Résultats de la recherche sur 'لا اله الا الله'
-
Résultats de la recherche
-
Sujet: علوم أسّسها المسلمون
إنّ الدارس لتاريخ العلوم يجد أنّ المسلمين أسسوا عدداً من العلوم، وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على الرقي الفكري للمسلمين، وعلى فاعليتهم العقلية، وسأشير إلى بعض هذه العلوم وأوضح بعض ملامحها، وأبيّن دور المسلمين في إنشائها أو تطويرها.
1- علم أصول الفقه:ابتكر الشافعي (150-205هـ) علم أصول الفقه وهو علم خاص بالأمة الإسلامية لا تعرفه الأمم الأخرى، وقد درس الشافعي الفقه في المدينة متتلمذاً على يد مالك بن أنس، وأحاط بفقه الحجازيين، ثم ذهب إلى العراق والتقى بمحمد بن حسن الشيباني تلميذ أبي حنيفة فقيه العراق وأخذ عنه فقه العراقيين، وكانت الساحة الفقهية مضطربة بين مدرسة الرأي ومدرسة الحديث، وكتب الشافعي « الرسالة » التي كانت نواة لعلم أصول الفقه، وتحدّث فيها عن الخاص والعام والمطلق والمقيّد ومذهب الصحابي والمصلحة المرسلة، وشرح كيفية التوفيق بين الأحاديث المختلفة، وحدّد فيها أصول القياس… الخ.
وقد تناولت كتب علم أصول الفقه الأدلة الشرعية الكليّة: مثل القرآن، والسنة، والإجماع، والقياس، والاستحسان، والعرف، والاستصحاب، وشرع من قبلنا… الخ، وتناولت الأحكام الشرعية ففصلت أقسام الحكم التكليفي من واجب، ومندوب، ومحرم، ومكروه، ومباح. فتحدّثت عن أقسام الحكم الوضعي من سبب، وشرط، ومانع، ورخصة، وعزيمة، وصحة، وبطلان. وتناولت دلالة النص استناداً على القواعد اللغوية، فكان النص الواضح وغير الواضح، وتناولت مقاصد الشريعة فحدّدتها بخمسة: وهي حفظ الدين، والنفس، والعقل، والعرض، والمال. والغاية المقصودة من علم أصول الفقه تطبيق قواعده ونظرياته على الأدلة التفصيلية للتوصل إلى الأحكام الشرعية التي تدل عليها.
ومما يجدر ذكره أنّ الجامعات في فرنسا قررت الاستفادة من علم أصول الفقه لإنشاء علم أصول القانون، لكي يكون مرجعاً لها في استخراج الفتاوي القانونية كما يشكل علم أصول الفقه المرجع في استصدار الفتاوي الفقهية.
2- علم الكيمياء:علم الكيمياء علم أسسه المسلمون، وأخذ اسمه من اللغة العربية، وهناك احتمالان لاشتقاق اسم الكيمياء:
الأول: اشتقاقه من الكم أو الكمية، وذلك لأنّ علماء المسلمين عندما أسسوا هذا العلم كانوا يقولون إذا أضفنا كمية من هذه المادة إلى كميتين من مادة أخرى نتج كذا.
الثاني: اشتقاقه من الستر، فقد جاء في لسان العرب لابن منظور: أنّ الكيمياء كلمة عربية مشتقة من كمى الشيء وتكمّاه: أي ستره، وكمى الشهادة يكمّيها كمْياً وأكْماها: أي كتمها وقمعها. وقد ذكر أبو عبد الله محمد الخوارزمي المتوفى سنة 387هـ في كتاب « مفاتيح العلوم » فقال: « إنّ اسم هذه الصنعة كيمياء وهو عربي واشتقاقه من كمى يكمي: أي ستر وأخفى » لذلك أسمى الرازي كتابيه في الكيمياء « الأسرار » و »سر الأسرار ».
وقد تداولت اللغات الأوربية الاسم العربي لعلم الكيمياء فكان الاسم المتداول عندهم هو Al-Chemie.
وقد كان علم الكيمياء قبل المسلمين تغلب عليه الآراء النظرية أو السحر والكهانة، وتجمع الآراء على أنّ المسلمين هم الذين بدؤوا هذا العلم بداية جديدة تقوم على مبدأ التجربة والمشاهدة قبل إصدار الرأي، وكان جابر بن حيّان يوصي تلاميذه بالاهتمام بالتجارب العلمية مع التدقيق في ملاحظة تطوراتها وأحوالها، وتؤكد الآراء كذلك على أنّ المسلمين اكتشفوا نظرية النسبية في اتحاد المواد قبل الكيميائي براوست بخمسة قرون وتقول هذه النظرية: إنّ المواد لا تتفاعل إلا بأوزان ثابتة، وهو قانون النسب الثابتة في الاتحاد الكيميائي.
3- علم الصيدلة:المسلمون هم الذين أنشؤوا علم الصيدلة وارتقوا به ارتقاءً حقيقياً، وهم الذين ارتفعوا بالتمريض من مستوى تجارة العقاقير إلى مستوى العمل المستقل، وصيّروه مهنة خاصة، وهم الذين سبقوا سائر الأمم في إنشاء الصيدليات، وتحضير الأدوية، وإقامة الرقابة على الصيدليات والصيادلة، وإنشاء المدارس لتعليم استحضار الأدوية، وعرفوا نوعين من الصيدليات: الثابتة والمتنقلة، أما المتنقلة فكانت أشبه شيء بمستشفى الميدان؛ إذ كانوا يحملونها على الجمال إلى الأمكنة النائية الموبوءة أو إلى السجون أو مع الجيش إلى أرض المعركة، كما عرف المسلمون الصيدليات الخاصة والعامة، فقد كان لكل مستشفى صيدلية خاصة به، أما العامة فقد عرفوها في القرن الثامن للميلاد في عهد الخليفة العباسي المنصور.
