 / 125.

    الصفحة 50

    بحث ابن تيمية في خلافة أمير المؤمنين (عليه السلام)

    وتصل النوبة إلى بحث ابن تيميّة في خلافة أمير المؤمنين، وهل يرضى ابن تيميّة بخلافة علي باعتبار أنّه خليفة رابع أو لا يرضى ؟ وهل يرتضيه بأن يكون من الخلفاء الراشدين أو لا ؟

    أوّل شيء يكرّره ابن تيميّة في كتابه منهاج السنّة عدم ثبوت خلافة أمير المؤمنين، يقول:

    إضطرب الناس في خلافة علي على أقوال: فقالت طائفة: إنّه إمام وإنّ معاوية إمام…، وقالت طائفة: لم يكن في ذلك الزمان إمام عام، بل كان زمان فتنة…، وقالت طائفة ثالثة: بل علي هو الامام، وهو مصيب في قتاله لمن قاتله، وكذلك من قاتله من الصحابة كطلحة والزبير كلّهم مجتهدون مصيبون…،

    الصفحة 51
    وطائفة رابعة تجعل عليّاً هو الامام، وكان مجتهداً مصيباً في القتال، ومن قاتله كانوا مجتهدين مخطئين…، وطائفة خامسة تقول: إنّ عليّاً مع كونه كان خليفة وهو أقرب إلى الحقّ من معاوية فكان ترك القتال أولى(1) .
    خمس طوائف ولم يذكر قولاً سادساً.

    يقول:

    وأما علي فكثير من السابقين الاولين لم يتّبعوه ولم يبايعوه، وكثير من الصحابة والتابعين قاتلوه(2) .
    ويقول:

    ونحن نعلم أنّ عليّاً لمّا تولّى، كان كثير من الناس يختار ولاية معاوية وولاية غيرهما(3) .

    ومن جوّز خليفتين في وقت يقول: كلاهما خلافة نبوة… وإن قيل: إنّ خلافة علي ثبتت بمبايعة أهل الشوكة، كما ثبتت خلافة من كان قبله بذلك،أو

    ____________

    (1) منهاج السنّة 1 / 537 ـ 539.

    (2) منهاج السنّة 8 / 234.

    (3) منهاج السنّة 4 / 89.

    الصفحة 52
    ردوا على ذلك أنّ طلحة بايعه مكرهاً، والذين بايعوه قاتلوه، فلم تتفق أهل الشوكة على طاعته.

    وأيضاً فإنّما تجب مبايعته كمبايعة من قبله إذا سار سيرة من قبله(1) .
    وإن لم يسر سيرة من قبله فلم يبايعه أحد على ذلك.

    ويقول:

    وأمّا علي فكثير من السابقين الاوّلين لم يتّبعوه ولم يبايعوه، وكثير من الصحابة والتابعين قاتلوه(2) .
    فإذا نسب إلى الشيعة أنّهم يبغضون الصحابة إذن يبغضون كثيراً من الصحابة والتابعين الذين قاتلوا عليّاً.

    أقول: نعم نبغضهم ويبغضهم كلّ مسلم.

    قال في الجواب عن حديث «من ناصب علياً الخلافة فهو كافر»، قال:

    إنّ هذه الاحاديث تقدح في علي، وتوجب أنّه كان مكذّباً لله ورسوله، فيلزم من صحّتها كفر

    ____________

    (1) منهاج السنّة 4 / 465.

    (2) منهاج السنّة 8 / 234.

    الصفحة 53
    الصحابة كلّهم هو وغيره، أمّا الذين ناصبوه الخلافة فإنّهم في هذا الحديث المفترى كفّار، وأمّا علي فإنّه لم يعمل بموجب هذه النصوص.
    قال:

    وأما علي فكثير من السابقين الاولين لم يتّبعوه ولم يبايعوه، وكثير من الصحابة والتابعين قاتلوه(1) .
    لاحظوا نصّ العبارة:

    ونصف الاُمّة أو أقل أو أكثر لم يبايعوه، بل كثير منهم قاتلوه وقاتلهم، وكثير منهم لم يقاتلوه ولم يقاتلوا معه(2) .
    إذن، نصف الاُمّة كانوا مخالفين لعلي، ونحن نقول: ارتدّت الاُمّة بعد رسول الله باعتراف ابن تيميّة، ارتدّت عن ولاية أمير المؤمنين إنْ كان كلامه حقّاً.

    ثمّ يقول ـ ولاحظوا عباراته، كلمات حتّى سماعها يحزّ في النفس، فكيف قراءتها والنظر فيها والتأمل فيها ـ يقول:

    ____________

    (1) منهاج السنة 8 / 234.

    (2) منهاج السنة 4 / 105.

    الصفحة 54
    لكنّ نصف رعيّته يطعنون في عدله، فالخوارج يكفّرونه، وغير الخوارج من أهل بيته وغير أهل بيته يقولون: إنّه لم ينصفهم، وشيعة عثمان يقولون: إنّه ممّن ظلم عثمان. وبالجملة، لم يظهر لعلي من العدل، مع كثرة الرعية وانتشارها، ما ظهر لعمر، ولا قريب منه(1) .
    لاحظوا العبارات:

    وأمّا تخلّف من تخلّف عن مبايعته، فعذرهم في ذلك أظهر من عذر سعد بن عبادة وغيره لمّا تخلّفوا عن بيعة أبي بكر(2) .
    ثمّ يصعد أكثر من هذا ويقول:

    وروي عن الشافعي وغيرهم أنّهم قالوا: الخلفاء ثلاثة أبوبكر وعمر وعثمان(3) .

    لاحظوا نصّ العبارة:

    والخلفاء الثلاثة فتحوا الامصار، وأظهروا الدين في مشارق الارض ومغاربها، ولم يكن معهم

    ____________

    (1) منهاج السنة 6 / 18.

    (2) منهاج السنة 4 / 388.

    (3) منهاج السنة 4 / 404.

    الصفحة 55
    رافضي، بل بنو أميّة بعدهم، مع انحراف كثير منهم عن علي وسبّ بعضهم له، غلبوا على مدائن الاسلام كلّها من مشارق الارض إلى مغربها، وكان الاسلام في زمنهم
    أعزّ منه فيما بعد ذلك بكثير… وأظهروا الاسلام فيها وأقاموه… ويقال: إنّ فيهم من كان يسكت عن علي، فلا يربّع به في الخلافة، لانّ الاُمّة لم تجتمع عليه… وقد صنّف بعض علماء الغرب كتاباً كبيراً في الفتوح، فذكر فتوح النبي (صلى الله عليه وسلم)، وفتوح الخلفاء بعده أبي بكر وعمر وعثمان، ولم يذكر عليّاً مع حبّه له وموالاته له، لانّه لم يكن في زمنه فتوح(1) .

    وكان بالاندلس كثير من بني أُميّة… يقولون: لم يكن خليفة، وإنّما الخليفة من اجتمع الناس عليه، ولم يجتمعوا على علي. وكان من هؤلاء من يربّع بمعاوية في خطبة الجمعة، فيذكر الثلاثة ويربّع بمعاوية ولا يذكر عليّاً…(2) .

    ____________

    (1) منهاج السنّة 6 / 419 ـ 420.

    (2) منهاج السنّة 4 / 401 ـ 402.

    الصفحة 56
    إلى أنْ يقول:

    فلم يظهر في خلافته دين الاسلام، بل وقعت الفتنة بين أهله، وطمع فيهم عدوّهم من الكفّار والنصارى والمجوس(1) .
    قال:

    وأمّا علي فلم يتفق المسلمون على مبايعته، بل وقعت الفتنة في تلك المدّة، وكان السيف في تلك المدّة مكفوفاً عن الكفّار مسلولاً على أهل)الاسلام(2) .

    وهذا كان حجّة من كان يربّع بذكر معاوية ولا يذكر عليّاً(3) .

    ولم يكن في خلافة علي للمؤمنين الرحمة التي كانت في زمن عمر وعثمان، بل كانوا يقتتلون ويتلاعنون، ولم يكن لهم على الكفّار سيف، بل الكفّار كانوا قد طمعوا فيهم، وأخذوا منهم أموالاً

    ____________

    (1) منهاج السنّة 4 / 117.

    (2) منهاج السنّة 4 / 161.

    (3) منهاج السنّة 4 / 162.

    الصفحة 57
    وبلاداً(1) .

    فإذا لم يوجد من يدّعي الاماميّة فيه أنّه معصوم وحصل له سلطان بمبايعة ذي الشوكة إلاّ علي وحده، وكان مصلحة المكلّفين واللّطف الذي حصل لهم في دينهم ودنياهم في ذلك الزمان أقلّ منه في زمن الخلفاء الثلاثة، وعلم بالضرورة أن ما يدّعونه من اللطف والمصلحة الحاصلة بالائمّة المعصومين باطل قطعاً(2) .
    يقول:

    ومن ظنّ أنّ هؤلاء الاثني عشر هم الذين تعتقد الروافض إمامتهم، فهو في غاية الجهل، فإنّ هؤلاء ليس فيهم من كان له سيف إلاّ علي بن أبي طالب، ومع هذا فلم يتمكّن في خلافته من غزو الكفّار، ولا فتح مدينة ولا قتل كافراً، بل كان المسلمون قد اشتغل بعضهم بقتال بعض، حتّى طمع فيهم الكفّار بالشرق والشام، من المشركين وأهل الكتاب، حتّى يقال إنّهم أخذوا بعض بلاد المسلمين،

    ____________

    (1) منهاج السنّة 4 / 485.

    (2) منهاج السنّة 3 / 379.

    الصفحة 58
    وإنّ بعض الكفّار كان يحمل إليه كلام حتّى يكفّ عن المسلمين، فأيّ عزّ للاسلام في هذا ـ أي في حكومة علي.

    … وأيضاً فالاسلام عند الاماميّة هو ما هم عليه، وهم أذلّ فرق الاُمّة، فليس في أهل الاهواء أذلّ من الرافضة(1) .
    ثمّ يقول العبارة التي نقلها ابن حجر، وقرأناها في كتاب الدرر الكامنة، يقول:

    فإنّ عليّاً قاتل على الولاية، وقُتل بسبب ذلك خلق كثير، ولم يحصل في ولايته لا قتال للكفّار ولا فتح لبلادهم، ولا كان المسلمون في زيادة خير(2) .

    فما زاد الامر إلاّ شدّة، وجانبه إلاّ ضعفاً، وجانب من حاربه إلاّ قوّة والاُمّة إلاّ افتراقاً(3) .
    ثمّ يقول:

    ولهذا جعل طائفة من الناس خلافة علي من

    ____________

    (1) منهاج السنّة 8 / 241 ـ 242.

    (2) منهاج السنّة 6 / 191.

    (3) منهاج السنّة 7 / 452.

    الصفحة 59
    هذا الباب، وقالوا: لم تثبت بنص ولا إجماع(1) .
    ثمّ يقول:

    لان النص والاجماع المثبتين لخلافة أبي بكر ليس في خلافة عليّ مثلها، فانه ليس في الصحيحين ما يدلّ على خلافته، وإنّما روى ذلك أهل السنن، وقد طعن بعض أهل الحديث في حديث سفينة(2) .
    فعلى هذا لا يبقى حينئذ دليل على امامة علي مطلقاً حتّى في المرتبة الرابعة.

    ويقول:

    وأحمد بن حنبل، مع أنه أعلم أهل زمانه بالحديث، احتج على إمامة علي بالحديث الذي في السنن: «تكون خلافة النبوة ثلاثين سنة، ثم تصير مُلكاً» وبعض الناس ضعّف هذا الحديث، لكن أحمد وغيره يثبتونه(3) .
    يقول:

    ____________

    (1) منهاج السنّة 8 / 243.

    (2) منهاج السنّة 4 / 388.

    (3) منهاج السنّة 7 / 50.

    الصفحة 60
    وعلي يقاتل ليطاع ويتصرّف في النفوس والاموال، فكيف يجعل هذا قتالاً على الدين(1) .
    نصّ العبارة بلا زيادة ونقيصة.

    حتّى أنّه يجعل عليّاً مصداقاً لقوله تعالى: (تِلْكَ الدَّارُ الاْخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الاَْرْضِ وَلاَ فَسَاداً والعَاقِبَةُ للمُتَّقِينَ)(2) .

    ثم يقول:

    فمن أراد العلوّ في الارض والفساد لم يكن من أهل السعادة في الاخرة(3) .
    وعلي إنّما قاتل لانْ يكون له العلوّ في الارض، إنّه إنّما:

    قاتل ليطاع هو(4) .
    ثمّ يقول:

    والذين قاتلوا من الصحابة لم يأت أحد منهم بحجّة توجب القتال، لا من كتاب ولا من سنّة، بل

    ____________

    (1) منهاج السنّة 8 / 329.