4- علم العمران:
بيّن ابن خلدون (732-808هـ) موضوع هذا العلم فقال: إنه العمران البشري والاجتماع البشري وما يلحق هذا العمران من العوارض والأحوال، وقد كان السابقون على ابن خلدون جزئيين في مباحثهم الاجتماعية، فتحدث بعضهم عن سياسة الملوك، وتحدث بعضهم الآخر عن المجتمع المثالي، لكن ابن خلدون درس نشوء المجتمع وتطوره وانحلاله، وعلّل ذلك، واستقصى في بحثه جميع الظواهر دون استثناء: الاقتصادية والاجتماعية والسياسية… الخ.
واعتبر ابن خلدون أنّ كل علم له قوانينه التي لا يتخطاها، وقد حدّدها بالقوانين التالية: قانون السببيّة، قانون التشابه، قانون التباين.
وقد أكّد ابن خلدون ضرورة الاجتماع البشري لسببين:
الأول: اضطرار الإنسان إلى التعاون مع أبناء جنسه لعجز الفرد عن تأمين غذائه بمفرده.
والثاني: الحاجة للدفاع عن نفسه، فالإنسان يحصل بالتعاون مع أبناء جنسه على صنع الآلات التي تنوب عن الجوارح المهيأة للدفاع عند الحيوان.
ثم درس ابن خلدون العوامل المؤثرة في المجتمع وفي تنوع العمران، فأبرز العوامل الطبيعية ومنها الإقليم، والمناخ، والتربة، وفصّل العوامل الاجتماعية ومنها: العادات والتقاليد، والعصبية والدين، والاقتصاد.
ويميّز ابن خلدون في دراسته بين نوعين من العمران: البدوي والحضري، ثم يذكر خصائص العمران البدوي فيبيّن أنه أسبق من الحضري ويتميز بقوة العصبية، ثم يعدّد خصائص العمران الحضري فيذكر أنه يتميز بكثرة الصنائع والأعمال والمكاسب وتطور العلوم والانغماس في الترف والشهوات وضعف العصبية.
ثم يتحدث ابن خلدون عن الدولة ويميّز بين الرئاسة والملك، ويذكر أنّ عمر الدولة لا يتجاوز ثلاثة أجيال، ويفصل صفات كل جيل، ثم يذكر أطوار الدولة المرتبطة بتتابع الأجيال، والتي تنتهي بانهيار الدولة.
5- علم المثلثات:إنّ المؤسسين الحقيقيين لعلم المثلثات هم المسلمون، فهم الذين فصلوه عن علم الفلك، ونظموه تنظيماً شديد الشبه بتنظيمه الحديث، وهم أول من استخدم ظلال التمام والقواطع والجيوب وجيوب التمام في قياس الزوايا والمثلثات، وهم الذين نظموا جداول للظلال وتمامها وللقواطع وتمامها كما اكتشفوا طريقة لوضع جداول للجيوب، وهم الذين اكتشفوا طريقة مكنتهم من حساب مساحة المثلثات الكروية، ومما يؤكد دور المسلمين التأسيسي في علم المثلثات أنّ كلمة جيب كلمة عربية، وقد أشاد بدور المسلمين في إنشاء علم المثلثات عدد من الكتّاب منهم رام لاندو في كتابه (المؤثر على حضارة العرب) فقال: « إنّ حساب المثلثات في أوروبا كان مأخوذاً من علم حساب المثلثات عند المسلمين ».
6- علم الجبر:اخترعه محمد بن موسى الخوارزمي (780-846م) بناء على طلب الخليفة العباسي المأمون، وفي أوروبا يسمى هذا العلم (اللوغارتم) Logaritmi وهي كلمة مشتقة من اسم الخوارزمي مؤلف هذا العلم.
وقد ساعد علم الجبر المسلمين على حل مشكلات حسابية في مجال البيع والشراء مع الدول المجاورة بسبب اختلاف العملات والموازين ونظام العقود، وعلى حل مشكلات الحسابات الفلكية وحساب محيط الكرة الأرضية ومساحات البلدان والمدن ومساحات الشوارع والأنهار والضياع والبيوت، وعلى حل مشكلات الوصايا والمواريث وتقسيم التركات المعقدة.
وقد جاء علماء آخرون فأسهموا في تطوير علم الجبر، منهم: البزيزي، والبناني، وابن يونس المصري، وابن الهيثم، وعمر الخيام، وغيرهم كثيرون؛ إذ وصلوا بهذا العلم إلى قمة الكمال.
ولا شك بأنّ فضل علم الجبر كبير على النهضة الحديثة، ولا يمكن أن نتخيّلها بدونه، أو قل بصورة أدق إنه لا يمكن أن تقوم وتزدهر بدونه، وذلك لأنه دخل في كل الصناعات الحديثة: صناعة السيارات، والطائرات، والقطارات، وصواريخ الفضاء… الخ.7- علم البصريات
نجح ابن الهيثم وهو بمصر في تطوير علم البصريات بشكل جذري حين برهن رياضيا وهندسيا علي أن العين تبصر وتري بواسطة انعكاس الإشاعات من الأشياء المبصرة علي العين وليس بواسطة شعاع ينبثق من العين إلى الأشياء. وبذلك أبطل ابن الهيثم النظرية اليونانية لكل من أقليدس وبطليموس، التي كانت تقول بأن الرؤية تحصل من انبعاث شعاع ضوئي من العين إلى الجسم المرئي
كذلك برهن ابن الهيثم رياضيا وهندسيا علي كيفية النظر بالعينين معا إلى الأشياء في آن واحد دون أن يحدث ازدواج في الرؤية برؤية الشيء شيئين
وعلل ابن الهيثم ذلك بأن صورتي الشيء المرئي تتطابقان علي شبكية العينين وقد وضع ابن الهيثم بهذه البرهنة وذلك التعليل الأساس الأول لما يعرف الآن باسم الاستريسكوب.
وكان ابن الهيثم أول من درس العين دراسة علمية وعرف أجزاءها وتشريحها ورسمها
وأول من أطلق علي أجزاء العين أسماء آخذها الغرب بنطقها أو ترجمها إلى لغاته ومن هذه الأسماء : القرنية (Cornea ) ، والشبكية ( Retina ) ، والسائل الزجاجي (Viteous Humour ) ، والسائل المائي ( Aqueous Humour) .