    (2) القصص: 83.

    (3) منهاج السنّة 4 / 500.

    (4) منهاج السنّة 4 / 500.

    الصفحة 61
    أقرّوا بأنّ قتالهم كان رأياً رأوه، كما أخبر بذلك علي (رضي الله عنه) عن نفسه(1) .

    وأمّا قتال الجمل وصفّين، فقد ذكر علي (رضي الله عنه) أنّه لم يكن معه نصّ من النبي (صلى الله عليه وسلم)، وإنّما كان رأياً، وأكثر الصحابة لم يوافقوه على هذا القتال(2) .

    أن القتال كان قتال فتنة بتأويل، لم يكن من الجهاد الواجب ولا المستحب(3) .

    وقتل خلقاً كثيراً من المسلمين الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويصومون ويصلّون(4) .
    وقال طاعناً في الامام وهو يقصد الدفاع عن عثمان ـ حيث يقولون من جملة ما نقموا عليه إنّه كان يتصرف في بيت المال هو وبنو أُميّة ـ:

    وأين أخذ المال وارتفاع بعض الرجال، من قتال الرجال الذين قتلوابصفّين ولم يكن في ذلك عزّ ولا ظفر ؟… حرب صفّين التي لم يحصل بها إلاّ زيادة

    ____________

    (1) منهاج السنّة 1 / 526.

    (2) منهاج السنّة 6 / 333.

    (3) منهاج السنّة 7 / 57.

    (4) منهاج السنّة 6 / 356.

    الصفحة 62
    الشر وتضاعفه لم يحصل بها من المصلحة شيء(1) .

    ولهذا كان أئمّة السنّة كمالك وأحمد وغيرهما يقولون: إنّ قتاله للخوارج مأمور به، وأمّا قتال الجمل وصفّين فهو قتال فتنة.

    ولهذا كان علماء الامصار على أن القتال كان قتال فتنة وكان من قعد عنه أفضل ممن قاتل فيه(2) .
    وعلي بن أبي طالب (رضي الله عنه)ندم على أمور فعلها من القتال وغيره… وكان يقول ليالي صفّين: لله درّ مقام قامه عبدالله بن عمر وسعد بن مالك، إن كان برّاً إنّ أجره لعظيم، وإن كان إثماً إنّ خطره ليسير(3) .
    والحال أنّ عبدالله بن عمر وسعد بن مالك يعني سعد بن أبي وقّاص كلاهما قد ندما على عدم بيعتهما مع علي وتخلَّفهما عن القتال معه في حروبه، والنصوص بذلك موجودة في المصادر.

    ____________

    (1) منهاج السنّة 8 / 143.

    (2) منهاج السنّة 8 / 233.

    (3) منهاج السنّة 6 / 209.

    الصفحة 63
    يضيف إنّ عليّاً كان يقول لابنه الحسن (عليه السلام) في ليالي صفّين:

    يا حسن يا حسن ما ظنّ أبوك أنّ الامر يبلغ إلى هذا، ودّ أبوك لو مات قبل هذا بعشرين سنة(1) .
    الاحاديث الصحيحة المتقنة في الكتب المعتبرة يكذّبها ويطالب فيها بسند صحيح، ثمّ يذكر مثل هذا ولا يذكر له أيّ سند، وأيّ مصدر، وغير معلوم من قال هذا ؟ ويرسله إرسال المسلّمات، يا حسن يا حسن ما ظنّ أبوك أنّ الامر يبلغ إلى هذا، ودّ أبوك لو مات قبل هذا بعشرين سنة !!

    يقول:

    ولمّا رجع من صفّين تغيّر كلامه… وتواترت الاثار بكراهته الاحوال في آخر الامر(2) .

    وكان علي أحياناً يظهر فيه الندم والكراهة للقتال، ممّا يبيّن أنّه لم يكن عنده فيه شيء من الادلّة الشرعيّة(3) .

    ____________

    (1) منهاج السنّة 6 / 209.

    (2) منهاج السنّة 6 / 209.

    (3) منهاج السنّة 8 / 526.

    الصفحة 64
    وممّا يبيّن أنّ عليّاً لم يكن يعلم المستقبل، إنّه ندم على أشياء ممّا فعلها… وكان يقول ليالي صفّين: يا حسن يا حسن، ما ظنّ أبوك أنّ الامر يبلغ هذا، لله درّ مقام قامه سعد بن مالك وعبدالله بن عمر…(1) .
    هذا كرّره مرّة أخرى، وقال بعد ذلك:

    هذا رواه المصنّفون(2) .
    ومن المصنّفون ؟ غير معلوم.

    يقول:

    وتواتر عنه أنّه كان يتضجّر ويتململ من اختلاف رعيّته عليه، وأنّه ما كان يظنّ أنّ الامر يبلغ ما بلغ، وكان الحسن رأيه ترك القتال، وقد جاء النصّ الصحيح بتصويب الحسن… وسائر الاحاديث الصحيحة تدلّ على أنّ القعود عن القتال والامساك عن الفتنة كان أحبّ إلى الله ورسوله(3) .
    يقول: وأمّا حديث أُمرت بقتال الناكثين والقاسطين

    ____________

    (1) منهاج السنّة 8 / 145.

    (2) منهاج السنّة 8 / 145.

    (3) منهاج السنّة 8 / 145.

    الصفحة 65
    والمارقين، فهذا كذب.

    لابدّ وأن يكذّبه، لانّه يصرّ على أنّ عليّاً لم يكن عنده دليل شرعي على قتاله، فلابدّ وأن يكون هذا الحديث كذباً.

    نصّ العبارة:

    لم يرو علي (رضي الله عنه) في قتال الجمل وصفّين شيئاً… وأمّا قتال الجمل وصفّين فلم يرو أحد منهم فيه نصّاً إلاّ القاعدون، فإنّهم رووا الاحاديث في ترك القتال في الفتنة، وأمّا الحديث الذي يُروى أنّه أمر بقتل الناكثين والقاسطين والمارقين، فهو حديث موضوع على النبي (صلى الله عليه وسلم)(1) .
    وهذا الحديث يرويه من الصحابة:

    1 ـ أبو أيّوب الانصاري.

    2 ـ أمير المؤمنين.

    3 ـ عبدالله بن مسعود.

    4 ـ أبو سعيد الخدري.

    5 ـ عمّار بن ياسر.

    وغيرهم.

    ____________

    (1) منهاج السنّة 6 / 112.

    الصفحة 66
    ومن الحفّاظ:

    1 ـ الطبري.

    2 ـ البزّار.

    3 ـ أبو يعلى.

    4 ـ ابن مردويه.

    5 ـ أبوالقاسم الطبراني.

    6 ـ الحاكم النيسابوري.

    7 ـ الخطيب البغدادي.

    8 ـ ابن عساكر.

    9 ـ ابن الاثير.

    10 ـ الجلال السيوطي.

    11 ـ ابن كثير.

    12 ـ المحب الطبري.

    13 ـ أبو بكر الهيثمي.

    14 ـ والمتقي الهندي.

    ومن أسانيده الصحيحة مارواه البزّار والطبراني في الاوسط، وترون النص على صحّته في مجمع الزوائد يقول بعد روايته: وأحد إسنادي البزّار رجاله رجال الصحيح، غير الربيع بن سعيد ووثّقه

    الصفحة 67
    ابن حبّان، وله أسانيد أُخرى صحيحة.

    الصفحة 68
    الصفحة 69

    افتراء ابن تيميّة على أمير المؤمنين (عليه السلام)

    وأمّا الاشياء التي نسبها إلى أمير المؤمنين، والاكاذيب التي هي في الحقيقة كذب عليه، في كلماته كثيرة، منها: إنّ عليّاً كان يقول مراراً: إنّ أبابكر وعمر أفضل منّي، وكان يفضّلهما على نفسه.

    يقول:

    حتى قال: لا يبلغني عن أحد أنّه فضّلني على أبي بكر وعمر إلاّ جلدته جلد المفتري(1) .
    هذا الشيء الذي نقله لم يذكر له مصدراً عن أمير المؤمنين، وأمير المؤمنين لم نسمع أنّه جلد أحداً من الصحابة لانّه فضّله على الشيخين، مع أنّ كثيرين من الصحابة كانوا في نفس الوقت وفي حياة أمير المؤمنين يفضّلون عليّاً على الشيخين بمسمع منه ومرأى.

    ____________

    (1) منهاج السنة 7 / 511.

    الصفحة 70
    إنّ ابن حزم في الفصل(1) ، وكذا ابن عبد البر في الاستيعاب(2) بترجمة أمير المؤمنين، هذان الحافظان الكبيران يذكران أسماء عدّة كبيرة من الصحابة كانوا يقولون بأفضليّة علي من الشيخين، ولم نسمع أنّ عليّاً جلد واحداً منهم.

    وأمّا هذا الخبر، فقد كفانا الدكتور محمّد رشاد سالم ـ الذي حقّق منهاج السنّة في طبعته الجديدة ـ مؤنة تحقيقه حيث قال: بأنّه ضعيف(3) .

    وكذب على علي وفاطمة الزهراء فزعم أنه روي:

    كما في الصحيح عن علي (رضي الله عنه)، قال: طرقني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وفاطمة، فقال: «ألا تقومان تصليان ؟» فقلت: يا رسول الله إنما أنفسنا بيد الله إن شاء أن يبعثنا بعثنا، قال: فولّى، وهو يقول:(وَكَانَ الاِْنسَانُ أَكثَرَ شَيء جَدَلاً)(4) .
    وكذب على أمير المؤمنين في قضيّة شرب الخمر(5) .

    ____________

    (1) الفصل في الملل والنحل 4 / 181.

    (2) الاستيعاب في معرفة الاصحاب 3 / 1090.

    (3) منهاج السنة 7 / 511، الهامش.

    (4) منهاج السنة 3 / 85، الاية سورة الكهف: 54.

    (5) منهاج السنة 7 / 237.

    #222039

    En réponse à : ابن تيمية

    hayefmajid
    Membre

    بغض ابن تيمية لامير المؤمنين (عليه السلام)

    وأبدأ بحثي بكلمة لابن حجر العسقلاني الحافظ بترجمته من كتاب الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، حيث يذكر قضايا مفصلة بترجمة ابن تيميّة وحوادث كلّها قابلة للذكر، إلاّ أنّي أكتفي بنقل مايلي:

    يقول الحافظ: وقال ابن تيميّة في حقّ علي: أخطأ في سبعة عشر شيئاً، ثمّ خالف فيها نصّ الكتاب….

    ويقول الحافظ ابن حجر: وافترق الناس فيه ـ أي في ابن تيميّة ـ شيعاً، فمنهم من نسبه إلى التجسيم، لما ذكر في العقيدة الحمويّة والواسطيّة وغيرهما من ذلك كقوله: إنّ اليد والقدم والساق والوجه صفات حقيقيّة لله، وأنّه مستو على العرش بذاته….

    إلى أن يقول: ومنهم من ينسبه إلى الزندقة، لقوله: النبيّ (صلى الله عليه وسلم)لا يستغاث به، وأنّ في ذلك تنقيصاً ومنعاً من تعظيم النبي (صلى الله عليه وسلم)….

    الصفحة 10
    إلى أن يقول: ومنهم من ينسبه إلى النفاق، لقوله في علي ما تقدّم ـ أي قضيّة أنّه أخطأ في سبعة عشر شيئاً ـ ولقوله: إنّه ـ أي علي ـ كان مخذولاً حيثما توجّه، وأنّه حاول الخلافة مراراً فلم ينلها، وإنّما قاتل للرئاسة لا للديانة، ولقوله: إنّه كان يحبّ الرئاسة، ولقوله: أسلم أبوبكر شيخاً يدري ما يقول، وعلي أسلم صبيّاً، والصبي لا يصحّ إسلامه، وبكلامه في قصّة خطبة بنت أبي جهل، وأنّ عليّاً مات وما نسيها.

    فإنّه شنّع في ذلك، فألزموه بالنفاق، لقوله صلّى الله عليه وسلّم: ولا يبغضك إلاّ منافق.

    إلى هنا القدر الذي نحتاج إليه من عبارة الحافظ ابن حجر بترجمة ابن تيميّة في الدرر الكامنة(1) .

    والان أذكر لكم الشواهد التفصيليّة لما نسب ابن تيميّة إليه من النفاق.

    إنّه يناقش في إسلام أمير المؤمنين، وفي جهاده بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، إلى أن يقول في موضع من كلامه، أقرأ لكم هذا المقطع وأنتقل إلى بحث آخر، يقول:

    ____________

    (1) الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة 1/154 ـ 155.