ومن هذه الإنجازات انه أول من أجرى تجارب بواسطة آلة الثقب أو البيت المظلم أو الخزانة المظلمة واكتشف منها أن صورة الشيء تظهر مقلوبة داخل هذه الخزانة فمهد بهذا الطريق إلى ابتكار آلة التصوير وبهذه الفكرة وتلك التجارب سيق ابن الهيثم العالمين الإيطاليين » ليوناردو دوفنشى » » ودلا بورتا » بخمسة قرون.
ووضع ابن الهيثم ولاول مرة قوانيين الانعكاس والانعطاف في علم الضوء وعلل لانكسار الضوء في مساره وهو الانكسار الذي يحدث عن طريق وسائط كالماء والزجاج والهواء فسبق ابن الهيثم بما قاله العالم الإنجليزي نيوتن.
ومن يطلع على كتاب المناظر والموضوعات التي تتعلق بالضوء وما إليه، يخرج بأن « ابن الهيثم » قد طبع علم الضوء بطابع جديد لم يسبق إليه.
غازي التوبة 6/5/1428
23/05/2007Sujet: محمد بنعمارة
شوف تشوف
مرثيات مستعارة
17/05/2007 | رشيد نينينشرت أغلب الجرائد هذه الأيام خبرا ينعي الشاعر المغربي محمد بنعمارة «بعد صراع طويل مع مرض عضال لم ينفع معه علاج»، كما هي الصيغة التقليدية المتعارف عليها في أغلب بلاغات النعي.
مراسل مكتب وكالة المغرب العربي للأنباء بوجدة، مسقط رأس الشاعر، كتب قصاصة أشبه بالمرثية يقول فيها أن محمد بنعمارة «عاش حياته مرتين، واحدة بهمومها وأخرى بلون الذوق والجمال». أما نعي اتحاد كتاب المغرب فقد تحدث عن «الفراغ الكبير الذي سيحدثه رحيل الشاعر في المشهد الثقافي العربي والمغربي، لكون الراحل واحدا من الذين أسسوا تجربة في الشعر والبحث بقيم ومزايا جديدة تماما».
كلام مؤثر في حق شاعر يستحق الرثاء. غير أن من يستحق الرثاء فعلا هو وقوف المؤسسات الثقافية في هذه البلاد موقف المتفرج من محنة الشاعر محمد بنعمارة وعائلته طيلة كل المدة التي قضاها أفرادها يواجهون تكاليف العلاج الباهظة من جيوبهم دون أن تتحرك ولو واحدة من هذه المؤسسات التي تتباكى الآن على موت الشاعر لتقديم يد المساعدة.
بعض الصحف تلجأ إلى نشر أخبار التعازي وتتغافل عن نشر المآسي التي تختفي وراء مثل هذه الأخبار. ومأساة الشاعر محمد بنعمارة ليست هي أنه عاش حياته مرتين، كما جاء في قصاصة الوكالة، وإنما مأساته أنه مات مرتين، مرة بسبب المرض ومرة بسبب النسيان. ولعل السبب الثاني أقسى وأشد، خصوصا عندما يتعلق الأمر بشاعر ساهم ببحوثه الأدبية ودافع عن حق الشعر في التواجد عبر أمواج الإذاعة الجهوية بوجدة ببرنامجه الشهير الذي حمل اسم «حدائق الشعر»، والذي كنت واحدا من متتبعيه الأوفياء في بداياتي الشعرية الأولى.
صادفت الشاعر محمد بنعمارة في أكثر من ملتقى شعري، وكنت آنذاك أشتغل متعاونا مع جريدة العلم أتقاضى تعويضاتي بالسنتمتر على كل التغطيات الصحافية التي أنجزها للصفحة الثقافية في الجريدة. وكان ملتقى فاس الشعري السنوي أهم لقاء أدبي يجتمع فيه أغلب شعراء المغرب بمختلف حساسياتهم الشعرية والسياسية. وكنت دائما ألاحظ أن شعراء وجدة، ومن ضمنهم محمد بنعمارة، لديهم نفس شعري في قصائدهم مخالف للنفس الشعري الذي يطبع قصائد غيرهم من الشعراء. وكان بعض النقاد الذين يستدعيهم الملتقى لا يستسيغون مثل هذه القصائد ذات النفس الصوفي الأقرب إلى التعبد منه إلى النفس المتحرر الذي يجعل قصائد الشعراء الآخرين تتحدث عن المرأة والنبيذ وغيرها من متع الحياة. حتى أن بعض الشعراء الذين كانوا يخلطون الشعر بالمجون كانوا يسخرون من هؤلاء الشعراء «المتزمتين» الذين يصادفونهم في ساعات الفجر الأولى مستيقظين للصلاة في الوقت الذي يكونون هم عائدين لتوهم من بارات المدينة مترنحين من فرط السكر.
وأصبح بعض شعراء وجدة يحملون «تهمة» الدفاع عن الشعر الإسلامي، خصوصا بعد نشر قصائد بعضهم في مجلة «المشكاة» التي حملت لواء الدفاع عن الأدب الملتزم.
وشيئا فشيئا نشأ ما يشبه القطيعة غير المعلنة مع هؤلاء الشعراء، وحوصروا إعلاميا مما جعل بعضهم يطلب اللجوء الأدبي في مجلات أجنبية ومهرجانات عربية كعكاظ والمربد وغيرها.
أسوق هذه الشهادة لله لأنني أصبت بصدمة حقيقة عندما علمت أن الراحل محمد بنعمارة لم يستفد من الرعاية الصحية الملكية التي كان أعلن عن تحقيقها كمكسب رئيس اتحاد كتاب المغرب السابق حسن نجمي لجميع الأعضاء المنتسبين لاتحاد الكتاب. مع أن وفدا من المكتب الحالي لاتحاد كتاب المغرب زار بنعمارة في بيته وعاين حالته الصحية.
وقد كنت شخصيا أنجزت روبورتاجا عندما كنت أشتغل في قسم الأخبار بالقناة الثانية عن اللقاء الذي أعلن فيه رئيس الاتحاد عن هذا الخبر بحضور مستشار الملك عباس الجيراري ووزير المالية فتح الله والعلو، للذين ذاكرتهم قصيرة فالشريط موجود في أرشيف القناة الثانية.
أفظع من ذلك، سأعرف أن ابن الراحل جاء إلى الرباط وترك والده الشاعر ينتظر متألما الدواء لمدة أسبوع بعد أن تماطلت إدارة الكنوبس في تسليمه الدواء. رغم أن الأستاذ بنعمارة ظل طيلة حياته يساهم في هذا الصندوق من راتبه في تعاضدية التعليم، إلا أنهم طلبوا من ابنه إحضار قطعة من العضو المريض لتحليلها قبل منح الدواء لوالده. ورغم أن ابن الراحل شرح لهم في الكنوبس أن والده مصاب بسرطان البانكرياس، وأن هذا العضو لا يمكن طبيا اقتطاع جزء منه، إلا أنهم رفضوا وتمسكوا بطلبهم. وعندما سدت الأبواب في وجه ابن الشاعر لم يجد غير باب وزارة الثقافة، فوراء باب الديوان يجلس شاعر آخر اسمه محمد الأشعري، وإذا لم تشفع رابطة الشعر التي تجمع الشاعرين في تدخل الوزير لصالح الشاعر المريض، فربما تشفع له كل تلك المرات التي أكل فيها الأشعري ونام في بيت الشاعر بنعمارة عندما كان يأتي من الرباط إلى وجدة، وكل ذلك الخبز والملح اللذين شركهما مع عائلته.
ولكم أن تتأملوا رد فعل الوزير الشاعر، فقد طلب من الكاتبة أن تأخذ منه الملف وتأخذ رقم هاتف البيت دون أن يقبل باستقباله. ومرت الأيام المتبقية في عمر الشاعر بنعمارة، ولم يتصل الوزير الشاعر بصديقه القديم ولم يبادر إلى اتخاذ أي موقف، ولم يتدخل لطلب الرعاية الصحية الملكية لشاعر ساهم إلى جانبه في تأسيس اتحاد كتاب المغرب أيام كان الأشعري يأتي ليبيت في منزل بنعمارة ليوفر مصاريف المبيت في الفندق.
ولولا مساعدة الشاعر محمد بنيس لما استطاع ابن الشاعر العودة إلى وجدة بالدواء لوالده المريض. ولعل أقسى ما عاناه الشاعر بنعمارة في فترة مرضه لم يكن مضاعفات جلسات العلاج الكيماوي، بقدر ما كانت معاناته عميقة بسبب مضاعفات مرض النسيان الذي أصاب العديد من أصدقاء الشاعر القدامي الذين غيروا دواوينهم الشعرية بدواوين وزارية، وأصبحوا موظفين مهمين في الدولة، بعد أن كانوا في أسفل السلم الإداري. وزير واحد خرج عن هذا النسيان الرسمي وزار الشاعر بنعمارة في بيته لعيادته هو توفيق حجيرة.
طبعا الأعمار بيد الله، وعمر الشاعر بنعمارة كان يجب أن ينتهي سواء برعاية الوزير أو الملك أو بدونها. لكن الذي يحز في النفس هو أن نرى كتابا وشعراء وأدباء وفنانين يسارعون إلى التكفل بهم بمجرد ما يصدر خبر عنهم في الجرائد، في الوقت الذي يتعمدون تناسي البعض، فقط لأنهم يختلفون معهم فكريا أو سياسيا.
وكالة المغرب العربي للأنباء التي كتبت قصاصة تقطر تمجيدا للشاعر الراحل، لم تتحرك لكي تكتب قصاصة عندما كتبنا أن الشاعر يحتضر أمام صمت الجميع. اليوم فقط تكتشف أن الشاعر بنعمارة عاش حياته مرتين، وتنسى أنه مات مليون مرة.
ورغم أنه كان يموت ببطء إلا أنه لم يطلب من أحد أن يتكفل به، روحه المرهفة وانتسابه إلى مغرب شرقي مازال يؤمن بالأنفة والكبرياء كشرط وجود، منعاه من ذلك. فقد كان ينتظر أن تأتي المبادرة من المؤسسات التي تتشدق بالدفاع عن الوضع الاعتباري للمثقفين والكتاب الذين ينتسبون إليها. لكن هذه المؤسسات فضلت أن تجلس في موقع المتفرج على هذا الاحتضار البطيء.
لذلك فليس من حق هذه المؤسسات أن تبكي عليه اليوم ببيانات التعازي وكلمات الرثاء. يجب أن توفر تلك التماسيح دموعها لنفسها. فأمثال هؤلاء هم الذين قال فيهم محمود درويش في قصيدته الرائعة «حالة حصار» :
لا تسر في الجنازة
إلا إذا كنت تعرفني، لا أريد مجاملةً من أحد
الشهيدُ يحذرني، لا تصدق زغاريدهن
وصَدقْ كلام أبي حين ينظر في صورتي باكياً:
كيف بدلتَ أدوارنا يا بُني، وسرت أمامي.
أنا أولاً، وأنا أولا…SOURCE :
http://www.almasae.info/?RefID=Content&Section=12&Article=114ALLAH YARAHMAK YA محمد بنعمارة
وداعا مايا
في معهد الكومبيوتر جمعتنا مقاعد الدراسة ..
في العشرين من عمرها متوسطة الطول ..بيضاء ،جميلة الملامح يزينها شعر أشقر
ولها عينان خضراوان،كانت هادئة الطبع حسنة الخلق ..
قررت أن أتعرف عليها اكثر فقد أعجبت بها كثيرا اقتربت منها :-
-مرحبا.. أنا ناديا .. اسمك؟
-اسمي مايا..
-مايا هذا يعني انك …!
-نعم نصرانية .
-لا يهم .. المهم أن نكون صديقتين.
وفعلا كان اللقاء وكانت الصداقة……
كانت طباعنا متقاربة في كل شئ والعجيب أن مولدنا في يوم واحد!
كنا لا نفترق نجتمع دائما إما في المعهد أو في النادي ،
كانت تحب لعبة الاسكواش والتنس
وأنا كنت احب ركوب الخيل أتدرب كثيرا حتى أصبحت فارسة ماهرة..