    الصفحة 11
    قبل أنْ يبعث الله محمّداً (صلى الله عليه وسلم) لم يكن أحد مؤمناً من قريش [ لاحظوا بدقّة كلمات هذا الرجل ] لا رجل، ولا صبيّ، ولا امرأة، ولا الثلاثة، ولا علي. وإذا قيل عن الرجال: إنّهم كانوا يعبدون الاصنام، فالصبيان كذلك: علي وغيره. [ فعلي كان يعبد الصنم في صغره !! ]وإن قيل: كفر الصبي ليس مثل كفر البالغ. قيل: ولا إيمان الصبي مثل إيمان البالغ. فأولئك يثبت لهم حكم الايمان والكفر وهم بالغون، وعلي يثبت له حكم الكفر والايمان وهو دون البلوغ، والصبي المولود بين أبوين كافرين يجري عليه حكم الكفر في الدنيا باتّفاق المسلمين(1) .
    أكتفي بهذا المقدار من عباراته في هذه المسألة.

    ويقول:

    إنّ الرافضة تعجز عن إثبات إيمان علي وعدالته… فإنْ احتجّوا بما تواتر من إسلامه وهجرته وجهاده، فقد تواتر إسلام معاوية ويزيد وخلفاء بني أُميّة وبني العباس، وصلاتهم وصيامهم

    ____________

    (1) منهاج السنّة 8 / 285.

    الصفحة 12
    وجهادهم(1) .
    ويقول في موضع آخر:

    لم يعرف أنّ عليّاً كان يبغضه الكفّار والمنافقون(2) .
    ويقول:

    كلّ ما جاء في مواقفه في الغزوات كلّ ذلك كذب.
    إلى أن يقول مخاطباً العلاّمة الحلّي (رحمه الله) يقول:

    قد ذكر في هذه من الاكاذيب العظام التي لا تنفق إلاّ على من لم يعرف الاسلام، وكأنّه يخاطب بهذه الخرافات من لا يعرف ما جرى في الغزوات(3) .
    بالنسبة إلى علوم أمير المؤمنين ومعارفه، يناقش في جلّ ما ورد في هذا الباب، في نزول قوله تعالى: (وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ)(4) يقول:

    ____________

    (1) منهاج السنّة 2 / 62.

    (2) منهاج السنّة 7 / 461.

    (3) منهاج السنّة 8 / 97.

    (4) الحاقة: 12.

    الصفحة 13
    إنّه حديث موضوع باتّفاق أهل العلم(1) .
    مع أنّ هذا الحديث موجود في:

    1 ـ تفسير الطبري.

    2 ـ مسند البزّار.

    3 ـ مسند سعيد بن منصور.

    4 ـ تفسير ابن أبي حاتم.

    5 ـ تفسير ابن المنذر.

    6 ـ تفسير ابن مردويه.

    7 ـ تفسير الفخر الرازي.

    8 ـ تفسير الزمخشري.

    9 ـ تفسير الواحدي.

    10 ـ تفسير السيوطي.

    ورواه من المحدّثين:

    1 ـ أبو نعيم.

    2 ـ الضياء المقدسي.

    ____________

    (1) منهاج السنّة 7 / 522.

    الصفحة 14
    3 ـ ابن عساكر.

    4 ـ الهيثمي، في مجمع الزوائد.

    أكتفي بهذا المقدار(1) .

    حديث: «أنا مدينة العلم وعلي بابها» يقول فيه:

    وحديث «أنا مدينة العلم وعلي بابها» أضعف وأوهى، ولهذا إنّما يعدّ في الموضوعات(2) .
    مع أنّ هذا الحديث من رواته:

    1 ـ يحيى بن معين.

    2 ـ أحمد بن حنبل.

    3 ـ الترمذي.

    4 ـ البزّار.

    5 ـ ابن جرير الطبري.

    6 ـ الطبراني.

    7 ـ أبو الشيخ.

    8 ـ ابن بطّة.

    ____________

    (1) الاية في سورة الرعد، فلاحظ التفاسير، ومجمع الزوائد 1 / 131، وحلية الاولياء 1 / 67.

    (2) منهاج السنّة 7 / 515.

    الصفحة 15
    9 ـ الحاكم.

    10 ـ ابن مردويه.

    11 ـ أبو نعيم.

    12 ـ أبو مظفّر السمعاني.

    13 ـ البيهقي.

    14 ـ ابن الاثير.

    15 ـ النووي.

    16 ـ العلائي.

    17 ـ المزّي.

    18 ـ ابن حجر العسقلاني.

    19 ـ السخاوي.

    20 ـ السيوطي.

    21 ـ السمهودي.

    22 ـ ابن حجر المكّي.

    23 ـ القاري.

    24 ـ المنّاوي.

    25 ـ الزرقاني.

    وقد صحّحه غير واحد من هؤلاء الائمّة.

    الصفحة 16
    وحول حديث أقضاكم علي، يقول:

    فهذا الحديث لم يثبت، وليس له إسناد تقوم به الحجّة… لم يروه أحد في السنن المشهورة، ولا المساند المعروفة، لا بإسناد صحيح ولا ضعيف، وإنّما يروى من طريق من هو معروف بالكذب(1) .
    هذا الحديث موجود في: صحيح البخاري في كتاب التفسير باب قوله تعالى: (مَا نَنْسَخ مِنْ آيَة أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْر مِنْهَا)(2) كذا في الدرّ المنثور، وعن النسائي أيضاً، وابن الانباري، ودلائل النبوّة للبيهقي، وهو في الطبقات لابن سعد، وفي المسند لاحمد بن حنبل، وبترجمته (عليه السلام) من سنن ابن ماجة، وفي المستدرك على الصحيحين وقد صحّحه، وفي الاستيعاب، وأُسد الغابة، وحلية الاولياء، وفي الرياض النضرة، وغيرها من الكتب(3) .

    يقول:

    ____________

    (1) منهاج السنّة 7 / 512.

    (2) البقرة: 106.

    (3) الطبقات الكبرى ج2 ق2 ص102.

    الصفحة 17
    وقوله: ابن عباس تلميذ عليّ كلام باطل(1) .
    ويقول المنّاوي في فيض القدير بشرح حديث «علي مع القرآن والقرآن مع علي»، يقول: ولذا كان أعلم الناس بتفسيره….

    إلى أن قال: حتّى قال ابن عباس: ما أخذت من تفسيره فعن علي(2) .

    ويقول أيضاً:

    وأما قوله: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «أقضاكم علي» والقضاء يستلزم العلم والدين، فهذا الحديث لم يثبت، وليس له إسناد تقوم به الحجة، وقوله: «أعلمكم بالحلال والحرام معاذ بن جبل» أقوى اسناداً منه، والعلم بالحلال والحرام ينتظم القضاء أعظم مما ينتظم للحلال والحرام(3) .
    يقول:

    والمعروف أنّ عليّاً أخذ العلم عن أبي

    ____________

    (1) منهاج السنّة 7 / 536.

    (2) فيض القدير في شرح الجامع الصغير 4/357.

    (3) منهاج السنّة 7 / 512 ـ 513.

    الصفحة 18
    بكر(1) .
    يقول:

    له ـ أي لامير المؤمنين ـ فتاوى كثيرة تخالف النصوص(2) .
    كانت العبارة هناك سبعة عشر موضعاً، وعبارة ابن تيميّة هنا: له فتاوى كثيرة تخالف النصوص من الكتاب والسنّة.

    يقول:

    وقد جمع الشافعي ومحمد بن نصر المروزي كتاباً كبيراً فيما لم يأخذ به المسلمون من قول عليّ، لكون قول غيره من الصحابة اتبع للكتاب)والسنة(3) .
    والحال أنّ هذا الكتاب الذي ألّفه المروزي هو في المسائل التي خالف فيها أبو حنيفة علي بن أبي طالب في فتاواه، فموضوع هذاالكتاب ـ كتاب المروزي ـ الفتاوى التي خالف فيها أبو حنيفة علي بن أبي طالب وعبدالله بن مسعود.

    ____________

    (1) منهاج السنّة 5 / 513.

    (2) منهاج السنّة 7 / 502.

    (3) منهاج السنة 8 / 281.

    الصفحة 19
    لاحظوا، كم فرق بين أصل القضيّة وما يدّعيه ابن تيميّة !!

    يقول:

    وعثمان جمع القرآن كلّه بلا ريب، وكان أحياناً يقرؤه في ركعة، وعلي قد اختلف فيه هل حفظ القرآن كلّه أم لا؟(1) .
    ويقول:

    فإن قال الذابُّ عن علي: هؤلاء الذين قاتلهم علي كانوا بغاة، فقد ثبت في الصحيح: إنّ النبي (صلى الله عليه وسلم)قال لعمّار بن ياسر (رضي الله عنه): «تقتلك الفئة الباغية»، وهم قتلوا عمّاراً، فههنا للناس أقوال: منهم من قدح في حديث عمّار، ومنهم من تأوّله على أنّ الباغي الطالب، وهو تأويل ضعيف، وأمّا السلف والائمّة فيقول أكثرهم كأبي حنيفة ومالك وأحمد وغيرهم: لم يوجد شرط قتال الطائفة الباغية(2) .
    ففي قتال علي مع الناكثين والقاسطين والمارقين يقول: إنّ أبا حنيفة ومالكاً وأحمد وغيرهم كانوا يقولون بأنّ شرط البغاة لم يكن

    ____________

    (1) منهاج السنّة 8 / 229.

    (2) منهاج السنّة 4 / 390.

    الصفحة 20
    حاصلاً في هؤلاء حتّى يحاربهم علي (عليه السلام).

    يقول:

    جميع مدائن الاسلام بلغهم العلم عن الرسول من غير علي(1) .
    فإذن، لم يكن لعلي دور في نشر التعاليم الاسلاميّة والاحكام الشرعيّة والحقائق الدينيّة أبداً !!

    ____________

    (1) منهاج السنّة 7 / 516.

    الصفحة 21
    الصفحة 22

    تكذيب ابن تيمية فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام)

    وأمّا في فضائله ومناقبه في القرآن الكريم، قوله تعالى: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ)(1) إلى آخر الاية، يقول:

    وقد وضع بعض الكذّابين حديثاً مفترى أنّ هذه الاية نزلت في علي لمّا تصدّق بخاتمه في الصلاة، وهذا كذب بإجماع أهل العلم بالنقل، وكذبه بيّن من وجوه كثيرة(2) .
    وهذا الحديث الذي يكذّبه ابن تيميّة، قد رواه عن ابن عباس:

    1 ـ عبدالرزاق.

    2 ـ عبد بن حميد.

    ____________

    (1) المائدة: 55.

    (2) منهاج السنّة 2 / 30.

    الصفحة 23
    3 ـ ابن جرير الطبري.

    4 ـ أبو الشيخ.

    5 ـ ابن مردويه.

    ورواه عن سلمة بن كهيل:

    1 ـ ابن أبي حاتم.

    2 ـ أبو الشيخ.

    3 ـ ابن عساكر.

    ومن رواة هذا الخبر:

    1 ـ الطبراني.

    2 ـ الثعلبي.

    3 ـ الواحدي.

    4 ـ الخطيب البغدادي.

    5 ـ ابن الجوزي.

    6 ـ المحب الطبري.

    7 ـ الهيثمي.

    8 ـ المتقي الهندي.

    وأيضاً: تجدون هذاالخبر في تفاسير: الفخر الرازي، والبغوي، والنسفي، والقرطبي، والبيضاوي، وأبي السعود

    الصفحة 24
    العمادي، والشوكاني.

    ويقول الالوسي الحنفي بتفسير الاية: غالب الاخباريين على أنّ هذه الاية نزلت في علي كرّم الله وجهه.

    وأضاف الالوسي: إنّ حسّاناً أنشد في ذلك أبياتاً، فذكر الالوسي تلك الابيات(1) .

    قوله تعالى: (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِالَّليْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً)(2) ، يقول حول نزولها في علي (عليه السلام):

    إن هذا كذب ليس بثابت(3) .
    مع أنّ من رواة نزول هذه الاية في علي:

    1 ـ عبدالرزاق بن همّام الصنعاني.

    2 ـ عبد بن حميد.

    3 ـ ابن جرير.

    4 ـ ابن المنذر.

    5 ـ ابن أبي حاتم.

    6 ـ الطبراني.

    ____________

    (1) روح المعاني في تفسير القرآن 6 / 167.

    (2) البقرة 274.

    (3) منهاج السنّة 7 / 228.

    الصفحة 25
    7 ـ ابن عساكر.

    8 ـ الواحدي.

    9 ـ أبو نعيم.

    10 ـ الفخر الرازي.

    11 ـ الزمخشري.

    12 ـ محب الدين الطبري.

    13 ـ ابن الاثير.

    14 ـ السيوطي.

    15 ـ ابن حجر المكي.