ركبت معي مايا ذات مرة على الفرس لكنها سقطت …
كنت أزورها كثيرا في منزلها وهي أيضا كانت تمكث
معي في بيت جدتي الساعات الطوال حتى إن جدتي أحبتها كثيرا…
استهواني الدين النصراني كنت أريد أن اعرف عنه كل شئ
ذهبت معها اكثر من مرة إلى الكنائس كنت أسال عن أشياء لا افهمها
وتجيبني عنها بإيجاز أما هي فكانت تجلس صامتة وعلى وجهها ملامح الحيرة …
طلبت مني ذات يوم الذهاب معها إلي الكنيسة لتؤدي صلاة عيد القيامة لم أمانع أبدا !!
كانت جذوري غير راسخة لم اكن اعرف قدر ما عندي!
ذهبت معها .. كانت تختلس النظر إلي تريد أن ترى ردّة فعلي
لم اعلق على شئ كان الذي يدور أمامي طلاسم محيرة لا أستطيع فهمها ….
في اليوم التالي زرتها في منزلها تحدثنا وضحكنا كثيرا
لم نكن نحسب للزمن حسابا المهم أن نبقى معا..
وعندما هممت بالانصراف لمحت عندها
بعض الكتب التي تتحدث عن النصرانية دفعني الفضول إلى طلبها فوافقت مايا
الحلقــــــــــــ2ــــــة
أخذت تلك الكتب معي إلى المنزل وأنا في شوق لقراءتها فقد كنت احب أن افهم هذا الدين المليء بالألغاز .
دخلت المنزل وسلمت على جدتي وجلست أتحدث معها ..كم احبها فهي الصدر الحنون الذي آوي إليه بعد أن انشغل عني والداي!
وفي أثناء الحديث وقع نظر جدتي على تلك الكتب ودهشت عندما رأت الصليب مرسوما على الغلاف نظرت إلي في حدة وثارت في وجهي وصرخت بصوت عال وسبتني سبا شديدا ورمت بها في وجهي …
مالها؟ لم أرها غاضبة من قبل لم اكن اعرف ماذا يجري وكل ما أدركته أن إحضاري لهذه الكتب خطا كبير وامرمزعج…
اعتذرت إلى جدتي وفي اليوم التالي أرجعت الكتب إلى مايا وقلت لها إني قد قرأتها
كان هذا خيرا لي فقد كانت جذوري غير راسخة اجهل الكثير عن ديني لم اكن اعرف الحجاب وافرط كثيرا في الصلاة وفي غرفتي كم هائل من أشرطة الغناء العربية والأجنبية وعلى جدرانها صور كثيرة لأهل الغناء والتمثيل وفي النادي امضي ساعات امتطي الحصان وفي نفسي جوانب كثيرة مظلمة أخفيها دائما عن الناس أحاول إخفائها عن نفسي !!
كان الشيء الوحيد الذي يربطني بالإسلام هو إنني اذهب كل جمعة إلى المسجد لأشهد صلاة الجمعة مع المسلمين !!
وفي ذات يوم بعد صلاة الجمعة رجعت إلى المنزل ووجدت صديقتي مايا جالسة مع جدتي تنتظرني جلسنا معا نتحدث ثم انصرفت جدتي لتعد الغداء اقتربت مني مايا وقالت لي إنها تريد بعض الكتب التي تتحدث عن الإسلام قلت لها: ولماذا؟ قالت إنها تود أن تعرف بعض المعلومات عن الإسلام اعتذرت لها فلم يكن لدي شئ من الكتب الدينية!!
ولكني وعدتها بان احضر لها ما تريد ..
في اليوم التالي ذهبت البيت والدي وبحثت في مكتبته فلم أجد سوى (القرآن الكريم بالتفسير) فأخذته وانصرفت ولم يعرف والدي ووالدتي باني جئت إلى المنزل ولم انتظرهما حتى يعودا من العمل !
حملت (المصحف المفسر) إلى مايا أخذته مني بلهفة وشكرتني على ذلك كثيرا.. ثم افترقنا..
في صباح اليوم التالي ذهبت إلى المعهد وكلي شوق للقاء صديقتي ..ولكنها لم تحضر !!
ماذا جرى ؟! ازدادت مخاوفي وذهبت بيّ الظنون كل مذهب في اليوم الثالث لم تحضر مايا..
ما الذي حدث؟!
أين هي الآن ؟!
هل……………؟الحلقـــــــــ3ـــــــة
قطعت كل التساؤلات وقررت أن اذهب إلى منزلها لأطمئن عليها طرقت الباب فإذا بمايا تستقبلني ..
أنت بخير ..لقد..لم تدع لي فرصة للحديث ولم تجبني عن شئ …
ابتسمت لي وأخذت بيدي وخرجت بي مسرعة وذهبنا إلى بيت جدتي وكانت جدتي غائبة عن المنزل .============ =======
في بيت جدتيتحدثنا قليلا ثم انصرفت لأحضر العصير رجعت إليها فاذا بها مطرقة الرأس غارقة في تفكير عميق شعرت بأنها تخفي شيئا… سر كبير من وراء تلك العينين الحائرتين اقتربت منها همست إليها ..
– مايا مابك يا صديقتي ؟!
رفعت رأسها في تثاقل وقد ترقرقت عيناها بالدموع وقالت:-
– تعبت يا ناديا تعبت…
– من أي شي ؟!
– صراع مرير يعصف في داخلي ! يكاد أن يقضي عليّ أصبحت اكره حياتي واكره وجودي في هذه الحياة!
– مايا الذي جرى ؟! لم تكوني أبدا هكذا لماذا هذا الشعور الغريب؟ لماذا يا مايا؟
نظرت اليّ وقد جرت على وجنتيها دمعتان مسحتهما بكفيها …وقالت :-
– سأخبرك يا ناديا عن كل شئ .. ولكن!
– ولكن ماذا؟
– اتقسمين لي بأن يكون الأمر سرا بيننا وإلا تبديه لأحد مهما يكن …
أقسمت لها حتى اطمأنت عندما استجمعت قواها وكأنها تحاول أن تضع عن كاهلها حملا ثقيلا عدلت من جلستها ونظرت إلي وقالت:-
الحلقـــــ4ـــــــة
– ناديا أريد أن ادخل في الإسلام!
عقدت الدهشة لساني وقعت كلماتها عليّ كالصاعقة أدركت خطورة الأمر صرخت بها:-
– ماذا؟!!
تسلمين ؟؟!… الإسلام؟!أما تدركين خطورة هذا القرار؟! ماذا لو علم اهلك بهذا؟
سوف يقتلونك حتما سيقتلونك…
نظرات الرجاء في عينيها تكسرت شيئا فشيئا أطرقت رأسها ووضعت وجهها بين كفيها وانهارت في بكاء شديد ثم تحشرج صوتها وأخذت تردد:-
– حتى أنت يا ناديا.. حتى أنت يا صديقتي!
لا تريدينني أن أرى النور!
لا أحد يريد أن يأخذ بيدي رحماك يا رب …
آه مما أنا فيه..كزورق تائه تتقاذفه الأمواج ولا من معين……
رحماك يا رب رحماك …
وغرقت في بحر من الدموع وأنا مازلت حائرة !!
أفكر فيما أرى واسمع ومخاوفي تزداد على صديقة العمر ..عالم مجهول ينتظرها !!
قرارها هذا قد يفرق بيننا إلى الأبد بل قد يفرق بين روحها وجسدها..!!
آه..ما أبشع المنظر عندما تصورتها جثة هامدة وقد قتلها اقرب الناس إليها لن يرحموها أبدا …لن…
نشيجها المتصاعد يقطع عليّ مخاوفي المفزعة ..يكاد البكاء أن يقضي عليها ..آهاتها الحرى تقطع نياط قلبي ونظراتها العاجزة تتوسل إلي لمحت في عينيها صدق الرغبة أيقنت أنها قد اتخذت قرارها ولن تتراجع عنه وأنا أيضا اتخذت قراري…
اقتربت منها احتضنتها إلى صدري بشدة وقلت لها:-
– لا عليك يا صديقتي لا عليك..
ليكن لك ما تريدين…
لن أتخلى عنك مهما كلف الأمر ..ساكون معك والله معنا..الحلقـــــ 5 ـــــــة
أشهد أن لا اله إلا الله
وأشهد أن محمدا رسول الله…كأنني اسمعها لأول مرة ..
نطقتها مايا فلم تبق مني جارحة إلا وانتفضت لأول مرة اشعر بجلال هذه الكلمة! آه لم اكن اعرف قدر ما عندي !!
توقفت عقارب الزمن عن الدوران وعشت مع مايا لحظات ليست من عمر الزمن غمرتنا السكينة من كل مكان وكان الملائكة من السماء تتنزل لترفع ذلك الإيمان الغض الندي إلى الملكوت الأعلى …
انه التوحيد .. (ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ).أشرقت شمس الإيمان .. وتبدد الظلام..( إنما الله اله واحد).
وداعا للخرافة .. وداعا للأوهام..
(ثلاثة في واحد .. واحد في ثلاثة) ..
ليل جاثم .. لن يصمد طويلا أمام الفجر الساطع:
(قل هو الله أحد (1) الله الصمد(2) لم يلد ولم يولد(3) ولم يكن له كفوا أحد(4))
الحمد لله .. الحمد لله .. الحمد لله ..لم اخسر شيئا..
((ربحت محمدا ولم أخسر المسيح)).رسولان عظيمان في طريق واحد الطريق إلى الله.. لم يكن المسيح يوما إلها أو ابنا للإله إنما هو عبد الله ورسوله.. السر المحير في طبيعة المسيح يبدده شعاع من القرآن: ( إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون).
الله اكبر .. الله أكبر .. اشهد أن لا اله إلا الله…اشهد أن محمدا رسول الله..صوت الأذان يجلجل في كل مكان .. يا الله ! كم هزني هذا النداء! لطالما تمنيت أن استجيب له الحمد لله حان اللقاء.. سأقف بين يدي الله.. سأسجد له سأعترف له بذنوبي واسأله الغفران لست بحاجة إلى واسطة بيني وبينه انه ربي قريب مني ليس بيني وبينه حجاب: (وإذا سالك عبادي عني فأني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان فليستجيبوا لي وليأمنوا بي لعلهم يرشدون).
الحمد لله .. آن لهذه الروح الظامئة أن ترتوي..
عاشت مايا تلك التجليات وحلقت في تلك الأجواء كنت اشعر إنها بحاجة إلى هذه الوقفات ولكن لم يبق في الوقت متسع ولا بد من العمل..
أخذت بيدها وذهبت إلى مكان الماء وعلمتها الوضوء..
توضأت أمامها وجعلتها تتوضأ من بعدي..
يا الله! ما اجمل الوضوء !
نظرت إليها وهي تسبغ الوضوء وقد استنار وجهها فكأنما أراها لأول مرة أحسست إنها اجمل من ذي قبل كأنها ولدت من جديد!
حان وقت الصلاة جعلتها تستقبل القبلة .. وقفت في خشوع ورفعت يديها وقالت في يقين :الله اكبر..
وصّلت مايا .. وسجدت مايا .. لأول مرة في حياتها وكانت سجدة طويلة.. طويلة اختلط التسبيح فيها بالدموع..
إنها دموع الفرح فرح بلقاء العبد ربه..
ياله من منظر لن أنساه ما حييت .. كانت تريد أن تعلن إسلامها في المسجد على يد شيخ هناك..
قلت لها ليس الآن اجعلي الأمر سرا بيننا..
كان عليها أن تنتظر حتى تبلغ السن القانوني حتى تخرج من وصاية أهلها كان عيها أن تنتظر تكتم إيمانها سنتين على اقل تقدير .. يجب ألا تستعجل وإلا فانه العذاب المرير لطالما سمعت عن قصص كثيرة مشابهة لم يسلم منها كثير ممن أعلن عن إسلامه من مطاردة الكنيسة وأذاها!!
الحلـقــــــ 6 ـــــــة
ومرت الأيام وهي تزداد في كل يوم إشراقا .. كنا نذهب كل جمعة إلى المسجد للصلاة وكانت ترتدي الحجاب في السيارة حتى لا يعرفها أحد..أما أنا فكنت لم ارتد الحجاب بعد!
أقبلت مايا على القرآن وتملك القرآن قلبها أخذت تقرأ القرآن وحفظت الكثير من السور القصيرة حتى حفظت عشرين آية من سورة البقرة..