    مع ذلك يقول: إنّ هذا كذب ليس بثابت، لكنّ هذه التفاسير الباطلة يقول مثلها كثير من الجهّال.

    قوله تعالى: (إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْم هَاد)(1) ، يقول حول نزولها في عليّ (عليه السلام):

    إن هذا كذب موضوع بإتفاق أهل العلم بالحديث(2) .
    مع أنّ من رواة نزول الاية في علي:

    ____________

    (1) الرعد: 7.

    (2) منهاج السنّة 7 / 139.

    الصفحة 26
    1 ـ عبدالله بن أحمد بن حنبل.

    2 ـ الطبري.

    3 ـ الحاكم.

    4 ـ إبن أبي حاتم.

    5 ـ الضياء المقدسي.

    6 ـ الطبراني.

    7 ـ ابن مردوية.

    8 ـ أبو نعيم.

    9 ـ ابن عساكر.

    10 ـ ابن النجّار.

    11 ـ الديلمي.

    12 ـ الهيثمي.

    13 ـ السيوطي.

    14 ـ المتقي الهندي.

    ويقول الحاكم: هذا حديث صحيح الاسناد.

    ويقول الهيثمي في مجمع الزوائد بعد أن يروي هذا الحديث يقول: رجال السند ثقات.

    والضياء المقدسي أخرج هذا الحديث في كتابه المختارة

    الصفحة 27
    الملتزم فيه بالصحة(1) .

    وحول حديث: «علي مع الحق والحق مع علي»، يقول:

    من أعظم الكلام كذباً وجهلاً، فإنّ هذا الحديث لم يروه أحد عن النبي (صلى الله عليه وسلم)، لا بإسناد صحيح ولا ضعيف، فكيف يقال: إنّهم جميعاً رووا هذا الحديث ؟ وهل يكون أكذب ممّن يروي عن الصحابة والعلماء أنّهم رووا حديثاً، والحديث لا يعرف عن واحد منهم أصلاً، بل هذا من أظهر الكذب(2) .
    والحال أنّ من رواة هذا الحديث من الصحابة:

    أولاً: أمير المؤمنين (عليه السلام)، أخرج الحديث عنه الترمذي في صحيحه، والحاكم في المستدرك.

    ثانياً: سيّدتنا أُمّ سلمة، أخرج الحديث عنها الطبراني، وأبو بشر الدولابي، والخطيب البغدادي، وابن عساكر.

    ثالثاً: سعد بن أبي وقّاص، أخرج الحديث عنه البزّار، وقد قال الهيثمي بعد أن روى الحديث هذا: فيه سعد بن شعيب ولم

    ____________

    (1) الاية في سورة الرعد، فراجع الطبري والدر المنثور وغيرهما بتفسيرها، والمستدرك 3 / 129، ومجمع الزوائد 7 / 41.

    (2) منهاج السنّة 4 / 238.

    الصفحة 28
    أعرفه، وبقيّة رجاله رجال الصحيح.

    رابعاً: أبو سعيد الخدري، رواه عنه الحافظ أبو يعلى، وقد روى عنه الهيثمي هذا الحديث في مجمع الزوائد وقال: رواه أبو يعلى ورجاله ثقات.

    خامساً: عائشة، فإنّها روت هذا الحديث، والحديث موجود في الامامة والسياسة لابن قتيبة.

    سادساً: صحابي آخر روى هذا الحديث، أخرجه الطبراني في الكبير.

    قال المتقي: تكون بين الناس فرقة واختلاف فيكون هذا وأصحابه على الحقّ ـ يعني علياً ـ هذا في كنز العمّال(1) .

    فهؤلاء الصحابة، وهؤلاء كبار العلماء والمحدّثين، الذين يروون هذا الحديث بأسانيدهم عن أُولئك الصحابة.

    وفي حديث المؤاخاة يقول:

    أمّا حديث المؤاخاة فباطل موضوع… إنّ النبي (صلى الله عليه وسلم) لم يؤاخ عليّاً ولا غيره، وحديث المؤاخاة لعلي، وحديث مؤاخاة أبي بكر لعمر، من الاكاذيب…

    ____________

    (1) كنز العمال 11/621، الترمذي، المستدرك3 / 125، مجمع الزوائد 9 / 134، ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق 3 / 118.

    الصفحة 29
    إنّ النبيّ (صلى الله عليه وسلم) لم يؤاخ عليّاً ولا غيره، بل كلّ ما روي في هذا فهو كذب…

    إنّ أحاديث المؤاخاة بين المهاجرين بعضهم من بعض والانصار بعضهم من بعض كلّها كذب، والنبي (صلى الله عليه وسلم)لم يؤاخ عليّاً…

    إنّ أحاديث المؤاخاة لعلي كلّها موضوعة.
    وهذه نصوص في أجزاء متعددة في كتابه، لاحظوا من الجزء الرابع إلى الجزء السابع في الطبعة الجديدة ذات الاجزاء التسعة، يكذّب هذا الحديث في مواضع عديدة(1) .

    والحال أنّك تجد حديث المؤاخاة في: الترمذي (5/595)، الطبقات لابن سعد (2/60)، المستدرك (3/16)، مصابيح السنّة (4/173)، الاستيعاب (3/1089)، البداية والنهاية (7/371)، الرياض النضرة (3/111)، مشكاة المصابيح (3/356)، الصواعق المحرقة (122)، تاريخ الخلفاء (159).

    هذه بعض المصادر.

    والرواة من الصحابة لهذا الخبر هم:

    1 ـ علي (عليه السلام).

    ____________

    (1) منهاج السنّة 4 / 32، 5 / 71، 7 / 117، 279.

    الصفحة 30
    2 ـ عبدالله بن عباس.

    3 ـ أبو ذر.

    4 ـ جابر.

    5 ـ عمر بن الخطاب.

    6 ـ أنس بن مالك.

    7 ـ عبدالله بن عمر.

    8 ـ زيد بن أرقم.

    وغيرهم.

    وتجدون هذا الحديث أيضاً في: مناقب أحمد (ح141)، وفي ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق (برقم 148)، وفي كنز العمال (13/106).

    وأيضاً تجدون هذا الخبر في كتب السير والتواريخ، راجعوا: سيرة ابن هشام (2/109)، السيرة النبويّة لابن حبّان (149)، عيون الاثر لابن سيد الناس (1/264)، الحلبيّة (2/23)، وفي هامشها سيرة زيني دحلان (1/322).

    والعجيب أنّ غير واحد من أعلام القوم يردّون على ابن تيميّة في هذه المسألة بالخصوص:

    يقول الحافظ ابن حجر ـ بعد ذكر الخبر عن الواقدي وابن سعد

    الصفحة 31
    وابن إسحاق وابن عبد البر والسهيلي وابن كثير وغيرهم ـ: وأنكر ابن تيميّة في كتاب الرد على ابن المطهّر الرافضي ـ أي كتاب منهاج السنّة ـ أنكر المؤاخاة بين المهاجرين، وخصوصاً مؤاخاة النبي لعلي، قال: لانّ المؤاخاة شرّعت لارفاق بعضهم بعضاً، ولتأليف قلوب بعضهم على بعض، فلا معنى لمؤاخاة النبي لاحد منهم، ولا لمؤاخاة مهاجري لمهاجري، وهذا ردّ للنصّ بالقياس وإغفال عن حكمة المؤاخاة.

    يقول الحافظ: وأخرجه الضياء في المختارة من المعجم الكبير للطبراني، وابن تيميّة يصرّح بأنّ أحاديث المختارة أصح وأقوى من أحاديث المستدرك للحاكم النيسابوري(1) .

    وقال الزرقاني المالكي في شرح المواهب اللدنيّة، تحت عنوان ذكر المؤاخاة بين الصحابة: وكانت كما قال ابن عبد البر وغيره مرّتين، الاُولى بمكّة قبل الهجرة بين المهاجرين بعضهم بعضاً على الحقّ والمواساة، فآخى بين أبي بكر وعمر، وهكذا بين كلّ اثنين منهم، إلى أن بقي علي، فقال: آخيت بين أصحابك فمن أخي ؟ قال: «أنا أخوك». وجاءت أحاديث كثيرة في مؤاخاة

    ____________

    (1) فتح الباري في شرح صحيح البخاري 7 / 217.

    الصفحة 32
    النبي لعلي، وقد روى الترمذي وحسّنه، والحاكم وصحّحه، عن ابن عمر أنّه (صلى الله عليه وسلم) قال لعلي: «أما ترضى أن أكون أخاك ؟» قال: بلى، قال: «أنت أخي في الدنيا والاخرة».

    يقول الزرقاني: وأنكر ابن تيميّة هذه المؤاخاة بين المهاجرين، خصوصاً بين المصطفى وعلي، وزعم أنّ ذلك من الاكاذيب، وردّه الحافظ ـ أي ابن حجر العسقلاني ـ بأنّه ردّ للنصّ بالقياس(1) .

    ويقول ابن تيميّة حول حديث التشبيه، هذا الحديث الذي بحثنا عنه قريباً، يقول:

    هذا الحديث كذب موضوع على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)بلا ريب عند أهل العلم بالحديث(2) .
    مع أنّ هذا الحديث من رواته:

    1 ـ عبدالرزّاق الصنعاني.

    2 ـ أحمد بن حنبل.

    3 ـ أبو حاتم.

    4 ـ محمد بن إدريس الرازي.

    ____________

    (1) شرح المواهب اللدنيّة 1/273.

    (2) منهاج السنّة 5 / 510.

    الصفحة 33
    5 ـ الحاكم النيسابوري.

    6 ـ أبو بكر البيهقي.

    7 ـ ابن مردويه.

    8 ـ أبو نعيم.

    ومن أصحّ أسانيده وأجودها رواية عبدالرزّاق، عن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيّب، عن أبي هريرة، عن رسول الله.

    وقد قرأنا هذا النصّ سابقاً.

    يقول ابن تيميّة: حول حديث «وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي»، يقول:

    كذب على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)(1) .
    والحال أنّ هذا الحديث من رواته من الصحابة:

    1 ـ أمير المؤمنين.

    2 ـ الامام الحسن المجتبى.

    3 ـ أبو ذر الغفاري.

    4 ـ عبدالله بن عباس.

    5 ـ أبو سعيد الخدري.

    ____________

    (1) منهاج السنّة 7 / 391.

    الصفحة 34
    6 ـ البراء بن عازب.

    7 ـ أبو ليلى الانصاري.

    8 ـ عمران بن الحصين.

    9 ـ بريدة بن الحصيب.

    10 ـ عبدالله بن عمر.

    11 ـ عمرو بن العاص.

    12 ـ وهب بن حمزة.

    ورواه من الائمّة الحفّاظ:

    1 ـ أبو داود الطيالسي.

    2 ـ ابن أبي شيبة.

    3 ـ أحمد بن حنبل.

    4 ـ الترمذي.

    5 ـ النسائي.

    6 ـ أبو يعلى الموصلي.

    7 ـ ابن جرير الطبري.

    8 ـ الطبراني.

    9 ـ الحاكم.

    10 ـ ابن مردويه.

    الصفحة 35
    11 ـ أبو نعيم.

    12 ـ ابن عبدالبر.

    13 ـ ابن الاثير.

    14 ـ الضياء.

    15 ـ ابن حجر.

    16 ـ جلال الدين السيوطي.

    يقول ابن عبدالبر: هذا إسناد لا مطعن فيه لاحد، لصحّته وثقة رجاله.

    وصحّحه ابن أبي شيبة، وصحّحه أيضاً السيوطي، وصحّحه ابن جرير الطبري، وأخرجه أحمد في المسند بسند صحيح(1) .

    وأيضاً أخرجه الترمذي وحسّنه، والنسائي في الخصائص بسند صحيح، وابن حبّان في صحيحه، وأخرجه الحاكم وصحّحه على شرط مسلم.

    وقال الحافظ ابن حجر بترجمة أمير المؤمنين من الاصابة قال: أخرجه الترمذي بإسناد قوي عن عمران بن حصين.

    حديث «اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه»، يقول:

    ____________

    (1) مسند أحمد 4 / 437.

    الصفحة 36
    كذب باتّفاق أهل المعرفة بالحديث(1) .
    مع أنّ هذا الحديث أخرجه:

    1 ـ أحمد بأسانيد صحيحة.

    2 ـ ابن أبي شيبة.

    3 ـ ابن راهويه.

    4 ـ ابن جرير.

    5 ـ سعيد بن منصور.

    6 ـ الطبراني.

    7 ـ أبو نعيم.

    8 ـ الحاكم.

    9 ـ الخطيب.

    10 ـ وأخرجه النسائي بسند صحيح.

    11 ـ البزّار بأسانيد صحيحة.

    12 ـ أبو يعلى بسندين صحيحين.

    13 ـ أخرجه ابن حبّان في صحيحه.

    14 ـ وأخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: رجال إسناده ثقات.

    ____________

    (1) منهاج السنّة 7 / 55.

    الصفحة 37
    حديث يوم الدار في قضيّة (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الاَْقْرَبِينَ)(1) ، يقول:

    هذا الحديث كذب عند أهل المعرفة بالحديث، فما من عالم يعرف الحديث إلاّ وهو يعلم أنّه كذب موضوع(2) .
    وإذا كان كذلك، فحينئذ جميع من روى هذا الحديث من علمائهم يعلم بأنّه كذب موضوع، مع ذلك رواه في كتابه، أو إنّ هؤلاء الرواة ليسوا بعلماء أصلاً !!

    من رواته أحمد في المسند، ومن رواته علماء كثيرون.

    يقول الهيثمي بعد روايته(3) : ورجال أحمد وأحد إسنادي البزّار رجال الصحيح غير شريك وهو ثقة.

    وأخرجه أيضاً:

    1 ـ ابن اسحاق.

    2 ـ الطبري.

    3 ـ الطحاوي.

    ____________

    (1) الشعراء: 214.

    (2) منهاج السنّة 7 / 302.

    (3) مجمع الزوائد 8 / 302.

    الصفحة 38
    4 ـ ابن أبي حاتم.

    5 ـ ابن مردويه.

    6 ـ أبو نعيم الاصفهاني.

    7 ـ الضياء المقدسي.

    8 ـ المتقي الهندي.

    والسيوطي يرويه عن جماعة، والبيهقي يرويه في دلائل النبوة، وأبو نعيم أيضاً في دلائل النبوة، يروون النصّ الكامل لهذا الخبر وينصّون على صحّته في غير واحد من الكتب كما قرأنا.

    وأيضاً ينصّ على صحّته الشهاب الخفاجي في شرح الشفاء للقاضي عياض وغيره من كبار علمائهم.

    حديث: «هذا فاروق أُمّتي»، وكذا ما روي عن غير واحد من الصحابة أنّهم كانوا يقولون: ما كنّا نعرف المنافقين إلاّ ببغضهم عليّاً، يقول:

    أمّا هذان الحديثان فلا يستريب أهل المعرفة بالحديث أنّهما حديثان موضوعان مكذوبان على النبي (صلى الله عليه وسلم)، ولم يرو واحد منهما في شيء من كتب العلم المعتمدة، ولا لواحد منهما إسناد

    الصفحة 39
    معروف(1) .
    عجيب !! إنّه يقول:

    ونحن نقنع في هذا الباب بأنْ يروى الحديث بإسناد معروفين بالصدق من أيّ طائفة كانوا.
    يعني حتّى من الشيعة يقبل، ثمّ يقول:

    كلّ من الحديثين يعلم بالدليل أنّه كذب، لا تجوز نسبته إلى النبي.
    أمّا حديث: «هذا فاروق أُمّتي»، فمن رواته من الصحابة:

    1 ـ سلمان الفارسي.

    2 ـ ابن عباس.

    3 ـ أبو ذر.

    4 ـ حذيفة.

    5 ـ أبو ليلى.

    من رواته من أئمّة الحديث وحفّاظه:

    1 ـ الطبراني.

    2 ـ البزّار.

    3 ـ البيهقي.

    ____________

    (1) منهاج السنّة 4 / 286 ـ 290.

    الصفحة 40
    4 ـ أبو نعيم.

    5 ـ ابن عبد البر.

    6 ـ ابن عساكر.

    7 ـ ابن الاثير.

    8 ـ ابن حجر.

    9 ـ المحب الطبري.

    10 ـ المنّاوي.

    11 ـ المتقي الهندي.

    وغيرهم.

    يقول: ليسا في الكتب المعتمدة، والحديث موجود في: مسند البزّار، في معجم الطبراني، في تاريخ دمشق، في الاستيعاب، وأسد الغابة، والاصابة، ومجمع الزوائد، وكنز العمّال، في فيض القدير، والرياض النضرة، وذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى(1) .

    ومن أسانيده الصحيحة ما أخرجه الطبراني في الكبير، وقد ذكرت بعض أسانيده الصحيحة.

    ____________

    (1) المعجم الكبير 6 / 269، كنز العمال 11 / 616، فيض القدير 4 / 358.

    الصفحة 41
    أمّا قول بعض الصحابة: ما كنّا نعرف المنافقين إلاّ ببغضهم عليّاً، فهذا مروي:

    1 ـ عن أبي ذر.

    2 ـ عن عبدالله بن مسعود.

    3 ـ عن عبدالله بن عباس.

    4 ـ عن جابر بن عبدالله الانصاري.

    5 ـ وعن أبي سعيد الخدري.

    6 ـ وعن أنس بن مالك.

    7 ـ وعن عبدالله بن عمر.

    ومن رواة هذه الاخبار:

    1 ـ أحمد بن حنبل.

    2 ـ الترمذي.

    3 ـ البزّار.

    4 ـ الطبراني.

    5 ـ الحاكم.

    6 ـ الخطيب البغدادي.

    7 ـ أبو نعيم الاصفهاني.

    8 ـ ابن عساكر.

    الصفحة 42
    9 ـ ابن عبدالبر.

    10 ـ ابن الاثير.

    11 ـ النووي.

    12 ـ الهيثمي.

    13 ـ المحب الطبري.

    14 ـ الذهبي.

    15 ـ السيوطي.

    16 ـ ابن حجر المكّي.

    17 ـ المتقي الهندي.

    18 ـ الالوسي، في تفسيره(1) .

    ومن أسانيده الصحيحة أيضاً ما ذكرته هنا، ومن جملتها ما أخرجه أحمد في مسنده: حدّثنا أسود بن عامر، حدّثنا إسرائيل، عن الاعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد الخدري: وكنّا نعرف منافقي الانصار ببغضهم عليّاً.

    في مناقب الصحابة لاحمد بن حنبل رقم 979.

    وقال محققه: إسناده صحيح.

    ____________

    (1) مناقب عليّ من كتاب فضائل الصحابة برقم 979، صحيح الترمذي 5 / 593، المستدرك 3 / 129، الاستيعاب 3 / 1110.

    الصفحة 43
    وهذا الكتاب مطبوع أخيراً في الحجاز، من منشورات جامعة أُمّ القرى في مكّة المكرّمة، والمحقق منهم.

    حديث «مثل أهل بيتي كسفينة نوح»، يقول:

    وأمّا قوله: «مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح» فهذا لا يعرف له إسناد، لا صحيح ولا هو في شيء من كتب الحديث التي يعتمد عليها، فإن كان قد رواه مثل من يروي أمثاله من حطّاب الليل الذين يروون الموضوعات، فهذا ممّا يزيده وهناً(1) .
    والحال أنّ من رواة الحديث من الصحابة:

    1 ـ أمير المؤمنين.

    2 ـ أبو ذر.

    3 ـ عبدالله بن عباس.

    4 ـ أبو سعيد الخدري.

    5 ـ أبو الطفيل.

    6 ـ أنس بن مالك.

    7 ـ عبدالله بن الزبير.

    8 ـ سلمة بن الاكوع.

    ____________

    (1) منهاج السنّة 7 / 395.

    الصفحة 44
    ومن رواته في الكتب المعتبرة:

    1 ـ أحمد بن حنبل.

    2 ـ البزّار.

    3 ـ أبو يعلى.

    4 ـ ابن جرير الطبري.

    5 ـ النسائي.

    6 ـ الطبراني.

    7 ـ الدارقطني.

    8 ـ الحاكم.

    9 ـ ابن مردويه.

    10 ـ أبو نعيم الاصفهاني.

    11 ـ الخطيب البغدادي.

    12 ـ أبو المظفّر السمعاني.

    13 ـ المجد ابن الاثير.

    14 ـ المحب الطبري.

    15 ـ الذهبي.

    16 ـ ابن حجر العسقلاني.

    17 ـ السخاوي.

    الصفحة 45
    18 ـ السيوطي.

    19 ـ ابن حجر المكّي.

    20 ـ المتقي.

    21 ـ القاري.

    22 ـ المنّاوي.

    وغيرهم.

    فإنْ كان هؤلاء من حطّاب الليل، فأهلاً وسهلاً، ما عندنا أيّ مانع، ما عندنا أي مضايقة من قبول هذه الدعوى، وأهلاً وسهلاً، وهو نعم المطلوب.

    وهذا الحديث أخرجه الحاكم وصحّحه على شرط مسلم، وأخرجه الخطيب في المشكاة، وهو ملتزم في هذا الكتاب تبعاً لمصابيح السنّة بأنْ لا يخرج الموضوعات، وإنّما الصحاح والحسان فقط.

    وله أسانيد صحيحة أيضاً غير هذه(1) .

    ____________

    (1) المعجم الصغير 2 / 22، مشكاة المصابيح 3 / 1742، المستدرك 2 / 343، مجمع الزوائد 9 / 168، تاريخ بغداد 12 / 91، المطالب العالية 4 / 75، فيض القدير 2 / 519، 5 / 517، كنز العمال 13 / 82، 85.

    الصفحة 46
    وحول حديث الطير، يقول:

    إنّ حديث الطير من المكذوبات الموضوعات عند أهل العلم والمعرفة…(1) .
    لكنّ هذا الحديث ـ على ما عثرنا عليه نحن ـ رواه عن رسول الله من الصحابة:

    1 ـ علي (عليه السلام)، وهو عند الحاكم.

    2 ـ عبدالله بن عباس، وهو عند جماعة منهم ابن سعد.

    3 ـ أبو سعيد الخدري، رواه الحاكم أيضاً.

    4 ـ سفينة، حديثه عند الحاكم، وعند أحمد بن حنبل.

    5 ـ أبو الطفيل، حديثه عنه الحاكم.

    6 ـ أنس بن مالك، حديثه عند الترمذي والبزّار والنسائي والحاكم والبيهقي وابن حجر.

    7 ـ سعد بن أبي وقّاص، حديثه عند أبي نعيم الاصفهاني.

    8 ـ عمرو بن العاص، وحديثه موجود في كتاب له إلى معاوية، يرويه الخوارزمي في المناقب.

    9 ـ يعلى بن مرّة، روى هذا الحديث عنه جماعة منهم أبو

    ____________

    (1) منهاج السنّة 7 / 371.

    الصفحة 47
    عبدالله الكنجي.

    10 ـ جابر بن عبدالله الانصاري، حديثه عند ابن عساكر.

    11 ـ أبو رافع، حديثه عند ابن كثير.

    12 ـ حبشي بن جنادة، حديثه عند ابن كثير أيضاً.

    ومن رواة هذا الحديث من الائمّة:

    1 ـ أبو حنيفة، إمام الحنفيّة.

    2 ـ أحمد بن حنبل.

    3 ـ أبوحاتم الرازي.

    4 ـ الترمذي.

    5 ـ البزّار.

    6 ـ النسائي.

    7 ـ أبو يعلى.

    8 ـ محمّد بن جرير الطبري.

    9 ـ الطبراني.

    10 ـ الدارقطني.

    11 ـ ابن بطّة العكبري.

    12 ـ الحاكم.

    13 ـ ابن مردويه.

    الصفحة 48
    14 ـ البيهقي.

    15 ـ ابن عبدالبرّ.

    16 ـ الخطيب.

    17 ـ أبو المظفر السمعاني.

    18 ـ البغوي.

    19 ـ ابن عساكر.

    20 ـ ابن الاثير.

    21 ـ المزّي.

    22 ـ الذهبي.

    23 ـ ابن حجر العسقلاني.

    24 ـ السيوطي.

    وغيرهم.

    وقد أفرد بعضهم لجمع طرق هذا الحديث كتباً خاصّة، منهم:

    1 ـ ابن جرير الطبري.

    2 ـ ابن عقدة.

    3 ـ ابن مردويه.

    4 ـ ابو نعيم.

    5 ـ أبو طاهر بن حمدان.

    الصفحة 49
    6 ـ الذهبي، يقول: لي جزء في جمع طرقه، وهذا تصريح الذهبي نفسه في كتاب تذكرة الحفّاظ وغيره من كتبه.

    وقد نصّ غير واحد من العلماء على صحّة بعض أسانيده، منهم: الحافظ ابن كثير، ينصّ في تاريخه على صحّة بعض أسانيد هذا الحديث، وجودة بعض طرقه، ولا أُريد أن أُطيل عليكم، وإلاّ لذكرت لكم كلّ ذلك(1) .

    ____________

    (1) المعجم الكبير 7 / 82، المستدرك على الصحيحين 3 / 130، البداية والنهاية 7 / 352، مجمع الزوائد 9 / 125.