كانت تقرا القرآن خفية حتى في بيت أهلها دون أن يشعر بها أحد لقد كانت في عناية الله ..
أعطيتها يوما كتاب (رجال حول الرسول) ..
قرأته كثيرا وأحببته حبا كبيرا وكانت لاتملك عينيها وهي تقرا أن أصحاب الرسول(صلى الله عليه وسلم )تعذبوا كثيرا في سبيل الإسلام ومنهم من أخفى إسلامه حتى لا يضعف أمام أذى المشركين ..
لقد وجدت في ذلك الكتاب سلوه لها وتثبيتا لقلبها على الإيمان .. وازدادت عزيمتها على الصبر والمضي في الطريق حتى يأذن الله بالفرج وما هي ألا أيام حتى هبت تلك النفحة الربانية وهل الهلال بقدوم ذلك الضيف العزيز..
انه موسم الرحمة والبركات (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن)
لكم تمنت مايا في عهدها القديم أن تصوم وتشارك المسلمين في هذه الروحانية الغامرة.. وهاهي اليوم تستقبل رمضان .. وقد أسلمت وجهها لله.. لم استطع مقاومة رغبتها في الصيام..على الرغم من خطورة الأمر ولكنه الإيمان لا يعرف القيود ولا الحدود .. كنا نقضي اليوم بطوله في المعهد لم نكن نفترق أبدا أما الافطار فكانت تتناوله معي ومع جدتي واهلها يعرفون انها عندي ولم يشكّوا في شئ حتى جدتي لم تكن تعرف حقيقة الأمر … أما وقت السحور فكنت اتصل بها على هاتفها المحمول الخاص بها حتى تستيقظ من النوم لتتناول السحور يا لها من أيام تلك الأيام!
رسمنا خطة محكمة حتى لا ينكشف الأمر .. حتى إننا كنا نذهب إلى ابعد مسجد في البلدة لنصلي صلاة التراويح كي لا يراها أحد
ومرت الأيام ..
وعام كامل على الإيمان المكتوم وبقي عام آخر ليتحقق الحلم الجميل
ولتعلن مايا إسلامها .. ولكن!
يبدو أن الأحلام الجميلة سرعان ما تنتهي!!
الحلـقــــ 7 ــــــة
العام الميلادي يوشك أن يلفظ أنفاسه..
وعام ميلادي جديد اصبح على الأبواب..
والاستعدادات بدأت للاحتفال بعيد السيد المسيح!
وفي داخل (الترام) الذي يشق طريقه وسط الزحام كنت اجلس بجانب مايا كانت واجمة وبدت عليها ملامح القلق :-
– مابك يا صديقتي.. مابك يامايا ؟!
– اليوم هو الاثنين لقد بقيت أربعة أيام
– على ماذا؟!
– على عيد رأس السنة
– وماذا في الأمر؟– معنى ذلك انه يتحتم عليّ الذهاب إلى الكنيسة .. كم أنا خائفة!!
أخشى أن اضعف أخشى أن افقد النور …
– لا تقلقي يا مايا سأذهب معك وأكون بجانبك ..
لم يرضها هذا العرض صمتت قليلا ثم قالت :
– كلا لا أريد أن اذهب لن ادخل الكنيسة بعد اليوم.
ثم أخذت تضحك وهي تردد :-
– لن ادخل الكنيسة إلا جثة خامدة!!
لا يزال الترام يشق وسط الزحام وفترة الصمت الكئيبة يقطعها صوت خافت حزين:-
– ناديا أكاد اختنق اشعر إنني كالسارق لم اعد احتمل!
– صبرا يا صديقتي..
وأغمضت عينيها وأخذت تحدثني عن أحلامها الجميلة:-
– في ذلك اليوم الذي أعلن فيه إسلامي سأركض في كل اتجاه وأصيح بأعلى صوتي إنني مسلمة .. لن التفت إلى أحد لن أتنازل عن شئ سأقاوم مهما كانت الضغوط حتما سأخسر كل من اعرف حتى أهلي كم يحزنني هذا!
كم أتمنى أن يبصروا الحقيقة! سأدعوهم إلى الإيمان وادعوا لهم في صلاتي المهم إني لن اخسر نفسي فلن أعود إلى الظلام..
الحلـقــــ 8 ــــــة
وحلقت مايا في سماء الأحلام:
– كم ابدوا جميلة في الحجاب ؟ سأرتديه في اول لحظة أعلن فيها إسلامي وبالطبع سأتزوج حين أجد شابا مسلما لن اشترط عليه شيئا المهم أن نحيا معا حياة سعيدة في ظل الإسلام…وتمر الأيام ..مولودي الأول سأسميه ((ادهم)) والثاني((عبد الرحمن)) كم احب هذين الاسمين!..
ثم أفاقت من أحلامها على صوت الترام الذي يوشك أن يقف وسددت نظرتها بغضب إلى الصليب المرسوم على يدها .. توقف الترام وفي سرعة غريبة تهيأت مايا للخروج ودخلت في زحام الناس أحاول عبثا اللحاق بها ونزلنا من الترام لنعبر الشارع وهي تجري وتناديني :-
– أسرعي يا ناديا الحقي بي..
ولكنهـا سبقتني .. وعبرت الشارع أمامي..
وفـي وسط الطريق ..
تسقط مايا صريعة .. تحت عجلات سيارة مسرعة..
تسمرت قدماي ولم اعد أرى أمامي إلا منظر صديقة العمر..وهي تنزف بالدماء!
جريت في ذهول وأنا اصرخ :-
– مايا مايا ..
احتضنتها بين يدي وضممت رأسها إلى صدري وشعرها الأشقر الطويل قد تغير بلون الدم وجرحها النازف يتدفق بالدماء وقفت عاجزة تماما إلا عن الصراخ والبكاء .. أحسست بقلبها ينبض وكأنها تستبقي الحياة.. نظراتها الكسيرة تتوسل إلي وصوت ضعيف يقاوم الموت ويبعث الأسى:-
– لا لا ليس الآن..