    الصفحة 50

    بحث ابن تيمية في خلافة أمير المؤمنين (عليه السلام)

    وتصل النوبة إلى بحث ابن تيميّة في خلافة أمير المؤمنين، وهل يرضى ابن تيميّة بخلافة علي باعتبار أنّه خليفة رابع أو لا يرضى ؟ وهل يرتضيه بأن يكون من الخلفاء الراشدين أو لا ؟

    أوّل شيء يكرّره ابن تيميّة في كتابه منهاج السنّة عدم ثبوت خلافة أمير المؤمنين، يقول:

    إضطرب الناس في خلافة علي على أقوال: فقالت طائفة: إنّه إمام وإنّ معاوية إمام…، وقالت طائفة: لم يكن في ذلك الزمان إمام عام، بل كان زمان فتنة…، وقالت طائفة ثالثة: بل علي هو الامام، وهو مصيب في قتاله لمن قاتله، وكذلك من قاتله من الصحابة كطلحة والزبير كلّهم مجتهدون مصيبون…،

    الصفحة 51
    وطائفة رابعة تجعل عليّاً هو الامام، وكان مجتهداً مصيباً في القتال، ومن قاتله كانوا مجتهدين مخطئين…، وطائفة خامسة تقول: إنّ عليّاً مع كونه كان خليفة وهو أقرب إلى الحقّ من معاوية فكان ترك القتال أولى(1) .
    خمس طوائف ولم يذكر قولاً سادساً.

    يقول:

    وأما علي فكثير من السابقين الاولين لم يتّبعوه ولم يبايعوه، وكثير من الصحابة والتابعين قاتلوه(2) .
    ويقول:

    ونحن نعلم أنّ عليّاً لمّا تولّى، كان كثير من الناس يختار ولاية معاوية وولاية غيرهما(3) .

    ومن جوّز خليفتين في وقت يقول: كلاهما خلافة نبوة… وإن قيل: إنّ خلافة علي ثبتت بمبايعة أهل الشوكة، كما ثبتت خلافة من كان قبله بذلك،أو

    ____________

    (1) منهاج السنّة 1 / 537 ـ 539.

    (2) منهاج السنّة 8 / 234.

    (3) منهاج السنّة 4 / 89.

    الصفحة 52
    ردوا على ذلك أنّ طلحة بايعه مكرهاً، والذين بايعوه قاتلوه، فلم تتفق أهل الشوكة على طاعته.

    وأيضاً فإنّما تجب مبايعته كمبايعة من قبله إذا سار سيرة من قبله(1) .
    وإن لم يسر سيرة من قبله فلم يبايعه أحد على ذلك.

    ويقول:

    وأمّا علي فكثير من السابقين الاوّلين لم يتّبعوه ولم يبايعوه، وكثير من الصحابة والتابعين قاتلوه(2) .
    فإذا نسب إلى الشيعة أنّهم يبغضون الصحابة إذن يبغضون كثيراً من الصحابة والتابعين الذين قاتلوا عليّاً.

    أقول: نعم نبغضهم ويبغضهم كلّ مسلم.

    قال في الجواب عن حديث «من ناصب علياً الخلافة فهو كافر»، قال:

    إنّ هذه الاحاديث تقدح في علي، وتوجب أنّه كان مكذّباً لله ورسوله، فيلزم من صحّتها كفر

    ____________

    (1) منهاج السنّة 4 / 465.

    (2) منهاج السنّة 8 / 234.

    الصفحة 53
    الصحابة كلّهم هو وغيره، أمّا الذين ناصبوه الخلافة فإنّهم في هذا الحديث المفترى كفّار، وأمّا علي فإنّه لم يعمل بموجب هذه النصوص.
    قال:

    وأما علي فكثير من السابقين الاولين لم يتّبعوه ولم يبايعوه، وكثير من الصحابة والتابعين قاتلوه(1) .
    لاحظوا نصّ العبارة:

    ونصف الاُمّة أو أقل أو أكثر لم يبايعوه، بل كثير منهم قاتلوه وقاتلهم، وكثير منهم لم يقاتلوه ولم يقاتلوا معه(2) .
    إذن، نصف الاُمّة كانوا مخالفين لعلي، ونحن نقول: ارتدّت الاُمّة بعد رسول الله باعتراف ابن تيميّة، ارتدّت عن ولاية أمير المؤمنين إنْ كان كلامه حقّاً.

    ثمّ يقول ـ ولاحظوا عباراته، كلمات حتّى سماعها يحزّ في النفس، فكيف قراءتها والنظر فيها والتأمل فيها ـ يقول:

    ____________

    (1) منهاج السنة 8 / 234.

    (2) منهاج السنة 4 / 105.

    الصفحة 54
    لكنّ نصف رعيّته يطعنون في عدله، فالخوارج يكفّرونه، وغير الخوارج من أهل بيته وغير أهل بيته يقولون: إنّه لم ينصفهم، وشيعة عثمان يقولون: إنّه ممّن ظلم عثمان. وبالجملة، لم يظهر لعلي من العدل، مع كثرة الرعية وانتشارها، ما ظهر لعمر، ولا قريب منه(1) .
    لاحظوا العبارات:

    وأمّا تخلّف من تخلّف عن مبايعته، فعذرهم في ذلك أظهر من عذر سعد بن عبادة وغيره لمّا تخلّفوا عن بيعة أبي بكر(2) .
    ثمّ يصعد أكثر من هذا ويقول:

    وروي عن الشافعي وغيرهم أنّهم قالوا: الخلفاء ثلاثة أبوبكر وعمر وعثمان(3) .

    لاحظوا نصّ العبارة:

    والخلفاء الثلاثة فتحوا الامصار، وأظهروا الدين في مشارق الارض ومغاربها، ولم يكن معهم

    ____________

    (1) منهاج السنة 6 / 18.

    (2) منهاج السنة 4 / 388.

    (3) منهاج السنة 4 / 404.

    الصفحة 55
    رافضي، بل بنو أميّة بعدهم، مع انحراف كثير منهم عن علي وسبّ بعضهم له، غلبوا على مدائن الاسلام كلّها من مشارق الارض إلى مغربها، وكان الاسلام في زمنهم
    أعزّ منه فيما بعد ذلك بكثير… وأظهروا الاسلام فيها وأقاموه… ويقال: إنّ فيهم من كان يسكت عن علي، فلا يربّع به في الخلافة، لانّ الاُمّة لم تجتمع عليه… وقد صنّف بعض علماء الغرب كتاباً كبيراً في الفتوح، فذكر فتوح النبي (صلى الله عليه وسلم)، وفتوح الخلفاء بعده أبي بكر وعمر وعثمان، ولم يذكر عليّاً مع حبّه له وموالاته له، لانّه لم يكن في زمنه فتوح(1) .

    وكان بالاندلس كثير من بني أُميّة… يقولون: لم يكن خليفة، وإنّما الخليفة من اجتمع الناس عليه، ولم يجتمعوا على علي. وكان من هؤلاء من يربّع بمعاوية في خطبة الجمعة، فيذكر الثلاثة ويربّع بمعاوية ولا يذكر عليّاً…(2) .

    ____________

    (1) منهاج السنّة 6 / 419 ـ 420.

    (2) منهاج السنّة 4 / 401 ـ 402.

    الصفحة 56
    إلى أنْ يقول:

    فلم يظهر في خلافته دين الاسلام، بل وقعت الفتنة بين أهله، وطمع فيهم عدوّهم من الكفّار والنصارى والمجوس(1) .
    قال:

    وأمّا علي فلم يتفق المسلمون على مبايعته، بل وقعت الفتنة في تلك المدّة، وكان السيف في تلك المدّة مكفوفاً عن الكفّار مسلولاً على أهل)الاسلام(2) .

    وهذا كان حجّة من كان يربّع بذكر معاوية ولا يذكر عليّاً(3) .

    ولم يكن في خلافة علي للمؤمنين الرحمة التي كانت في زمن عمر وعثمان، بل كانوا يقتتلون ويتلاعنون، ولم يكن لهم على الكفّار سيف، بل الكفّار كانوا قد طمعوا فيهم، وأخذوا منهم أموالاً

    ____________

    (1) منهاج السنّة 4 / 117.

    (2) منهاج السنّة 4 / 161.

    (3) منهاج السنّة 4 / 162.

    الصفحة 57
    وبلاداً(1) .

    فإذا لم يوجد من يدّعي الاماميّة فيه أنّه معصوم وحصل له سلطان بمبايعة ذي الشوكة إلاّ علي وحده، وكان مصلحة المكلّفين واللّطف الذي حصل لهم في دينهم ودنياهم في ذلك الزمان أقلّ منه في زمن الخلفاء الثلاثة، وعلم بالضرورة أن ما يدّعونه من اللطف والمصلحة الحاصلة بالائمّة المعصومين باطل قطعاً(2) .
    يقول:

    ومن ظنّ أنّ هؤلاء الاثني عشر هم الذين تعتقد الروافض إمامتهم، فهو في غاية الجهل، فإنّ هؤلاء ليس فيهم من كان له سيف إلاّ علي بن أبي طالب، ومع هذا فلم يتمكّن في خلافته من غزو الكفّار، ولا فتح مدينة ولا قتل كافراً، بل كان المسلمون قد اشتغل بعضهم بقتال بعض، حتّى طمع فيهم الكفّار بالشرق والشام، من المشركين وأهل الكتاب، حتّى يقال إنّهم أخذوا بعض بلاد المسلمين،

    ____________

    (1) منهاج السنّة 4 / 485.

    (2) منهاج السنّة 3 / 379.

    الصفحة 58
    وإنّ بعض الكفّار كان يحمل إليه كلام حتّى يكفّ عن المسلمين، فأيّ عزّ للاسلام في هذا ـ أي في حكومة علي.

    … وأيضاً فالاسلام عند الاماميّة هو ما هم عليه، وهم أذلّ فرق الاُمّة، فليس في أهل الاهواء أذلّ من الرافضة(1) .
    ثمّ يقول العبارة التي نقلها ابن حجر، وقرأناها في كتاب الدرر الكامنة، يقول:

    فإنّ عليّاً قاتل على الولاية، وقُتل بسبب ذلك خلق كثير، ولم يحصل في ولايته لا قتال للكفّار ولا فتح لبلادهم، ولا كان المسلمون في زيادة خير(2) .

    فما زاد الامر إلاّ شدّة، وجانبه إلاّ ضعفاً، وجانب من حاربه إلاّ قوّة والاُمّة إلاّ افتراقاً(3) .
    ثمّ يقول:

    ولهذا جعل طائفة من الناس خلافة علي من

    ____________

    (1) منهاج السنّة 8 / 241 ـ 242.

    (2) منهاج السنّة 6 / 191.

    (3) منهاج السنّة 7 / 452.

    الصفحة 59
    هذا الباب، وقالوا: لم تثبت بنص ولا إجماع(1) .
    ثمّ يقول:

    لان النص والاجماع المثبتين لخلافة أبي بكر ليس في خلافة عليّ مثلها، فانه ليس في الصحيحين ما يدلّ على خلافته، وإنّما روى ذلك أهل السنن، وقد طعن بعض أهل الحديث في حديث سفينة(2) .
    فعلى هذا لا يبقى حينئذ دليل على امامة علي مطلقاً حتّى في المرتبة الرابعة.

    ويقول:

    وأحمد بن حنبل، مع أنه أعلم أهل زمانه بالحديث، احتج على إمامة علي بالحديث الذي في السنن: «تكون خلافة النبوة ثلاثين سنة، ثم تصير مُلكاً» وبعض الناس ضعّف هذا الحديث، لكن أحمد وغيره يثبتونه(3) .
    يقول:

    ____________

    (1) منهاج السنّة 8 / 243.

    (2) منهاج السنّة 4 / 388.

    (3) منهاج السنّة 7 / 50.

    الصفحة 60
    وعلي يقاتل ليطاع ويتصرّف في النفوس والاموال، فكيف يجعل هذا قتالاً على الدين(1) .
    نصّ العبارة بلا زيادة ونقيصة.

    حتّى أنّه يجعل عليّاً مصداقاً لقوله تعالى: (تِلْكَ الدَّارُ الاْخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الاَْرْضِ وَلاَ فَسَاداً والعَاقِبَةُ للمُتَّقِينَ)(2) .

    ثم يقول:

    فمن أراد العلوّ في الارض والفساد لم يكن من أهل السعادة في الاخرة(3) .
    وعلي إنّما قاتل لانْ يكون له العلوّ في الارض، إنّه إنّما:

    قاتل ليطاع هو(4) .
    ثمّ يقول:

    والذين قاتلوا من الصحابة لم يأت أحد منهم بحجّة توجب القتال، لا من كتاب ولا من سنّة، بل

    ____________

    (1) منهاج السنّة 8 / 329.

    (2) القصص: 83.

    (3) منهاج السنّة 4 / 500.

    (4) منهاج السنّة 4 / 500.

    الصفحة 61
    أقرّوا بأنّ قتالهم كان رأياً رأوه، كما أخبر بذلك علي (رضي الله عنه) عن نفسه(1) .

    وأمّا قتال الجمل وصفّين، فقد ذكر علي (رضي الله عنه) أنّه لم يكن معه نصّ من النبي (صلى الله عليه وسلم)، وإنّما كان رأياً، وأكثر الصحابة لم يوافقوه على هذا القتال(2) .

    أن القتال كان قتال فتنة بتأويل، لم يكن من الجهاد الواجب ولا المستحب(3) .

    وقتل خلقاً كثيراً من المسلمين الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويصومون ويصلّون(4) .
    وقال طاعناً في الامام وهو يقصد الدفاع عن عثمان ـ حيث يقولون من جملة ما نقموا عليه إنّه كان يتصرف في بيت المال هو وبنو أُميّة ـ:

    وأين أخذ المال وارتفاع بعض الرجال، من قتال الرجال الذين قتلوابصفّين ولم يكن في ذلك عزّ ولا ظفر ؟… حرب صفّين التي لم يحصل بها إلاّ زيادة

    ____________

    (1) منهاج السنّة 1 / 526.

    (2) منهاج السنّة 6 / 333.

    (3) منهاج السنّة 7 / 57.

    (4) منهاج السنّة 6 / 356.

    الصفحة 62
    الشر وتضاعفه لم يحصل بها من المصلحة شيء(1) .

    ولهذا كان أئمّة السنّة كمالك وأحمد وغيرهما يقولون: إنّ قتاله للخوارج مأمور به، وأمّا قتال الجمل وصفّين فهو قتال فتنة.

    ولهذا كان علماء الامصار على أن القتال كان قتال فتنة وكان من قعد عنه أفضل ممن قاتل فيه(2) .
    وعلي بن أبي طالب (رضي الله عنه)ندم على أمور فعلها من القتال وغيره… وكان يقول ليالي صفّين: لله درّ مقام قامه عبدالله بن عمر وسعد بن مالك، إن كان برّاً إنّ أجره لعظيم، وإن كان إثماً إنّ خطره ليسير(3) .
    والحال أنّ عبدالله بن عمر وسعد بن مالك يعني سعد بن أبي وقّاص كلاهما قد ندما على عدم بيعتهما مع علي وتخلَّفهما عن القتال معه في حروبه، والنصوص بذلك موجودة في المصادر.

    ____________

    (1) منهاج السنّة 8 / 143.

    (2) منهاج السنّة 8 / 233.

    (3) منهاج السنّة 6 / 209.

    الصفحة 63
    يضيف إنّ عليّاً كان يقول لابنه الحسن (عليه السلام) في ليالي صفّين:

    يا حسن يا حسن ما ظنّ أبوك أنّ الامر يبلغ إلى هذا، ودّ أبوك لو مات قبل هذا بعشرين سنة(1) .
    الاحاديث الصحيحة المتقنة في الكتب المعتبرة يكذّبها ويطالب فيها بسند صحيح، ثمّ يذكر مثل هذا ولا يذكر له أيّ سند، وأيّ مصدر، وغير معلوم من قال هذا ؟ ويرسله إرسال المسلّمات، يا حسن يا حسن ما ظنّ أبوك أنّ الامر يبلغ إلى هذا، ودّ أبوك لو مات قبل هذا بعشرين سنة !!

    يقول:

    ولمّا رجع من صفّين تغيّر كلامه… وتواترت الاثار بكراهته الاحوال في آخر الامر(2) .

    وكان علي أحياناً يظهر فيه الندم والكراهة للقتال، ممّا يبيّن أنّه لم يكن عنده فيه شيء من الادلّة الشرعيّة(3) .

    ____________

    (1) منهاج السنّة 6 / 209.

    (2) منهاج السنّة 6 / 209.

    (3) منهاج السنّة 8 / 526.

    الصفحة 64
    وممّا يبيّن أنّ عليّاً لم يكن يعلم المستقبل، إنّه ندم على أشياء ممّا فعلها… وكان يقول ليالي صفّين: يا حسن يا حسن، ما ظنّ أبوك أنّ الامر يبلغ هذا، لله درّ مقام قامه سعد بن مالك وعبدالله بن عمر…(1) .
    هذا كرّره مرّة أخرى، وقال بعد ذلك:

    هذا رواه المصنّفون(2) .
    ومن المصنّفون ؟ غير معلوم.

    يقول:

    وتواتر عنه أنّه كان يتضجّر ويتململ من اختلاف رعيّته عليه، وأنّه ما كان يظنّ أنّ الامر يبلغ ما بلغ، وكان الحسن رأيه ترك القتال، وقد جاء النصّ الصحيح بتصويب الحسن… وسائر الاحاديث الصحيحة تدلّ على أنّ القعود عن القتال والامساك عن الفتنة كان أحبّ إلى الله ورسوله(3) .
    يقول: وأمّا حديث أُمرت بقتال الناكثين والقاسطين

    ____________

    (1) منهاج السنّة 8 / 145.

    (2) منهاج السنّة 8 / 145.

    (3) منهاج السنّة 8 / 145.

    الصفحة 65
    والمارقين، فهذا كذب.

    لابدّ وأن يكذّبه، لانّه يصرّ على أنّ عليّاً لم يكن عنده دليل شرعي على قتاله، فلابدّ وأن يكون هذا الحديث كذباً.

    نصّ العبارة:

    لم يرو علي (رضي الله عنه) في قتال الجمل وصفّين شيئاً… وأمّا قتال الجمل وصفّين فلم يرو أحد منهم فيه نصّاً إلاّ القاعدون، فإنّهم رووا الاحاديث في ترك القتال في الفتنة، وأمّا الحديث الذي يُروى أنّه أمر بقتل الناكثين والقاسطين والمارقين، فهو حديث موضوع على النبي (صلى الله عليه وسلم)(1) .
    وهذا الحديث يرويه من الصحابة:

    1 ـ أبو أيّوب الانصاري.

    2 ـ أمير المؤمنين.

    3 ـ عبدالله بن مسعود.

    4 ـ أبو سعيد الخدري.

    5 ـ عمّار بن ياسر.

    وغيرهم.

    ____________

    (1) منهاج السنّة 6 / 112.

    الصفحة 66
    ومن الحفّاظ:

    1 ـ الطبري.

    2 ـ البزّار.

    3 ـ أبو يعلى.

    4 ـ ابن مردويه.

    5 ـ أبوالقاسم الطبراني.

    6 ـ الحاكم النيسابوري.

    7 ـ الخطيب البغدادي.

    8 ـ ابن عساكر.

    9 ـ ابن الاثير.

    10 ـ الجلال السيوطي.

    11 ـ ابن كثير.

    12 ـ المحب الطبري.

    13 ـ أبو بكر الهيثمي.

    14 ـ والمتقي الهندي.

    ومن أسانيده الصحيحة مارواه البزّار والطبراني في الاوسط، وترون النص على صحّته في مجمع الزوائد يقول بعد روايته: وأحد إسنادي البزّار رجاله رجال الصحيح، غير الربيع بن سعيد ووثّقه

    الصفحة 67
    ابن حبّان، وله أسانيد أُخرى صحيحة.

    الصفحة 68
    الصفحة 69

    افتراء ابن تيميّة على أمير المؤمنين (عليه السلام)

    وأمّا الاشياء التي نسبها إلى أمير المؤمنين، والاكاذيب التي هي في الحقيقة كذب عليه، في كلماته كثيرة، منها: إنّ عليّاً كان يقول مراراً: إنّ أبابكر وعمر أفضل منّي، وكان يفضّلهما على نفسه.

    يقول:

    حتى قال: لا يبلغني عن أحد أنّه فضّلني على أبي بكر وعمر إلاّ جلدته جلد المفتري(1) .
    هذا الشيء الذي نقله لم يذكر له مصدراً عن أمير المؤمنين، وأمير المؤمنين لم نسمع أنّه جلد أحداً من الصحابة لانّه فضّله على الشيخين، مع أنّ كثيرين من الصحابة كانوا في نفس الوقت وفي حياة أمير المؤمنين يفضّلون عليّاً على الشيخين بمسمع منه ومرأى.

    ____________

    (1) منهاج السنة 7 / 511.

    الصفحة 70
    إنّ ابن حزم في الفصل(1) ، وكذا ابن عبد البر في الاستيعاب(2) بترجمة أمير المؤمنين، هذان الحافظان الكبيران يذكران أسماء عدّة كبيرة من الصحابة كانوا يقولون بأفضليّة علي من الشيخين، ولم نسمع أنّ عليّاً جلد واحداً منهم.

    وأمّا هذا الخبر، فقد كفانا الدكتور محمّد رشاد سالم ـ الذي حقّق منهاج السنّة في طبعته الجديدة ـ مؤنة تحقيقه حيث قال: بأنّه ضعيف(3) .

    وكذب على علي وفاطمة الزهراء فزعم أنه روي:

    كما في الصحيح عن علي (رضي الله عنه)، قال: طرقني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وفاطمة، فقال: «ألا تقومان تصليان ؟» فقلت: يا رسول الله إنما أنفسنا بيد الله إن شاء أن يبعثنا بعثنا، قال: فولّى، وهو يقول:(وَكَانَ الاِْنسَانُ أَكثَرَ شَيء جَدَلاً)(4) .
    وكذب على أمير المؤمنين في قضيّة شرب الخمر(5) .

    ____________

    (1) الفصل في الملل والنحل 4 / 181.

    (2) الاستيعاب في معرفة الاصحاب 3 / 1090.

    (3) منهاج السنة 7 / 511، الهامش.

    (4) منهاج السنة 3 / 85، الاية سورة الكهف: 54.

    (5) منهاج السنة 7 / 237.

    hayefmajid
    Membre

    eh bien , on m’a toujours dit depuis que je suis devenu chiite que j’allais rencontrer des difficultés avec les autres afin de les convaincre, mais ce qu’on a oublié de me dire c’est qu’en vérité je ne peux pas discuter avec vous car j’essaie de parler avec mon cerveau mais je constate que c’est dans un sens.
    mais nchallah je continue à créer des sujets ou je montre que les wahabites sont en vérité des pédophiles et des animaux.

    sans roncune

    hayefmajid
    Membre

    abd, hahahahahahahahahaha

    maintenant al boukhari se trompe, alors je dois croire qui.
    si tu dis que le boukari se trompe alors excuse moi on ne doit prendre aucun hadith dedans.

    d’accord ?

    hayefmajid
    Membre

    OUJDI_PUR, hacharaka allahou maa saddam. 8)

    #221786

    En réponse à : معنى التشيع

    hayefmajid
    Membre

    frére mbarki,

    merci pour ce que tu nous as apporté comme hadith du kafi mais excuse moi de mettre les points sur les I.

    dans aucun des hadith n’est mentionné que le coran est faux ou mouzawar, c’est son intérprétation qui est fausse, et quand il dit que le rida a doné le livre qui contient les noms, ce n’est qu’un livre et pas le saint coran.

    avant d’avancer des choses il faut comprendre les hadiths mon frére.

    #221346
    hayefmajid
    Membre

    [
    IL YA DES CHIITES LA3NATOU ALLAHI 3ALAYHIM DISENT QUE JIBRIL S EST TROMPE !! AU LIEU DE REMMETTRE AL AMANA A ALI IL A REMIS A MOHAMMED ???

    WACH GOULLEK A WELD LAMHALA
    ]

    au lieu d’abboyer comme un ch…. apportes la preuve de ce que tu avances.