حلمي لم يتحقق ناديا أرجوك.. أوقفي النزيف ..أوقفي النزيف.. أريد أن أعيش
أرجوك ناديا .. ناديا .. نا..وكان الرحيل!
أسى تعلق بي واحتـل وجدانـي
وأذرف العين من دمـع كهتـان
لكم شجى أسفي حزنـا وآلمنـي
وأضرم النار من وجدي وأحزانيحق الوداع على قلبي لـك مايـا
واجتاح فيه الأسى ينعى لفقداني
إلى اللقاء مايا والحزن يحرقنـي
والبين يوغل في مأساة أشجانـيإلى اللقاء مايا يا زهـرة رحلـت
ما زال برعمها غضاً كما البانـي
ذكرى ترجع بي شجوي وتنغصني
حلو الحياة إذا ما حـل تحنانـيأيام كنا ولـم يسـرح بخاطرنـا
هذا الفراق الذي قد كان لي جاني
لم أنسى يا مايا والحـب يبعثهـا
ذكرى تجول ولا صبرا لنسيانـيلك السلام مـن الأعمـاق أنشـد
هجهرًا بلفظٍ كما حسـاً بكتمانـي
وأقتضي الوعد والميثاق أحفظـه
عهـداً أرتلـه يبقـى بإيمـانـيهناك يا مايـا فـي جنـة الخلـد
لقاؤنـا يحلـو وذاك سلـوانـي
سأحفظ الله في سري وفي علني
لعلني أرتجـي عفـوا لرحمانـيإلى اللقاء مايا إلى اللقـاء مايـا
إلى اللقاء مايا والعهـد يرعانـي((لن ادخل الكنيسة إلا جثة خامدة))..
هذا هو قرارها قبل الرحيل ..
ويا لعجائب الأقدار هاهي اليوم تدخل الكنيسة جثة بلا حياة جسدا بلا روح!
قررت أن أكون بجانب صديقتي إلى أن توسد التراب.. رغم مواجعي ..دخلت الكنيسة ووجدت أهلها وبعض النصارى ملتفين حولها وحول القسيس وهم يقرؤون عليها آيات من الإنجيل صعب عليّ أن أراها بينهم شعرت انهم كاللصوص اخترقت ذلك الجمع إلى أن وصلت إلى مايا ..
كانت ممددة في صندوق بني اللون وعلى صدرها الصليب!
آه .. ما اصعب هذا !! اقتربت منها ألقيت على وجهها نظرات الوداع كان وجهها يبعث بالنور .. اقسم لكم ..لم أتمالك نفسي وأنا أرى الصليب على صدرها..
انحنيت منها وأنا ادعوا لها في داخلي وطبعت على جبينها قبلة الوداع!
عندها خارت قواي خنقتني العبرة سقطت على قدمي وارتفع صوتي بالبكاء ..
اقترب القسيس مني واخذ يربت على كتفي ويقول:-
لا تقلقي عليها إنها الآن مع المسيح والقديسين ..
همت أن اصرخ في وجهه : لا لا مايا مسلمة ..مسلمة.. ولكني تذكرت وعدي لها فأخذت اصرخ في داخلي !
وما زلت ابكي حتى حملوها من بين يديّ ومضوا بها بعيدا عني وهناك..بين قبور النصارى وعلى التل البعيد دفنت مايا دفنت وعلى صدرها الصليب!
ولكن حسبها الله ونعم الوكيل ..
رجعت إلى منزلي وصورتها تملأ جوانحي والذكريات الجميلة تلاحقني ..
الحلـقــــــ 9 ـــــة
الأخــيــرةوفي المنام كان اللقاء
رأيت نارا سوداء تلتهب وفي وسط النار كانت تقف مايا ..
والنار لا تحرقها بل كانت تصلي داخلها وعندما جريت إليها لأخرجها.. صرخت في وجهي بان ابتعد عنها..
قمت من منامي فزعة مذعورة أخذت أفكر في صديقتي وما جرى لها حتى سألت شيخا يعبر الرؤيا فحمد الله وقال:-
أما النار السوداء فهي الفتنة التي كانت فيها وهي تكتم إيمانها وأما الصلاة فهي علامة النجاة وإنها نجت بإذن الله..فرحت كثيرا أن مايا بخير..
الحمد لله .. اللهم لا تحرمني أجرها ولا تفتني بعدها واجمع بيني وبينها في جناتك جنات النعيم..
وفي ذات مساء كان أيضا اللقاء ..رأيت مايا في واحة خضراء في أجمل حلة وأبهى مظهر وهي تشير بيدها إلي وتدعوني أن اذهب إليها ..لأسال عن تلك الرؤيا فهي واضحة..
استقر في نفسي انه سبيل النجاة لا بد من العودة الله قبل فوات الأوان سنلتقي يا مايا بإذن الله ..
لن تخدعني الأوهام بعد اليوم.. لن اركض خلف السراب …
أحسست بالنور يغمر جوانحي ويبدد ظلمات الغفلة.. فرغت قلبي لله..
ارتديت الحجاب ..وفتحت صفحة جديدة مع ربي .. كتبت عليها بدموع التوبة والندم:-
تبت إلى الله.. تبت إلى الله..
(( يا الهي يا مجيب الدعوات..
يا مقيل العثرات..
اعف عني أنت من أيقظ قلبي من سبات..
وأنا عاهدت عهد المؤمنات..
أن تراني ..
بين تسبيح وصوم وصلاة..
يا الهي جئت كي أعلن ذلي واعترافي..
أنا ألغيت زوايا انحرافي..
وتشبثت بطهري وعفافي..
أنا لن امشي بعد اليوم في درب الرذيلة..
وسأمضي في طريقي اهتدي القيم الأصيلة..
يغمر الإيمان قلبي..
تملأ الأنوار دربي..
قسما بالله ربي..
سوف أحيا للفضيلة.. سوف أحيا للفضيلة. ))
انتهـــــت
{ وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ }
منقووووووول للفائده
Sujet: دعاء
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « من تعار من الليل فقال حين يسثيقظ لا اله الا الله وحده لا شريك له,له الملك وله الحمد,وهو على كل شئ قدير .سبحان الله,و الحمد لله,ولا اله الا الله,و الله اكبر ,و لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم,رب اغفر لي.غفر له »