    #221855
    hayefmajid
    Membre

    hafid, l’iran est le seul pays musulman qui dit exactement ce que toi tu n’oserai dire devant l’ennemi. au lieu de raconter des bêtises sur l’iran, soit un homme pour une fois dans ta vie et viens : on discute entre adulte. 😀

    #219676
    hayefmajid
    Membre

    OUJDI_PUR, hafid, houlakou :

    à chaque fois j’essaie de vous parler comme des êtres humains , mais quand vous n’avez rien pour répondre, vous insultez ou vous dites des conneries.

    bon je vais essayer de vous l’expliquer autrement :

    MOI APPORTER A VOUS PREUVES DES SUNNITES.

    donc au lieu de dire que c’est des hadiths non sunnites, allez étudier un peu l’histoire des sunnites et puis aprés vous allez peut être comprendre. 8)

    #219675
    houl
    Membre

    على أوتار النغم الحزين يعزف الشيعة أنشودتهم، يتغنى بها التاريخ وكأنها صدى يأتي من واد عميق يصرخ بمعاني الألم ليتبدد في الهواء بهمسات تحمل من الشجون والجروح ما لم يندمل إلى الآن، فما زالت كل أرض -عند الشيعة- هي كربلاء وكل يوم هو عاشوراء، فلم ينظر الشيعة إلى آل البيت –رضي الله عنهم– إلا من منظار المظلومية والقهر، وهو ما كان على حساب كافة الجوانب الأخرى في حياة آل البيت، على قول المرجع الشيعي الكبير آية الله السيد محمد حسين فضل الله.
    لذلك حينما انطلقت حركة شيعية تروج أناشيد مذهبية شأنها في ذلك شأن كل الفرق والأديان –حاليا- كست أناشيدها ثيابا مخضبة بالدم وعلت أصواتها بالأنين في قصائد الرثاء والبكاء على كربلاء. وما إن تذهب إلى بلدان الشيعة حتى يلاحقك النشيد الشيعي في كل مكان، وخاصة في إيران والعراق والخليج وشيعة المهجر في بلدانهم، وربما يرجع ذلك الرواج الكبير إلى التواجد الشيعي الواسع على الإنترنت وسماح المواقع بتحميل الأناشيد مجانا.
    النشيد يروي التاريخ
    وفكرة النشيد أو الكلمات الملحنة المنغمة المقفاة ليست جديدة على الجمهور الشيعي؛ فقد عرف قبله احتراف « اللطميات »، وهي القصائد الرثائية، فصحى كانت أو عامية، وتعتمد على أسلوب ونطق قارئها وتكون أشبه بالسرد القصصي بصوت حزين عال، ويقوم بها فرد واحد يسمى « الرادود » ويصاحبه الحاضرون بترديد بعض الأبيات مع اللطم، وتتطرق لأماكن الألم في الوجدان الشيعي؛ كالمأساة الكربلائية وحوادث اغتيال أئمة آل البيت وتشريدهم، والتي غالبا ما تكون الموضوع الأساسي لمجالس العزاء الحسينية التي يقيمها الشيعة في أوائل شهر محرم. وقد سار النشيد الشيعي على درب اللطمية، إلا أنه تمرد عليها ليتناول المآسي والأفراح على حد سواء؛ فأنشد الأفراح بميلاد آل البيت وأعياد انتصاراتهم (الفكرية)، وكذلك الفرحة الذاتية للشيعة بمشايعتهم آل البيت، ويختلف النشيد عن اللطمية في أنه استخدم الآلات الموسيقية، ويعتمد على منشد وكورال (مجموعة مرددين) كما انتفت عادة اللطم في النشيد الشيعي.
    ويرتكز النشيد الشيعي على الجوانب المحورية في التاريخ الشيعي كحادثة الولاية أو الغدير كما يسمونها، وهي الحادثة التي يؤمنون فيها بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عندما انتهى من حجة الوداع وقفل راجعا إلى المدينة المنورة انتهى موكبه إلى غدير خَم، وعندها هبطَ عليه أمين الوحي يحمل رسالة من السماء بالغة الخطورة حتمت عليه بأن يحطَّ رِحالَه ليقوم بأداء هذه المهمة الكبرى، ومضمون هذه الرسالة هو تنصيب علي -رضي الله عنه- إماما وأميرا للمؤمنين ومرجعا للأمة من بعده، وخطب الرسول صلى الله عليه وسلم قائلا: « أيها الناس، من مولاكم؟ فقالوا الله ورسوله. فقال: اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه. اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه »، والرواية مثبتة في كتب الشيعة، وعلى أساسها يثبتون لعلي حق الولاية والإمامة التي تمتد لأهله من بعده. (في حين لا يثبت أهل السنة لعلي ولآله رضي الله عنهم هذه الخصوصية).
    وفي وصف هذه الحادثة يقول النشيد الشيعي: « قف يا محمد، جبريل يهتف بالسما جبريلا. ما كان رب العرش –جل جلاله- إلا ليوضح للأنام سبيلا. وعلي خير الخلق بعدك إنه بالحق عندي أحرز التفضيلا، واليوم في ذكرى الغدير وعيده جئنا نجدد بيعة وقبولا. امدد يديك أبا الحسين فإننا والله لا نرضى سواك بديلا ».
    والملاحظة أن الأناشيد الشيعية -سواء كانت عامية أو فصحى- تعتمد على النطق واللهجة التي تمد حروفا وتسرع في نطق أخرى فيبدو الكلام موزونا.
    وتأتي كربلاء في مقدمة الأحداث التي تستنطق الشعراء بآلاف المرثيات، وفي نشيد شيعي يتخيل حوارا بين السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها مع ابنها الإمام الحسين رضي الله عنه، تقول فيه: « روح يا لكبار روح. ودعوتي وياك. لو تغيب عني يا ابني من أنساك. يا ابني يا زهرة عندي جفوها. من خدوك مني روحي آذوها. روح يا لكبار روح دعوتي وياك »، وتبدو اللغة العامية واضحة جلية في هذا النشيد. أما في الأناشيد الفصحى فقد كان من أشهرها وأكثرها نجاحا ذلك الذي تقول كلماته: « أيها السبط يا ابن البتول قد بكتك عيون الرسول، أي صبرٍ غدا مثل جسم ترتقيه العدا بالخيول؟! »
    وفي أناشيدهم تناول المنشدون الشيعة آل البيت؛ بدءًا من الرسول صلى الله عليه وسلم، مرورًا بالزهراء والإمام علي، انتهاء بالإمام الحسن العسكري الإمام الحادي عشر في سلسال آل البيت، وتطرقوا أيضا لبعض الشخصيات التي حازت أدوارا في صياغة هذا التاريخ كالصحابة (سلمان الفارسي، عمار بن ياسر، أبي ذر الغفاري، المقداد بن الأسود) رضي الله عنهم. إذ عرف عنهم شدة محبتهم للإمام علي رضي الله عنه، وكذلك شخصية المختار بن يوسف الثقفي الذي انتقم لقتل الإمام الحسين –وإن كانوا يرونه نصابا أفاقا!!- فيقول أحد أناشيدهم: « أيتها الأرواح إجلالا قفي وناشدي المختار بن الثقفي. يا أيها المختار قد أخذت الثأر ».
    استبعاد القضايا العقيدية
    وإذا ابتعد النشيد الشيعي بعيدا عن التاريخ والماضي وقف في الحاضر ممتدحا ولاء الشيعة وتشيعهم لآل البيت فيقول: « الليلة فرحة والفرحة حقت علينا.. الليلة يا شيعة مولد الزهراء بضعة نبينا »، وكذلك « علي أميري ونعم الأمير. نصير النبي وخير النصير أبو الحسنين وزوج البتول ووريث طه وأعظم وريث ».
    والجدير بالانتباه هو ندرة الأناشيد التي تتعرض لأغوار العقيدة الشيعية والتي تضفي على آل البيت بعض الصفات الخاصة بهم، ولا نقصد هنا صفات العصمة والاصطفائية والولاية، وإنما صفات الأزلية والقدسية والهيمنة على الكون بإذن الله ونصرة آل البيت للأنبياء. (ويرمي أهل السنة هذه العقائد بالكفر ويوافقهم في ذلك بعض علماء الشيعة أنفسهم). ويتضح هذا في كلمات النشيد الذي ينشده المنشد المشهور « باسم الكربلائي »: « علي عالي على كل عالي. علي يا موكل من الرب. علي ما نصبك منصوب لكن بالنص منصب »، وتتوالى كلمات النشيد بعامية خليجية محلية قد يصعب على غير أهلها فهمها، وتتضمن معانيَ كلها تؤكد أن الإمام علي متحكم في الريح والنار بإذن الله، وهو الذي أهلك فرعون والنمرود وقوم عاد وقوم ثمود وأنه عذاب السوط، وهو المختص بتنفيذ العقاب الإلهي على أقوام الكفر والجحود والمعصية.
    وللنشيد الشيعي أساطينه من المنشدين، وأشهرهم على الإطلاق: باسم الكربلائي، ومحمد جواد المالكي، وحسين اللواتي، ومرتضى الخابور، وحسين الأكرف، وطه اللواتي. واشتهرت في هذا المجال فرق بعينها كالإسراء والغدير، وبعضها أقل شهرة مثل فرقة الكوثر، وكلها تحمل أسماء شيعية ترتبط بأحداث وأماكن لها مركزية في العقل والوجدان الشيعي.
    ويلاحظ أن المنشد في الاحتفاليات العامة إذا وجد فتورا أو كسلا من الجموع الحاضرة في الترديد فإنه يستحثهم بشدة ويصرخ فيهم مشجعا. كما يصرخ المنشد باسم الكربلائي في إحدى الاحتفاليات في الجمهور قائلا: « هذا رسول الله يا أمة!! »
    الإنشاد والسياسة
    وقد دخلت ظاهرة جديدة على النشيد الشيعي تتمثل في امتداح رموز شيعية تنتمي للعصر الحديث ساهمت بشكل أو بآخر في المذهب الشيعي كالإمام الخميني زعيم الثورة الإيرانية الإسلامية. بل إن الأمر تعدى مرحلة الأناشيد ليصل مرحلة اللطميات، ومعروف أن اللطميات طابعها الشجن، وتنشد عادة في مجالس العزاء الحسينية لتبكي الإمام الحسين وآله من خلال سرد كربلاء بكل تفاصيلها؛ بدءا من خطبة الحسين قبل المعركة، مرورا باستبسال جنود الحسين –عليه السلام- في المعركة، انتهاء بمشهد الإمام الحسين وتصوير الطعنات في جسده الشريف، ومظهر الخيل وهي تدك الجسد، ومشهد احتضار الجسد الشريف. وهو ما يثير تساؤلا عن دوافع تأليف اللطميات للخميني، وهل هي عملية بعث للمعنى الحسيني الاستشهادي السماوي النبيل كان خير من يمثلها الخميني خاصة في ظل غياب رمز يلتف الشيعة حوله يحقق طموحاتهم؟! أم أنه تقديس للخميني كشخص في حد ذاته؟!
    لكن سواء بحث الشيعي عن القائد أو لم يبحث؛ فهو في حالة استمداد دائم من النموذج العلوي الهاشمي القيادي الجهادي بكل رموزه؛ بدءا من الإمام علي، مرورا بالإمام الحسين والإمام زيد بن علي بن الحسين والإمام موسى الكاظم، انتهاء بالإمام الحسن العسكري. وهو معنى مستمر اعتاد الشيعة خلعه على كل من يتوسمون فيه القيادة للجمع الشيعي.

    #219674
    hafid
    Membre

    هذه عقيدة القوم وهذه عقولهم فهم يبكون على الحسين و لا ندري ما يبكيهم ، فهل يبكون الحسين لأنه دخل الجنة ، ام هل يبكون الحسين لأنه من شباب الجنة ، ام هل يبكون لأن الحسين عند ربه راضا مرضيا ، ام انهم يبكون لأنه لقي ربه في الفردوس الأعلى إن شاء الله.
    و الحقيقة انهم لا يبكون الحسين ابدا بل يبكون مصيرهم ومصير اجدادهم الخونة الذين خانوا الله و رسوله و الصحابة وعلي و الحسين أن يبكون مصيرهم القادم بإذن الله جهنم و باس المصير ، يبكون عقابهم في الدنيا فزادهم الله عقابا قبل الآخرة و جهلا فوق جهلهم . إنه القادر على ذلك.

    قال الله تعالى: (قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً. الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا و هم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً) فاحمدو الله أيها المسلمون على أن جعلكم على الهدى و لم يجعلكم مثلهم على الضلال.

    #221854
    hafid
    Membre

    دور ايران في ضرب المقامات
    اخذت ايران منذ اعلانها جمهورية اسلامية على حث الناس لإحياء هذه الامور و هذه العبادة بل و تمول الشيعة في كل مكان لكي يقيمون احتفالات كبيرة جدا لهذه العبادة و الغريب ان بعض هؤلاء الشيعة لا يجدون قوت يومهم و مع ذلك ايران تمول هذه الاحتفالات و تنساهم بحجة الدين و التشيع ، و كل سنة في نهاية هذه الاحتفالات تشاهد هذه الصور المخجلة و الصور المقرفة من دماء و ضرب للرؤوس و الصدور تبث على جميع وسائل الاعلام و يكتب تحتها اعياد المسلمين ، فأي تشويه يبحث عنه اليهود على الاسلام اشد من ضرب المقامات في الديانة الشيعية.

    #214838

    En réponse à : Oujdi et Chleuh

    nadiya
    Membre

    Bonsoir Saidi,

    Je te remercie pour ta compassion. Je suis d’accord avec toi concernant ton analyse

15 réponses de 60,256 à 60,270 (sur un total de 70,646)
SHARE

Résultats de la recherche sur '—'